اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (312)- شيء عن المقام العراقي/ جزء1

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (312)

 

شيء عن المقــام العـــراقي / جزء 1

المقام العراقي فن غناسيقي قديم جداً، عاصر كل الازمان والتواريخ والاحداث التي عاشها العراق، منذ ان عاش الانسان على هذه الارض الطيبة لأول مرة  دون انقطاع تاريخي عنها. مورس منذ تلك الازمان وتطور وتبلور حتى وصلنا عبر آلاف الاجيال المتعاقبة اباً عن جد وهو على اتم وضوحه وكلاسيكيته وابعاده الفنية. حيث اصبح فورماً(هامش1) له مكوناته الخاصة وقواعده واصوله الثابتة.

فمقامات عراقية مثل المنصوري (سلَّمه صبا) البيات، الحجاز ديوان، السيكاه، الرست، النوى، الابراهيمي (سلَّمه بيات)، الخلوتي (سلَّمه جهاركاه)، المحمودي (سلَّمه بيات)، الناري (سلَّمه بيات ويستقر على السيكاه في نهاية كل مقطع غنائي). وغيرها من المقامات العراقية الرصينة ذات الشكل والمضمون التاريخي والتقليدي المعبِّر. وهي تمثل في الواقع النماذج المتقدمة من الفن المقامي العراقي. فغناء وموسيقى المقام العراقي، اجتاز طريقاً طويلاً من النمو والارتقاء حتى بلغ هذه المكانة الفكرية والجمالية والفنية العالية منطلقاً من الاساس الفطري والعفوي لانعكاسات البيئة.

 

         ان مفهوم غناء وموسيقى المقام العراقي كنوع فني غناسيقي تراثي خصوصي لمجتمع اهل العراق، يحتاج إلى تحديد لهذه المفاهيم والاستفهامات، فما هو المقام العراقي مثلاً، وتحديداً ما هو المقام العراقي..؟

 

 ان هذا التساؤل يعد من اعقد الموضوعات واصعبها..! فحتى يوم الناس هذا، لا يوجد رأي ثابت او رأي واحد يحدد هذا الموضوع. ولسنا هنا بصدد تناول التسلسل الزمني لنشأة التراث الغناسيقي المقامي بالتفصيل، بل سنحاول فقط ان نعطي تحديداً عاماً مبسطاً له. واقربها هو التحديد السوسيولوجي(هامش2)-الاجتماعي-هامش2 حيث نتعرض لعلاقة هذا الفن بالمجتمع والمتلقي مباشرة..! وعليه نستطيع القول ان المقام العراقي - مؤلف غناسيقي تراثي خاص، يسرد في صورة شاملة متعددة الجوانب حياة مجتمع اهل العراق. والمقام العراقي يساهم في توضيح تطور حياة البلد في تفاعلها المتبادل بدائرة الحياة المعقدة والممتدة الى ما شاء الله، وفي هذا يختلف التراث الغناسيقي كالمقام العراقي عن الاغنية الحديثة التي تعد نتاجا فرديا وليس جماعيا، فكاتب الاغنية الحديثة وملحنها ومؤديها كلـهم فنانون افراد معروفون في المجتمع. وهذا النتاج الفردي عادة يصور لقطة من حياة الشخـــصية الفردية او حادث مرَّ بها في حيز زمني محدد..! في حين ان التراث عموما والغناسيقي خصوصا باعتباره نتاج جماعي. فـــن يستطيع ان يشمل الروح الانسانية بهذه الصورة اللانهائية من وجود الانسان، وربما لا وجود لأي فن آخر يمتلك هذا الشمول كالفن الغناسيقي..! اوالفن الغناسيقي التراثي على وجه الخصوص. فالمقام العراقي باعتباره فناً غناسيقيا تراثيا، يسمح -على خلاف الانواع الغناسيقية الاخرى– بالتصوير المتسع للعالم الداخلي للشخصية، وايضا لحياتها الخارجية وبيئتها ومعيشتها. ولأن الغناسيقى التراثية تستطيع ان تمزج بين مختلف وجهات النظر ووسائل التصوير المتنوعة من جهة، وبين تصوير الجوانب السامية والعادية للحياة من جهة اخرى، فقد اصبحت أكثر اشكال الفن الغناسيقي، تصويرا للمراحل التاريخية الانسانية والتطورات الاخلاقية والفكرية.

 

ان صور وظروف غناء وموسيقى المقام العراقي انسب للتقديم الشاعرى للانسان الذى يُنظر إليه في علاقته بالظروف الاجتماعية. وهنا كما يبدو،السر فى نجاح الغناسيقى التراثية غير العادى وفي سيطرتها المطلقة..!

       فالمقام العراقي هو من أكثر انواع الغناسيقي التي تبرز حياة الفرد في تفاعله مع المجتمع وتفاعله مع الظروف الحياتية المحددة للعصر، وتصوير معالم الحقبة الزمنية المعاشة.

 

تختلف انواع الغناسيقى تبعا لاختلاف الموضوعات والاشكال والمضامين التي تعكسها، فهناك غناسيقى مدنية، ريفية، بدوية، سهلية، جبلية، صحراوية، موسيقى حديثة وغيرها. ولأن المقام العراقي باعتباره غناسيقى تراثية، يهتم في الواقع بتفاعله مع مستمعيه الذين يمثلون كل فئات الشعب الذوقية والطبقية..! فقد ربط الكثيرون بينه وبين حقبة التحول من بدايات القرن العشرين على اساس ان هذه الحقبة ارتبطت بظهور انماط غناسيقية اخرى على الساحة الغنائية فرضت نفسها لأول مرة على الجمهور والاهتمام بها بغض النظر عن مكانتها الفنية..! وعلى الاخص في العاصمة بغداد،وبدأت لأول مرة ايضا تظهر على الساحةبوادر انطولوجيةغناسيقى العراق من شماله الى جنوبه حيث تمثل غناسيقى كل البيئات الجغرافية اضافة الى الاديان والقوميات والاقليات المتعايشة معا في هذا البلد الحضاري. بعد ان كان غناء المقام العراقي وحيدا في الساحة حتى ذلك الحين..! ورافق ذلك نمو الوعي الاجتماعي الذي صاحب التغيرات والتحولات الجديدة زمنذاك، وقد اشار الكثير من النقاد إلى ان غناء المقام العراقي في حقبة التحول اختلف اختلافا واضحا عما سبقه من تاريخ، فقد اصبح المقام العراقي بحلة جديدة ولا يمكن النظر اليه في هذه الحقبة على انه تكملة عادية لسابق المقام العراقي من تاريخ، فقد كانت التكنولوجيا وتطورها المستمر الذي يزداد سرعة وابتكار جهاز التسجيل الصوتي، منعطفا عظيما في تاريخ الفن الغناسيقي بصورة عامة. ومن خلاله ثبتت الاصول المقامية واصبح للمقام العراقي شكلا ومضمونا واضح الابعاد أكثر من أي حقبة سابقة حتى وصل إلى ذروة كماله في هذه النواحي والعالم يودع القرن التاسع عشر ويستقبل القرن العشرين.

 

والى حلقة الجزء الثاني ان شاء الله.

 

هوامش

1 – هامش1: الفورم- هو علم الاشكال، وفي موضوعنا هنا نقصد به علم الاشكال الموسيقية.

 2– هامش2: السوسيولوجيا- sociology- دراسة وصفية تفسيرية مقارنة للمجتمعات الانسانية كما تبدو في الزمان والمكان للتوصل الى قوانين التطور التي تخضع لها هذه المجتمعات الانسانية في تقدمها وتغيرها. (انظر كتاب المقام العراقي الى اين ؟ تاليف حسين اسماعيل الاعظمي ص85)

 

اضغط على الرابط

وسام العزاوي تقاسيم نهاوند من ألبوم (مقامات في العشق الالهي) لمطرب المقام العراقي حسين الاعظمي

https://www.youtube.com/watch?v=YRDA54hOJFM

 

د. محمد كمر تقاسيم جوزة من احتفالية ذكرى الموسيقار الراحل منير بشير

https://www.youtube.com/watch?v=9GAdmtIhCLg

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.