اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

كيف ننجو؟- خواطر عامة// خديجة جعفر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

خديجة جعفر

 

عرض صفحة الكاتبة 

كيف ننجو؟- خواطر عامة

خديجة جعفر

 

يوما ما، سوف تتوقف الحروب ، يصمت السلاح، ولسوف نقف كبشر جنبا الى جنب مع بقايا الجدران والابنية والطرقات والسيارات والحكايات، لنشهد جميعنا على فوضى حواسنا ومشاعرنا دهشة لانتهاء الحدث، وسنتهيأ بفضل اللاوعي المؤمن فطرة بصراع البقاء لمرحلة الاقلاع نحو بدايات جديدة، سوف ندفن منا ركامنا في مقابر الزمن، سنحفر للماضي آبارا في خفايا ايامنا المتبقية، الناجية من الموت...

بثقة الأحياء وجودا، سنحيل ذاك الركام حياة، سوف ننهض مجددا، سوف يلتئم الركام وينمو، سوف يصاغ فخامة للابنية، وبريق متجدد، ولسوف يدفن منه ذاكرة الاصوات، وحواس التذوق والنظر وسيتخطى ذكر الاسماء من ساكنيه القدامى، لسوف يصمت ذهولا امام مفترق ابتسامته متسائلة عن حضور مباغت من رائحة الاشخاص التي لم تعد ...

سوف تقف الحجارة بصور من ابنية وشوارع وجسور شاخصة، ناشطة بالحياة مجددا، سوف تحتضن محلاتها التجارية، وتضيء انوارها للمارة الجدد، سوف تستكمل مهامها بدقة من حفظ غيبيات ميكانيزمات المرافق التي استبطنت وظائف ماضيها وراثة...

من قال ان الحجارة تنسى؟

سوف تحيا ، وتصرخ بأسئلة ال " الأين هم؟ "

ستسأل الحاضرين منا عن الغياب

اين تركتم وجوهكم ؟

اين حطت اجسادكم؟

اين دفنتم نظرات عيونكم؟

اين بواقيكم منكم؟

ولسوف نصمت، نصمت ثقلا، لاننا لا نتقن التصريح بانها مركونة في جذور الركائز من جديد ابنيتكم...

سنكون حاضرين ، حضورا بلا بقايانا، خاليا من اجاباتنا، جامدا بلا ضحكاتنا، صاخبا بصمتنا.....

كيف نُسقط منا ثقل الكم من الفقد ؟

كيف ننجو من الموت الحي فينا ؟

كيف سنكمل محملين بذاكرة تقفز لواجهة احاديثنا عند كل منعطف، هل ستغفر لنا جلسات الطعام هذا النقصان منا؟

كيف سنقنع الكراسي الفارغة مصالحة مع فراغ ساكنيها؟

هل ستسامحنا الاعياد؟

من سيدفء برد الغرف من مدارسنا ؟

اين ستدفن الكتب التي لم تعد لها اسماء؟

اي حزن يمكنه إستبعاد المغادرين؟

في اي ركام نبحث ذاكرة خطوات اطفالنا الاولى؟

اي عتمة تقنع لعبة تبحث طفلتها ،اغماضة لتنام؟

نعم ....

سوف يرمم ركام الابنية، سوف تنشط الطرقات، ولسوف نقطف ثمار المواسم .... ولسوف نحيا، لسوف نقف، ولسوف نرسم ضحكاتنا مجددا ونحدث اطفال غدنا عن جدارة البناء...

لكننا سنصمت اكثر ..

سيكون صمتنا مقبرة لصدقنا ، فسيكون صمتا بحجم الفقد، بحجم المغادرين، بحجم ذاكرة نسعى قتلها ولا تموت...

سنحيا بمن تبقى، وسننجو الا من ذاكرتنا المشوهة ، ركامنا الحي فينا ، اعجز من جدارة الترميم، عدوة الغد الضاحك، فشلنا الآتي من الامل، ملاءة البكاء الذي لا ينحسر..

سنصمت كي ينجو القادمون...

خديجة جعفر

10 /10 /2024

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.