اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

وثلاث خطوات على المفاوض الفلسطيني أن يخطوها// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

وثلاث خطوات على المفاوض الفلسطيني أن يخطوها

معتصم حمادة

كاتب من فلسطين

 

ثلاث خطوات من شأنها أن تعيد صياغة الحالة السياسية: تدويل القضية الفلسطينية، وقف التنسيق الأمني، والخروج من برتوكول باريس الاقتصادي.

بعد أن اقترحنا على المفاوض الفلسطيني أن يتجنب ثلاث خطوات في العملية التفاوضية، حتى لا يغوص في تنازلات تنسف المشروع الوطني الفلسطيني، وهي الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، والموافقة على مبدأ تبادل الأرض، والتنازل عن حق العودة للاجئين والقبول بمبدأ التوطين حلاً بديلاً،.. ولاستكمال مسيرة صون المشروع الوطني، وتحقيق أماني الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية المشروعة، ولأجل عملية بديلة للعملية العبثية التي يديرها كيري بالتنسيق مع نتنياهو وأعوانه، نقترح على المفاوض الفلسطيني القيام بثلاث خطوات كبرى، من شأنها أن تعيد تنظيم الأوضاع بالاتجاه الذي يخدم المصلحة الوطنية العليا، ويضع السكة على خطوط الحل الوطني الفلسطيني، كما دعا له برنامج م.ت.ف، وكما أقرته مؤسساتها التشريعية، كالمجلس الوطني الفلسطيني.

•     الخطوة الأولى، التحرر من الالتزام بعدم اللجوء إلى الأمم المتحدة بديلاً للعملية التفاوضية تحت الرعاية الفردية للولايات المتحدة الأميركية. فبعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/2012، باتت أبواب المؤسسات والوكالات الدولية مشرّعة أمام الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. وبما يوفر له ميزان قوى جديداً، يتراجع فيه الاختلال الفادح للجانب الإسرائيلي ويستعيد عبره، الجانب الفلسطيني العديد من عناصر القوة المفقودة والمهدورة على مذبح مفاوضات ثنائية «ترعاها» الولايات المتحدة، بما يخدم المصالح الإسرائيلية وحدها.

الذهاب إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها ووكالاتها الدولية من شأنه أن يضع الأمور في نصابها الحقيقي، وأن ينقل القضية من كونه قضية نزاع على الأرض، إلى قضية تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال. ما يعيد إسرائيل إلى موقعها الحقيقي، باعتبارها احتلالاً كولونيالياً إحلالياً، يقوم على مبدأ التطهير العرقي، وسلب الأرض، وضمّها إليه بطرق غير مشروعة، تشكل انتهاكاً للقوانين والمواثيق الدولية ولمبدأ عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة. ومن يتابع سياسة المقاطعة الأوروبية لمنتوجات المستوطنات الإسرائيلية (في إطار مقاطعة الاستيطان غير الشرعي) ومن يتابع سياسة المقاطعات الأكاديمية الأوروبية والأميركية للأكاديميات الإسرائيلية، في المستوطنات، أو حتى داخل إسرائيل [الصامتة عن الانتهاك الإسرائيلي لمبادئ القانون الدولي والقانون الإنساني] يدرك حقيقة الرعب الذي أخذ يصيب الدوائر الإسرائيلية خوفاّ من اتساع هذه الحملات، من هنا، أكدت تسيبي ليفني على ضرورة استدراك الوضع، في حال فشلت المفاوضات، وحتى لا تتهم تل أبيب بإفشالها، مما يعرضها للمزيد من المقاطعات الدولية. هذا يعني أن بإمكان الجانب الفلسطيني أن يطرق بشكل منظم وفاعل، وعبر المؤسسات الدولية، باب مقاطعة إسرائيل، وعزلها، باعتبارها دولة احتلال، وبإمكانه في الوقت نفسه أن يطرق، بشكل منظم، وفاعل وعبر المؤسسات الدولية باب نزع الشرعية عن الاحتلال، باعتباره انتهاكاً لقوانين الأمم المتحدة، بدءاً من القرار 181 الذي قضى بإقامة الدولة الفلسطينية مروراً بالقرار 194 الذي كفل حق العودة للاجئين، وصولاً إلى باقي القرارات خاصة تلك التي نزعت الشرعية عن الاستيطان في القدس وفي أنحاء الضفة الفلسطينية. في السياق نفسه، وإلى جانب تفعيل الدور الفلسطيني في محكمة لاهاي، لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية يمكن اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية لوضع النقاط على الحروف، وجرّ قادة إسرائيل العسكريين والسياسيين، المتهمين بارتكاب جرائم حرب [باعتراف العديد من دول العالم الكبرى] إلى قفص الاتهام، على غرار من سبقهم. وهو ما يعيد رسم الوجه الحقيقي لدولة إسرائيل، نظام عنصري، استعماري، كولونيالي، إحلالي، تقوم سياسته على اغتصاب أراضي الغير وضمّها بالقوة، في انتهاك يومي لقرارات المجتمع الدولي وقوانينه. وتسقط عنها تلك الصفة المزورة باعتبارها شريكاً في سلام مزعوم، لم يتلمس الشعب الفلسطيني أياً من آثاره العملية حتى الآن.

•     الخطوة الثانية التي ترى أن على المفاوض الفلسطيني أن يخطوها باتجاه تصحيح المسار التفاوضي، هي وقف «التنسيق الأمني» مع الجانب الإسرائيلي. والتنسيق الأمني هو شكل من أشكال التعاون بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية وبما يصبّ في المصلحة الأمنية الإسرائيلية على حساب المصالح الأمنية العليا لشعب فلسطين في الضفة وحراكه النضالي ضد الاحتلال. وليس خافياً على أحد، ذلك التعاون الذي تنتقده بل وتدينه الأوساط الشعبية الفلسطينية والذي من نتائجه أنه يحدّ من تطورات الحركة الشعبية ومقاومتها «السلمية» للاحتلال. ولا نذيع سراً حين نعيد التأكيد أن آليات التنسيق الأمني بين الأجهزة هنا وهناك، أعفى الجانب الإسرائيلي من كثير من مهامه القمعية وإحالها إلى الجانب الفلسطيني، حتى أن الرئيس عباس وصف هذا النوع من الاحتلال الإسرائيلي بأنه تحوّل إلى احتلال خمس نجوم. يقبض على الأرض، والشعب، وينهب خيرات فلسطين ومواردها الطبيعية والاقتصادية، ويتحوّل شعبها إلى يد عاملة رخيصة، ومدنها وريفها ومخيماتها إلى أسواق استهلاكية للبضائع والمنتجات الإسرائيلية (بما فيها منتجات المستوطنات نفسها في ظل تواطؤ شرائح فاسدة في المجتمع الفلسطيني). إن الهدف من وقف التنسيق، هدفه أولاً وقبل كل شيء إعادة النظر بدور الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لتصبح أجهزة في خدمة الحركة الجماهيرية والسياسية في الضفة، وليست في حال تنسيق مع العدو في إطار خططه الأمنية. تصبح في خدمة الحركة الجماهيرية والسياسية في نضالها، ضد الاستيطان، ودفاعاً عن الأسرى، وضدّ «الجدار»، وضدّ الحصار، وضد الاعتقالات الفردية والجماعية، وضدّ إقامة الحواجز وعرقلة حركة الناس، وضد اجتياح المدن والقرى والاعتداء على الأمنيين. وظيفتها، بعبارة مختصرة، في خدمة الحركة الجماهيرية والسياسية ضد الوجود الاحتلالي والاستيطاني الإسرائيلي، وبحيث تصبح فاتورة إقامة الجندي الإسرائيلي والمستوطن الإسرائيلي، في القدس، وفي أنحاء الضفة الفلسطينية إقامة مكلفة مادياً وبشرياً، وتلحق الأذى والخسارة بالمصالح الإسرائيلية بما يدفع الجانب الإسرائيلي على الصعيد المجتمعي، وعلى الصعيد الرسمي لإعادة النظر بسياسته المكلفة هذه خاصة إذا ما أضفنا لها فاتورة الكلفة على صعيد الرأي العام الدولي، الذي سينظر إلى الوجود الاحتلالي الاستيطاني الإسرائيلي عارياً من كل إدعاءاته الديمقراطية المزيفة.

•     الخطوة الثالثة التي ترى ضرورة أن يخطوها المفاوض الفلسطيني لتستقيم أمور العملية السياسية بما يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية العليا هي وقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي، أي وقف العمل الفلسطيني في المشاريع الإسرائيلية، ووقف التعامل مع السوق الإسرائيلية ووقف سياسة الدمج الجمركي، مع إسرائيل والاتجاه نحو بناء الاقتصاد الوطني الفلسطيني. الإحصائيات الفلسطينية تقول إن الفلسطينيين في الضفة استوردوا من إسرائيل بما قيمته 3,8 مليار دولار خلال العام الفائت. كما تقول أيضاً إن شمعون بيريس، رئيس إسرائيل حذر من كارثة اقتصادية إسرائيلية في حال فشلت المفاوضات. وهذا إلى جانب معلومات عديدة أخرى، يؤكد أن بإمكان الفلسطينيين أن يصيبوا الاقتصاد الإسرائيلي مقتلاً إن هم قرروا مقاطعة إسرائيل اقتصادياً. صحيح أن الاقتصاد الفلسطيني الهشّ يعتمد في 79% منه تقريباً على الاستيراد من إسرائيل، لكن الصحيح أيضاً أن هذا، إلى جانب كونه نقطة ضعف في الحالة الفلسطينية في ظل العلاقات السائدة، التي تضع الفلسطينيين في حالة تبعية اقتصادية لإسرائيل، يمكن أن يتحول إلى نقطة قوّة، إن قرر الفلسطينيون التحرّر من هذه التبعية، وكسر الاحتكار الإسرائيلي للأسواق الفلسطينية. إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد الإسرائيلي في ظل الصراع الدائر مع الفلسطينيين، وبإمكانها أن تعيد ترتيب ميزان القوى لصالح الفلسطينيين، ليصبح أقل اختلالاً لصالح الإسرائيليين.

وهكذا يمكن القول إنه في ظل معركة دبلوماسية واسعة النطاق، في الأمم المتحدة ومؤسساتها، ووقف التنسيق الأمني وتوفير الحماية للحركة الشعبية والسياسية، وفكّ الارتباط الجمركي والاقتصادي مع إسرائيل، يكون الفلسطينيون قد انتقلوا من اعتماد سياسية الخيار الوحيد، المفاوضات الثنائية مع إسرائيل، تحت الرعاية المنفردة للجانب الأميركي، نحو تبني إستراتيجية كفاحية بديلة، متعددة الخيارات والاتجاهات، والأسلحة ووسائل الضغط والتأثير، تشترك فيها السلطة ومؤسساتها والحركة الشعبية، ويستعيد الشارع الفلسطيني ثقته بالقرار السياسي الفلسطيني الرئيسي، وتعيد الحالة العربية الرسمية والشعبية النظر في رؤيتها للوضع الفلسطيني، كما يعيد الرأي العام العالمي، تقييمه للوضع الفلسطيني، مما يفتح آفاقاً سياسية جديدة أمام القضية الفلسطينية، بحيث لا تبقى أسيرة الخيارات والاقتراحات الأميركية والتعنت الإسرائيلي.

خطوات جريئة قد يرى فيها البعض مغامرة، لكنها وإن كانت كما يقال، مغامرة، إلا أنها مضمونة النتائج، بينما تؤكد الوقائع أن تمديد المفاوضات في ظل إطار كيري، ما هو إلا مغامرة خاسرة مسبقاً ولن تعود على الحالة الفلسطينية إلا بالكوارث الوطنية.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.