كـتـاب ألموقع
يوميات حرب// خديجة جعفر
- المجموعة: خديجة جعفر
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 05 تشرين1/أكتوير 2024 20:08
- كتب بواسطة: خديجة جعفر
- الزيارات: 904
خديجة جعفر
يوميات حرب
خديجة جعفر
في ذاك الحي السكني، لطالما احتفلت الابنية ورقصت على اغنيات الباعة، تناقلت احاديثا من ضجيج القادمين، تلك الابنية حاكت لنا حكايانا، لونت ليلنا بلون الضوء، بالضحك استبطنت تأففنا من ذاك الضجيج، غوغاء أصوات، اجساد متسارعة ، طرقات تتصاغر، فتغفل عن هدايتنا دقة الوجهة.. وحدها صورة سهى، الطفلة المبتسة رغم فقدانها شعرها ما تتناول الألسن اخبار لونه الاسود، قتلها المرض ونسي ان يقتل منها ابتسامتها، تركها معلقة على عمود الكهرباء، متشحة بشال اسود عند زاوية إطار صورة حين عز الشعر عن الحضور، يلقبها سكان الحي ب "ناطورة المفارق"...
لطالما استعان التائهون طريق وجهتهم بموقع سهى عند المفترق، مبتسمة دوما دون الالتفات لنسياننا شكرها، خطانا المسرعة لنحط الرحال لم تكن تأذن لنا التنبه، مسرعين لنسكب متاعب ايامنا على شرفات بيوتنا آملين بخجل الابنية من ضجيجها لبعض صمت ....
في الحرب، صمتت الابنية، اخرسها دوي الاصوات الجديدة، لم تتعرفها، حمى تعرق اصابتها بالوهن، تشابكت شرفاتها، غادرتها نوافذها مع الراحلين، وحدها سهى شاخصة في مكانها، لم تغادر مع الراحلين، شلحت ابتسامتها كما تركت مهنتها في تصويب وجهة التائهين، تتباطئ منا الخطى بحث فرص لفك العناق بين الشرفات، زاحفة خطانا عند حوافي المداخل، ضاحكة ابواب البيوت وهي تبادلنا تيه المفارق...
سهى لا تهدي الابواب وجهتها، سهي تنتظر طرق الخطى الهاربة من زمامير السيارات، سهى شاخصة هناك، وحدها على المفترق، تنتظر امل البطء في امتهان سرعة لتستعيد مهنة التوجيه، سهي تركت ضحكتها، صرخت في الراحلين انتظارها، سهى تريد الرحيل، سهى يعتريها الخوف، وحيدة بلا طرقات بلا انس التائهين، سهى تريد الرحيل، سهى ترجلت عن عمود الكهرباء، عانقت بقايا الطريق دونها الرحيل ، نسيت سهى كيف تسير .....
المتواجون الان
949 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع