اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• »كمن يحاول أن يملأ الفراغ بشيء منه«

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

»كمن يحاول أن يملأ الفراغ بشيء منه«

انتهى إفلاس إستراتيجية «المفاوضات خياراً وحيداً» بالمفاوض الفلسطيني للبحث عن حلول تمكنه من ملء الفراغ بشيء منه!

إن نظرة إلى العملية السياسية تلحظ التالي:

• الفريق الفلسطيني ما زال متمسكاً بخياره الوحيد، المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، تحت سقف اتفاق أوسلو، وخطة «خارطة الطريق» وبإشراف اللجنة الرباعية، ورعاية الفريق الأميركي... وما زال الفريق الفلسطيني يرهن استئناف المفاوضات بتجميد الاستيطان، وأحياناً يذهب به «التطرف» فيضيف مسألة الاعتراف بخطوط الرابع من حزيران أساساً لرسم الحدود مع «تبادل للأرض متفق عليه». في الوقت نفسه يعجز عن حلحلة الموقف الإسرائيلي المتعنت، فيلجأ إلى الجولات الخارجية، وتجميع المواقف المؤيدة، دون أن تنتقل هذه المواقف لتأخذ طابع التحركات الفاعلة ميدانياً. كما يلجأ إلى لجنة المتابعة العربية التي لا تستطيع سوى أن توفر له غطاء عربياً، رقيقاً، لا يغير من واقع الحال شيئاً ولا يضيف إلى موازين القوى ما يعدلها . ولا يفوت المفاوض الفلسطيني أحياناً أن يلعب لعبة «الاستحقاقات». فمن «استحقاق أيلول» وتداعياته، إلى استحقاق «محادثات عمان» إلى استحقاق «نهاية فترة السماح» كما رسمتها اللجنة الرباعية إلى استحقاق «أم الرسائل» التي تبين أنها أقل من رسالة عادية. إلى استحقاق العودة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للقبول بعضوية مراقبة لدولة فلسطين بدلاً من العضوية المراقبة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي كل الأحوال، يبقى الفريق الفلسطيني واقفاً في العراء، صيفاً يتلظى تحت شمس الصيف اللاهبة، وشتاء يرتجف تحت وطأة البرد القارس، فلا الشمس تنقذه، ولا البرد ينجده، وما زالت المفاوضات مجمدة، تنتظر إشارة ما كي يتم استئنافها، باعتبارها «الخيار الوحيد» ، والقيد الذي لا انفلات منه، في ظل وطأة سلطة وامتيازات باتت مكشوفة المصادر والمقاصد.

• الجانب الإسرائيلي، بدوره، يمتلك إستراتيجية واضحة المعالم، تتكرس آلياتها يوماً بعد يوم، وتجد ترحيباً أكثر فأكثر، لدى الرأي العام الإسرائيلي، الذي ما فتئ ينحاز يميناً يوماً بعد يوم:

لا مساس بالاستيطان. والاستيطان هو روح المشروع الصهيوني وتعبيره الأسمى على الأرض. ومقابل اقتلاع بيت استيطاني «غير شرعي» يقام 300 بيت استيطاني شرعي (َ!) ولا حدود لتهويد القدس، وإزالة الإحياء العربية الفلسطينية حياً وراء حي، ولا حدود لتهدم المنازل الفلسطينية المسماة «غير شرعية»، ولا حدود بالمقابل لتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأرض، ونهب المياه. ويستطيع المفاوض الإسرائيلي أن ينتظر تغير الموقف الفلسطيني، ولو طال الانتظار، ما دامت عجلة الاستيطان في أحسن حالاتها، وما دامت حكومة الائتلاف (اليمين واليمين المتطرف) تعيش حالة تفاهم استثنائي بين أطرافها، يتعزز وضعها بالتحاق كاديما بها، ولو بدون مقاعد وزارية وحتى لو دعي إلى انتخابات تشريعية مبكرة، فالنجاح مضمون لأصحاب اليمين واليمين المتطرف. ومن كاد أن يغيب عن الشاشة حاول أن يستعيد بريقه، (باراكه) عبر مشروع لباراك، وزير الدفاع، يستعيد فيه مشروع شارون للانكفاء من طرف واحد، خلف جدار الفصل العنصري، في إجراء هدفه تأكيد خلو الساحة من المفاوض الفلسطيني. ومن لا يعجبه هذا الحل فليشرب من البحر الميت، فهو أكثر ملوحة من بحر غزة.

مؤخراً نقل على لسان الرئيس محمود عباس استعداده «للقاء» نتنياهو، إذا ما أخرج هذا الأخير عن دفعة من الأسرى. ومع التقدير الكبير لقضية الأسرى ومعاناتهم، وضرورة عدم التوقف عن النضال لإطلاق سراحهم واستعادتهم لحريتهم، يفترض التأكيد عدم «استعمال» هذه القضية ذات الحساسية الفائقة، في مناورات سياسية، لا تخدم في نهاية الأمر، لا قضية الأسرى ولا القضية الوطنية بجملها.

فـ «اللقاء» بين عباس ونتنياهو، هو في نهاية المطاف شكل من أشكال التفاوض، وعلى أعلى المستويات أيضاً، إذ لا قضايا تبحث بين الجانبين سوى القضايا العالقة على علاّقة العملية التفاوضية. وهذا «اللقاء» وإن كان يحاول أن يتغطى بأنه محاولة لإنقاذ دفعة من الأسرى، وإعادتهم إلى عالم الحرية؛ ما هو إلا استجابة للموقف الإسرائيلي، الذي كلما قيل له «لا مفاوضات مع الاستيطان» كان يجيب: «تعالوا نتفاوض على شروط ومفاهيم ومعايير وقف الاستيطان» أي أنه يحتال على الموقف الفلسطيني كي يحول موضوع الاستيطان نفسه إلى مسألة تفاوضية، بحيث يصبح تجميده أو مواصلته موضوعاً للنقاش وليس واحداً من المتطلبات الأساسية لاستئناف المفاوضات نصت عليه قرارات الشرعية الدولية، أكثر من مرة، كما نصت عليه خطة «خارطة الطريق» نفسها، التي يعتبرها الطرفان مرجعية العملية التفاوضية.

وبالتالي ما نقل على لسان الرئيس عباس لا يمكن النظر إليه سوى أنه تنازل خطير عن موقف فلسطيني شكل نقطة إجماع وطني، جرى التأكيد عليه حتى من قبل الهيئة الوطنية العليا التي انعقدت في القاهرة لبحث آليات إنهاء الانقسام. والتفريط بالموقف الثابت الذي جرى التمسك به فترة غير قصيرة من الزمن، والتفريط بموقف الاجماع الوطني، الذي قلما توفرت الفرص، في زمن الانقسام، للوصول إليه وبنائه كما جرى في القاهرة، إنما يشكل خطوات واسعة إلى الوراء، من شأنها أن تقلق كثيراً وأن تهدد الكثير من جوانب الحياة السياسية الفلسطينية وآليات عملها.

• ليس من حق المفاوض الفلسطيني أن يستفرد بالقرار السياسي بشأن استئناف المفاوضات، ما دام أصبح هذا القرار ملك الهيئة الوطنية العليا.

• وليس من حق المفاوض الفلسطيني أن يستغل قضية الأسرى، بعدما أكدت التجارب الباهرة، إمكانية الانتصار على سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعمل نضالي، يكون الأسرى في مقدمته، من خلال العصيان داخل السجون والإضراب عن الطعام والغرب على الخاصرة الرخوة لسلطات الاحتلال.

• وليس من حق المفاوض الفلسطيني أن يطرح مبادرات لم يتم التشاور بشأنها، أو أن يفتعل استحقاقات وهمية ليملأ بها الفراغ السياسي الذي يعانيه خيار المفاوض البائس.

• وليس من حق المفاوض الفلسطيني أن يتمسك بخيار، ثبت، بعد التجارب المريرة عقمه، وأن يتجاهل، في الوقت نفسه، دعوة الأغلبية في الحالة الفلسطينية لتبني إستراتيجية بديلة، تشق طريقها نحو المقاومة الشعبية في عملية سياسية متكاملة: تجمع بين «الميدان وطاولة المفاوضات» لكن بشروط مغايرة.

أن أفضل وصف لتحركات المفاوض الفلسطيني هي أنه «يحاول أن يملأ الفراغ ببعض منه».

معتصم حمادة - الحريّة

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.