كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (586)- رياضة الزورخانة/ 1

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (586)

(ارجو مساهمة الجميع في طرح آرائهم للمساهمة

 في ارشفة المصارعة العراقية)

***

رياضة الزورخانة/ 1

      تميَّز بلدنا العراق بتاريخ مثير وموقع جغرافي فريد. لم يتشابهان تماما مع تاريخ وجغرافية وثقافة جميع البلدان حواليه، سواء اقطار الوطن العربي الكبير، او بلدان الغرب الاسيوي..! وعليه امسى العراق مميزا حقا في كل جوانب حياته الجغرافية والتاريخية. فموقعه الجغرافي في اقصى المشرق العربي يجعله مميزا بعمقه العربي الاسلامي. خاصة وقد كانت بغداد مركز الخلافة العربية والاسلامية لخمسائة وستة وثلاثون سنة تقريبا..! امتدادا للدولة العربية الاسلامية التي بناها الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد هجرته اليها ودامت فيها احد عشر عاما ثم انتقلت الخلافة الى الخلفاء الراشدين لاكثر من ثلاثين عاما في الحجاز، ثم انتقلت الى الشام عن طريق الامويين ودامت اكثر من عام استقرت اخيرا في بغداد لتبقى فيها اكثر من خمسة قرون حتى سقوط العباسيين (656ه ـ1258م).

 

     وكذلك تميز موقع العراق مطلاً على الغرب الاسيوي. يجعله مميزا بتاثيرات الغرب الاسيوي على مدى تاريخ المنطقة وعلى الاخص بعد سقوط العباسيين (656هـ1258م). أي أنه يقع في موقع جغرافي يكاد يكون في منتصف الطريق بين الوطن العربي وغرب آسيا..! الامر الذي يجعل هذا المزج الجغرافي والتاريخي امر في غاية الاهمية لحياة ابناء هذا البلد التاريخي الغائر في القدم. وفي اكثر من كتاب من كتبي الصادرة كدراسات فنية في موضوع الموسيقى والمقامات العراقية، تحدثتُ عن هذه الميزة بشيء من الاسهاب والتفصيل وعلى الاخص انعكاسات البيئة والخصوصية الناتجة عن هذا الموقع الجغرافي وهذا التاريخ وهذه الثقافة المميزة عن باقي البلدان حواليه. وعليه نلاحظ الكثير من تفصيلات حياتنا فيها بعض الاختلافات مع اشقائنا العرب الاخرين بحيث يكون لنا نحن كعراقيين خصوصية واضحة عن اقطار الوطن العربي في كل ما يشمل الحياة الاجتماعية وتبعاتها رغم العمق العربي والاسلامي اللذين يتمتع بهما العراق، ونلاحظ ايضا هناك بعض التشابه في بعض جوانب الحياة مع اقطار الغرب الاسيوي. اذا ما علمنا ان حدودا جغرافية تفصلنا مع ايران تقدر باكثر من الف كيلومتر، وحدودا اخرى تقدر باكثر من خمسمئة كيلو متر مع تركيا..! والنصف الاخر من حدودنا ينصهر ضمن الوطن العربي الكبير. ففي الفن نرى ان امتلاكنا لآلتي الجوزة(هامش1) والسنطور(هامش2) مثلاً اللتين تنصهران ضمن الفرقة التقليدية المعروفة (الجالغي البغدادي)(هامش3) موجودة كذلك في معظم بلدان الغرب الاسيوي، فضلا عن وجود الكثير من استخداماتنا الفنية والحياتية المشابهة لحياة شعوب وبلدان الغرب الاسيوي رغم الاستقلالية الحياتية التي يختلف ويتمتع بها العراق عن كل الغرب الاسيوي، وكذلك الامر نلاحظ مميزات العراق عن اخوته ابناء الوطن العربي الكبير. ومن الممكن ان لاتكون كل الاستخدامات سواء في الفن الموسيقي او الفنون او في الرياضة هي ملك لنا لوحدنا..! فآلتيْ الجوزة والسنطور مثلاً نجدها تمارس وتستخدم في الفرق الموسيقية التقليدية لكثير من بلدان غرب اسيا، وكذلك الامر في رياضة الزورخانة مثلاً آخر، نراها تمارس في اكثر من بلد في الغرب الاسيوي، ولا اعتقد انها ملك لبلد معين دون الاخر، وانما هي ملك لشعوب بلدان غرب اسيا..! ودليل ذلك ادعاء كل البلدان التي تمارس فيها الموسيقى او رياضة الزورخانة بأن هذه الممارسات والاستخدامات من تراثياتها الفنية او الرياضية او جوانب اخرى..!

 

      مجمل القول، الحديث في هذا الموضوع يطول ويكثر، فالافضل ان نحصر موضوعنا في لعبة ورياضة الزورخانة، التي تتكون من كلمتين –زور- تعني القوة. و –خانة- تعني بيت، وفي جمعهما تتحقق كلمة واحدة –بيت القوة- عبارة عن ممارسات وحركات رياضية تقليدية مارسها آباؤنا واجدادنا وامست بالفعل رياضة تراثية ينبغي المحافظة عليها وممارستها دون انقطاع. فمن الناحية التاريخية والتراثية، يمكننا ان ندعي كما يدعي شعوب البلدان الاخرى في غرب اسيا، بانها من تراثيات الشعب العراقي نظرا لقدم ممارستها في بلدنا الحبيب.

 

      ما يهمنا الان في هذه الحلقة، زورخانة بلدنا العراق..! ولابد لي قبل ان اتوغل في الحديث عنها، ان اعود واعتمد على ما تذكره يومياتي التي اكتبها منذ زمن طويل يقترب من خمسين عاما..! ففي عام 1988، اتصل بي اخي وصديقي العزيز الحكم الدولي الدكتور حمدان الكبيسي رئيس الاتحاد العراقي المركزي للمصارعة زمنذاك، طالبا مني غناء المقامات العراقية مع اجراء عرض لرياضة الزورخانة خلال اقامة نزالات نهائي بطولة بغداد الدولية بالمصارعة. وواقع الحال لم اكن اعرف أيّـاً من لاعبي الزورخانة سوى قلة قليلة منهم، وهم من ابناء مطرب المقام العراقي المرحوم عبد الهادي البياتي، اخي الفنان موفق وبعض اخوته الذين اشتهر والدهم واعمامهم بهذه الممارسة الرياضية..! فما كان مني الا ان اتصلت بالمرحوم الحاج هاشم الرجب لاخبره بالموضوع عسى ان يساعدني فيه، فكان اهلا لهذه المكالمة، وجمع الفريق كله، ولا اعرف كيف عرفهم وجمعهم بفترة وجيزة..! ثم أدخلتُ واضفتُ للفريق بعض المصارعين الدوليين المشاهير في المصارعة الحرة والرومانية المعتزلين حديثا من زملائي القدامى، امثال البطل الدولي عبد الرحمن بريسم والبطل الدولي حمادي جاسم والبطل الدولي غالب دهش والمدرب رشيد طه. ومن الفنانين دعوت اخي الفنان موفق ابن عبد الهادي البياتي الذي مارس زمنا رياضة الزورخانة وهو سليل والده واعمامه في هذه الرياضة التراثية التقليدية وآخرين، وفي موعد اقامة نهائي بطولة بغداد الدولية، حضرنا جميعا على الموعد في قاعة صدام للالعاب الرياضية بملعب الشعب الدولي، حيث اقيمت النزالات النهائية لبطولة بغداد الدولية فيها. فكان عرضنا خلال النزالات جميلا جدا وسط غنائي لبعض المقامات العراقية مع الحركات الرياضية للاعبي الزورخانة. وقد نشر الكاتب الصحفي الرياضي الكبير خالد جاسم، موضوعا مفصلا عن عرضنا للزورخانة وغناء المقامات العراقية في احدى المجلات العربية التي تصدر في باريس او لندن (لا اتذكر بالضبط) في صورة كبيرة لي وللاعبي الزورخانة وللحاج هاشم الرجب بصفحتين كاملة من المجلة ما زلت محتفظا بها..!

 

والى التكملة في الحلقة الثانية غدا ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

يوسف عمر / مقام البيات

https://www.youtube.com/watch?v=wSe_6nL8ObM

 

هوامش

1 – هامش1: آلة الجوزة: الجوزة تسمية حديثة سائدة في العراق فقط، وترجع هذه التسمية الى المادة التي يصنع منها الصندوق الصوتي للالة وهو (جوز الهند). اما في الاقطار العربية فان هذه الآلة تعرف باسم(الرباب) ذات الوتر الواحد، في حين ان الجوزة في العراق ذات اربعة اوتاروامكانياتها تقارب امكانيات آلة الكمان. من كتاب (رشيد، صبحي انور، الآلات الموسيقية المصاحبة للمقام العراقي، اللجنة الوطنية العراقية للموسيقى، بغداد، 1989، ص9).

 

2 – هامش2: آلة السنطور: هذه الآلة يرجع اسمها الى اللغة الآرامية العائدة الى عائلة اللغاة السامية التي تنتمي اليها اللغة العربية، والسنطور آلة وترية بشكل شبه منحرف يعزف عليها بواسطة المضارب. (نفس المصدر السابق ص12)

 

3 – هامش3: الجالغي البغدادي: تعارف الناس على تسمية الفرقة الموسيقية الصغيرة التي ترافق غناء المقام العراقي بـ (جالغي بغداد او الجالغي البغدادي) وكلمة جالغي تركية الاصل ترجع الى التعبير المركب من (جالغي طقميسي)الذي يعني جماعة الملاهي، وتتالف هذه الفرقة الموسيقية من الآلات التالية. السنطور، الجوزة، الطبلة، الرق، واحيانا تضاف اليها آلة النقارة الايقاعية. (نفس المصدر السابق ص30).

 

 

في نادي الاعظمية الرياضي، مجموعة من فريق لاعبي رياضة الزورخانة، يظهر فيها المرشد ناجي وموفق البياتي ومطرب المقام العراقي حسين الاعظمي ذو البدلة المدنية وستار وغالب دهش وعبد الرحمن بريسم ومحمد شبر وخليل بنانة والحاج سلوم ومحمود مهدي البياتي الزنو وجعفر الخطيب واحمد في 14/2/1994.