كـتـاب ألموقع

• حين تطير الفيلّة !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

الكلام المباح (22)

حين تطير الفيلّة !

ـ " تعال شوف .. أخر وقت أبو جليل صار يطيّر فيالة " ! وهذا تعبير يصر صديقي الصدوق أبو سكينه على أستخدامه مع من يبالغون أو يكذبون في رواية الاحداث ، فأنتفض أبو جليل ورفع جذعه من مكانه وصاح مقاطعا " عمي ، والله مو أني هذا واحد جارنا يقول أنه تغدا مع عبد الكريم قاسم " . ضحكت منشرحا ، أولا لان أبو سكينة بدأ يستعيد عافيته وبدأت الاجواء تعود الى حيويتها وثانيا كون ما يدور اثار عندي الفضول . فهمت ان الجلسة ، قبل وصولنا ، كانت تتناول الحديث عن أيام ثورة 14 تموز ، التي تحل ذكراها قريبا ، وأعرف جيدا حنين أبو سكينة لتلك الايام المشرقة في تاريخ الشعب العراقي .

كان أبو سكينة يروي لهم كيف أنه يوم الثورة كان في السجن اثر مشاركته في تظاهرة ، وكيف ان الثورة حررته من السجن واعادته الى العمل . وجرى الحديث عن قادة الثورة وبساطتهم وعلاقتهم بالناس وشعبية زعيم الثورة الزعيم عبد الكريم قاسم ، الذي كان يتحرك وسط الناس بسيارته البسيطة بدون حمايات مشددة، وكانوا يجلبون له طعامه البسيط من بيت اخته بـ " السِّفرطاس" وفي كل مرة كان يدعو الموجودين لمشاركته الطعام . وبسبب محبة الناس له راحوا له ينسجون عنه القصص ، فظهر المئات ممن اكلوا من "سِّفرطاس الزعيم" صدقا أو مبالغة .

لم انتظر كثيرا لينتقل الحديث الى ايامنا الحالية وتجرى المقارنات بين البارحة واليوم ، بين مسؤول شعبي ، له وما عليه ، لكنه عاش نزيها ومات وهو أمين لرسالته في الحياة في خدمة شعبه ، لم تثنه وتعرقله المؤامرات والمحاولات الانقلابية الفاشلة عن ان يكون بين الناس وقد انجز الكثير من القوانين المهمة والمشاريع العمرانية والاستراتيجية ، وبين مسؤولين فاسدين تسلقوا الأوضاع السياسية فصاروا وبالا وعالة على شعوبهم . اخذت زوجتي طرف الحديث وراحت تحكي عن حفل باذخ جرى في بغداد مؤخرا ، والمبالغ الخيالية التي انفقت عليه ، حيث تحدثت الصحف عن ملايين الدولارات ، وارتفعت العديد من الاصوات المحتجة والمنددة وكيف انه كان يمكن اطعام جيش من الارامل والايتام والعاطلين عن العمل بهذه المبالغ .

اخذت دوري في الحديث وحكيت كيف ان وليمة اقامها مسؤول كبير رافقها تجاوز على الحفل التأبيني لفقيد شارع المتنبي المناضل والمثقف والكتبي " نعيم الشطري" حيث لم ينفذ البرنامج التأبيني بالشكل المخطط له بسبب الوجود الكثيف للقوات الامنية لحماية المسؤولين الذي ساهموا في الوليمة الباذخة . فقال أبو جليل : (سمعت عن كل هذا ، اقول لكم سمعت عن هذا ، ابني جليل يقول انه ظهرت صور لبعض المسؤولين مع الفنانات وبعض الاعلاميات المشاركات في هذه الحفلات والولائم ، وعندا سألوا احدهم ومعروف عنه انه يقدم نفسه كأنسان متدين ويخاف ربه " كل صورك جتف لجتف مع الفنانات والصحفيات السافرات وانت رجل ورع وتخاف ربك ؟ " فقال لهم " كلهن مثل أخواتي وبناتي " ! ) . ضحك أبو سكينه ، ومط رقبته وصاح : " والله حرام ، ظلمتك يا أبو جليل ، هاي انت عصفور ما تقدر تطيّر مقابل فنون وحيلة ومكر هولاء الفيلة ، تدري وحسب جواب هذا الفيل يمكن راح تطلع أم سكينة اختي وانا ما ادري !! "

عن طريق الشعب العدد 214 الأحد 08 تموز‏ 2012