كـتـاب ألموقع
بعض دلالات زيارة البابا للمغرب// انغير بوبكر
- المجموعة: انغير بوبكر
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2019 18:48
- كتب بواسطة: انغير بوبكر
- الزيارات: 2643
انغير بوبكر
بعض دلالات زيارة البابا للمغرب
انغير بوبكر
المغرب
يقوم البابا فرانسيس بزيارة رسمية للمغرب خلال يومي 30 و 31 مارس 2019، بدعوة كريمة من العاهل المغربي محمد السادس، وتأتي هذه الزيارة الهامة لشخصية دينية مرموقة لتؤكد الدور المحوري الدولي الذي يلعبه المغرب في التقريب بين الأديان والثقافات والشعوب ويؤكد مجددا أن المغرب بلد التسامح والتعايش والإخاء والحوار الديني والثقافي. من يتابع السياسة المتبعة من طرف ملك البلاد منذ توليه العرش سنة 1999 سيلاحظ بدون كبير عناء أن المغرب كرس صورته الدولية كبلد اللقاءات الدينية لمختلف الاديان والثقافات وبلد المؤتمرات الكبرى للحوار بين الثقافات والحضارات، فالملك محمد السادس بدأ عرشه بمجموعة من القرارات والاجراءات والقناعات التنويرية الهامة داخل المغرب وخارجه، داخليا بدأ بالاعتراف بالثقافة والهوية الامازيغية للمغرب ودشن ورش المصالحات التاريخية والسياسية واعطى نفسا جديدا للمرأة المغربية ودشن دينامية حوار عقلاني متنور تجاوز حتى تصورات وتوقعات بعض الاحزاب الاشتراكية المغربية وهذا النفس الاصلاحي الملكي لقي استحسانا دوليا وفتح جسرا كبيرا للثقافة الحداثية في مجتمع منغلق محافظ متمسك جدا بالوثوقيات، كما ان مواقفه اتجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مشرفة جدا وتنسجم مع الشرعية الدولية وتشجع قيم الحوار والتفاهم بين الاطراف المتصارعة وفق مقاربة الارض مقابل السلام ومقررات المبادرة العربية للسلام وحل الدولتين، هذه المواقف الملكية المغربية المشرفة ساهمت في تعميق صورة الملك الخارجية والدولية كطرف وسيط محترم لدى الجميع وداعية سلام ووئام بالعالم. الإشادة الكبيرة التي تلقاها المواقف الملكية من اليهود في العالم قاطبة ومن اليهود المغاربة خاصة ومن المسيحيين في العالم بمختلف طوائفهم ومن المسلمين بمختلف مذاهبهم واحتضان ائئمتهم وزعمائهم واحترام قناعاتهم الدينية تبين عمق الإيمان المغربي بالتعدد الديني والثقافي والهوياتي وحرص المملكة المغربية على بناء عالم انساني خال من العنف والتطرف والكراهية ومن الارهاب. زيارة البابا فرانسيس الارجنتيني الاصل العاشق للسلام والمناضل من اجل الوئام والتاخي بين الشعوب، البابا الذي جاهر بمناصرته لحقوق الشعب الفلسطيني والسوري واليمني الذي جاهر بمعاداته لخلط الارهاب مع الاسلام، زيارته للمغرب اعلان اعتراف من قبل الفاتيكان والمتدينين المسيحيين على ان المغرب بلد يحترم انسانية الانسان بغض النظر عن لغته ودينه.
لاشك ان بلادنا تعمل جاهدة من اجل نشر الحوار الديني والحضاري في العالم ولكن يلزمها انخراط جاد من قبل قوى دولية فاعلة لتكريس نظام عالمي عادل وانساني ومتضامن، فالمنتظم الدولي مدعو الى اطلاق ورش حضاري دولي من اجل التقريب بين الشعوب والدفع بعجلة الحوار الديني بين الاديان والثقافات الى مداها وتجاوز نظرة صراع الحضارات والثقافات التي يروج لها بعض مثقفي الحروب والكوارث من امثال صموئيل هنتكتون وفركوياما واخرون، فتصوروا معي لو ان العالم يبذل نفس الجهود التي يبذلها من اجل التسلح وعسكرة العالم وتغذية الصراعات في جهود اعمار العالم ونشر ثقافة حقوق الانسان ونشر العدالة الاجتماعية، تصوروا العالم يبذل نفس الجهود ونفس الامكانيات من اجل بناء مؤسسات حوارية بين الاديان والثقافات لتخلص العالم اليوم من اهات والالام كثيرة ودماء كثيرة سفكت باسم هذا الدين أو ذاك والاديان من هذه الدماء براء. تصوروا لو ان الاديان المسيحية والاسلامية واليهودية والكونفوشيسية واللادينية... قاموا بتنقية اعتقاداتهم وتصوراتهم عن الاخر المختلف عنهم في الدين واللغة والثقافة والاصل الاجتماعي، تنقية تقوم على نزع الطهرانية والارثدوكسية والتفكير المتحجر الذي يعتقل الحقيقة ويأسرها ويبصم الاخرين بالجهل والانحراف والزيغ عن الطريق المستقيم، تصوروا ان علمائنا الاجلاء قاموا بصياغة أدياننا وفق مقاربة الحق والواجب والعدالة ومحاربة الظلم كم سنكون سعداء لنرى عالمنا مغايرا منفتحا متسامحا، اتمنى صادقا ان يساعد المنتظم الدولي المملكة المغربية وملكها المتنور في مبادراته الدولية من اجل نزع فتيل النزاعات الدولية المدمرة التي تستقي شرعياتها المزعومة من الاديان او قل للدقة نقول من قراءات مغلوطة للاديان، فبلادنا تقوم بجهود كبيرة لكن بالتأكيد اليد الواحدة لا تصفق والنوايا الحسنة غير كافية لوحدها لانقاد العالم من ويلات الارهاب والتطرف والكراهية.
انغير بوبكر
باحث في قضايا التنمية والديموقراطية وحقوق الانسان
com.gmail@2012ounghirboubaker
المتواجون الان
693 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع