كـتـاب ألموقع

المسودة الثانية لمشروع قانون التعديل الاول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية// احمد موسى جياد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

احمد موسى جياد

 

عرض صفحة الكاتب 

المسودة الثانية لمشروع قانون التعديل الاول

لقانون شركة النفط الوطنية العراقية

احمد موسى جياد

استشارية التنمية والابحاث

النرويج

 

خلال فترة اقل من خمسة اسابيع اصدر مجلس الوزراء مسودتين مختلفتين لمشروع قانون التعديل الاول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية يستند كليهما على نفس اجتماع مجلس الوزراء وقراره الذي اعتمد مشروع قانون التعديل الاول. وكان من المؤمل، او المتوقع، ان تعالج المسودة الثانية ما اثير من ملاحظات على المسودة الاولى لمشروع قانون التعديل؛ ولكن مع الاسف لم يتم ذلك.  

تضمنت المسودة الجديدة لمشروع قانون التعديل العديد من التغييرات مقارنة بالمسودة الاولى؛ معظمها صياغية شكلية غير رصينة، بعضها جوهرية مؤثرة سلبيا، في الغالب، وبعضها اتت بشروط غريبة وكل ذلك يشير الى ركاكة المسودة وافتقار التناسق وعدم التوزان والترابط بين مواد القانون المختلفة. لازالت هذه المسودة تتعارض مع الاحكام الدستورية ولا تلتزم بقرار الطعن الصادر من المحكمة الاتحادية العليا وتعاني من العديد من الثغرات والنواقص وتعيد هيكلية الشركة الى ما كانت عليه عند حل الشركة في النصف الثاني من عقد ثمانينات القرن الماضي وتخلق حالة خطرة وغير مسبوقة من "عدم توازن متعدد الجوانب" في مجلس ادارتها!!!!!. وبالتالي لا توفر هذه المسودة الجديدة الاسس القانونية والمالية والاقتصادية والبيئية والتخصصية السليمة لتاسيس شركة النفط الوطنية العراقية بما تتناسب مع التطورات الحديثة في مجال عملها وبما تقوم به شركات النفط الوطنية في الدول النامية المنتجة للنفط.   

للتذكير، يأتي مشروع قانون التعديل الاول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 4 لسنة 2018 تنفيذا لإلتزام قانوني ودستوري وذلك بعد ان اقرت المحكمة الاتحادية العليا (بقرارها رقم 66 الصادر في 23/1/2019)  قبول الطعون بالعديد من مواد القانون المذكور؛ وهذا شكل سابقة قضائية ملزمة ومؤثرة للغاية.

سبق لي ان تناولت مشروع التعديل لمرتين بمداخلتين باللغة العربية تم نشرهما وتوزيعهما على نطاق واسع: الاولى في 18 اب 2020 والثانية، وهي دراسة مستفيضة عن المسودة الاولى وقد اعتمدت على وثائق رسمية مثبتة بالارقام والتواريخ صادرة من الجهات ذات العلاقة ، نشرت في 7 ايلول 2020 ثم في 8 ايلول 2020 مع ملخص باللغة الانكليزية .

تشير معلومات مجلس النواب الى قيام الدكتور بشير خليل الحداد (النائب الثاني لرئيس مجلس النواب وممثل الاكراد حسب نظام المحاصصة في توزيع المناصب في المجلس) بترأس جانبا من اجتماع لجنة النفط والطاقة الذي عقد يوم 23 اب 2020لمناقشة قانون شركة النفط الوطنية العراقية المرسل من مجلس الوزراء و مناقشة قرار المحكمة الاتحادية بشأن نقض عديد من مواد قانون الشركة من أجل تعديل تلك المواد.

وهذا يعني ان الاجتماع المذكور قد تناول المسودة الاولى لقانون التعديل؛ ولكن بعد الشروع في مناقشة مشروع قانون التعديل استلم مجلس النواب مسودة ثانية جديدة لنفس القانون بعد شهر (خلال الاسبوع 39) من استلام المسودة الاولى!!! علما انه لم يتم لغاية تاريخه ادراج مشروع قانون التعديل "للقراءة الاولى" او ضمن "قوانين قيد التشريع" حسب ما يشير اليه الموقع الالكتروني لمجلس النواب على الرغم من تاكيد رئيس لجنة النفط والطاقة النيابية، هيبت الحلبوسي، في 13 تشرين الاول (اكتوبر) ان "القانون حاليا في لجنة النفط والطاقة النيابية من اجل المناقشة وعرضه على مجلس النواب للتصويت عليه"؛ فهل يشير الحلبوسي الى المسودة الاولى او الثانية لمشروع قانون التعديل؟؟؟ إلا ان المعلومات الاخيرة تشير الى قيام لجنة النفط والطاقة النيابية بتشكيل لجنة فرعية لدراسة ومناقشة مشروع القانون، وهذه عقدت اجتماعها الاول يوم 15 تشرين اول الحالي؛ وحسب المعطيات المتوفرة فقد تناولت هذه اللجنة الفرعية المسودة الثانية .

 

بسبب اختلاف المسودتين من نواحي الصياغة/النص والشكل والمضمون ولتسهيل التحليل المقارن بين المسودتين تم اعداد جدولين يتضمنان عدد ورقم المواد التي عدلت وماهية التعديلات التي وردت في كلا المسودتين. 

يوفر الجدول التالي موجز استرشادي للمواد التي تم تعديلها بموجب المسودة الاولى لمشروع قانون التعديل. اما تفاصيل تلك التعديلات وتقييمها فيمكن الاطلاع عليها في دراستي الثانية المشار اليها اعلاه، وعليه لا اجد اي مبرر لتكرارها ولكنني أأكد استمرار سريانها .

جدول رقم (1) عدد ورقم وماهية التعديل في المسودة الاولى لقانون التعديل

المواد المعدلة

نوعية او ماهية التعديل على قانون رقم 4 لسنة 2018

3 و4

يلغى نصيهما ويحل محلهما نص جديد لمادة واحدة

5

يلغى نص الفقرة (اولا/2) ويحل محله نص جديد

6

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

7

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

8

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

11

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

12

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

13

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

16

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد

 

هذه المتابعة الحالية(الثالثة) تتناول المسودة الثانية لمشروع قانون التعديل وتستند، كسابقتها، على وثائق رسمية جديدة تعكس اخر التطورات المتعلقة بهذا الموضوع الهام والخاص بقانون شركة النفط الوطنية العراقية وهي:

المسودة الثانية  لـ"مشروع قانون التعديل الاول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية" الذي ارسل من مجلس الوزراء الى واستلم من قبل مجلس النواب في (الاسبوع 39 :20-25 ايلول 2020)؛

كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء الموقع بتاريخ 18 اب 2020 المتضمن صيغة قرار مجلس الوزراء رقم (109) المتخذ في 17 اب 2020؛

كتاب وزارة النفط المرقم 19507 في 13 ايلول 2020 (والذي يشير الى كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء رقم 15206 في 9 ايلول 2020). 

قبل البدء باستعراض وتحليل المسودة الثانية قد يكون من المفيد، وكذلك لتسهيل المقارنة بين المسودتين،  تقديم موجز استرشادي لهذه المسودة الجديدة وكما في الجدول التالي.

جدول رقم (2) عدد ورقم وماهية التعديل في المسودة الثانية لقانون التعديل

المواد المعدلة

نوعية او ماهية التعديل على قانون رقم 4 لسنة 2018

3 و4

يلغى نصيهما ويحل محلهما نص جديد لمادة واحدة لكنه يختلف عن النص في المسودة الاولى

  1.   يلغى نص الفقرتين (1 و 2) من البند (اولا) ويحل محلهما نص جديد؛

  2.   اضافة دائرتين الى ما مدرج في الفقرة (2) البند (ثانيا)

8

  1.   يلغى نص البند (اولا) ويحل محله نص جديد؛

  2.   يلغى نص الفقرة (5) البند (ثانيا)

11

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد (يختلف جزئيا مقارنة بالمسودة الاولى لقانون التعديل)

12

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد (غير دقيق مقارنة بالمسودة الاولى لقانون التعديل)

16

يلغى نص المادة ويحل محله نص جديد (لكنه يختلف عن النص في المسودة الاولى)

-

تعديل الاسباب الموجبة وخطا في تاريخ قرار المحكمة الاتحادية العليا

 

بعد دراسة وتقييم المسودة الثانية لقانون التعديل يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

اولا: تم الغاء المادتين -3- و -4- واستبدالهما بمادة واحد -3- تحت باب "الاهداف"

تختلف هذه المادة من نواحي الشكل والصياغة والمضمون عن ما ورد في مقترح وزارة النفط (المسودة الاولى) لمشروع قانون التعديل:

1.   تمت صياغة كامل المادة بجملة واحدة طويلة بدلا من فقرات متعددة ومتخصصة؛ وهذه الصياغة غير الموفقة تقود الى التباين في التفسير والتطبيق كما هو واضح ادناه؛

2.   انها تمزج وتخلط "الاهداف" و "والمهام" و"الصلاحيات" وهذا خلل جوهري يشير الى انعدام الرؤيا الصحيحة لدى مقدم مشروع التعديل عن هذه الشركة المهمة؛

3.   تمنح الشركة صلاحيات مطلقة للاستثمار في والاقتراض من داخل العراق وخارجة، وهذه الصلاحيات حسب هذه المادة لا تخضع لموافقة اية جهة تنفيذية او تشريعية او رقابية. كما وان الاقتراض لتمويل الاستثمارات خارج العراق امر غير مبرر، ان لم يكن خطرا، في المراحل الاولى لتأسيس الشركة. هذه الصلاحيات المطلقة للشركة تتعارض كليا مع الدستور فيما يتعلق بمهام ومسؤوليات السلطات التشريعية والتنفيذية ويتعارض مع احكام قانون الادارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 وكذلك يتعارض مع البند "رابعا" من  المادة -4- المتعلقة براس المال في قانون الشركة ذاته. هذا يدلل، ايضا، على ركاكة النص وعدم التناسق بين مواد مشروع قانون التعديل؛ كل هذا يفتح مجالا واسعا للفساد وسوء استخدام الصلاحيات والقرارات الخاطئة مما يسبب نتائج كارثية للشركة ذاتها وللاقتصاد العراقي؛

4.   تعاني من نفس الاشكاليات والعيوب التي تم تشخيصها في دراستي الثانية (السابقة) للمسودة الاولى لمشروع قانون التعديل (يرجى مراجعة تلك الدراسة بقدر تعلق الامر بهذه المادة)؛

5.   وجود تناقض واهمال وغموض فيما يتعلق بشركة تسويق النفط: سومو، كما سيرد لاحقا؛

6.   الافتقار الواضح وعدم الاشارة الى معايير الكفاءة والجدوى الاقتصادية وتطوير الطاقات البشرية والمحافظة على وحماية البيئة واساليب الادارة الحديثة المعتمدة في الصناعة الاستخراجية النفطية..  

ثانيا: لم يرد في هذه المسودة الثانية مقدار راس المال التشغيلي للشركة. وهذا يعني الغاء الزيادة في راس المال التي وردت في المسودة الاولى وبذلك الابقاء على نفس المستوى المذكور في قانون الشركة رقم 4 لسنة 2018. وقد يكون هذا استجابة للاعتراضات والملاحظات التي اثيرت على هذه الزيادة غير المبررة التي اقترحتها وزارة النفط في المسودة الاولى.

ولكن المشرع اغفل، في هذه المسودة الثانية، الشرط المذكور في اصل القانون: البند "رابعا" من المادة -4- الخاصة براسمال الشركة والذي لم يتضمن "الاقتراض لتمويل الاستثمارات خارج العراق" الذي اقترحته المسودة الثانية. وهذا دليل اضافي اخر على عدم دقة وعدم رصانة وعدم تناسق مواد مشروع قانون التعديل.

ثالثا: تعديلات المادة -7-

تضمن التعديل امرين: الاول هو الغاء نص الفقرتين (1 و 2) من البند (اولا) ليحل محلهما نص جديد؛ والثاني هو اضافة دائرتين الى ما مدرج في الفقرة (2) البند (ثانيا).

فيما يتعلق بالتغييرات المتعلقة بالبند "اولا" من هذه المادة نورد الملاحظات التالية:

1.   سريان نفس الاعتراضات والملاحظات التي دونتها في دراستي السابقة بشأن درجة رئيس الشركة (وزير) والتي تتوافق مع موقف ديوان الرقابة المالية الاتحادي حول درجة الرئيس وذلك في كتابه رقم 1/1/3/9055 في 2/ايار/2018؛ ويتبع ذلك ضرورة اعادة النظر بالدرجات الوظيفية لأعضاء مجلس الادارة تجنبا لتضخيم المجلس بالدرجات العليا وما يترتب على ذلك من اعباء مالية وهيكلية وخاصة في حالة "عدم توازن متعدد الجوانب" للمجلس، كما سيتضح لاحقا؛ 

2.   تم تحديد فترة ولاية رئيس الشركة بخمس سنوات  والنائب الاول بأربع سنوات والنائب الثاني بثلاث سنوات. ولكن في المقابل لم تحدد ولاية الخبراء الثلاثة كما سنرى ادناه؛ لماذا؟؟!!! ؛

3.   تضمن التعديل امر غريب جديد حيث ربط تجديد ولاية الرئيس ونائبيه لمرة واحدة لكل منهم "بناء على اقتراح مجلس الادارة وموافقة مجلس الوزراء". وفي هذا المجال نشير الى احتمالية التعقيدات المرتبطة بحالات "تناقض المصالح – بحكم كون الرئيس ونائبيه هم من يتراس مجلس الادارة" او حالات المحاباة و"تبادل المصالح- مدد لي امدد لك" او حالات التسييس والشخصنة وخاصة خلال فترة اقرار التجديد من عدمه مما قد يسبب في تمزق المجلس بين معارض ومؤيد لمصالح شخصية؛ ثم ماذا لو جاء موقف مجلس الوزراء متعارضا مع اقتراح مجلس الادارة وتاثير ذلك على اعمال مجلس الادارة والعضوية فيه!! يضاف الى ذلك عدم ادراج "اقتراح تجديد فترة الرئيس ونائبيه" ضمن المادة الخاصة بمهام مجلس ادارة الشركة؛ فكيف يقوم مجلس الادارة بممارسة مهمة لم تدرج ضمن واجباته!! هنا ايضا نواجه حالة افتقار التناسق وغياب الترابط بين مختلف مواد القانون. 

4.   تضمن البند (اولا) اربعة اعضاء "بدرجات خاصة"، إلا ان اقتراح والمصادقة على تعيينهم تخالف الاحكام الدستورية الواردة في المادة (61) البند (خامسا- ب -)؛

5.   يضاف الى ذلك ان فترة تعيين "الخبراء الثلاثة" غير محددة بالقانون فهل هي مفتوحة ومضمونة لحين تقاعدهم او غير ذلك بغض النظر عن ادائهم ومساهماتهم. وهنا نواجه حالة عدم التوازن بين فترة ولاية (خدمة) ستة من اعضاء مجلس ادارة الشركة مما قد يترتب عليه اثار سلبية على عمل مجلس الادارة ومصلحة الشركة؛

6.   على الرغم من ان عدد "الخبراء" غير مبرر وغير معمول به في اية شركة استخراجيه تابعة للوزارة، نجد ان عضويتهم في مجلس الادارة "دائميه"، كما ذكر انفا. في نفس الوقت فان العديد من "الشركات المملوكة" اما غير ممثلة في مجلس الادارة او ان تمثيلها محدد بسنة واحدة فقط قد تتكرر كل ست سنوات!!! كذلك لا يوجد أي تمثيل لمركز الشركة ولا المديريات العامة فيها، بضمنها تلك التي ستلحق بالشركة من وزارة النفط (هذه خطوة للوراء مقارنة بقانون الشركة رقم 123 لسنة 1967  المعدل بالقانون رقم 149 لسنة 1971)؛ وهذا جانب اخر من حالة عدم التوازن في مجلس الادارة.  

   

وفيما يتعلق بتعديلات البند (ثانيا) فقرة (2) أسجل الملاحظات التالية:

1.   تم التراجع عن استثناء شركة سومو كما ورد في المسودة الاولى وبذلك تخالف هذه المسودة الثانية قرار المحكمة الاتحادية العليا المتعلق بشركة سومو؛

2.   الغريب في الامر هو اعادة ادراج سومو دون الاشارة الى "تسويق النفط" في المادة -3- المتعلقة باهداف الشركة او المادة -8- المتعلقة بمهام مجلس الادارة او المادة -9- المتعلقة بمهام رئيس الشركة. وهذا بنظري تخبط له تاثيرات سلبية كثيرة ومؤثرة؛

3.   تم اضافة دائرتين الى هيكل الشركة بعد نقلهما من مركز الوزارة. وبذلك اصبح هيكل الشركة متطابقا بالكامل مع الهيكل الذي كان سائدا قبل حل الشركة عام 1987!!!! الم يدرك من كتب هذه المسودة التغيير الهائل في واقع الصناعة الاستخراجية النفطية والتطورات الهيكلية والنوعية والتخصصية في الشركات التابعة للوزارة وان عقلية الثمانينات لم تعد صالحة او ملائمة لما تبقى من العقد الواحد والعشرين!!!!!!!!!!!

4.   في الوقت الذي تم فيه اضافة هاتين الدائرتين فانه تم تجاهل ذكرهما في البند (ثالثا) من نفس المادة -7- وكذلك استبعادهما من عضوية مجلس ادارة الشركة، كما ذكر اعلاه!!!؛

5.   اغفل القانون ومسودتي التعديل تحديد من يمتلك صلاحيات تعيين المدراء العامين للشركات المملوكة والدوائر بعد دمجها بالشركة وما هي القضايا الاجرائية الازمة في هذا المجال!!!. 

رابعا: التعديلات المتعلقة بالمواد -11- و -12-

تسري ملاحظاتي في دراستي السابقة عن تعديلات هاتين المادتين ولذا لا اجد ضرورة لتكرارها ولكنني ارى من المهم جدا الاخذ بها عند تقييم هذه المسودة الثانية لقانون تعديل قانون الشركة. ونفس الامر ينطبق على بقية مواد القانون. كما انبه الى الخطأ المتكرر في المسودتين الاولى والثانية والمتعلقة بقرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (66) الذي اعلن يوم 23 كانون الثاني 2019 وليس 2018 كما جاء في مسودتي قانون التعديل؛

خامسا: مقترح تاسيس شركة نفط كردستان

تضمنت تصريحاتوزير النفط المنشورة بتاريخ 13 تشرين اول الحالي معلومات مقتضبة حول مقترح تاسيس هذه الشركة في الاقليم؛ وان بعض ما ورد في هذه التصريحات يتعارض بالمطلق مع كل من المسودة الثانية لقانون التعديل ومع قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 4 لسنة 2018.

بسبب عدم وجود وثيقة رسمية توكد صحة تلك التصريحات وخلفياتها واولياتها فسوف أأجل تقييم هذا الموضوع لحين توفر المعلومات الكافية لإجراء التقييم. يضاف الى ذلك وجود العديد من التباينات الجوهرية في الشأن النفطي بين وزارة النفط الفدرالية ووزارة النفط والموارد الطبيعية في الاقليم ووجود دعوى امام المحكمة الاتحادية العليا وكذلك طلب قرار تحكيم دولي امام غرفة التجارة الدولية في باريس تتعلق باتفاقية انبوب النفط العراقي خلال الاراضي التركية وغيرها من المشاكل المعروفة.

 

الخلاصة والتوصيات

اظهر التحليل اعلاه وجود عيوب ونواقص واشكاليات عديدة ومؤثرة في المسودة الثانية لقانون التعديل الاول؛ وهذا لا يساعد مطلقا في معالجة مساوئ قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 4 لسنة 2018 الذي تم الطعن بمواده الاساسية؛   

يخلق قانون التعديل هذا حالة "عدم توازن متعدد الجوانب" في تشكيلة وولاية وتمثيلية اعضاء مجلس ادارة الشركة؛ وهذا يشكل خلل هيكلي مزمن ومؤثر قد تترتب عليه نتائج سلبية، بل وحتى كارثية على كل من الشركة والشركات المملوكة من قبلها وبالتالي على الاقتصاد العراقي؛ وعليه لابد من معالجة هذا الخلل قبل تشريع التعديل الحالي؛

لازالت بعض مواد المسودة الثانية تتعارض مع الاحكام الدستورية ومع قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي قبل الطعن بمواد اساسية وعديدة في قانون الشركة المذكور اعلاه؛ مما يجعل قانون التعديل عرضة للطعن المباشر من قبل المحكمة ذاتها-بسبب عدم الامتثال- او من قبل غيرها؛

لا يمكن ومن غير المجدي تاسيس الشركة في العقد الثالث من هذا القرن بنفس العقلية والهيكلية التي كانت سائدة عند حل الشركة في عام 1987؛ فحجم التغييرات النوعية والمؤسساتية والتنظيمية والتكنولوجية والعلمية والبيئية والمعرفية المتعلقة بالصناعة النفطية الاستخراجية بين عقد ثمانينات القرن الماضي والعقد الثالث من هذا القرن كبير للغاية لا يمكن تجاهله.

وعليه وفي ضوء ما تقدم ولتجنب تكرار تجربة اقرار قانون سيء على عجالة ارى ان تقوم رئاسة مجلس النواب بتكليف كل من اللجان النيابية التالية: لجنة النفط والطاقة واللجنة القانونية كل على حده بدراسة المسودة الثانية لقانون التعديل الاول وبيان تفاصيل تطابق المسودة مع او مخالفتها لقرار المحكمة الاتحادية العليا.

وفي نفس الوقت ادعو كافة الخبراء، وخاصة النفطيين، من مختلف التخصصات المساهمة البناءة من اجل التوصل الى قانون جيد حديث واضح يليق بشركة النفط الوطنية العراقية؛ فلا القانون الحالي المطعون به ولا مسودتي تعديله يحققان هذا الهدف. ان لم نتحرك نحن ونساهم فمن يقوم بالمهمة؟؟؟؟

 

17 تشرين اول (اكتوبر) 2020