اخر الاخبار:
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

فيدرالية الفتوى!// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

فيدرالية الفتوى!

عادل نعمان

 

أيها المسلم من سكان المحروسة.. ابشر؛ من الآن فصاعداً تستطيع اختيار مفتيك المفضل، وأن تعيش فى بلد مفتيه ييسر الفتوى ولا يعقدها، حليماً رفيقاً بالعباد، ويمكن أن تنتقل معه إلى بلد آخر، وتستطيع أن تهجر بلداً يسيطر عليه السلفيون بفتاوى الدواعش، كتحريم الغناء أو تحريم الاحتفاظ فى بيتك بالتماثيل أو بالصور، إلى بلد آخر يتصف مفتيه بالوسطية، فيبيح الغناء والطرب وإقامة الأفراح والليالى الملاح، أو تهرب من مُفتٍ سلفى يحرم على امرأتك أن تمسك الخيار كاملاً، إلى بلد تستطيع امرأتك مسكه كاملاً دون الحاجة إلى تقطيعه! وإذا أراد أحدكم تزويج ابنته الرضيعة أو ختانها ينتقل بها إلى بلد يبيح ذلك. ويمكن تسجيل إقامته فى بلدين ويفاضل بين مفتٍ وآخر، فيختار أيسرهما إذا كان عليه، ويختار أشدهما إذا كان على غيره، وفى كلاهما خير. ويمكنك أن ترتكب الذنب فى بلد وتبحث عن كفارة فى آخر، وستجد فى ذلك خيراً كثيراً، ستجد بلداً يقدم عرضاً (الذنبين بكفارة واحدة)، وربما تجد آخر يؤجلها أو يوقف التنفيذ.. سوف تقدم الفتاوى مغلفة فى أظرف مكتوبة بماء الذهب مع إضافة مصروفات إضافية، أو فى خطاب عادى وبالحبر العادى بالسعر الرسمى. الفتوى ستكون حسب مزاجك الشخصى فإذا كنت مثلاً تحب زوجتك وتريد حمايتها ستجد من يفتيك بقتال من يحاول اقتناصها منك واغتصابها. أما إذا كنت كرهت وصالها، وتريد التخلص منها ومن نكدها وتخاف من الأذى سنبحث لك عن مُفت رقيق الحال يفتيك بتركها للذئاب المفترسة دفعاً للأذى والضرر عنك. وفى الاثنين براءة وعتق من المساءلة والحساب. سوف تستطيع فى المستقبل أن تنقل أموالك من إقليم يحرم فيه التعامل مع البنوك إلى إقليم يبيحه. أما من أراد منكم الخروج على الحاكم فعليه ببلد يفتيه مفتيها بحديث (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى الإمام الجائر فقتله)، وإذا أراد عدم الخروج والرضا بالحاكم، فعليه ببلد يفتى فيها بتحريم الخروج على الحاكم ولو كان ظالماً فاسقاً بحديث (لا تنازعوا الأمر أهله).. كل هذا تسهيلاً على أبناء المحروسة. وعلى الإخوة المسيحيين الأفاضل أن يبحثوا عن مكان يكونون الأغلبية فيه ويطالبون بمُفتٍ للإقليم ييسر الأمر بينهم وبين المسلمين، ويبيح السلام عليهم وتهنئتهم فى أعيادهم ومواساتهم فى أحزانهم.

فى توصيات المؤتمر العالمى للإفتاء ستقوم مصر بإنشاء معاهد شرعية معتمدة لتدريب الطلاب على مهارات الفتوى، والتصدى للخطاب المتطرف، وسوف تكون الفتوى سهلة ولينة لمن يقدر ومن لا يقدر، وسوف نحاول أن تكون الفتوى فى الأقاليم فى مقدرة وإمكانيات العباد، حتى لا يتركنا الناس إلى فتاوى المتطرفين.

فإذا أباح المتطرفون نكاح الجهاد وخشينا أن ينضم لهم الشباب غير القادر على الزواج، سنبيح لهم ملك اليمين كما أفتانا أحد المشايخ بجواز أن تهب السوريات أنفسهن للرجال نظير المأكل والملبس، وغرض سيدنا شريف أن تحافظ المرأة على شرفها وعفتها، والهبة أسهل على الرجل من جهد ومعافرة الاغتصاب. وإذا خرج علينا فى إقليم بفتوى «جواز قتل من يبيح الاختلاط فى ميادين العمل والتعليم واصفاً من يقوم بهذا العمل بالإنسان المرتد الكافر الواجب قتله». فيرد عليه فى إقليم آخر الاختلاط بين الرجال والنساء جائز شرعاً فى حدود الحشمة والأدب والوقار، وسيخرج علينا مفتٍ ليبرالى من إقليم ثالث يشجع التعليم وزيادة موارده، ويلغى الضوابط الشرعية أو يتركها لمدير المدرسة نفسه.

وسيلتزم مفتى الإقليم بفتاوى الإدارة الفيدرالية حتى تحتفظ الإدارة المركزية بوقارها وهيبتها.

الدواعش فى الموصل افتتحوا أول معهد متخصص فى تعليم مناهج الفتوى المتخصصة، ويمنح الخريج شهادة مفتٍ متطرف، ويتدرب فيه الطالب على فتاوى الذبح والاغتصاب، ويمارسها الممارسة العملية حتى تكون الفتوى متفقة مع الجوانب العملية، وتلبى احتياجات الناس وتشبع غرائزهم، مع مراعاة الضوابط الشرعية، كأن يبيحوا اغتصاب الإيزيديات شرط الصلاة ركعتين قبل الاغتصاب وبعده، أو وطء المجاهد مجاهداً مثله عند الضرورة شرط الاستغفار.

الجزائر تنتشر فيها فوضى الإفتاء لعدم وجود هيئة للفتوى مستقلة (دار الإفتاء)، وانتشر فيها نظام مفتٍ لكل إقليم. يقاتلون فى الجزائر أن يكون لهم مرجعية واحدة للفتوى. آلاف الفتاوى المتناقضة فى الجزائر تنهك وتثقل كاهل الناس وتشتت أفكارهم بين الحلال والحرام. حتى لجأ الجزائريون إلى فتاوى الإنترنت، يأخذون ما يرضيهم منها ويتركون غيره. وفى آخر الأمر استورد الجزائريون الفتوى من الخارج، فتوى التكفير والقتل والاغتصاب من الدواعش، وفتوى المواريث من السعودية وفتوى الزواج والطلاق من مصر، وكلها معفاة من الجمارك. الجزائر تبحث عن مركزية الفتوى ونحن نشتت الفتوى. نغلق الأبواب عن فوضى الفتاوى، وتفتحها الدولة لكل من هب ودب.

أيها السادة الأفاضل القائمون على أمور الدين فى المحروسة.. أغلقوا هذه المعاهد قبل افتتاحها، نحن فى حاجة إلى مُفتٍ واحد هو مرجعية الأمة، وتعلموا الدرس جيداً من الجزائر وما أصابها من تنوع الفتوى وكثرتها وانقسام الأمة بين فتوى المتشددين والمعتدلين. نحن نريد الإبقاء على هيئة واحدة مستقلة توحد ولا تفرق، فتواها فى متناول طاقاتنا وإمكانياتنا، لا تقيد حركة الأمة فى التقدم والعلم، وتبيح لنا الاستمتاع بنعيم الحياة فى المأكل والملبس. أغلقوا باباً إذا فتحناه غمرنا بفتاوى المتطرفين والفاسدين والفوضويين. أيها القائد.. إن أول مراحل تجديد الخطاب الدينى هو توحيد مصدر ديننا والأصل فيه الفتوى.

 

"الوطن" المصرية

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.