اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل لي بحضنٍ واحد وقُبلة؟: أحافير في الحب-7// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

هل لي بحضنٍ واحد وقُبلة؟

أحافير في الحب-7

الدكتور سمير محمد ايوب

 

القصة التالية هي من أجمل ما قرأت، وهي لأب طاعن في السن، كان مُعلّما معروفا بهيبته ونفاذ كلمته، وكان شديد العقاب لأبنائه اذا ما غلطوا.  بعد ان توفيت زوجته أقام مع أولاده الاربعة ليخدموه، وعندما شاخ وأدركه الضعف، شعر بأن أولاده لا يتذكرون منه إلا قسوته تلك، ويتعاملون معه على أساس منطقها.

 

يقول اصغر أولاده وهو اب لثلاث أبناء: بأن والدهم أرسل لهم رسالة يقول فيها: غالبا ما تسوقنا العادات الى الخطأ، فعذرا اولادي على ما كان مني من قسوة في صغركم.  ليس من قلة حب لا والله،  فقد كنتم أنفاسي التي تشق صدري. ولكن كان الأب القاسي في زماننا هو الوحيد الذي يُحسن تربية أولاده، أما الأب الحنون فهو أب يسوقهم وهو لا يدري إلى الفشل، فنهجت نهج القوة، متوقعا أن يكون ذلك أنفع لكم وأفضل.

 

عندما أراكم الآن تقبِّلون أبناءكم وتترفقون بهم، يتقطع قلبي وجعا، متمنيا ان اصرخ قائلا لكم: وأنا كنت احبكم مثل هذا ولا أزال. فلماذا كلما قبَّلَ أحدكم ولده ينظر إليّ نظرة كالخنجر المسلول يطعن بها قلبي، وكأنكم تقولون لي تعلم الحب والحنان، وافهم كيف ينبغي أن يكون تعامل الآباء مع الأبناء.

 

أولادي، هذا الزمن لم يعد زمننا، ولا يمكن أن يرجع شيء مما قد فات أوانه، فلا تُحاولوا تعليم شيخ ما لَمْ يَعُد ينفعه. أطلب العذر والسماح، وإلاّ ها انا الآن أمامكم، إقتصّوا مني ولا تعذبوني بنظراتكم تلك.

 

يواصل ولده الاصغر قائلا: تأثَّرنا كلّنا برسالة الوالد، وذهبنا نقبل رأسه ويديه وقدميه، وأجمعنا كلنا بأنه لولا الله وصرامة تربيته لنا، لما كنا رجالاً ناجحين. وعندما ذهبت إلى السرير لأنام، ظلت كلماتُ والدي ترن في أذني وتؤلمني في قلبي، وحينَها أجهشتُ باكياً بكاءً مراً،  فكتبتُ لأبي قائلاً:

 

أبي الحبيب،

 

قد تكون أدركتَ جزءاً من نظراتنا لك حين نحتضن أولادنا، وهذا دليل فطنتك، ولكن لا يعلم الغيب إلا الله، فوالله إني انظر اليك يا أبي واقول بيني وبين نفسي ماذا لو قبلني ابي الآن؟!  فأنا وإن كنت قد كبرتُ، وأصبحت أباً، وخالط الشيب سواد شعري، فهذا لا يعني أني لا أحتاج لحضنك الدافئ وقبلاتك الحارة.  فهل لي بحضن واحد وقبلة؟

 

وأرسلتها الى جوّاله ونمت. وعند الفجر خرجت من غرفتي لأصلي، فوجدت أبي واقفاً على عكازه عند الباب،  فقال لي فرِحا عندما رآني: تعال يا ولدي أضمك، ومن ثم خذني إلى قبري.

 

وضمّني إلى صدره وقبّلني، وبكينا نحن الإثنان، وخرجت زوجتي وعندما رأت ما نحن فيه، تأثرت كثيرا وبكت بكاء شديداً، وما هي الا دقائق حتى شهق أبي شهقة طويلة، ووقع على الارض متوفيا. يرحمه الله.

 

ترفقوا بوالديكم فقد يكون لديهم ما يقولونه، ولكنهم لا يستطيعون البوح كما فعل هذا الأب الشجاع!!!

 

الاردن -19/7/2022

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.