كـتـاب ألموقع
• تعلموا الوطنية من كاكا برهم وحكومته
إبراهيم الزبيدي
تعلموا الوطنية من كاكا برهم وحكومته
02/08/2010
آخر أخبار المزاد العلني العراقي بشأن كرسي رئيس وزراء المنطقة الخضراء أن إيران قلبت ظهر المجن على المالكي واتخذت موقفها الصريح والنهائي منه. فقد أعلن الائتلاف الوطني على لسان أحمد الجلبي أنه يرفض نهائيا وقطعيا قبول ترشيح المالكي لولاية ثانية. مع التمسك بأحقية الائتلافين، الوطني ودولة القانون، حصريا، في امتلاك هذا الكرسي الثمين.
كلما دفعت بي حرقة القلب على العراق إلى الكتابة عن هذه المسرحية المملة التي تشبه إلى حد بعيد لعبة الأولاد (الزغار)، بعد أن تعدت حدود المشاكسات السياسية الاعتيادية التي تحدث في كثير من البلدان الأخرى في أعقاب كل انتخابات، أرمي القلم، وأشد نفسي إلى الخلف، وأمنعها من الثرثرة، تقديرا مني لما بلغه القراء العراقيون والعرب من حالة القرف والغثيان من هذه المسخرة. فالأخبار لا تتوقف. والإذاعات لا تكف عن النعيق. والفضائيات لا تهدأ، وزعماء العالم ديمقراطيين ودكتاتوريين، غربيين وشرقيين لا يتعبون من الرجاءات والالتماسات والرشاوي لإنهاء هذه اللعبة، دون نتيجة.
(المالكي سيقابل علاوي. لا، المالكي لن يقابل علاوي. مقتدى الصدر يرفض التجديد. الصدر يوافق على المالكي ولكن بشروط. مقتدى يجتمع بعلاوي في دمشق. الصدر غير موافق على توزير علاوي. تقارب بين الائلاف والعراقية. تقارب بين دولة القانون والعراقية. تقارب بين عمار والمالكي. خلاف بين عمار والمالكي. البرلمان سيجتمع. البرلمان لن يجتمع. حصل الاتفاق على المناصب الثلاثة. الاتفاق لم يحصل على المناصب الثلاثة). وهكذا. لم يعد لنا عمل ولا شغل سوى التكهن بما سيقرره علاوي وما سيفعله المالكي، وبينهما عمار وعادل والهاشمي والمطلق والعلوي والبطيخ. إنها لعبة سقيمة لا تليق بنا كشعب، ولا تليق بالعراق كوطن. والأكثر إيلاما أن علاوي لا يكف عن إرهابنا بتحذيراته المتكررة مما يخبؤه لنا الغد. فهو يتلذذ بتهديدنا بالويل والثبور وعظائم الأمور وبالدمار الشامل القادم إذا لم يتنازل له المالكي عن سُدة الخلافة.
أقرأ لكم أجزاء من آخر تصريحاته المرعبة، لصحيفة الأهرام مؤخرا:
" الأمريكان والأمم المتحدة عندهم رأي في أن يتم التحالف بيننا وبين دولة القانون".
* وهل دولة القانون مستجيبة لهذه الرغبة؟
" والله ما أعرف. أبْلغـْنا الامريكان بأننا لن نكون محورا ضد الآخرين".
* وما هو دور الامريكان؟
" لا يوجد لهم دور".
* وماذا عن الدور الاقليمي في تشكيل الحكومة؟
" الأمريكان ساحبون يدهم، بسبب وضعهم السياسي. الدور الاقليمي متراجع جدا، باستثناء ايران التي تدعو اطرافا ووفودا من حلقتها الخاصة ببعض الاطراف التي ترتبط معهم بعلاقات تاريخية ".
* هل تتوقع تصعيدا أمنيا للتأثير على التحالفات السياسية؟
" بالتأكيد سيحدث وسيتزايد على جانبين، الأول يتعلق بالموضوع الأمني العام، ويتمثل بتصاعد التفجيرات والاغتيالات، والثاني هو استهداف بعض الطوائف، ومحاولة اعادة الطائفية، واستهداف رموز وطنية وهو متوقع وسيزداد".
* هل مازال الفيتو الايراني موجودا ضدكم؟
" هذه بلدنا وشعبنا وكرامتنا.. الفيتو الايراني يبقى في أروقتهم ومع جماعاتهم، أيا كانوا".
* كيف ترى الفترة القادمة في العراق؟
" أقول للجميع... اذا لم تشكل حكومة وطنية عراقية بمنهاج وبرنامج عراقي خالص وواضح فستحدث كارثة كبيرة في العراق وفي المنطقة، وأنا مقتنع بهذا تماما، وحل مشكلة العراق في تماسكه".
هذه هي الطبخة الشائطة كلها، بالتمام والكمال، من أولها إلى آخرها. إنها لم تعد نافعة. ضمائر زعمائنا لفظت أنفاسها. منذ أن نزلوا من على ظهور دبابات رامسفيلد وهم يتساقطون، واحدا بعد واحد.
لم يعد لدينا أمل في قيامهم من هذا الموت السريري الأكيد. ولم يبق على شعبنا إلا أن يرمي بهم في أقرب مقبرة جماعية، ويبحث عن قادة جدد لم يتلوثوا من قبل، ولم يتضلعوا في فنون الكدية والنصب والاحتيال، ولم يعيشوا في المهاجر تجار جوازات سفر مزورة، أو مقاولين وسماسرة في تهريب المخدرات والأسلحة، وشطارا في بيع المعلومات العسكرية والمدنية العراقية للدول الراعية لأحزاب المعارضة العراقية السابقة.
بصراحة، بعد هذه المسرحية الفاشلة في بغداد لا أحسد أحدا سوى أشقائنا الأكراد. فهم آمنون هانئون، ونحن نتقاتل على فـُتات. ومهما قيل عن فساد يشكو منه أحيانا بعض كتاب كردستان، فإن قادتهم أفضل من قادتنا بكثير، وأنفع لجماهيرهم من زعمائنا. حكوماتهم تتشكل في ساعات، وتنطلق للعمل الصالح على الفور. لم تفرقهم الكراسي. ولم تخدعهم المناصب.
ومن حقنا أن نتساءل: إذا كانت التدخلات الخارجية هي التي تمنع قادتنا من الاتفاق على حكومة، فلماذا لم تفعل تلك التدخلات فعلها في كردستان؟ ولماذا لم توفق إيران-مثلا- في توظيف نصف القادة الأكراد لخدمتها، ثم تنجح أمريكا أو سوريا أو السعودية في تشغيل النصف الآخر لحسابها، ليصبح الوطن وأهله كرة بين أقدام اللاعبين الصغار نيابة عن الكبار؟
ورغم كل ما يطفو على السطح من خلافات بين بعض القادة الأكراد، أو بين أحزابهم وعشائرهم، فهي لم تخرج عن المعقول، ولم تمس المصالح العليا لشعبهم إلا في أضيق الحدود.
وقد شهدنا كيف تنتقل السلطة لديهم بشفافية وانسيابية وهدوء، تماما مثلما يحدث في دول متحضرة كثيرة، مثل بريطانيا بعد انتخاباتها الأخيرة.
لو كان النظام التحاصصي المتخلف عندنا في بغداد يسمح لكردي بقيادة العراق قيادة كاملة لكان الدكتور برهم صالح أفضل من يقوم بهذه المهمة. فرئاسة وزراء كردستان قليلة بحقه، وهو كبير عليها.
فبرهم صالح سياسي عاقل، رائق، علماني، ديمقراطي، تكنوقراط، نظيف اليد والقلب واللسان. ومن عرفه عن قرب لابد أن يكون قد لمس عراقيته الصادقة. وما ُينقل إلينا من أخباره أنه، وهو رئيس وزراء، لا ينام إلا قليلا. ويسافر كثيرا. همه البناء والرخاء. ولأنه مسالم بطبعه، وغير مشاكس، فهو لا يتوقف عن إقامة جسور المودة والصداقة، أو ترميمها، بين إقليمه وبين جيرانه ودول العالم الأخرى، بلا كلل ولا ملل. لا يعاديه أحد، ولا يسعى لكسره أحد. وهذه مطارات الإقليم كلها شاهدة عليه. فإنها، بجهوده المثمرة، أصبحت لا تتوقف عن استقبال المنتجين والمستثمرين وأصحاب العقول. فمتى يهَـبُـنا الله مثلـَه رئيسا لوزرائنا، ومثلَ وزرائه وزراءَ في حكومة المنطقة الخضراء؟؟. وهل إن ما يتمنى شعبـُنا يمكن أن يدركه، خصوصا بعد خراب البصرة، وبعد فوات الأوان؟؟!.
" إيـــلاف"
المتواجون الان
460 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع