اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أما آن الأوان بعد؟!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

 مقالات اخرى للكاتب

أما آن الأوان بعد؟!

 

القضية لا تكمن في بناء الإدارات والأجهزة باعتبارهاـ بالضرورة ـ نواة إدارات وأجهزة السلطة. إن القضية تكمن في طبيعة القرار السياسي الذي يتحكم بمن يدير هذه الإدارات ويوجه هذه الأجهزة

ليست هي المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات الاحتلال الدكتور عبد العزيز دويك. لكن اعتقاله هذه المرة يأخذ أبعاداً جديدة انطلاقاً من المرحلة التي وصلت فيها العلاقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تكاد تشكل نقطة مفصلية، لها ما قبلها، ولها ما بعدها.

دويك هو عضو في قيادة حركة حماس، أحد الأطراف المشاركة في الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا، وأحد الفصائل الفلسطينية. كما هو، في الوقت نفسه رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني. أي إنه إضافة إلى صفته النضالية، له صفة رسمية. واعتقاله يبدو غير مفهوم بالمرة. فالادعاء أنه عضو في منظمة إرهابية تكذبه حقائق الإرهاب الصهيوني والإسرائيلي والاستيطاني اليومي ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. وعدم مراعاة منصبه الرسمي فيه استخفاف بلا حدود بالسلطة الفلسطينية، وبالاتفاقات الموقعة بين هذه السلطة وسلطات الاحتلال. فضلا عن أن اعتقاله يأتي في ظل أجواء فلسطينية تصالحية، من متطلباتها دعوة المجلس التشريعي الفلسطيني إلى الالتئام بعد طول تعطل، في مطلع الشهر القادم. الأمر الذي يشير بأن سلطات الاحتلال تعمل على تعطيل المصالحة الفلسطينية. ولا يحتاج المرء لأن يكون عبقرياً ليؤكد مثل هذا الاستنتاج، إذ إن تصريحات قادة العدو، وكذلك تصريحات أركان إدارة البيت الأبيض، تعفينا من بذل الجهد الضروري للتأكيد أن تل أبيب، وأن واشنطن تعارضان المصالحة الفلسطينية وتعارضان مسيرة إصلاح مؤسسات م.ت.ف. وتعارضان مسيرة إحياء مؤسسات السلطة الفلسطينية. وتدفعان باتجاه ابقاء الوضع المهترئ على ما هو عليه. فوضع فلسطيني مهترئ، ومتفسخ، ينخره الفساد، أفضل لإسرائيل وأفضل لواشنطن، لأنه سيكون وضعاً واهناً، قابلاً لتلقي الضغوطات، وقابلا للرضوخ لهما إلى طاولة المفاوضات.

اعتقال دويك، لا يصب فقط باتجاه حركة حماس، بل وكذلك باتجاه السلطة الفلسطينية. وهذا ما يفتح ملفات يبدو أننا تأخرنا كثيراً في فتحها وتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية.

     هناك عملية تفاوضية تدور بين الجانب الفلسطيني، وبين الإسرائيليين، يحاولون أن يطلقوا عليها «العملية السلمية»، وأن يصفوا الطرفين بأنهما شريكان في هذه «العملية السلمية». بالمقابل، إذا بحثنا عن السلام، فإننا لن نجد أثراً له في أي من مظاهر الحياة الفلسطينية في الضفة كما في القطاع.

     اعتقالات المسؤولين لم تتوقف. فهناك على الأقل 22عضواً في المجلس التشريعي، مازالوا في سجون العدو. ولا أثر لذلك على المفاوضات في عمان.

     اعتقالات المواطنين تتم في حملات متتالية تطال المدن والقرى والبلدات الفلسطينية. وفي سجون العدو الآن حوالي 6 آلاف أسير ومعتقل، وهو رقم مرشح للتصاعد يومياً، بسبب إجراءات الاحتلال القمعية. ومع ذلك تستمر المفاوضات بهدوء.

     قيادات في الحالة الفلسطينية من بينهم أعضاء في التشريعي، يحظر عليهم حرية الحركة والسفر. منهم قيس عبد الكريم (أبو ليلى) عضو المجلس التشريعي، وعدد آخر من رفاقه في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

     كوادر الفصائل الفلسطينية يحالون إلى المحاكم العسكرية، وتصدر بحقهم أحكام بالسجن، لا شيء سوى لانتمائهم «لمنظمات محظورة». المفارقة أن الاحتلال يعطي لنفسه الحق في تشريع الأحزاب الفلسطينية أو حظرها، علماً أن وجوده في الأساس، وجود غير شرعي، وانتهاك فظ لقرارات الشرعية الدولية.

     عمليات القتل اليومي تستمر في قطاع غزة في ظل حصار خانق. والادعاء الإسرائيلي لتبرير جرائم القتل هذه هو مكافحة حفر الأنفاق.

في ظل هذا كله، وربما ممارسات أخرى لم نلحظها هنا، كممارسات سلطات السجون ضد الأسرى والمعتقلين، تتواصل المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، في عمان، وربما لاحقاً في مكان آخر، مما حولها إلى غطاء سياسي، ليس فقط لعمليات توسيع الاستيطان والتهويد في القدس كما في الضفة، بل وكذلك لكل ممارسات الاحتلال الاخرى، دون ردود فعل ذات قيمة، إلا إذا اعتبرنا أن تصريحات الاستنكار والإدانة، وبيانات الشجب اللفظي، هي الرد الممكن في هذه الفترة. لكن مثل هذه الخلاصة تكذبها الحقائق والوقائع.

الواقع اليومي للحياة السياسية في الضفة كما في القطاع، تطرح على بساط النقاش الوطني السؤال التالي: «ماهي مهمة السلطة الفلسطينية وماهي واجباتها؟» ولا نعتقد، في محاولة للرد على هذا السؤال، أن مهمة السلطة تقتصر على تقديم الخدمات، وتوفير فرص التوظيف. السلطة كما هي مفترض أن تكون، هي المسؤولة عن الفلسطينيين في مناطقها. وبالتالي فإن سلامة هؤلاء الفلسطينيين واحد من واجبات السلطة. والسلطة كي تؤكد صلاحياتها ونفوذها، تعلن بين اليوم والآخر، رفضها وجود بندقية، في الضفة، إلى جانب البندقية «الشرعية» أي بندقية السلطة. نسيت السلطة أو تناست أن في الضفة بندقيتين، بندقية السلطة من جهة، وبندقية الاحتلال من جهة أخرى، وأنه، وعلى الدوام، تشكل بندقية الاحتلال المرجعية العليا للأمن في الضفة وإنها هي صاحبة القرار النافذ.

إن هذا كله من شأنه أن يزيد من ضعف السلطة ووهنها في عيون المواطنين، وأن يفقدها المزيد من الهيبة والاحترام. خاصة وأنها لا ترسل أي إشارة تنبئ عن رغبتها في إعادة النظر بالوضع القائم.

إذن نحن أمام مشهد مركب:

     مفاوض فلسطيني يرضخ للضغوط الأميركية والأردنية ويقبل باستئناف المفاوضات دون وقف الاستيطان، ودون أية مرجعية سياسية لهذه المفاوضات.

     استيطان وتهويد على قدم وساق يبتلع المزيد من الأرض، ويهدم المزيد من منازل المواطنين ويدفع إلى التشرد، بالمزيد من العائلات الفلسطينية.

     قمع واعتقالات واحتقار على الحواجز والمعابر، دون رادع.

     حالة من العجز تبديها السلطة الفلسطينية في مواجهة هذا المشهد. إنه لواضح تماماً أن حالة العجز هذه هي نتيجة لقيود فرضت على السلطة الفلسطينية والتزامات تعهدت بها للإسرائيليين والأميركيين. ومع مرور الأيام، تزداد هذه القيود وزنا، وتزداد الالتزامات وطأة. وتتبدى أكثر الحالة الهشة التي تعيشها السلطة الفلسطينية، حتى أن بعض الدوائر، من داخل هذه السلطة نفسها، بدأت تتساءل عن جدوى استمرار الحالة على ما هي عليه، وجدوى «التعاون» مع الجانب الإسرائيلي، إدارياً، وأمنياً، وسياسياً.

ولا نبالغ كثيراً إذا ما اعترفنا أن السلطة باتت تشكل سقفاً سياسياً منخفضاً جداً، يثقل على كاهل الفلسطينيين ويحد كثيراً من قدرتهم على الحركة والفعل، ويحد كذلك من قدرتهم على الإبداع في مقاومة الاحتلال، الأمر الذي يستدعي مراجعة جديدة لواقع هذه السلطة، وإعادة تعريف وظائفها، وإعادة رسم حدود علاقتها مع سلطات الاحتلال.

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.