اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

رغم أنف أوباما... رغم أنف نتنياهو -//- معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

رغم أنف أوباما... رغم أنف نتنياهو

معتصم حمادة

الحرية: عشية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتل أبيب، تناولت الصحافة الإسرائيلية العلاقات الإستراتجية بين الجانبين، لتؤكد أنها أقوى بكثير، وبكثير جداً، بحيث تتأثر بخلافات بين أوباما ونتنياهو.

وهي علاقات مبنية ليس على أسس شخصية أو فردية، يمكن أن تهتز إذا ما غضب الرئيس الأميركي من الإسرائيلي، أو تعرضت العلاقات لنكسة معينة، كأن تكتشف الولايات المتحدة في صفوفها جاسوساً يعمل لصالح الإسرائيليين. هي علاقات مبنية بين أجهزة متناظرة، ولها آليات عملها تتجاوز الأفراد في مراكزهم، أوعند تغييرهم، كما تتجاوز حدود التفاهم الدبلوماسي العابر، لصالح تفاهمات يوماً بعد يوم، يجد فيها الطرفان ما يخدم مصالحهما الإستراتيجية. وليست صدفة، والحال هكذا، أن تكون إسرائيل أكثر الدول حظاً في المساعدات الأميركية، إقتصادياً وعسكرياً، وأن تكون الولايات المتحدة حريصة على صون التوازن الاستراتيجي في المنطقة بحيث تكون إسرائيل، عسكرياً، وحدها، أقوى من الدول العربية مجتمعة، وأن يكون للولايات المتحدة مستودعات أسلحة وذخائر احتياطية إستراتيجية في إسرائيل، يحق للجيش الإسرائيلي استعمالها عند الحاجة، دون موافقة مسبقة من الولايات المتحدة. والتعاون بين الطرفين يقوم في المجالات الإستخباراتية، والقتالية، وفي مجال الصناعات العسكرية، وتبادل المعلومات، وفي الفضاء، بحيث يمكن القول إن إسرائيل تشكل في جيشها جزءاً لا يتجزأ من الإستراتيجية العسكرية الكونية للولايات المتحدة، وأياً كانت خططه، وتطويرات تسليحه، فإنه يبقى في إطار الإستراتيجية الأميركية لإنتشار الجيوش والقواعد العسكرية في العالم.

* * *

على الصعيد الإستخباراتي، تسخر إسرائيل جهودها التجسسية على العالم العربي في خدمة الولايات المتحدة. وتؤكد الصحف العبرية أن القمر الصناعي الإسرائيلي هو الذي «أخطر» تل أبيب بمسألة السلاح الكيماوي السوري، وأن تل أبيب نقلت «الخطر» إلى الولايات المتحدة، ليصبح هذا السلاح احدى القضايا الكبرى على لسان الرئيس الأميركي أوباما. أما في حرب العام 1967، وحين كسبت إسرائيل أطناناً من السلاح الشرقي الذي خلفته وراءها الجيوش العربية أنصب التعاون الإستخباراتي المشترك، الأميركي ـ الإسرائيلي، على دراسة هذه الأسلحة وآليات عملها، للبحث في تطوير السلاح الغربي من موقع مضاد. وحين فرت إحدى طائرات الميغ العراقية عام 1966 إلى إسرائيل، قدمتها هدية إلى الولايات المتحدة التي أخضعتها لفحوص معمقة ساهمت في تطوير سلاح الجو الأميركي ليتجاوز في كفاءته وتكتيكاته السلاح الشرقي؛ حتى أن رئيس الاستخبارات الجوية الأميركية السابق الجنرال جورج كيفن صرح يوماً أن ما تقدمه إسرائيل من معلومات لخدمة تطوير السلاح الغربي في مواجهة السلاح الشرقي، يساوي جهود خمسة أجهزة في قوة جهاز المخابرات الأميركية المركزية (سي.آي.إي). ولا يبدو غريباً أن يقوم قادة الجيوش الأميركية ورؤساء أركانها في زيارات دورية لإسرائيل، بعضها يتم الإعلان عنه، وبعضها الآخر يبقى طي الكتمان. وهي على الدوام لأجل تبادل المعلومات والخبرات في الميادين المختلفة مستفيدين من الدور العسكري والإستخباراتي لإسرائيل في الشرق الأوسط. وكلنا يذكر أن موشيه دايان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق ، زار فيتنام، في زمن الغزو الأميركي لها، وشارك في بعض الدوريات وتابع بعض المعارك، وكيف أخضعت إسرائيل الأساليب القتالية الأميركية في فيتنام للدراسة، وكيف نقلت خلاصات هذه الدراسات، لتنعكس في رفع القدرات ومستوى التكتيكات القتالية الأميركية ضد الفيتكونغ. أما في اللحظة الراهنة فإن الأميركيين يعترفون أن جيشهم استفاد كثيراً من خبرات الجيش الإسرائيلي في حروب المدن، والحرب ضد «العصابات»، حين غزا مدينة الفلوجة في العراق. ولا تخفي الولايات المتحدة أن بعضاً من جيوشها يتدرب على حرب المدن وحرب العصابات على يد خبراء في الجيش الإسرائيلي، لتقديم خلاصات خبرة هذا الجيش في قتاله ضد الفلسطينيين والمقاومتين الفلسطينية واللبنانية.

* * *

بعد تفجيرات أيلول (سبتمبر) 2001، زادت حرارة التعاون الاستخباراتي والعسكري بين الجانبين. ويقول الأميركيون إنهم عادوا في محاربتهم لما يسمى بالإرهاب إلى الكتاب الذي يحمل توقيع بنيامين نتنياهو، الرئيس الحالي لحكومة إسرائيل، وهو يحمل عنوان «ضد الإرهاب». ترجم إلى العربية، ويقول كبار ضباط المخابرات في العالم إنه « إنجيل الأجهزة السرية لمكافحة للإرهاب». حتى أن العميد يوسي كوبر فاسر، وبعد أن أنهى عمله رئيساً لقسم البحث في شعبة الاستخبارات العسكرية، كتب دراسة في معهد بروكنغز، عن صورة تطبيق إسرائيل للإصلاحات في العمل الإستخباراتي، ليقول إن المعلومات التي تجمعها إسرائيل وتحللها تصب في معظمها لدى الولايات المتحدة الأميركية.

أما رئيس القسم الأوروبي في الولايات المتحدة (إي. يو. سي. أو. أم) الجنرال برينتس كرادوك، وفي خطبة له في معهد واشنطن، فقد أكد أن «أقرب حليف» للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هو إسرائيل.

يبقى السؤال: أين هم العرب في كل هذا؟. من الواضح تماماً أن الولايات المتحدة نجحت إلى حد كبير في خلط الأوراق الإقليمية في المنطقة، بحيث أعادت دول عربية عديدة رسم تحالفاتها وعداواتها، ورسم حدود مصالحها القومية، وأعادت تعريف أمنها القومي، بحيث لم تعد إسرائيل في ظل الوصاية الأميركية تشكل الخطر الرئيس على مصالح هذه الدول. بل باتت على علاقة معينة مع إسرائيل، في تقاطع مصالح أمنية عليا ضد دول أخرى في المنطقة كإيران مثلاً. لذلك لاترى هذه الدول العربية في تعزيز العلاقات الأمنية والإستخباراتية الإسرائيلية ـ الأميركية ما يهدد أمنها القومي، بل على العكس، باتت ترى فيه شكلاً من أشكال تأمين الإستقرار في المنطقة.

ستبقى، كما هو واضح ، علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة في الحفظ والصون، لا يعرضها للخطر زعل من هنا أو غضب من هناك، رغم أنف أوباما، ورغم أنف نتنياهو.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.