اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

قراءة في رواية ( حاموت ) للاديبة وفاء عبدالرزاق// جمعة عبدالله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمعة عبدالله

 

عرض صفحة الكاتب 

قراءة في رواية ( حاموت ) للاديبة وفاء عبدالرزاق

جمعة عبدالله

 

تملك الاديبة قدرة فائقة ومتمكنة في جماليات السرد في المتن الروائي, بتعدد اشكال أسلوب التقنيات في الحبكة الفنية, في السرد الاحداث النص الروائي في براعة الصياغة الفنية والتعبيرية, في تآلف منسجم بين منصات الواقع والخيال المتخيل الفني في براعة الغوص في عمق الواقع وتجلي عتباته ومفرداته, بما  يحمل من مضامين الفكرية, تجسد حقيقة الافعال الواقع التي تمشي على الارض,  تسوقها في صياغة بارعة في التشوق وشد الانتباه الى الحدث السردي في النص الروائي الذي يكشف حقيقة الواقع العراقي بعد فترة  الاحتلال الامريكي, وبداية العهد الجديد, في مجيء نخبة سياسية هجينة لا تملك مبادئ الشرف والاخلاق,  وتتسلم السلطة والنفوذ والمال كأنها جاءت من اقوام معادية للعراق, لكي تفجر روح الاحقاد والانتقام والثار والخراب للوطن الذي يرمز له بتسمية ( حاموت ) في الشهوة العدوانية لتحطيم والتخريب في كل ميادين الحياة في الواقع اليومي, وتحويل مدينة ( حاموت ) الى مدينة الظلام والكوابيس, تنشط فيها اشباح الظلام  عصابات الموت والدم والفساد, في غيومها الكثيفة اي بكل بساطة تحويل ( حاموت ) الى مدينة ديستوبية بامتياز مدينة تزرع الموت والرعب والفساد في كل مكان هذه المرامي الشيطانية من المحتل الامريكي وهي بمثابة جرائم ابادة وتخريب  وطن بوضع الديناصورات المتوحشة في اعلى هرم السلطة والنفوذ, بحجة الديموقراطية التي تحولت الى ديموقراطية الموت والدماء, في نخبة سياسية فاسدة تسلقت على اكتاف العراق, واطلقت شياطينها واشرارها في عصابات واشباح الموت, التي تتحرك في ظلام الليل وتختفي في النهار, لتخنق الحياة بالاحزان والاحباط. أن تجعل ( حاموت ) مدينة الخراب المأساوية , مصابة بلوثة الموت المنتشر في كل مكان.

 

 أن المتن الروائي يغوص الى الاعماق في حالات الرعب المخيف في شكله الدراماتيكي, من خلال عمليات الرصد والمراقبة لما يجري  لمدينة ( حاموت ) التي هجمت عليها الغربان السوداء وحولتها الى مدينة ديستوبية حطمت كل شيء حتى الحب ووضعت ( حاموت ) في دائرة الرعب في طقوس وحشية وهجينة, من قبل اشباح الظلام, الذين يضعون بصمات ابهامهم على ابواب البيوت المرشحة للموت أو الحرق... الاديبة البارعة ( وفاء عبدالرزاق ) ملهمة في الابداع ( الشعري والروائي )  وفي هذا  النص الروائي تجسد الصورة التصويرية ملهمة في اظهار  مشاهد الرعب والموت التي اجتاحت ( حاموت ) في تجليات الاحداث المتلاحقة والمتسارعة في شكلها الدراماتيكي, لواقع حياة ( حاموت ) الديستوبية في بصمات الموت الزقوم. حتى الاشجار ارتوت الى حد التخمة والاشباع من دماء الجثث ( شجرة ( حاموت ) تتغذى الآن على الجثث, على الجرحى والمجلودين وعرق المساجين, المضروبة اعناقهم والشهداء ) ص22 . حاموت الديستوبية اصابها شر نذير, أو عقاب الهي بالجحيم. كما عوقب ( آدم ) بسبب تفاحة بطرده من الجنة, كذلك العقاب الالهي بطرد ( حاموت ) من الحياة الى الجحيم. هذا ما يسلط عليه السرد في المتن الروائي, بتقنيات مختلفة منها توضيف اسلوب المحاورة ( ديالوج / صوتان ) بين ( محمد ) الذي تيتم بعد موت والديه بشكل مجهول, وتبنت  تربيته خالته التي اطلقت عليه أسم ( عارف ) رغم ان شهادة ولادته تؤكد أسمه ( محمد ) يحاور الشبح ( عزيز ) الذي اصبح فيما  بعد صديقه ينقل اخبار فواجع ( حاموت ) من خلال معايشته ورصده اليومي للاجداث الدراماتيكية التي تعصف ب ( حاموت ) في كيفية اشباح الظلام يعملون ويتحركون ويضعون بصمات أبهامهم على ابواب البيوت المرشحة للموت أو الحرق. وهو الدليل  بأن ( حاموت ) اصبحت لعبة رقعة الشطرنج , لابد من رأس يدير بيادقها ويلعب بها وفق ما يريد ويرغب, لابد ان يكون هناك هناك زعيم على رأس هذه الاشباح أو البصامين, أو زعيم عصابات الموت, واشباحه يتحركون بأوامره بالطاعة العمياء, هذا الزعيم لابد انه ينتمي الى اركان الحكم والسلطة والنفوذ. لذلك يتحرك في إجرامه تحت مظلة الدولة والحكومة ومؤسساتها الامنية, اي باختصار العبارة وضع الدولة والحكومة ومؤسساتها العسكرية والمدنية في راحة يده , بأنه السيد الاعلى أو الرب الاعلي , الذي يرتدي الثياب السود وغطاء الرأس الاسود , يتحرك بذريعة حماية الدولة والشريعة والقانون والنظام والسيادة . وهو يزرع الرعب والموت بشهية عدوانية, في شيطنة متعطشة الى اراقة الدماء ( شره العتمة في قلوبهم الى مجون الموت .. ديمومتهم الصدئة تقتات على أرياق الاخرين .... شباب وشيب , أطفال ونساء ) ص53 . . وكان ( محمد ) يتطلع الى بصمات ألابهام على ابواب البيوت الناس المرشحة للموت أو الحرق أو السلب, ويسمع أنين الناس والامهات. أنين الجميع الذين اصابتهم الفواجع المأساوية التي وقعت على ( حاموت ) الديستوبية ويتألم بحزن وألم (  - يا لمصيبة ( حاموت ) وامصيبتاه ... أولادي الاربعة . حكمتك يارب .. أنطلقت أصوات اخرى مخنوقة العبارات واختفت في الزحام أفواه ممزقة. أفواه حائرة. وافواه خنقها العويل ) ص17 . هذه نتيجة البصمات على البيوت. من الاشباح التي تتحرك في الليل وتختفي في النهار. تذكرنا هذه الاحداث, في بداية مجيء سلطة البعث في العراق. حين ارعبوا الناس في بغداد بحوادث القتل بأسم ( ابو طبر ) الذي ارعب الناس في الليل, يهجم بطبره على الضحايا ويمزقها ارباً, وكثرت حوادث القتل. مما تصاعد الاحتجاج الشعبي ضد السلطة, عندها اختفى فجأة ( أبو طبر ) ولكن اتضحت الحقيقة فيما بعد,  بأن  ( ابو طبر ) هو من عناصر الامن مخول بتصفية المعارضين وقطع اجسادهم بالطبر. وهي مسرحية في اخماد صوت المعارضة. كذلك نفس الحال لعصابات الموت أو اشباح الموت في العهد الجديد , في تخويف الناس بالرعب والفزع . بالقتل بأسم الله والمذهب والطائفة , بأن هذه اشباح الظلام تتولى مسؤولية الثأر والانتقام , ولكن ضد منْ ؟ بكل تأكيد ضد البسطاء والفقراء والضعفاء . . بأن عصابات الموت تدعي بأنها  هي حامية الدين والمذهب والطائفة, وهم حراسها الامناء في اسلوب البطش والتنكيل. هذه عقلية الاصنام الجديدة التي جاء بها المحتل الامريكي . يقتلون ويذبحون الناس بأسم المقدس. واصبحت كلمة المقدس وحشية وبذيئة ومكروهة  يشمئز الناس منها , حتى الشواذ اصبحوا مقدسين بالقدسية العليا ( صار الفاسد سيداً , والمعتوه إماماً , والحاقد مرشداً , والقاتل ورعاً , والشاذ رئيساً ) ص74 . هذه الوحوش السائبة جاءت من عمق صحارى الهمجية, تحمل روح الحقد والانتقام والعدوانية بالبطش والتنكيل , من اجل النفط والدولار, وحولوا ( حاموت ) الى زريبة أشباح الظلام والكوابيس. و( محمد ) يتألم لهذه الفواجع المأساوية . لذلك قرر عدم الزواج والبقاء بدون نسل, حتى لا يكونوا حطباً لوحشية الذئاب البشرية . رغم أنه احب جارته ( سعاد ) لكنها اهلها زوجوها الى رجل غني, واقسمت بالقسم لو انجبت ولداً , لتسميه  ( محمد ) حتى تنادي بأسمه كل لحظة وطوال اليوم. والمفارقة الغريبة  ( حاموت ) خلقت الفوارق الاجتماعية الصارخة في المجتمع, بين النعيم والرخاء الباذخ والمجنون , والفقر المدقع . الفئة الاولى كونت امبراطوريات مالية من المال الحرام وارسلتها خارج ( حاموت ) في نعمة الفردوسية بخداع الناس بأنهم حماة الدين والمذهب, لذلك لم يتوانوا في ارتكاب جرائم القتل والسلب والسرقة , حتى في اقتحام مصارف الدولة ونهب خزينتها المالية وقتل الموظفين والحراس معاً , طالما يتحركون بأسم الدولة والسيادة. كما حدث في المصرف في الكرادة / الزوية في بغداد , حين اقتحمت حماية ( عادل عبدالمهدي ) مصرف الزوية ونهبت الخزينة المالية وقتلت الموظفين والحراس , حتى اطلق عليه الناس لقب ( عادل زوية ) ( اقتحمت جماعة مسلحة المصرف المركزي في عاصمة ( حاموت ) وسرقت الخزينة كلها ثم رشقت بالرصاص كل موظفي المصرف حتى الحراس )ص44 . بهذه الطريقة البشعة تدار الدولة وشؤون الناس . لهذا يتساءل ( محمد ) بجزع وقهر ( - لماذا ياربي أرسلت الاشباح ( لحاموت ) ؟ ) ص92 . هذه الفوضى العارمة التي تعيشها ( حاموت ) بكثرة الاشرار والشياطين وعصابات الموت . لابد ان تدير شؤونهم جهات متنفذة في السلطة , تمارس  الارهاب والقتل  تحت مظلة الدولة . وفي مواجهة كلامية بين ( محمد ) وصديقه الشبح (  عزيز ), عن القسوة والبطش الوحشي ضد الناس من هذه العصابات, ولماذا ينفذ أوامر الموت من الاعلى , والى اين يقود هذا الاجرام والخراب البلاد , فيقول الشبح ( عزيز ) :

( - نعم . أنا عبد مطيع , فلا تفرغ لومك علي .

- عبد ؟ عبد لمن أيها القاسي ؟

- أنا عبد لسيدي ( جليل )

- جليل ؟ منْ جليل الذي تتخفى بأسمه وتحت أمرته ؟

- ستعرف لاحقاً ليس الآن

- متى ؟ لقد أستفحلت المظالم , وبات القتل مثل شربة ماء .... ) ص41 .

 وفي احد الايام جاء الشبح ( عزيز ) حزيناً ومتألماً فأستفسر ( محمد ) عن حزنه , فقال :

( - كان المنظر مؤلماً جداً .... جداً ... خمسة أطفال كانوا ذاهبين الى مدارسهم , فصاروا طعماً لذوي الضمائر العفنة , طعماً للنار ..... تمزقت أجسادهم أرباً بسبب دراجة مركونة الى جانب الشارع ملغمة ) ص67 .

ويصاب ( محمد ) بالسرطان من مناخ  ( حاموت ) الملوث بالاشعاعات السامة والخطيرة, فصار على الدوام تصيبه نوبات السعال الحاد والاختناق وضيق التنفس, حتى صار يبصق دماً, واصابه الوهن والهزال, وانتظر مجيء  الموت. مستسلماً مثل مصير اهل ( حاموت ) أما الموت من الاشباح أو الموت بالسرطان من الجو الملوث, هذه معالم ( حاموت ) الديستوبية في العهد الجديد, عهد الدخلاء الوحشيين الذين يزرعون الارهاب والموت على الهوية ( دخل حياتنا كثيرون , سفلة وقتلة ومأجورين . وسادة اكثر سفاهة منهم ... كم عرض التلفاز من مجرمين ومغتصبين . . وكم عرض من أسلحة ومتفجرات بحوزة عصابات , تم ألقاء القبض عليهم ومعرفة اوكارهم . لكن لم يعرض عن العقاب جرائمهم , ولم يعلق أحدهم شنقاً في الساحات العامة , ليكون عبرة لغيره ... فهم على يقين أنهم سيهربون من سجنهم بسهولة , كي يعيدوا كرة الذبح ) ص115 .

لذلك يصرخ بألم وحزن واحباط الشبح ( عزيز ) :

( - أصبحت عبداً ..أصبحت عبداً يا محمد ... أصبحت عبداً  للقوي ... أصبحت عبداً )ص129 .

× الكتاب : رواية حاموت

× المؤلف : الاديبة وفاء عبدالرزاق

× الاصدار : مؤسسة المثقف العربي . سدني / أستراليا

جمعة عبدالله

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.