اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المسيرة القومية الآشورية: أزمة ممارسة أم أزمة خطاب؟// وليم أشعيا عوديشو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

المسيرة القومية الآشورية: أزمة ممارسة أم أزمة خطاب؟

وليم أشعيا عوديشو

 

كان ولا يزال الهم القومي بارهاصاته المختلفة يتصدر الاولويات في حياتنا السياسية بالرغم من مرور أكثر من عقدين على بدء العمل القومي السياسي المنظم بشكله العلني في الوطن والذي شكل منطلقاً حاسماً استوعبه الوعي الجماعي الاشوري بسهولة بعد سنوات طويلة من الانحسار وتراجع الحس القومي وسكون عبر عن شبه موت مطبق في التعبير عن المشاعر القومية وقلق كبير إزاء مستقبل شعبنا ، ليعقبها بعد ذلك مرحلة من التحولات ومخاض صعب ومراجعة الذات والبحث عن نقاط ارتكاز واعادة النظر والتعامل مع الواقع الممكن وابراز الملامح الحقيقية وصولاًً للبدء في عملية بناء الامة الآشورية عبر التكيف مع المستجدات واستيعاب كافة التطورات التي طرأت على الخطاب النظري المروج والأنتقال من المطالبة بالحقوق القومية كمصطلح الى عملية ممارسة حقوقنا وإعادة بناء واقعنا في الوطن ، وتميز الخطاب القومي عموماً في الآونة الأخيرة بالحديث عن وجود أزمة في المسيرة القومية ، وإذا ما سلمنا ان أية ازمة ما هي إلا تحصيل حاصل لتجربة ما جرت في مكان معين وزمان محدد وما تفرزه من تناقضات والتي تعتبر ضاهرة إيجابية إذا تم احتوائها ، وذلك باستحداث نسقاً فكرياً يقودها للوصول الى نتائج تصب في خدمة وضعنا القومي ، ولا يمكننا تبرير استمرار الأزمة فقط بسبب تحديات العصر والمتغيرات المتسارعة وإن كانت اسباباً لها أهميتها إلا أن السبب الأكثر أهمية يبقى في الممارسة السياسية الميدانية للقوى والفعاليات الآشورية التي تمسك بزمام الامور ولو بشكل جزئي ، وبغض النظر عن الاشارة لتلك القوى العاملة في الوطن فيمكننا الحديث عن السمات العامة لها وبشكل محدد الجوانب باعتبار أن هناك عشرات الاحزاب واشباه الاحزاب وكل حزب يعتبر نفسه نظاماً قائماً بحد ذاته وكأنه هذه الاحزاب إنما وجدت لتكون ضد بعضها البعض جرياً وراء العادة المتبعة في عالمنا المشرقي ، ومما يلفت النظر هو أن الفعاليات السياسية التي ولدت وترعرعت في المهاجر والشتات وبسبب الآلية التي تم بموجبها تشكيل أغلبها كأجسام تحمل في داخلها الكثير من مكونات التناحر والتنافر الفكري والمنهجي وان حققت بعض المكاسب الحزبية المحدودة في مجال الاعلام المحلي ، والتي تلقفها البسطاء ليبشروا بها وليستخدموها لتصفية الحساب مع الذين يختلفون معهم لاسباب مذهبية وكنسية وعشائرية والى حد ضعيف سياسية ، وتعاني احزابنا اليوم وحتى التي كانت الى الامس القريب تعتبر القدوة بسبب تأريخها المخضب بدم الشهداء باتت هي الاخرى تعاني من عزلة شبه تامة في الوطن وتحولت تدريجياً الى مؤسسات اجتماعية وتربوية بحتة لا بل أن بعضها تحول الى شبه مؤسسة خيرية؟؟ وفي المهاجر والشتات فلا زال أبناء شعبنا متعاطفاً ولو بشكل ضعيف وكان آخر ممارسة شهدناها هي النسبة المتدنية التي شاركت في التصويت والنتيجة المؤلمة التي خرج بها شعبنا الذي لا زال يعيش وهم امجاد الماضي ووهم السوبرمان المنقذ ،  أن التكتم على كشف الحقائق وعدم الاعتراف بالاخطاء التى واجهت العملية السياسية سيؤدي الى حرمان الاجيال القادمة من الاستفادة من ماضيه وتجاربه وسيبقى السجال الفكري يتم تنفيذه بواسطة التراشق بالتهم والتخوين وباسلوب غير مسؤول كما يحصل اليوم والذي أدى في النهاية الى المساومة على المبادىء والقيم القومية في بازار السياسة من أجل المناصب واحتكار القرار القومي ليتم إقحام شعبنا في معركة  التسمية والمسميات ونزاع الواوات .

 

لقد لمس المتابعون للمسيرة القومية وبدون أدنى شك كيف أن القوى التي حاولت الانفراد بالعمل القومي وإضفاء صفة الخلاص والقدسية الى طروحاتها وترددت أمام مراجعة نفسها وإدخال الاصلاحات اللازمة ولم تقبل بالتعددية كأحد أشكال التعبير عن مشروع متكامل في إقامة التحالف القومي وبصيغته الجبهوية كخيار استراتيجي عانت من عدم تمكنها في بلورة العمل القومي كمفهوم يرتكز على قيم ومبادىء ثابتة ولقد أثبتت الوقائع أن العمل تحت مظلة التحالف القومي العريض سيكون الطريق الافضل لجعل كافة الفعاليات السياسية تتحمل مسؤولياتها ميدانياً والبدء بتحرير الفكر السياسي الاشوري من نظرية الحزب القائد الفاشلة والقائد البلاستيكي الأوحد الذي يتمدد مع تعرضه للشمس ويتقلص في غيابها ، والعمل السياسي المشترك سيكون أكثر تناغماً مع روح العصر والمستجدات على الساحة الوطنية لا سيما ان العراق يعيش تجارب جديدة كالانتخابات والعمل البرلماني والمعارضة السلمية والممارسة الديمقراطية وهذه امور كلها ظهرت بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، وباعتبار أن العمل السياسي المشترك بصيغته الجبهوية أو أي صيغة لتحالف عريض سيكون بدون شك العنصر الحاسم في تعبئة وتوحيد كافة القوى في الوطن والشتات وتكريساً للتعددية السياسية وبشكلها الايجابي للبدء في تحديد الهدف المرحلي المتضمن تثبيت الحقوق القومية دستورياً وميدانياً وربط الانسان الاشوري بأرضه وحمايته ليشعر بالأمان الذي أفتقده طويلاً ، يضاف الى ذلك تفعيل وتوحيد المؤسسات القومية التي احياناً يكون دورهاً أكثر إيجابية من الفعاليات السياسية ، علماً أن تكريس الأزمة التي طالما أصابت القوى السياسية العاملة كانت بسبب الصفة التي اتسمت بها خطوات تلك الأحزاب والتي انعكست كردود أفعال وليست استقراءات مستقبلية يرافقها انعدام الرؤية الشاملة لواقعنا وحالة الانفصام المتفاقمة بينها وبين الجماهير ، يضاف إليه الفتور وظاهرة التنافر وضعف الاداء السياسي والانكماش في العطاء والتراجع عن الاهداف الرئيسية والرضوخ للأمر الواقع مما جعل المسيرة القومية في حالة إغماء واضحة والتي أمتد تأثيرها الى التأريخ لتلقي بضلالها عليها ، واقصد من التأريخ هنا في مناسبات إحياء ذكرى ايام المذابح التي استهدفت شعبنا عبر تأريخه الدامي ودموية الأنظمة التي عانى منها شعبنا ، وضرورة تجنب استغلال هذه المناسبات واستخدامها في ترويج الخطاب الحزبي المؤدلج لتتحول تلك الذكريات المؤلمة بالرغم من رمزيتها الى ذكرى تثير الحسرة والألم اكثر مما تبعث على الأمل ، والعمل الى الدعوة لتجاوز الجانب الدرامي لتلك المآسي والتخطيط لرؤية مستقبلية مشرقة بدلاً من استحضار مناخات وتعقيدات المراحل السابقة التي لا تزال تلقي بضلالها الداكنة حتى يومنا هذا رغم اختلاف الظروف وكأننا نعيش اللحظة ذاتها ، بعد أن ثبت عقم اسلوب البكاء والعويل والخطابات المنمقة والتي لم تتجاوز الشعارات البراقة بسبب مصادرة النظرة الرومانسية للخطاب الواقعي والاستعاضة عنه بمقالات عاطفية بدأت تسود تدريجياً مع تكرار حالات الاحباط والتراجعات التي أبتلي بها شعبنا بعد أن طغت الانانية والنظرة القاصرة على سلوك بعض الأحزاب الفاعلة وسيطرة محاولات استئثار حزب معين على المسيرة أو فئة معينة داخل الحزب الواحد على الفئات الاخرى ، وفشلهما معاً مما أدى الى ذبح الذات الآشورية والتآكل الذي أصاب ذلك الحزب وتلك الفئة وهذه حالة شديدة الوضوح اليوم في الساحة السياسية الآشورية في العراق ، وكان عجز الاحزاب في تحمل مسؤولياتها والاقتصار على الطموحات الحزبية الضيقة والمنافع الشخصية المتمثلة بالمنصب وغياب الخطاب السياسي الفاعل ، كل ذلك كرس الأزمة ، في الوقت الذي لا يزال شعبنا في المهاجر والوطن يوفر الشرعية والدعم اللازم لها بالرغم من انشغاله في توفير لقمة العيش في ظل الظروف الأمنية الصعبة التي رافقت عملية ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق . والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو أن في تأريخ شعبنا المعاصر ظهر مفكرون وقادة ميدانيون أمثال نعوم فايق، فريدون آثورايا، آغا بطرس،  يوسب مالك، أدي شير، يوسب توما هرمز وغيرهم تميزو بخصوبة الخيال وامتلكوا تصوراً شاملاً وإلماماً كاملاً بمعاناة شعبنا آنذاك وحاولوا جهدهم لانتشال امتنا من المستنقع، ولا زالت أفكارهم علامات مضيئة ومدارس لها أجيالها، إلا أن ما يثير الدهشة والتساؤل هو أن تلك الطروحات والافكار سرعان ما انكمشت وتراجعت ، ولقد ثبت اليوم ان سبب ذلك لا يعود الى طبيعة تلك الافكار بل سببه الممارسة الخاطئة لمفهوم وآلية العمل القومي من قبل بعض القوى خاصة التي تمسك بزمام الامور ، والذي لا زالت تعاني منه مسيرتنا القومية مما دفع ببعض التيارات السياسية لتبني خطاب المعارضة داخل البيت الواحد ، ليصبح أحد عوامل استمرار الأزمة وأحد المعوقات الذاتية ، ويضاف اليها ضعف العاملين البشري والاقتصادى الآشوري وانهيار البنية الديموغرافية لشعبنا كل ذلك منع توفر الفرصة ليلعب شعبنا دوراً أكبر مما هو عليه الان ، ولعل التحرك السريع والدعوة الى عقد مؤتمر قومي موسع لا يستثني أحد وتوحيد الخطاب للمرحلة الحساسة التي يمر بها شعبنا والوطن والخروج بصيغة نهائية لتحالف قومي والتعامل معه كمرجعية لاتخاذ القرارات السياسية التي تهم شعبنا باعتباره مخرجاً للتوصل الى حالة من التوازن بين ذاكرتنا القومية المتبقية من الماضي القريب والرؤية القائمة حاليا ،ً والحالة الايجابية في تصاعد الشعور القومي بين أبناء شعبنا وضرورة إعادة ترتيب أجندة الشأن القومي والوطني للتواجد في عملية إعادة بناء العراق وفي كل جوانبه السياسية والثقافية والاقتصادية بخطوات قوية ونظرات ثاقبة  باعتبار أن السرعة الهائلة التي تسير بها الامور لا تدع أمامنا سوى خياراً واحداً هو كيفية التعامل مع المحيط  على اسس سليمة للتحرك الى الأمام وبعكسه سوف نبقى في عالم النسيان وعالم الضعفاء .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.