اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• إستراتيجية دفاعية.. لغزة؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

 

مقالات اخرى للكاتب

إستراتيجية دفاعية.. لغزة؟

 

أكدت دروس الجولة الماضية من العدوان أن بالإمكان ردع العدو الإسرائيلي، وأن الارتقاء بهذا الردع يتطلب «إستراتيجية دفاعية» للقطاع، تطال كل جوانب المعركة وتطيل القدرة على الصمود، وترغم العدو على إعادة النظر بحساباته وادعاءاته

نظرة إلى الصحافة الإسرائيلية تنبئ بحالة حرب تسود معظم صفحاتها. تتأرجح ما بين طهران وغزة. تنظر إلى الحالة الإيرانية كاحتمال متعدد الأشكال، وتنظر إلى غزة كواقع راهن لا يمكن تجاهله بل تدعو إلى التعامل معه بقسوة غير محدودة.

جولة العدوان الإسرائيلي الأخيرة على القطاع لم تنته فصولاً. وحملت إلى الإسرائيليين الكثير من الدروس، ومازالت مسألة قوة الردع لدى جيش الاحتلال موقع اهتمام وهموم الدوائر الإسرائيلية.

الدوائر الإسرائيلية تعترف بأن القصف الفلسطيني رداُ على العدوان الإسرائيلي كان خطرا، ما دعا قادة ما يسمى بـ «الجبهة الداخلية» في وزارة الحرب الإسرائيلية إلى حجز حوالي مليون من سكان إسرائيل في الملاجئ، بكل ما يعنيه ذلك من تعطيل للحياة اليومية للبلدات والمدن والمزارع والقرى والمستوطنات التي طالها أو تهددها القصف الفلسطيني.

وهذا يعني، في السياق نفسه، قدرة فلسطينية على الرد بفعالية مقبولة على العدوان الإسرائيلي، وإلحاق الأذى بالجانب الأخر، رداً على الأذى الذي ألحقه جيش العدوان بالفلسطينيين. كذلك من تداعيات الجولة السابقة، أن القبة الحديدية، التي كان من المتوقع، وفق تقديرات غرف عمليات جيش العدوان، أن تظلل سماء إسرائيل بقدرتها الدفاعية، خيبت الآمال. وتقول مصادر الصحافة إن هذه «القبة» لم تحبط إلا حوالي عشرين بالمئة من الصواريخ الفلسطينية. وإن هذا الحديث كان يفترض أن يبقى قيد الكتمان حرصا على الحالة المعنوية للسكان، الذين راهنوا على فعالية هذه «القبة»، وكذلك منعا لفضيحة سياسية، إذا ما سئل عن الأكلاف التي وفرتها وزارة الحرب للحصول على هذه «القبة»، وإذا ما كانت هذه الأكلاف تتناسب مع الدور الجزئي الذي لعبته القبة الحديدية في منع سقوط الصواريخ على الأماكن الإسرائيلية. فضلا عن ذلك حاول كثيرون الربط بين العدوان على غزة ومسألة البرنامج النووي الإيراني، واعتبار العدوان على غزة يستهدف إيران وليس الفلسطينيين، رغم أن كثيرين تساءلوا عن طبيعة الرد الإيراني، وحجمه، وهم يعاينون الرد الفلسطيني وحجم تأثيره في الحالة الإسرائيلية. الربط بين غزة وإيران، لتبرير العدوان، (خاصة وأن غزة التزمت التهدئة وجاء العدوان خرقا لهذه التهدئة وانتهاكاً لها)، يشير بكل وضوح أن ما جرى ما كان إلا جولة، وقد تتلوها جولات جديدة من العدوان الإسرائيلي (دوما تحت حجة ردع إيران!)، وبالتالي فإن باب الحرب ما زال مفتوحا، ما يتطلب من الفلسطينيين النظر إلى الأمر نظرة جديدة.

***

الخارطة العسكرية لقطاع غزة (إذا جاز التعبير) دخل عليها تغيير كثير، حين «نأت» حماس بنفسها عن المشاركة في الرد على العدوان الإسرائيلي. حماس لم يعد بإمكانها أن توائم بين كونها «سلطة» في القطاع، وبين كونها مقاومة. هي مازالت تتبنى (نظرياً) مبدأ المقاومة، لكنها، في الوقت نفسه، تجد لنفسها ما يبرر لها هذا «النأي» بالنفس عن المشاركة بالقتال، تاركة هذا الدور للفصائل الأخرى. وقد لوحظ أن «الجهاد» هي التي حاولت أن تحتل موقع حماس في القدرة على الرد، نظرا لتوفرها على السلاح النوعي، بفضل الدعم والإسناد الذي توفر لها إقليمياً. وإلى جانبها لعبت القوى الأخرى دورا مهماً، ككتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية. كما لوحظ أن غياب مشاركة حماس لم يضعف قدرة المقاومة على الرد وعلى الردع في الوقت نفسه، وعلى التأثير في صفوف الحالة الإسرائيلية، حتى أن إسرائيل لم تتردد في القبول بمفاوضات، عبر الوسيط المصري، لاستعادة التهدئة. وهذا درس جديد لإسرائيل، مفاده أنه «يمكن لك أن تبدأ الحرب، لكنك لست وحدك صاحب القرار في إنهائها». وأن تلجأ إسرائيل إلى الوسيط المصري للوصول إلى تهدئة جديدة، وتقديم وعود، على سبيل المثال، بعدم استهداف القيادات الفلسطينية بعمليات اغتيال إجرامية، يشكل جديداً في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، ويؤكد أن بإمكان الفلسطينيين، إن هم أجادوا اللعب مع الإسرائيليين، أن يردعوهم، وأن «الردع» ليس سلاحاً حكراً على إسرائيل، بل يمكن أن يكون هو الآخر سلاحاً فلسطينياً، ما يدفع إسرائيل لإعادة النظر بأكثر من قرار: أن تتراجع عن ادعائها بأن قصف غزة يستهدف إيران، وإذا كانت إسرائيل جادة في «عدائها» لإيران، فإن قيادتها تعرف جيداً أين تقع إيران، كما تعرف تماماً أين تقع غزة، أي أن سلاح الردع الفلسطيني من شأنه أن يدفع إسرائيل للعب «على المكشوف» وعدم التستر بالبرنامج النووي الإيراني، كما استهدف عدوانها قطاع غزة. الأمر الثاني أن تبدأ تحسب حسابها لقوة الردع الفلسطيني إذا ما رغبت في تسخين الوضع على جبهة القطاع، وأن تدرك أن الفلسطينيين، رغم ما يتكبدونها من خسائر، لن يترددوا في القتال بكل قوة. ونعتقد أن الحفاظ على قوة ردع فلسطينية يتطلب نقلة في التفكير والعمل العسكري في القطاع وصولاً إلى تبني ما يمكن أن نطلق عليه بـ «الإستراتيجية الدفاعية» عن القطاع.

***

قد يبدو، للوهلة الأولى، وكأننا نحاول أن نستعيد تجربة لبنان، علماً أن الوضع في غزة يختلف استراتيجيا عن الوضع في لبنان. غزة ذات مساحة ضيقة، ومحاصرة، ومكتظة بالسكان، ويصعب إسنادها بالسهولة التي يتم بها إسناد المقاومة في لبنان. ومع ذلك فإن التهديد الإسرائيلي الدائم لغزة يتطلب حقيقة «إستراتيجية دفاعية»، تخرج القطاع من سياسة رد الفعل على العدوان، وتسلحه بالقدرة على تفعيل إمكانياته القتالية بالشكل الأفضل والأنسب، بعيداً عن المزاحمة والفوضى وأحياناً الافتقار لخطة إعلامية. دون أن نغفل على الإطلاق، بل مع التأكيد على ضرورة امتلاك خطة متكاملة لحماية المدنيين في القطاع من خطر العدوان الإسرائيلي. إن ما ندعو له «إستراتيجية دفاعية» شبه متكاملة، تطال جوانب الحياة وجوانب المعركة كافة في القطاع. ونعتقد أن نضج التجربة القتالية لدى الفصائل الفلسطينية، وتوفر الإرادة السياسية، أمر من شانه أن يجعل من هذه الإستراتيجية إمكانية ممكنة المنال، فالسلطة في القطاع تمسك بها حماس، وهي، كما تعلن، مازالت على عهدها بالمقاومة، وإن كانت قد نأت بنفسها، في الجولة الماضية، عن المشاركة في الرد على العدوان. وعلى عاتق هذه السلطة تقع مسؤوليات وواجبات تشكل جانباً كبيراً من جوانب هذه الإستراتيجية. وإن صدقية الالتزام بخيار المقاومة يفترض أن تترجم ببناء مجتمع مقاوم، أي مجتمع يمتلك مقومات الصمود، دون أن يدعونا هذا للدخول في التفاصيل المطلوبة لتوفير مقومات الصمود هذه.

كما يفترض بالفصائل أن تؤسس لغرفة عمليات مشتركة، ذات مرجعية سياسية، بما يمكن آلة الدفاع الفلسطينية من العمل بالزخم الموحد، بعيداً عن كل أشكال الفوضى والارتجال. كما أن توفير مرجعية سياسية، من شأنه أن يضبط العملية في إطارها السليم، وبما يخدم الصالح العام الفلسطيني.

قد يشكو القطاع، في سياق تبني إستراتيجية دفاعية مرنة، من ضيق المساحة، لكننا نعتقد أن هذا الأمر قد يعالج بالتفاعل مع الجوار الجغرافي، بما يمنح القطاع عمقاً إستراتيجياً، يعزز من قدرة الفصائل على المناورة في الميدان.

الإسرائيليون لا يخفون نواياهم نحو القطاع. وعلى الجميع الارتقاء إلى المستوى الذي يجيب على خبث هذه النوايا وخطورتها.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.