اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

كمال يلدو: عن فلم "بيشمركَة مرة اخرى" مع النصير وردا بيلاتي (ملازم أبو ميسون)

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

كمال يلدو:

عن فلم "بيشمركَة مرة اخرى" مع النصير وردا بيلاتي

 ملازم أبو ميسون)

 

كانت تجربة انخراط الكثير منهم في العمل الانصاري جديدة. آتوها ومعظمهم شبابا بأعمار غضّة بدأت للتو تتنسم عبير الحرية والانطلاقة في الحياة، فقصدوها من المدن والقصبات ومن دول الجوار وحتى ممن كان في بعثة دراسية للخارج، قصدوا "الجبل" وتركوا خلفهم الحياة المدنية، متحملين كل انواع الصعاب، واكثرها قسوة على الانسان، ليقفوا بوجه الدكتاتورية ويتحدوها. كان (ومازال لليوم) يحدوهم الامل ببناء وطن يرفل اهله بالامن والامان ويعيش شعبه حرا سعيدا، ومهما يكن من أمر وما آلت اليه الايام، الا ان شيئا  لم يتغير عند هؤلاء (الانصار) الا وهو حبهم بعضهم للبعض، وعشقهم للوطن، وليس غريبا ابدا ان يترجموا هذه المحبة كل عام او عامين عبر اللقاءات الجماعية واستذكار ملاحمهم ورفاقهم وشهدائهم، حتى بعد مرور اكثر من ربع قرن على انقضاء تلك التجربة الرائعة.

***

كانت الصدفة وحدها هي التي ادت الى انتاج الفضائية العربية لفلم (بيشمركة مرة اخرى) الذي عرض في فترة نهاية تشرين الثاني ٢٠١٤. يقول النصير وردا بيلاتي (ملازم ابو ميسون) حيث بدأت القصة: كان هناك مهرجاناً سينمائيا  اقيم في المانيا، وقد حضره القاص (النصير) زهير الجزائري، وقد تعرف في حينها على المخرجة (داليا الكوري ـ الاردنية الاصل والحاملة للجنسية الكندية)، ويبدو ان حديثا وحوارا قد جرى بينهما عرفت منه المخرجة بأنه كان منخرطاً في حركة الانصار التي بدأت في اوائل ١٩٧٩ ـ ١٩٨٨ لمناهضة حكم صدام حسين الدكتاتوري، وقد أسرتها تلك القصة، فذكرت حينها للقاص زهير الجزائري: بأن الفضائية العربية تنوي تكليف العديد من المخرجين بتقديم موادا عن ابواب وجوانب منوعة، وأنا (اي المخرجة) سأدخل هذه المسابقة بمغامرة لا اعرف نتيجتها، لكني آمل ان افوز بها في النهاية.

ومن هنا بدأ العمل، يكمل النصير وردا بيلاتي ـ ملازم أبو ميسون ـ إذ اتصل "زهير الجزائري" بالنصيرة (د. جومانة القروي ـ شهلة) والاستاذة في جامعة أربيل، للمشاركة بتصوير فلم عن الحركة الانصارية في كردستان، مستفيدين على الأقل من توفر الجانب الامني في المنطقة، فوافقت واقترحت ايضا أن يشارك (ملازم أبو ميسون) والنصير (شيرزاد من دهوك)، وبعد تحديد التوقيتات للبدء بالتسجيل، يبدو إن القاص زهير الجزائري قد تعرض لوعكة صحية، فكان لابد من ايجاد بديل سريع لمعالجة هذا الوضع الطارئ، فوقع الاختيار على النصير ( داود أمين ـ ابو نهران) الصحفي والكاتب، والذي كان متواجدا في اربيل اصلا، وهذا سهّل الأمر كثيرا.

ثم يكمل النصير وردا بيلاتي: إن اندفاعنا لهذا العمل (نحن فريق الانصار) كان نابعا من حرصنا على مثل هذه الفرصة الرائعة في اخراج فلم عن الحركة الانصارية، علماً اننا لم نتعاقد على اية اموال مع المخرجة (سوى انها تبرعت بشراء ملابس الزي المعروف للبيشمركة)، ناهيك بأننا لا نملك اية خبرة سينمائية سابقة (ربما في المسرح قليلا) هذا بالاضافة الى عدم وجود (نص) مكتوب، بل جرت معظم الحوارات بشكل عفوي وتلقائي، وقد استغرق التصوير خمسة أيام بمجموع (٨٠ ساعة تصوير) وقد جرى تصوير مشاهد الفلم في منطقة بهدينان ـ ناحية زاويتة، وفي منطقة دوسكي وبرواري بالا وألقوش، ومدينة دهوك، وهناك مشهدا في احدى مقاهي قلب مدينة دهوك ايضاً.

ويمضي النصير وردا بيلاتي في الحديث قائلا: يبدو ان المخرجة كانت تنوي الدخول به في مسابقة اختيار مجموعة من الافلام من اصل (٨٠٠) عمل مشارك في مسابقة العربية.  لقد انعقدت صداقة بيننا وبينها اثناء العمل، وعرفنا بأنها قامت بهذه (المغامرة) حتى دون ان تعرف ابعادها، الا انها شبهتها مثل ضربة حظ، وهكذا كانت لاحقاً، وقد قالت في نهاية الرحلة: "لم يكن لنا اي تصور بأن هناك قوة اخرى تحارب صدام حسين غير الاكراد، لكن اكتشفت بأن تنظيم "الانصار الشيوعيين" كان يضم العراقيين من كل القوميات والاديان، وللحقيقة أقول، إن هناك تعتيم في الاعلام العربي على هذه الحركة اليسارية، وباعتقادي ان عرضها في "العربية" سيكون اضافة طيبة للمشاهد العربي" . اما من جهتنا فلم نكن نعرف ان كان الفلم قد قُبل من قبل "العربية" ام رُفض، لكننا تفاجأنا بعرضه في التلفزيون، حتى دون الرجوع الينا او اطلاعنا على النسخة الاصلية من اجل الحذف او الاضافة، لكننا شاهدناه وكانت المفاجأة فعلاً!

 

لقد اعجب به البعض، ورفضه البعض فيما تحفظ فريق آخر عليه، ومهما تكن الآراء، فأني شخصيا احترمها، مثلما اتمنى ان يحترموا آرائي ايضا. وقد رأى الفريق المؤيد، بأن هذا الفلم كان فرصة رائعة للمشاهد العراقي والعربي الذي يتابع "العربية" وهم بالملايين، للاطلاع على تجربة الانصار الفريدة من نوعها في الشرق الاوسط والعالم، وانها دخلت بيوت وشاهدها اناس لا يمكن الوصول اليهم، فيما ذهب الفريق (الخصم) الى القول، بأن هذا الفلم قد اعد خصيصاً للاساءة الى حركة الانصار واظهارها بمظهر الضعف والوهن وعدم تحقيق النصر النهائي....الخ، فيما بقى الطرف الثالث محايدا في آراءه بين الصمت او التأييد لكلا الرأيين.

أما انا، يكمل (النصير وردا بيلاتي) بالقول: فأرى الامور من منظارا اكثر ايجابية وأقل سوداوية، وهذا الكلام لا اقوله لأني اشتركت في هذا الفلم، او بالنيابة عن رفاقي الآخرين، ابدا، أنا اقوله عن قناعة تامة: إن فكرة الفلم رائعة رغم انها جاءت بالصدفة، وإن المساحة التي اخذها كبيرة جدا وأكبر من امكانياتنا كأنصار او كحزب، وثالثا، انها مبادرة من جهة مستقلة، لم تظهر تأيدها لنا او عدائها، فلماذا نرفضها او نشكك بها، ورابعا، اننا ورغم مرور حوالي ٢٥ سنة على انتهاء حركتنا الانصارية عقب جريمة الهجوم بالكيمياوي وحرب الانفال، لم تكن هناك مبادرة بهذا الحجم، ولا حتى التزاما حقيقيا بعمل فلم او افلام عن الحركة الانصارية، فلماذا نعارض الآخرين حينما يبادرون؟ وبالحقية فإن ما ورد في السيناريو كان كلامنا، والأشكال التي ظهرت كانت اشكالنا، والآراء التي ظهرت كانت آرائنا، فلا اتصور ان هناك مدعاة لتلبيسها أمراً آخراً غير الفلم بحد ذاته. لكني ومن جانب آخر اتفق مع الكثير من النصيرات والانصار الذين اتصلوا بي وأسمعوني آرائهم المنوعة: نعم، إن حركتنا الانصارية بشقيها (عام ١٩٦٣ و١٩٧٩) تستحق اكثر بكثير من هذا الفلم، وأننا مقصرون في أرشفتها أو اللقاء والكتابة عن ابطالها وشهدائها، وإن البرنامج المخصص لها كتجربة فريدة في العالم، لا يرقى ابداً الى حجمها ودروسها وتضحياتها والى نتائجها المبهرة لاحقاً. فهي لم تكن حركة مجموعة من (العصاة) بل انها ضمت مناضلين ومثقفين ومتعلمين من كل القوميات والاديان وبمختلف الاعمار، ولأول مرة تنخرط النصيرات في هذا العمل الكبير، هذا اضافة الى انها لم تكن تتعامل بسلبية او بروح (العصابات) مع القرى والبلدات التي كانت تزورها، وقد انعقدت صداقات وعلاقات طيبة مع الاهالي رغم معرفتهم بأن ثمنها سيكون باهظا إذا علمت السلطة بذلك. كانوا يقومون بطبابة ابناء القرى المرضى او الجرحى، ويقيمون لهم الندوات الثقافية والمسرحيات ومعارض الرسوم وحتى مساعدتهم باعادة بناء بيوتهم بعد هجمات الحكومة ومتى ما توفرت الفرص لذلك. نعم نحن بحاجة الى مراجعة انفسنا قبل ان (نعاقب) العربية على قيامها بتبني وبث فلم عن الحركة الانصارية للشيوعيين العراقيين انها تستحق اكثر بكثير. ومرة اخرى اقول، ليس لأني كنت جزءاً منها (وهذا شرف كبير) لكن لأنها تمثل واحدة من أجرأ التجارب وأنقاها في منطقة الشرق الأوسط وربما في العالم، فهي لا تقل البتة عن تجربة الرفاق الفيتناميين او في حركات التحرر الأخرى، إلا في امر جوهري كبير، فقد كان نظام صدام حسين قد وضع العديد من قادة الدول (الاشتراكية او من تدعي بحركات التحرر) تحت تصرفه بفعل دولاراته وسياسته الغوغائية، فيما كنا نحن نعتمد على امكانيات شحيحة، وثمن غال جدا في التضحيات ما بين الشهادة في القتال او الشهادة نتيجة الاندساس او الخيانة وكلاهما نتيجة سياسة البعث الدنيئة، مضافاً اليها، ان حركتنا بقت مستقلة بمواقفها وآرائها وبعيدة عن دولارات الانظمة او المحاور السياسية في المنطقة، لقد رفضنا اي املاء ومن اية جهة كانت، فقد كان الشعب هو مصدرنا، أمس واليوم وغداً،  فكيف لي ان ارفض فكرة طرح تجربتي على ملايين المشاهدين؟

اما الموضوعة الاكثر جدلا بين من شاهد الفلم من (الانصار ورفاقهم) فربما كانت على لسان "النصيرة شهلة" ، وحول هذا الامر فلي انا (يكمل النصير ابو ميسون) رأي: ان الرفيقة قاتلت معنا، وكانت ومازالت في صفوف هذا الحزب والشعب، ولها الحق، مثلها مثل الآخرين في التعبير عن وجهة نظرها وعن قراءتها لتجربتها، وهي تتمتع بكامل الصلاحية في رأيها، لأنها حينما تطرحة، مازالت حاملة لذات المشعل الذي حملته منذ اول ايامها في هذا الطريق. نعم ان تجربة الانصار تجربة ثورية رائعة، لكنها تجربة (انسانية) قاسية ايضا، فقد فقدنا الكثير من رفاقنا، وتحملنا الكثير من الظروف الصعبة، ودفعت العديد من العوائل اثمان باهضة لالتحاق ابنائها، وحُرمنا من حياة طبيعية كان من الممكن ان تكون منتجة ومثمرة اكثر في ظل ظروف سلمية، والاكثر منها، ان الحركة لم تحقق (كل) اهدافها وذلك بالاطاحة بالنظام الدكتاتوري، مع انها شكلت صمام الامان الذي حافظ وأبقى جذوة الحزب الشيوعي الى اليوم، وانها تحدّت ارهاب السلطة وراهنت على الاخلاص والمبدئية لقضية الشعب العادلة، ومن هنا اقول علينا ان نقبل الرأي الآخر حتى وإن لم يوافق رأينا، وأن نحترم صاحبه الذي هو منا ولنا!

وينهي النصير وردا بيلاتي (ملازم ابو ميسون) كلامه بالقول: إن فرحة كبيرة تغمرني كلما تعيد الفضائية العربية بث الفلم من جديد، والاكثر منها هي تعليقات المشاهدين، ومشاركة هذا الفلم في العديد من المهرجانات العالمية، وحتى في عروض خاصة تقوم بها الكثير من المنظمات الوطنية، وآخرها كان في الضفة الغربية ورام الله، علما ان المعروض الآن هو الفلم الاصلي بطول (ساعة واحدة و٢٠ دقيقة) فيما الذي عرضته العربية اولاً كان (أقل من ساعة واحدة). انها فرصة رائعة، وآمل ان نعرف كيفية تسويقها بالشكل السليم لتثبيت تأريخنا الوطني الذي حاولت الدكتاتورية اسقاطه بنظر الجماهير. ان تجربتنا فريدة ورائعة وتستحق ان تكون بمتناول المشاهد الكريم، وما قامت به "العربية" اعتبرها خدمة لا تقدر بثمن، مع شكري وتقديري للتجارب الاخرى في اخراج بعض الافلام من قبل رفاقنا إن كان عن الانصار او النصيرات، وتبقى تجربة الانصار بنظري قابلة للمزيد من النتاجات الاعلامية الشخصية أوالمركزية، وأن يجري (الآن) الاستفادة من الكوادر القديمة المتبقية على قيد الحياة قبل ان يكتب لها الرحيل وبالتالي نكون قد فقدنا معينا كبيرا من الذكريات.

 

سيرة ذاتية:

ولد النصير وردا عوديشو وردا (ملازم ابو ميسون) عام ١٩٤٦ في محافظة كركوك وفي منطقة شاطرلو. درس الابتدائية والمتوسطة في مدارسها، متزوج من السيدة تيريزا إيشو ولهما بنتان وولد واحد (عوديشو، ميسون ونينورتا)، ومقيم في الدنمارك منذ العام ١٩٩١.

انخرط في العمل السياسي منذ ايام شبابه عبر اتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة، وفي اوائل السبعينات أصبح سكرتير اتحاد الشبيبة في كركوك، عمل في فترة السبعينات (عامل فني) في شركة النفط، قسم الهندسة الميكانيكية، كما فتح صالون (وردا) لحلاقة الرجال في منطقة شاطرلو. التحق بالعمل الانصاري يوم ٢٢ آذار ١٩٧٩ بمنطقة (نوازنك ـ وادي الاحزاب) ، وانتسب للكلية العسكرية في اليمن الديمقراطية بين عامي (٨٢ ـ ٨٤) وعاد الى كردستان حتى جريمة الانفال حيث قصد المخيمات في ماردين ـ تركيا في الفترة من أيلول ١٩٨٨ ونيسان ١٩٨٩ حيث اتت التوجيهات بتنظيم عملية هروب جماعي حيث كانت المجموعة مكونة من ٩ أنصار ونصيرة، ثم جرى اعتقاله في سوريا بعد أن ظلّت المجموعة طريقها لكن افرج عنه لاحقا. حصل على بعثة دراسية الى بلغاريا في اكاديمية العلوم الاجتماعية بين عامي (٨٩ ـ ٩٠) وبعدها عام ١٩٩١ تقدم باللجوء السياسي الى الدنمارك وهو مقيم هناك منذ ذلك التأريخ.

 

** رابط الفلم لمن يرغب بمشاهدته من جديد:

http://www.alarabiya.net/ar/programs/

documentaries/2014/11/29/بشمركة-مرّة-أخرى.html

 

كمال يلدو

تشرين الثاني ٢٠١٥

 

 

 اثناء تصوير الفلم قرب قرية  كوندا كوسا الآشورية على الخابور

 

 

في المقهى بدهوك مع النصير  شيرزاد شقيق الراحل سردار دهوكي

 

 

مع مجموعة من الانصار، وردا  بيلاتي الاول من اليسار

 

 

مقر الحزب في القوش بحضرة القائد  الراحل ابو جوزيف و سمير توماس

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.