كـتـاب ألموقع

• قصة في الاعماق -//- انتصار عابد بكري

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

المجموعة: انتصار عابد بكري

تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 03 كانون1/ديسمبر 2012 06:54

الزيارات: 2073

انتصار عابد بكري

مساهمات اخرى للكاتبة

قصة في الاعماق

وجهنا ممرض المستشفى الى قسم العناية المشددة – وهو ذاك القسم الاكثر عناية واهتمام من بين كل الأقسام . فلما خطونا بضع أمتار من الباب الرئيسي كان امامنا مفترق متشعب الجهات . وفي الحقيقة ان هذا القسم غير متبع زيارته .

على اشارة التوجهات كتب الى العمليات ، الى قسم الامراض الباطنية الى قسم العيون فلم نستهد الطريق .

استوقفنا السؤال أي اتجاه نسلك وسرعان ما رن هاتف محمد يخبره آخر أنه في طريقه ليرشدنا المكان .

حضر من آخر الممر صديق يوسف ، هذا هو الشاب الذي لا يفارق يوسف في مشاغله الشبابية الطائشة . والذي ينافسه سرعة في ركوب الدراجة الكهربائية .

مشى ومشينا معه ، نزلنا الى درج تعدى الثلاثين درجة – يعني انا كنا تحت الارض أمتارا عديدة .وفي آخره ظهرت علامات الحزن والكآبة على زوار هذا القسم .

كان علينا ان ندخل الغرفة البيضاء ولا يسمح حينئذ لأكثر من اثنين ان يعودا المريض إلا في حال خروج واحد ودخول غيره .

وجاء دوري ، فناولتني الممرضة هناك ثوبا وجوارب بيض فكنت كالسلحفاة أتقدم لأرى أكثر وضوحا تلك الأسلاك والمواسير المعلقة في جسد ذلك الشاب الضعيف في رأسه وأنفه ،صدره ويده ، فتصفعني البقع الحمراء والتي بقيت دليلا على حادثة- الماتور.

ربما كان يحاول ان يتذكر شيئا بمجيئه الى هنا ، تلك الرحلة الجميلة التي جمعته بأصدقائه ، بمزحهم ولهوهم ، ربما كان يتذكر النسيم الذي استنشقه والهواء العليل الذي لفحه .أو كيف كانت الخوذة التي على رأسه ثابتة وطارت معه الى ابعد من شجر السرو والصخور التي ارتطم بها . فهو لا يعرف عدد الاضلاع التي تكسرت في جسمه الغض.لم يدري أي جروح حملت له الألم الاكبر فتبقى تلك الفتحة التي ختمت جسده تكوي أمه والتي بدورها لم تتخلى عن كلامها معه تعاتبه قبل ان يستيقظ لما فعله بنفسه وقد نهته وما حل بقلبها حزنا عليه .

فنزلت عند أذنه اتلو بعض الايات وما زال هو ينتظر رحمة ربه .

• < السابق
• التالي >