اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

قراءة في رواية ( يوسف لا يعرف الحب ) للكاتب واثق الجلبي// جمعة عبدالله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمعة عبدالله

 

عرض صفحة الكاتب 

قراءة في رواية ( يوسف لا يعرف الحب ) للكاتب واثق الجلبي

جمعة عبدالله

 

تتناول هذه الرواية القصيرة جملة مسائل حيوية وجوهرية في قضايا المجتمع الحساسة . بالطرح الذي يكتسب شجاعة وصراحة في المكاشفة الموضوعية , في مسائل الحب وديمومته وخلوده, وحواجز المجتمع التي تقف عوارض مانعة في تنفس الحب اكسير الحياة والبقاء. ضمن قبضة السلطة الاستبدادية غير رحيمة لاهل الحب , وتتلاعب في مصيرهم وشأن حبهم . بأن تكون حياتهم مسيرة من خيوط السلطة العليا, تمنع اختياراتهم من تحقيق المنال, بشكل ظالم في قطع وشيجة قلبين احدهما يحب الآخر. وعقدا العزم على المواصلة والوفاء نحو المشتهى والمرام. هذا التناول في سرد الحدث الروائي . في تقنيات السرد ولغته المشوقة بالمتعة الجذابة . وبرعت في الايغال في اعماق  الحواجز التي تقف في وجه الحب , التي تقف حجرة عثرة في طريق الحب, تحت رحمة سلطة قاسية , لا تترك مجالاً للاختيار. بل تجعل الفرد يشعر انه في عرين جمهورية الخوف ومملكة الرعب, في اجراءاتها القاسية والمعقدة, رغم انف الانسان المحب . في الوسائل القاهرة , أما ان تكون في ابعاده وتغيبه لسنوات طويلة . أو تجنيده للحرب لفترات الطويلة, واما أن تحرمه من منح فرصة العمل بعدما انهى ألتزاماته الدراسية وخدمة العلم بالتجنيد, ويتطلع ان يأخذ فرصته في التوظيف , كأنها اصبحت من المسائل الممنوعة وصعبة المنال . مما يظل  يطرق الابواب المسدودة ويبحث في كل مكان لكن عبثاً, يشعر أنه يبحث في الفراغ  يجد نفسه مرمياً في الشارع مفلس وخاوي. لا يستطيع أن يحقق حاجياته وطموحاته المشروعة . لا يستطيع ان يحقق رغبات قلبه وحبه بالزواج المنتظر. بهذا الشكل يسلط الحدث السردي تبعيات المجتمع غير العادل تجاه الانسان والحياة, يحرمه من ابسط مشرعية الحياة والعيش . هذا الواقع بكل حثيثاته يمثل جمهورية الخوف في مملكتها المرعبة, التي لا تصلح للعيش, سوى التعذيب النفسي والمشاق الصعبة والقاهرة . هذه المواضيع الحساسة يتناولها المتن الروائي بكل شفافية وبرؤية فكرية مقنعة وموضوعية . كما يوظف النص الروائي براعة التناص في قصة يوسف وقميصه وحادثة البئر, يتناولها او يصوغها برؤية عصرية تناسب الواقع  ومجرياته الفعلية , بشكل مبدع ومتمكن. بأن يجعل من قميص يوسف المحور الاساسي لحياة يوسف الجديد. هذه روحية الروائية بتحويل صياغة نسخة يوسف القديم, بنسخة يوسف الجديد وقميص الاثم والذنب. ويجعل من القميص وازراره السلطة العليا المتسلطة على خناق المجتمع. التي تذيق الانسان مر القهر والعذاب , بأن ازرار القميص هي الافاعي الذي تلدغه حين يخالف أمرها ومشورتها . مما يشعر المواطن بالاحباط واليأس. هذه تداعيات النص الروائي في الرواية القصيرة . بشخوصها الاساسية ( يوسف ) و ( سماء ) تدور عليهما عذبات الاحداث السردية بكل براعة وشفافية , وهي في نفس الوقت تسلط الضوء الكاشف على المجتمع القائم على اللاعدالة , مما يشعر الفرد بعلقم المرارة في الارهاصات والانفعالات , لكي يتيقن بأن الحياة هي اكبر كذبة يتجرعها الانسان.

 

                  × أحداث المتن السردي :

بعد غيبة لسنوات طويلة من العمر يعود ( يوسف ) مجروح الهموم يجر اذيال الخيبة والحزن والاحباط, ويترنح أمام حبيبته ( سماء ) في محاولة تأكيد على الالتزام بحبه الصادق, الذي يعزف داخل الروح, بأنه وفياً على عهد الحب الروحي, وليس حب متعة الجسد والشبق الجنسي . وانه ينتظر أن يمنح فرصة بالعمل أو التوظيف ليحقق رغباته وطموحاته , لكن هيهات ان يتحقق ذلك .

( - سماء تعلمين كم احبكِ وتعرفين أن الحب ليس جنسياً ولن يكون

سماء : هل ستتركني ؟

أجابها : لا تفكري بذلك . دعينا من الرحيل فأنتِ تعلمين كم أكرهه )

هذه معضلة ( يوسف ) بأنه لم يستطع ان يترك حبه , ولم يسطع ان يوفي واجب الحب بالزواج , لان الواقع يكبل يديه . هذا الواقع الصعب بين الطرفين . وتقول له ( سماء ) :

- لماذا لا تتركني ؟

- هل جننتِ ؟ . عندي حل آخر :

- ماهو ؟

- نذهب الى المحكمة ونتزوج وهناك نضع الجميع أمام أمر الواقع ) يشعر بالاحباط لانه غير قادر ان يفعل ذلك وهو مفلس دن عمل , وكل الابواب تغلق في وجهه , بعدما أنهى دراسته وألتزامه بالخدمة العسكرية والحرب , لكنه لم يجد مخرج من هذا النفق , لكي يشق طريقه الى الحياة ويحقق طموحاته . ومن جانب اخر تواجه ( سماء ) ضغوطات هائلة من الاهل في سبيل اقناعها  حتى ترضخ بقبول  الزواج , بعد تكرار الرفض طالبي الزواج . لذلك تجد نفسها معلقة بين الارض والسماء  بحب ( يوسف ) , بأنه لا يوجد مخرج لهذه المعضلة . طالما السلطة الحاكمة بقميص ( يوسف ) لا توفر فرصة الحياة لهذا الحب وتنعشه بالاوكسجين ليكون خالداً في تحقيق مرامه . ويفتش ( يوسف ) في اوراقه القديمة واليتيمة , لم يجد سوى الخيبات والانحدار الى الهاوية في جمهورية الفشل القائمة . و ( سماء ) تلوكها الحيرة وقطار العمر يمر بسنواته ولم تجنِ شيئاً منه , حتى صديقتها ( أميرة ) دخلت على خط الازمة بالتحذير من عواقب رفضها الزواج من طالبي يدها . وتقول :

( - أنظري الى بياض شعركِ ألا تكفي سنوات العجاف كي تتزوجا

- كان طالباً ثم اكمل الخدمة الالزامية , ولم يتوظف الى الآن ....... )

تقول بأن ( يوسف ) يماطل وليس لديه رغبة في الزواج . لذلك تلح على ( يوسف ) ان يتخذ القرار وينهي المشكلة لانها لم تعد تتحمل ذلك . ويقول لها يوسف :

( - سماء تعلمين بأني أقدسك وكل الذي ذكرتيه صحيح تماماً , لا أستطيع أن اقدم لكِ شيئاً غير الكلام )

وهذا ما يشبه الرثاء لحبهما بالخيبة المتوقعة بالاحباط والفشل في خلود الحب . في مجتمع يعاني الفقر والعوز والحرمان . مجتمع يدفع الفرد الى  قاع البئر , في مستنقع الكوابيس . وبذلك ينفرط عقد الحب وتتزوج ( سماء ) وتنجب أبناً وبنتاً . ولكن طيف ( يوسف ) لم يغب عن خيالها وبالها  , تشعر به انه حي  يعيش في  روحها ولا يمكن نسيانه ( ذهبت الى الحمام واحكمت غلق الباب , وبكت كثيراً وهي ترى زوجها نائماً على السرير غارقاً بالشخير ) ويوسف في قاع البئر مرتدياً قميصه الآثم والذنب , في ضياع الحب من ان يعيش خالداً .

    جمعة عبدالله

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.