كـتـاب ألموقع
مقولة: "المراة نصف المجتمع"// خديجة جعفر
- المجموعة: خديجة جعفر
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 03 أيار 2025 20:33
- كتب بواسطة: خديجة جعفر
- الزيارات: 1130
خديجة جعفر
مقولة: "المراة نصف المجتمع"
خديجة جعفر
تبدو يقينية تلك العلاقة الجدلية بين الوقائع المعاشة وانعكاساتها على أنماط الحياة والسلوك والتوصيفات، والأدواراً المجتمعية كأسباب ونتائج، ليصبح ملزما طرح الاسئلة مهما ستقوله الاجابات... ومن المتعارف عليه ان ثمة فروقات بين تصنيفي التقدم والتخلف للدول بناء على مقاييس ومؤشرات تنموية تحدد مصائر وفرص شعوبها جراء خلاصات سياساتها، لتحضرنا مقولة:
"المراة نصف المجتمع"، وما تعكسه ضمنا من ابعاد كمية ونوعية ووظيفية، فيجدر السؤال حول الاسباب والمصير والمسار لهذا النصف في كل من تصنيفات الدول بين التقدم والتخلف، لا سيما والتاكيد على ثوابت العقد الاجتماعي وسلسلة الادوار والوظائف المفترضة على المواطن كمواطن وليس كجنس، بدء من الدور الانتاجي الاقتصادي، المشاركة السياسية في صنع القرار وصولا الى الدور السوسيولوجي وبناء الاجيال في عمليات تنشئة اجتماعية تتحدد ملامحها عبر السياسات الاجتماعية التي تقرها الحكومات تعاقبا... لتحضرنا اشكالية هذا الكم الذي يشكل 50% من المواطنة الفاعلة.
كيف يمكن التعاطي السياسي والاقتصادية والاجتماعي مع هذا الكم البشري؟
وكيف يمكن الاستفادة من توظيفه؟
تذهب الدول المتقدمة نحو ترسيم سياسات ذات استراتيجيات تهدف لقيادة عمليات النمو الاقتصادي نحو رفع معدلاته بهدف تحقيق الرفاهية ورفع المداخل فكان لزاما على الدول المهتمة بالاقتصاد وفعاليته، الاستفادة من مضاعفة الراسمال البشري واشراكه في الدائرة الإنتاجية، ثم التوجه نحو تعليمه وتخصصه واعتباره عنصرا مؤديا، يقوم بواجبات الانتاج ويؤدي واجبه الضريبي، مما سيضاعف حكما ايرادات خزينة الدولة، ونموها وتنميتها. فلماذا اذا سوف يتم تهميش العنصر النسائي منه؟؟ لتتكاتف السياسات وبرامجها نحو بناء مواطن فاعل، سواء امراة او رجل ولاداء دوره الانتاجي كاملا..
فعلى المستوى السياسي، المراة نصف المجتمع، اي انها تشكل 50% من الاصوات الانتخابية، التي يمكن توظيفها للتاثير على قرار السلطات وبرامج السياسات والعمل التشريعي، ومن المسلم به، والمفروض ان تكون هذه الاصوات حرة ومستقلة ليمكنها التأثير الفاعل على عمليات التغيير والتشريع، بالتالي ان اعتبارات الانفاق العام الخدماتي على هذا الكم النسوي تعليما وتعويضات لن يصنف في خانة الخسائر والهدر للمال العام لانه سيعود ايرادات بشكل او بآخر فتتجه دول التقدم نحو استراتيجيات توسيع رقعة الاصوات الانتخابية المتمكنة والمؤهلة لضمان حراكها السياسي وفعالية التغيير...
هذا الكم النسائي ال 50%، يمثل القوة الانجابية بيولوجيا، القوة الفكرية للشخصية السوية مجتمعيا عبر عمليات التنشئة، بالتالي فهو كم قادر على زيادة راس المال البشري المتمكن والقادر والمنتج، المتعلم والحر والمستقل، نساء مستقلات قادرات على بناء شخصية الاجيال المستقرة باقل جنوح، اقل جريمة، اقل جهل، اقل هدر، اكثر انتاحية واكثر علمية وموضوعية في التقييم، بالتالي اكثر فعالية في التأثير على رسم السياسات لتنمية مستدامة، فتتوجه قوانين الحضانة والانجاب في الدول المتقدمة لما يضمن تحقيق هذه النتائج، وتتحول الحضانة الى الامهات بالاغلب، ناهيك عن قوانين المساواة في الارث والزواج وحقوق الانفاق حال الطلاق التي لا تحتمل الكثير من الجدل وهدر الوقت في متابعة قضاياها مقارنةً باهمية استثماره انتاجا.. رغم ما يتوجب على ذلك من اعباء نفسية وارهاق نسوي ترتبه هذه الاستفادة، فليس الهدف بناء امراة بنفسية متوازنه بقدر ما يتطلب منها الدور الانتاجي، فتحول المراة الاوروبية الى آلة انتاج اقتصادي، سياسي، بيولوجي بمصادفة الثورة الصناعية ومستلزماتها ومترتباتها...
اما والعودة لمقولة:" المراة نصف المجتمع"،
كيف تكون المراة نصف المجتمع في الدول النامية؟؟ إقتصاديا، نجدها بالاغلب دول قبلية، خدماتبة، ريعية، استهلاكية وسياحية تتطلب الاهتمام بالروتين الحرفي من جهة او بالصورة العامة وحسن التسويق، فلا بد ان ينعكس ذلك على دور المراة في المجتمع، وعلى احتساب هذا الكم في التوظيفات والادوار...
ففي الاقتصاد غير المنتج سوف تؤدي أدوارا اعلانية، فتتوكل ادارة الجذب عبر عمليات استغلال الصورة، توظيف سياحي، استهلاكي، تسويقي لما يُنتَج دون الدخول في انتاجه، بالتالي قد يفرض عليها بأحسن الاحوال مجالات تعليم وتخصصات لخدمة هذا الميدان ،صور براقة لخدمة متعة النظر جذبا.
سياسيا، وبالعودة الى توارث السلطات في الدول النامية، وضرورة الولاء والطاعة، فهذه الدول تتطلب مواطنة ولائية، وعلى الاصوات الانتخابية ان تصب في خانة الاستمرارية والتوارث للمراكز المفروضة ضمن مسار مواطنة معطلة، بالتالي فان اصوات ال 50 % النسائية يجب ان تكون مضمونة والا تشكل خطرا ،لتصبح تبعيتها او السلطة الذكورية مهمة سياسية اكثر مما تكون مسالة مجتمعية محصورة بالوظائف والحقوق، وان تشكل 50% من المتعلمين بالتالي سوف تتاثر عمليات التنشئة باتجاه اجيال اكثر قدرة على اتخاذ القرار والمطالبة واكثر قدرة على تفعيل المواطنة والتغير الاجتماعي، فلا بد من ان يتم تكريس التبعية النسائية لضمان مضاعفة الاصوات الانتخابية وطواعية الاجيال للاستزلام وتكريس سلطة موروثة يصعب تغييرها مع سلطات تتطلب رجالا مطيعة بداية، فكيف يمكن احتمال احتساب 50 % اضافة؟ فستلعب المراة دور الرديف والمماثل للاصوات الذكورية ويصبح تعليمها، واعتبارات استقلاليتها وخصوصيتها مكمن خطر بنسبة 50% تضاف الى مخاطر المواطن الذكر الحر والمستقل ان انتشرت هذه القيم، وتصبح عمليات التعليم والتعويضات والمداخيل والخدمات النسائية عبء وهدر يحتسب على الخزينة والانفاق ما يهدد ارصدة الخزينة والسلطة السياسية في آن، فالاجدر ان تتراجع التشريعات والقوانين التي يفترض بها انصاف وجودها المستقل نحو تبعية اكثر فاكثر، فتتكرس قوانين الارث، الحضانة، الزواج، الطلاق، لصالح ذكورية تساهم في نشر وترسيخ قيم الولاء والطاعة سلوكا وظواهر حياتية معاشة يوميا لتكتسب السلطات ضماناتها، الامر المرهق بالتالي لحركات التحرر النسوي في هذه الدول لجهة التحول نحو مشروعية العداء للرجل واعتباره المسؤول الاول والاخير عن سوء اوضاعها المعيشية وتبعيتها، بعيدا عن اللاعب الاساسي في سوء المعاش، اضافة لاولوية المطالبة بالقوانين المستنزِفَة لكل الجهود على حساب القوانين الاجرائية الاعمق تاثيرا في التنظيم السياسي والاجتماعي العام، فهي قوانين على هامش الدور الانتاجي للمراة كقوانين الحضانة والارث والزواج والطلاق والانهماك في هذه المشكلات التي لا تنتهي والتي يصعب تحمل تبعاتها اسىً وذل وعدائية واضطرابات نفسية تقع على كاهل 50% من المواطنات واجيالهن اللاحقة اثارا نفسية وازمات مالية واجتماعية، لتتحقق وتتكرس السلطات الموروثة بضمانة شطب 50% من هذه القوة التغييرية الحقة ان تمت عمليات ضبط حراكها السياسي والمجتمعي.
فيكون التوجه الاستراتيجي السياسي العام (والذي تتشاركه سلطة دينية فاعلة وراثةً، وسلطة سياسية فاعلة قانونا) نحو طاعة ذكورية للسلطة وتبعية نسائية للذكر وللسلطة السياسية بكافة رموزها، وعلى المراة في الدول النامية ان تتنازل عن فعالية الكم ليسمح لها بالاستمرار صورةً براقة للجذب في افضل الاحوال...
هكذا يتحول المواطن في الدول النامية ذكرا او انثى الى مجرد فرد، رقم مؤد وتابع، منشغل بالسطحيات على حساب الإصلاحات البنيوية، مبرمج على الولاء وحسن الاداء فيكون الضحية لسلطة متوارثة توظف معظم جهودها نحو الثبات.
خديجة جعفر
3/5/2025
المتواجون الان
536 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع