كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (1261)- مانشيت/ 7 الجمال المسموع

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

المجموعة: حسين الاعظمي

تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 15 كانون1/ديسمبر 2024 21:32

كتب بواسطة: حسين الاعظمي

الزيارات: 941

حسين الاعظمي

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1261)

مانشيت/ 7 الجمال المسموع

حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل الثالث والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الثاني والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق تشرين الثاني 2013 م. (الموسيقى العربية الشعبية، الماضي والحاضر).

***

مانشيت / 7  الجمال المسموع

ما زال لدينا متّسعٌ من التساؤل ... أي نــــوع من الإبداع هو الغناء والموسيقى ...؟ واضح انه يختلف عن الفنون الأخرى. إن الموسيقى فن مميز عن كل الفنون الأخرى بمزايا عديدة، لعل أهمها عندما نستمع اليها فهي الجمال المسموع، وهي الوحيدة بين الفنون الأخرى التي تمتلك هذا الامتياز، فهي لا وجود حقيقي لها بالفعل، إلا بالاستماع اليها. فالسماع امر حقيقي وجمال حقيقي، كذلك انه يجعلها موجودة بيننا، وأخيرا فان إلهام (هامش1) الفنان المغني الشعبي والتراثي هو ذاكرته (هامش2) الفطرية العفوية، شخصيته الخفية، التي لا يتقن الحديث عنها حتى الفنان نفسه ...! خياله الحالم، والمغامرة المتتابعة لتلك الذاكرة الشعبية الأصيلة في مواجهة لغة الأداء المختارة من قبله، اختيارا عفويا بنسبة كبيرة، عليه لابد أن نضع المغني والفنان العربي أمام عمل فني غنائي موسيقي وهو يغني بصوته ليسمع الآخرين. وبعكس ذلك فانه لن يقول شيئا إذا لم يقدم فنه الغنائي بالصوت المسموع.

لنأخذ مسارا ثانيا في الحديث، إذ لم يكن المغني العربي المبدع في سابق عهده، واعيا وعالما مثقفا بتفاصيل عمله مثلما يعي الآن في الأعم الأغلب، من أن لغته الأدائية القديمة، قد فقدت كل تفرد وكل دلالة للأسلوب ...! حتى لو كان يدرك بإحساسه العفوي والعقلي، بان أي رؤية للحياة تعاني اليوم من سرعة المتغيرات والتحولات، ولكن لأثبات أو بطيء مسموح بعد هذه الحقبة الزمنية السـريعة المخيفة! فتماسكها العملي والفكري والخيالي، أمسـي تماسك ذو حركة دائمة ومستمرة الاتصال والتنوع، وليس وحدة صلبة جامدة أو ثابتة ...! بحجة أنها شعبية أو تراثية ثابتة الأصول في الشكل والمضمون، بل مجموعة من العلاقات الديناميكية (هامش3) الحيوية برؤية مستقبلية.

حقيقة الأمر، لقد أوصل المغنون والعازفون الشعبيون العرب الأوائل الغناء العربي الشعبي، إلى ذروة في الشكل والمضمون وعلى الأخص الفنانون المصريون، ولابد أن نعترف لهم بذلك. الذين تسيّدوا القرن التاسع عشر في الوطن العربي حتى اليوم وسلموه إلى الأجيال التي تـَلـَتْهُم في القرن العشـرين، الذين كان اغلبهم من ذوي النزوعات الرومانتيكية والأفكار الجديدة المتأملة الحالمة ليذهبوا به بدورهم ولأول مرة في تاريخ الغناء العربي، إلى فضاءات اخرى جديدة من الخيال والتأملات والفكر في انعكاس واقعي لمرحلة ثقافية علمية صناعية تكنولوجية جديدة عمت البشـرية بصورة عامة منذ مطلع القرن العشرين، وعلى الأخص بعد صدمة الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918).

حقيقة الأمر، لقد أوصل المغنون والعازفون الشعبيون العرب الأوائل الغناء العربي الشعبي، إلى ذروة في الشكل والمضمون وعلى الأخص الفنانون المصريون، ولابد أن نعترف لهم بذلك. الذين تسيّدوا القرن التاسع عشر في الوطن العربي حتى اليوم وسلموه إلى الأجيال التي تـَلـَتْهُم في القرن العشـرين، الذين كان اغلبهم من ذوي النزوعات الرومانتيكية والأفكار الجديدة المتأملة الحالمة ليذهبوا به بدورهم ولأول مرة في تاريخ الغناء العربي، إلى فضاءات أخرى جديدة من الخيال والتأملات والفكر في انعكاس واقعي لمرحلة ثقافية علمية صناعية تكنولوجية جديدة عمت البشـرية بصورة عامة منذ مطلع القرن العشرين، وعلى الأخص بعد صدمة الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918).

هكذا كان الفنان المصري والعربي عموما، قد وضع منهجا لطريقة عرضه للموسيقى والغناء العربي الشعبي لتتسلمها الأجيال اللاحقة من الفنانين المصـريين والعرب، ليمسـي الغناء العربي الشعبي منذ هذه الفترة، ذا حيوية غنائية بحركة تجديدية إبداعية مستمرة ومتنوعة بمنظور مستقبلي دائم.

إن الغناء العربي الشعبي في القرن العشـرين، أخذ يسير في اتجاهات جمالية جديدة، متنقلا من التيارات الجمالية الشعبية الصرفة التي تميل نحو الثبات وصرامة التمسك بالقديم، إلى التيارات الجمالية المتحركة التي لا يقر لها قرار.

هذا الغناء وفي هذه الفترة التي يراعي فيها الحقيقة الجمالية ويمتثل بها، يثبـِّت محاور معينة ويحكم بها يكشف مفهوما جديدا للزمن ويهذبه فكريا على سبيل التطور والإبداع، يبحث عن تلميحات تجديدية ذات أسس رصينة متماسكة ليبلورها ويعرضها على الجمهور. هكذا أصبح التفاعل بين الأداء الشعبي والواقع الثقافي والعلمي المعاش لتبدأ دراما جديدة من التفاعلات الفنية في الأداء الغنائي والموسيقي.

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

هوامش

 - الإلهام inspiration: ورود فكرة بالذهن بصورة مفاجئة، اكتشاف حل مفاجئ لمشكلة ما، وهو من مراحل التفكير المبدع.

2- الذاكرة والذكرىmemory : حفظ الفرد ما كان قد تعلمه في السابق، وهو بالتالي الخبرة المحفوظة والمتذكرة.

3- الديناميكية: الحركة خلال العمل المستمرة والمتصلة والمتنوعة لإنجاز عمل موحد مترابط ومتماسك البناء.

صورة واحدة/ مسرح الرشيد اواخر الثمانينات من القرن العشرين. حسين الاعظمي يغني ترافقه الفرقة الموسيقية المكونة من اليمين محمد قمر ووسام ايوب ونصير شمة وستار جدوع ومحي مجيد.

• < السابق
• التالي >