اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (2)- المتحف البغدادي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوميات حسين الاعظمي (2)

 

المتحف البغدادي

        أما حكايتي مع المتحف البغدادي، فقد بدأت مطلع السبعينات من القرن الماضي. حيث نبــَّهني أحد أبناء محلــَّتي وقريباً لي ولو من بعيد، السيد فاروق قاسم (أصبح مطرباً مقامياً ايضا فيما بعد بإسم- فاروق الاعظمي-) بأن هناك مقهىً جماهيرياً تؤدى فيها حفلات المقام العراقي في عصر يوم الجمعة من كل اسبوع، داخل بناية المتحف البغدادي، ومتعهد هذه الحفلات، أو الشخص المستأجر لهذه المقهى، هو مطرب المقام العراقي حمزة السعداوي. فشجعني للذهاب الى هذه المقهى لتجربة حظـِّـنا فيها، بالرغم من أن السيد فاروق كان قد ذهب من قبل الى هذه المقهى في عادي الايام وفي أيام الجمع الاسبوعية بجانب كثير من هواة المقام العراقي، ولكن دون أن يُسمح له ولا لغيره من الشباب بالصعود الى المسرح لحد هذا الوقت الذي كان يشجعني فيه..!

       على كل حال، ذهبتُ معه الى مقهى المتحف البغدادي عصر يوم 20/3/1973 الثلاثاء. وتعرَّفنا على بعض الحاضرين والهواة وغيرهم من رواد هذه المقهى، الذين إستمعت الى بعضهم يغنون ويتداولون فيما بينهم تفاصيل الخطأ والصحيح فيما يؤدون من هذه الاداءات المقامية، دون أن نحظى بحضور السيد حمزة السعداوي..! وفي يوم الخميس 22/3/1973 أي بعد يومين. ذهبتُ مع السيد فاروق مرَّة أخرى الى المقهى، وفي هذه المرَّة إلتقينا بالسيد حمزة السعداوي المسؤول المباشر على هذه المقهى البغدادية. والذي ألتقي به وأتعرف عليه شخصياً لأول مرَّة. علماً أنني لم أكن قد تعرَّفت على أي فنان قبل هذا التاريخ فيما أعتقد..! وربما أستطيع القول أن حمزة السعداوي يكون أول فنان تعرَّفت عليه شخصياً، أو هو من أوائل الفنانين الذين تعرَّفت عليهم في بداية حياتي الفنية، وهكذا قدَّمني إليه بعض الحاضرين..

-    الاخ حسين جاء منذ يومين، ويبدو انه يرغب بقراءة المقام العراقي.

 فالتفتَ اليَّ السيد حمزة وقـال موجهـاً كلامه لي..

-    ماذا لديك لتسمعنا من مقامات ..؟   

-    أي مقام تريد ..!

     فوجئ السيد السعداوي بجوابي وأردف قائلاً ..

-    هل تعرف غناء مقامات كثيرة ..؟

-    اعتقد ذلك ..

-    وأين تعلمتها ..؟

-    من اسرتي وبيئتي وجهاز التسجيل الصوتي ..!

-    إذن أسمعنا مقام المخالف ..

         وعندما أسمعته مقام المخالف كاملاً دون أي نقص أصولي تقليدي، ودون أية إضافة أو تعليق منه أو من الحاضرين..! أبدى إستغرابه وإعجابه، فضلاً عن بقية الحاضرين الذين يستمعون اليَّ لأول مرَّة. وقال لي بالحرف الواحد..

-    من أين أنت ..؟

-    من الاعظمية ..

-    هكذا إذن..! فالاعظمية مدينة مقامية تراثية فيها خزين هائل من هواة المقام العراقي. وما عليك يا أخ حسين، إلا أن تأتي عصر الغد لأقدمكَ الى جمهور المتحف البغدادي، ولتكن مفاجأة حفلات مقهانا البغدادية هذه..

         في عصر اليوم الثاني 23/3/1973 الجمعة، كنت متوسطاً فناني مسرح مقهى المتحف البغدادي لأول مرَّة في حياتي..! وطبيعي لم تجرى أي بروفة على مقام المخالف مع اعضاء الفرقة الموسيقية..! ولم يسبق لي ان غنيت مع أي فرقة موسيقية..! فكان وجودي بين فناني المتحف البغدادي عصر هذا اليوم 23/3/1973 امرا مباشرا ومفاجئا لي وللجمهور الحاضر..! حالة لم يمر بها أي فنان من قبل..! كل شيء دون تهيئة واستعداد ولا أي تجربة، كل الامور المحيطة كانت خام في خام..! لم ادرك نفسي الا وانا بين اعضاء الفرقة الموسيقية امام الجمهور الحاضر..!

         مجمل القول، وصلت الى بناية المتحف البغدادي، وما أن رآني المرحوم حمزة السعداوي، حتى ناداني بجهاز المكبر للصوت بالصعود الى المسرح. وما هي الا لحظات قليلة مرت حتى وجدت نفسي جالسا في وسط المسرح. عن يساري مجموعة من هواة مطربي المقام العراقي، كما يظهر ذلك في الصورة رقم 1، أعلاه. وهم خالد القيسي (لم اعرف اخباره بعد هذه الفترة) وصلاح السراج (هو الاخر قد ابتعد عن الوسط المقامي كثيرا، ولم يظهر الا في بداية فترة ما بعد الاحتلال البغيض عندما كنت مديرا لبيت المقام العراقي منذ عام 2001، حيث جاءني وقد بان عليه تعب الحياة، فعملت على تعيينه في بيت المقام العراقي) وعبد الله المشهداني (ترك الغناء على المستوى الاعلامي وغمرته الوظيفة وخلالها حصل على شهادة الدكتوراه في التربية الرياضية، ولكنه يكتب عن المقام العراقي ويتابع شؤونه وقد الف كتابا اسماه– موسوعة المقام العراقي-) ومحمد العاشق (المطرب القديم الذي يقال انه ادرك تسجيل بعض الاسطوانات في الثلاثينات من القرن الماضي، وفي اواخر السبعينات اوعز المرحوم احمد حسن البكر رئيس الجمهورية للاذاعة والتلفزيون بتسجيل بعض مقاماته العراقية بصوته رغم انه كان قد ناهز الثمانين عاما) ونجم عبود (هو الاخر ابتعد نسبيا عن الغناء المقامي، على الاقل على المستوى الاعلامي، ولكنه افتتح محلا لصناعة الالات الموسيقية وعلى الاخص آلة العود) وقد توفي قبل سنوات مضت. وحمزة السعداوي.. وعن يميني جلس أعضاء الفرقة الموسيقية وفي مقدمتهم عازف القانون عبد الاحد جرجيس وهو والد أشهر عازف إيقاع في العراق (سامي عبد الاحد) ثم عازف العود محمد سعيد وعازف الكمان يونس، ولكنه ليس يونس الدايني، وعازف الايقاع بديع . وأتذكر أن عريف الحفل كان قد قدَّمني الى الجمهور بهذه الكلمات..

(والآن مع المطرب الشاب الجديد

حسين اسماعيل الاعظمي، في مقام المخالف)

 

       في الحقيقة اثارني هذا التقديم من قبل عريف الحفل، فقد انتبهت لاول مرة، الى اللقب الذي نعتني به– الاعظمي – فلم اسمع اي شخص ناداني به من قبل، فهذه هي المرة الاولى التي يقرن اسمي بهذه الكنية..

       وهكذا بدأتُ من هذه المقهى، وبقيتُ أذهب إليها غالبية الاسابيع وأغني فيها المقامات العراقية حتى بعد عام 1973..

 

         ولعل الصورة رقم 2 ، تعكس هذه الحالة ، فهي في 26 نيسان 1974 حيث أظهر فيها جالساً مع المطربين المقاميين في أول الصف من اليمين أغني مقام الخنبات وسط دهشة الفنانين الجالسين معي كما هو واضح في الصورة، في يميني علي ارزوقي (بقي يغني حتى اليوم) وحسن البناء (عرف مغنيا للمقام العراقي، وهو من جيل الخمسينات او الستينات، وانقطعت اخباره بعد الثمانينات ولم نعرف عنه شيئا منذ ذلك الوقت، ويقال انه توفي) وعبد الرحيم الاعظمي (بقي يغني رغم مرضه المستديم حتى وفاته مطلع التسعينات) وحمزة السعداوي وعازف الجوزة محمد صالح عمر وباقي الموسيقيين..

         الصورتان رقم 7 و8 ، حيث أغني مقام الحكيمي في يوم الجمعة الموافق 30/3/1973 اي في الاسبوع التالي لي بالمتحف البغدادي الجمعة 30/3/1973 مباشرة بعد الاسبوع الماضي الذي كنت فيه اغني لاول مرة على المسرح كما هو واضح من تاريخ الصورة رقم 1 وهذه الصورتين المرقمتين 7 و8 ، باعتبارهما نفس الصورة، حيث يظهر فيها من اليمين، المغنون ابو عبد البغدادي ومحمد العاشق ونجم عبود وحمزة السعداوي وأنا أغني مقام الحكيمي، واعضاء الفرقة الموسيقية، عبد الاحد جرجيس ويونس ومحمد سعيد وبديع..

نكمل حديثنا في حلقة قادمة ان شاء الله

 

وللذكريات شجون

  

صورة 1 / حسين الاعظمي في اول صعوده على المسرح

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.