اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (971)- ذكريات مبكرة/ 13

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (971)

ذكريات مبكرة/ 13

***

تاريخ النشر يوم السبت 29/10/2022.

انتمائي الى معهد الدراسات النغمية العراقي 

       على كل حال، كانت فترة مقتبل عمري وحداثة سني وبداية وعيي في الحياة، قد سادت فيها فكرة سيطرت على كل طموحاتي واهوائي وميولي الذاتية، فكرة الغناء والدخول في عالم الموسيقى وغناء المقامات العراقية، وفي حينها لم يكن معلوما لدى الجميع عن وجود أي معهد موسيقي غير معهد الفنون الجميلة، التابع الى مديرية النشاط المدرسي في وزارة التربية، الذي يمكن للمرء ان ينتمي اليه، آملا ان ينال ما يريده ويحققه من طموحات الوصول الى دار الاذاعة والتلفزيون، لتنشط آماله وليصبح بعدئذ مطربا على المستوى الاعلامي. وتطورت هذه الفكرة، وبتُ انتظر الفرصة التي تساعدني كي انتمي بصورة طبيعية الى معهد الفنون الجميلة، ومن ثم اكون معلماً موسيقياً في النشاط المدرسيبوزارة التربية والتعليم. وبذلك اكون قريباً من تحقيق طموحاتي الغنائية والموسيقية، اسوة ببعض الفنانين المشهورين زمنذاك المنتمين الى دائرة النشاط المدرسي، الذين كانوا يتنقلون بين المدارس الابتدائية لتحفيظ الطلبة بعض الاناشيد الوطنية..! ويمكنني ان اتذكر البعض من هؤلاء الفنانين، كالفنان محمود عبد الحميد والفنان فاروق هلال، والفنان محمد غريب ابو عماد وغيرهم. هذه الافكار وغيرها، كلها كانت محاولات فكرية وعملية، عقلية وعفوية، من اجل تحقيق بعض من الميول والاهواء والطموحات الذاتية عسى ان اصبح مثل هؤلاء الفنانين في النشاط المدرسي، لان بيئتي بصراحة كانت حاجزا، او شبه ذلك بيني وبين عالم فن الغناء والموسيقى الحديثة..! بدليل انني عندما تعرَّفتُ على المطرب المقامي حمزة السعداوي في المتحف البغدادي كما مر بنا. اعتبرته اول فنان اتعرّف عليه شخصياً..! حيث لا اتذكر انني سبق ان تعرّفت على غيره قبل هذا التاريخ..!

 

        بصورة موازية، كنت في هذه الفترة من السنوات الاولى لتجربتي الفنية، رياضيا حِرفيّاً رسمياً، امارس رياضة المصارعة الحرة والرومانية في نادي الاعظمية الرياضي واندية ألعاب الشرطة، كذلك كنت قد انتهيتُ توّاً من افتتاح تجربتي الفنية وذلك عندما غنيتُ في المتحف البغدادي لاول مرة يوم الجمعة  23/3/1973. وفي هذه الفترة ايضا، كنت عازما على التقديم الى معهد الفنون الجميلة آملا الاقتراب من تحقيق طموحاتي الفنية او بعضها على الاقل. ولكن القدر وربما الحظ ايضاً يريدان سيراً آخر..! وبصراحة فأنا لا اتذكر اليوم، من الذي نبهني بوجود معهد آخر غير معهد الفنون الجميلة، معهد متخصص بدراسة التراث الغنائي والموسيقي للمقامات العراقية اسس حديثاً هو (معهد الدراسات النغمية العراقي) تأسس في وزارة الاعلام حديثاً، وحينها لم اكن في حاجة للنصيحة أو التردد بالانتماء اليه، لانني شعرتُ بأن هذا المعهد هو المكان الذي احلم به..! معهد رسمي يمنح شهادة دبلوم فن عالي معادلة لشهادة البكلوريوس عند التعيين..! معهد اسس خصيصا لدراسة فنون غناء وموسيقى المقام العراقي والآلات الموسيقية لفرقة الجالغي البغدادي..! ماذا اريد اكثر من هذا..!؟ (هامش 1)

 

       لم يكن الامر صعبا عليَّ، فقد توجهتُ مباشرة الى ادارة معهد الدراسات النغمية العراقي، مقتنعاً بتنبيه ونصيحة احد الاصدقاء بوجود هذا المعهد، وأنا ما زلتُ غير مصدق بوجود معهد متخصص بشؤون غناء وموسيقى المقام العراقي، فهذا حلم ما بعده حلم..! تاركاً فكرة الانتماء الى معهد الفنون الجميلة خلف ظهري دون التفكير في العودة إليها أبداً..! وفي ذلك كان الحظ العظيم..! اقول ذلك وانا واثق من صحة توجهي الى المعهد الجديد -معهد الدراسات النغمية العراقي– الذي وجدتُ فيه معظم طموحاتي واهوائي وميولي ونجاحاتي ومستقبلي الفني.

 

      من ناحية اخرى، عندما علمتْ والدتي رحمها ورحم امواتنا جميعا. بأنني ذاهب الى المعهد الجديد، وقد علمتْ بأن الاستاذ شعوبي ابراهيم عازف الجوزة الشهير، هو احد اساتذة المعهد، حينها اوصتني قبل ان اذهب الى اختبار الراغبين في الانتماء الى المعهد كطلاب، حيث قالت لي.

-    عرِّف نفسك الى شعوبي ابراهيم، وقل له انك ابن فلان ابن فلان.

-    ولماذا يا امي..؟

-    ان لوالدك موقفاً طيباً ومشرفاً مع اهل شعوبي ابراهيم، وقد ترك اثراً جميلاً عندهم..!

-    ما هو هذا الموقف المشرف يا والدتي العزيزة..؟

-    لقد كان والدك متزوجاً من المرحومة وصفية عمة شعوبي، قبل ان يرتبط بي، وكان لها بيتاً سجلته بإسم والدك لظرف ما، وشاء القدر ان يتوفاها الله عز وجل، والبيت مسجل بإسم والدك وهو الأحق في امتلاكه من بعدها. ولكن اباك ذهب الى اهلها قبل ان يطالب احداً من اهلها بأحقية البيت، وقال لهم

-    روجوا معاملة نقل ملكية البيت المسجل بإسمي الى ورثة زوجتي المرحومة وصفية، فهو ملكها في الاصل، وليس لي فيه شيء، وانتم ورثتها والاحق في امتلاكه..!

 

      وجرت الامور هكذا، وتنازل والدك من البيت الى ورثة اهل زوجته، وهم اهل شعوبي ابراهيم، فكان هذا الموقف مؤثرا جداً بالنسبة الى اهل زوجته المرحومة وصفية، بل مؤثرا لكل من عرف وسمع بالموضوع..!

       مجمل القول، ان دخولي الى معهد الدراسات النغمية العراقي، لم يكن بواسطة استاذي المرحوم شعوبي ابراهيم، لأنني لم انقل له ما حكته لي والدتي المرحومة، الا بعد حين من الزمن، وكانت اللجنة التي اختبرتني في القبول الى المعهد قد اعطتني درجة الامتياز، واعتقد انها ما تزال الدرجة العليا الوحيدة حتى الان..! كذلك كان دخولي الى المعهد منعطفا كبيراً في حياتي، حيث غير مجراها تماماً..! ومن خلاله انتظمتْ طموحاتي الفنية، وبدأتُ اساهم شخصياً في تسييرها وهندستها بنفسي، ان كان ذلك بصورة عقلية واعية او بصورة طبيعية عفوية..! ومن خلال المعهد، فُـتحتْ لي جميع الابواب التي كانت موصدة في تصوراتي، تعلمتُ فيه، تُـلمذتُ على يد اساتذة كبار ومشاهير، اساتذة من بلدي العراق الحبيب واساتذة من اشقائنا العرب وأساتذة اجانب من تاجاكستان وهنكاريا وغيرهما..! تعرَّفتُ عن قرب على الفنانين والاساتذة، عشتُ في الوسط الفني والمقامي من خلال معهدنا الاثير، اكتشفني منير بشير في المعهد، وفَتحَ العالم امامي على مصراعيه كما وعدني بذلك..! شهادة علمية موسيقية، قمتُ بعدئذ بالتدريس في المعهد، وكذلك الادارة فيه ايضاً. وغير ذلك من امور حصلتْ لي بمجرد دخولي الى هذا المعهد الاثير، معهد الدراسات النغمية العراقي. وهناك الشيء الكثير مما يمكن ان اتحدث به عما أنجِزَ لي من خلاله المسيرة الفنية التي وصلت اليوم الى نصف قرن من الزمان والحمد لله على كل شيء.

 

هامش

1  - باسل الشاهري العبيدي: وصلتني رسالة الكترونية قبل اشهر من الان، من اخ وصديق عزيز وقدبم قدم الطفولة، يذكرني فيها على انه هو الذي نبهني ونصحني الى وجود معهد الدراسات النغمية العراقي ونصحني بالذهاب والانضمام اليه، وهذا الاخ والصديق هو باسل الشاهري العبيدي. واحساسي يميل الى صحة هذه الرواية .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.