كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (484)- صورة من صور الاحتلال

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (484)

 

صورة من صور الاحتلال

    استلمتُ ادارة معهد الدراسات الموسيقية ببغداد في ظروف قاهرة وعصيبة. بعد ان تم نقلي من إدارة بيوت المقام العراقي الذي كنت اديره قبل الاحتلال البغيض لبلدنا العزيز. بإلحاح شديد من قبل أخي وصديقي القديم بيرج كيراكوسيان رحمه الله، الذي اصبح مديرا عاما لدائرة الفنون الموسيقية حديثا. والفترة الزمنية التي اتحدث عنها الآن كانت ما بعد عام 2000 حتى عام 2005. فعندما حلّ الاحتلال البغيض لبلدلنا العراق. كنت مديرا لبيوت المقام العراقي منذ سنوات قليلة. وعندما استوزر واستلم السيد مفيد الجزائري وزارة الثقافة في اول حكومة بعد الاحتلال، وكذلك استلام اخي وصديقي القديم بيرج كيراكوسيان ادارة دائرة الفنون الموسيقية عام 2003 رأيا ان موقعي في بيوت المقام العراقي يمكن ان يشغله فنان آخر غيري. في حين ان ادارة المعهد تحتاجني بإلحاح شديد في ظل هذه الظروف السيئة جدا للمساهمة في نهضته من جديد بعد ان كان قد تعرض للنهب والسلب والتدمير عشية الاحتلال، من قبل فئة ضالة من المتخلفين الذين حطموا البلد ودمروه شر تدمير. بحيث استلمتُ ادارة المعهد وهو خال من كل اثاثه وابوابه وشبابيكه ومقاعد طلبته وغير ذلك من محتوياته الاخرى ..!! سوى اشياء بسيطة جدا لاتستحق الذكر، منها مثلا، عدد قليل من الطاولات والكراسي شبه التالفة ..!فضلا عن عدم حضور وغياب معظم الطلاب الى المعهد خشية من مجموعة من الجنود الامريكان الذي اتخذوا من باب المعهد تواجدا دائما في غرفة استهلاماتها..!

 

         على كل حال، شمَّرتُ عن ساعديَّ وجمعتُ اخوتي وزملائي الموظفين والمدرسين وبعض الطلبة المتواجدين، وشحّذتُ الهمم رغم كل الظروف غير المعقولة في سلبيتها، للنهضة من جديد، وبدأنا العمل بهمَّة عالية، تدعمنا قدر المستطاع بصورة مباشرة دائرة الفنون الموسيقية ووزارة الثقافة. وقد كان لحداثة فوزي بجائزة الماستر بيس a Masterpiece العالمية من منظمة اليونسكو. بالغ التأثير على مسيرة عملي خلال ادارتي للمعهد التي استمرت اكثر من سنتين بقليل. في العمل على نهضة المعهد واعادته الى الحياة العملية من جديد نسبيا. حيث قمتُ بتذكير وزير الثقافة السيد مفيد الجزائري، والمدير العام لدائرة الفنون الموسيقية السيد بيرج كيراكوسيان، بأن مضمون البحث الفائز بجائزة الماستر بيس الذي فزتُ به بالجائزة العالمية، وبه اعلنتْ الامم المتحدة فوز العراق بهذه الجائزة في باريس يوم 7 تشرين الثاني November عام 2003. يتضمن تثبيت للكثير من المواقع الاثارية والبنايات التراثية التي تأثرت بظروف الحروب التي مر بها العراق ومنها معهدنا والمعاهد الموسيقية الاخرى، فضلا عن الحصار الظالم الذي استمر ثلاثة عشر عاما تقريبا. ابان غزو العراق للكويت عام 1990. وانطلاقا من كون البحث فائزا بالجائزة الاولى. فانه يترتب على المنظمات الانسانية اينما وجدتْ، إنقاذ هذه الآثار والبنايات التراثية من التدمير والخراب، باعتبارها ممتلكات انسانية. ولعل منظمة اليونسكو اقرب كل المنظمات الانسانية لهذه المسؤولية. وهكذا سلمتُ شهادة فوزي بالجائزة التي تم تصويرها ثم بادرتْ وزارة الثقافة العراقية بالاتصال بمنظمة اليونسكو وفاتحتها بتفصيلات الامر، حتى رصدتْ المنظمة مبلغ من المال قدره  250000 $ مئتان وخمسون الف دولار امريكي، تم بها اعادة ترميم وصيانة المعهد من جديد..!

 

        لعل الصورتان ادناه تبين صورة من صور ما خلـَّفه لنا الاحتلال البغيض من تأخر وتدمير وخراب. اذ يظهر فيها الفنان الكبير الاستاذ فؤاد السادن رحمه الله، مدرس آلة الكمان في المعهد وهو يلقي محاضرته العملية لأحد الطلبة، وقد وضع ورقة النوتة فوق عدد كثير من الكراسي لتكون في مستوى نظر الطالب، لأن المعهد لم يكن يمتلك حتى (ستاند Stand) واحد للنوتة ليضع ورقة النوتة عليه، حتى هذه الستاندات سُرقتْ في وقت الفرهود بعد الاحتلال..!! ولشعور الاساتذة والطلبة بالمعاناة لمثل هذه الظواهر والصور المحزنة. قمتُ بتصوير الكثير من الظواهر المشابهة، ومنها هذه الظاهرة التي توضحها هاتان الصورتان وهي حالة من الحالات المشابهة التي تعيشها كل دوائر العراق ربما حتى اليوم..! ولعل السؤال الذي يطرح، هو لماذا تركتُ المعهد وقدمتُ استقالتي بعد اكثر من سنتين لادارتي له..؟ رغم رفض السيد الوزير نوري فرحان الراوي الذي استلم الوزارة بعد السيد مفيد الجزائري اعتزازا بي وحاجة المعهد الى وجودي على رأس ادارته. والسبب هو استلامي اكثر من تهديد شخصي ينذرني فيه كاتبوه بضرورة استقالتي وتركي للمعهد، وإلا تكون النتائج وخيمة..!!؟ كذلك كانت رؤيتي المستقبلية القادمة للتغيرات الادارية في الوزارة والدائرة، هي الاخرى ستكون غير ملائمة للعمل بالنسبة لي. يقابل ذلك وفي نفس هذه الفترة الزمنية استعداد المعهد الوطني للموسيقى في المملكة الاردنية الهاشمية، عمـَّان التابع الى مؤسسة الملك حسين ضمي الى هيئته التدريسية. وهو المكان الذي وجدتُ فيه الامان والراحة التامة منذ تشرين الاول عام 2005، وما زلت حتى الان اعمل في هذا المعهد الاثير، والحمد لله على كل شيء.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

حسين الاعظمي مقام الحجاز ديوان / وقصيدة (حدثيني بغداد) للشاعر الكبير د.عباس الجنابي بمناسبة أول احتفالية لألفية بغداد يوم 21/4/1987.

https://www.youtube.com/watch?v=47D_06MOlYw