اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أحافير في الحب – 8- أسْطَرةُ الحُب// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

أحافير في الحب – 8- أسْطَرةُ الحُب

الدكتور سمير محمد ايوب

 

كنت قبل أيام قليلة مضت،  في واحدة من أشهر دارات الثقافة الملتزمة والجادة في عمان، مشاركا في عصف فكري معمق حول الحب، حين تعمدت مديرة الفعالية وهي قاضية متقاعدة صديقة، أن تفتح الفعالية بالقول: جل الناس إن لم يكن كلّهم، مفتونا بالحب ومشتهياته، كمصدر أوحد لنشوة الرضا والسعادة الرصينة، مع ما يشوب فكرة الأوحد المهيبة هذه، من ظلال تطرف واستبداد، يؤسطر الحب ويؤلهه، او يسكت عن تأليهه، ويقبل اخطاءه وكوارثه، ومن ثم أدارت وجهها الابيض الممتلئ جمالا نبيلا تجاهي، وبجدية مهيبة تكسو كل ملامح وجهها وجهت لي مباشرة سؤالها قائلة هل الحب يا شيخنا إن لم يكن قد مات بعد،  قد بات قدرا إلهيا لا يُردُّ ولا يُناقش؟

 

إعتدلت في جلستي وأنا أقول لها وللحضور المشارك وللضيوف المنصتين: أرى يا سادتي في كثير مما يكتبه عشاق الحب ومثقفيه مبالغة منحازة وأحيانا مقيتة، تجعله في ظل ما اشتهر من قصص تاريخية فيه يتيما. صحيح ان الحب العربي عبر تاريخه، قد تعرّض لسلاسل من الوعكات، لكنّه بالمحصلة كما نراه بيننا اليوم لم يتيتَّمَ.

 

وصحيح أن بعض قصصه تستأثر بالكثير من سحره، كقيس – ليلى، جميل – بثينه، كنفاني - غادة السمان، الدرويش - ريتا والقباني - بلقيس، إلا أن إبداعاته ما زالت تتوالى، وتجعل من الصعب على أي كان، أن يكتب نعيا له. فالحب ما زال يكرس محبين مُستَهلِكين، ومُحبين مُتحرِّشين، ومُحبين مُنتجين لنبيل المشاعر، فهو بالمحصلة لم يتوقف بعد.

 

تشكل المبالغة وأشباهها، خطرا على الكثير من الحب، تسد الأفق في وجهه وتُغَلِّقُ الأبواب أمام تجاربه، بل إن فيها إبعاد مضلل للعشاق عن كل حكاويه، إلا ما تحفل به بطون الكتب وتروج له. وهكذا نسهم بوعي او بدون، في أسطرة الحب والعشاق، وسط معمعة  رغائبية تود ان تقول: ان الحب قد مات من بعد كبار العشاق.

 

أعتقد أن تلك الرغائبية الفجة، تضع جل الحب وعناقيدا من المحبين، في ورطة كبيرة أمام دفق من اسئلة ما بعد أساطير الحب، تدور كلها حول موت الحب من عدمه.

 

صحيح أن سهوب الحب وغيطانه، قد أنجبت عشاقا كبارا في كل العصور، ولكن طالما أن الحب ليس واقعا خارج الزمن، ستبقى أرحامه ولاّدة لآخرين يخطون كتبهم في ظلاله.

 

لكن، علينا أن نفسح المجال للحب الصحي، لينمو ويتخلّق ويحلق، لا أن نقلِّم أجنحتة ونُكسِّر مجاذيفه. ساعتها سيواصل معشر المحبين نقش وتطريز حكاويهم، كما فعلوا قبل ولادة السابقين، واستمروا بعد رحيلهم.

 

فمما يلاحظ في ظواهر الحب الأكثر حضورا في التاريخ، هو اختلافها فيما بينها، مما يجعل منها تنويعات وتقسيمات متكاملة. تم تأويل بعضها لأسطرته، وأخذه الى مناطق لم يكن ابطالها يفكرون فيها، وتم إحاطة أبطالها بهالة وهم احياء. وتم التطرف في تسفيهٍ ظالمٍ أو سَمِجٍ مُبتذَلٍ، لبعضهم في مماتهم، وإنصاف حصيف لآخرين وهم أحياء.

 

حتى لا نقسو، وحتى نرى الحب حُبّاً، في صورته الانسانية الطبيعية، الحقيقية الخالية من المَكْيَجة، التي تُشَوِّهُ وتلك التي تُجَمِّلُ، لا بد من التنبيه مرات كثيرة، إلى أننا ونحن نتحدث عن الحب، فانما نتحدث ونراكم صورا لأناسٍ من لحم ودم شفيف، لا عن ملائكة مُتخيَّلة....

 

الاردن – 20/7/2022

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.