اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

القيادة الرسمية كشفت أوراقها بأسرع مما كنا نتوقع// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

القيادة الرسمية كشفت أوراقها بأسرع مما كنا نتوقع

معتصم حمادة

فلسطين

 

باستنجادها بالوسيط الأميركي لم يكن هم السلطة انقاذ الأقصى فقط، بل وكذلك إخماد الهبة الشعبية قبل أن تفرض معادلاتها السياسية على الحالة العامة.

بأسرع مما تصور المراقبون، نجحت الهبة الشبابية في فلسطين المحتلة، في جذب أنظار الرأي العام الدولي، وعواصم القرار، بما في ذلك واشنطن والأمم المتحدة. من هنا سارع الأمين العام بان كي مون إلى زيارة المنطقة، ومقابلة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. أما جون كيري، وزير خارجية واشنطن، والذي كان قد أستمهل رام الله، طالباً منها الصبر إلى أن يفرغ من الملف الإيراني، فقد تجاوز هذا الاستمهال، وترك الملف النووي وتداعياته وتطبيقات اتفاقاته جانباً، وحمل حقيبته، وسارع إلى لقاء بنيامين نتنياهو، والعاهل الأردني، والرئيس محمود عباس.

كل الدعوات السابقة على الهبة الجماهيرية لم تجد نفعاً. لا المشروع الفرنسي إلى مجلس الأمن، ولا المشروع العربي الفلسطيني، ولا بكائيات المقاطعة ونداءاتها، ولا تذلل المستشارين والمساعدين، وبعض الوزراء، في استغاثات ومناشدات أن «أدركونا قبل فوات الأوان». «الأوان» فرضته الهبة الشبابية بحجارتها، وسكاكينها، ومسيرات الغضب، وصدامها الشجاع مع جنود الاحتلال وعصابات المستوطنين. «الأوان» فرضته الهبة الشبابية، حين استبدلت المذكرات والنداءات والبيانات والبلاغات بالنزول إلى الشارع، وحين قلبت الطاولة وحولت «الاحتلال من غير كلفة»، أي «الاحتلال خمس نجوم», إلى احتلال ملوث بالدم، عاجز عن حماية نفسه، وحماية مستوطنيه، فلم يجد سوى أسلوبه المعروف، اللجوء إلى الرصاص، والكشف عن وجهه الحقيقي. «الأوان» فرضته الهبة الشعبية التي فتحت الملفات، هذه المرة، بطريقة مختلفة، ووجهت رسائلها إلى كل العالم، لتقول فيها إن الشعب الفلسطيني لن يسكت طويلاً على القمع، والقتل، والاختطاف، والاذلال، وإن الشعب الفلسطيني يعرف كيف يدافع عن مقدساته، وعن أرضه، وعن كرامته الوطنية، وإن الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة قوة عاتبة، هو الذي يحدد ساحة المعركة وميدانها، وهو الذي يحدد ساعة المعركة وموعدها، وهو الذي يفرض قواعدها، ويعيد صياغة المعادلات.

*      *      *

واهم كيري إن هو اعتقد أن المسألة تتعلق فقط بالأقصى. وواهم كيري إن هو اعتقد أن بعض التصريحات من هنا وهناك، وأن نصب بعض الكاميرات، مع بقاء الاحتلال، وبقاء الاستيطان، من شأنه أن يخمد الهبة الشعبية. فالقضية كما رسمها شبان الهبة بدمائهم هي قضية الاحتلال والاستيطان. ولا تقف عند حدود الدفاع عن الأقصى ضد سياسة التهويد. ولعل زيارة كيري، ولقاءاته مع الجهات التي رآها معنية بالأمر، تعكس طبيعة السياسة الأميركية وطبيعة نظرتها إلى القضية الفلسطينية، وطبيعة الحل الذي تضمره الولايات المتحدة لهذه القضية. زيارة كيري حاولت أن تخدر المريض، لا أن تعالج مرضه. حاولت أن توحي  أن الولايات المتحدة حريصة على الهدوء والاستقرار في المناطق الفلسطينية المحتلة. لكنه ليس هدوء واستقرار للشعب الفلسطيني، بل هدوء واستقرار لجنود الاحتلال والمستوطنين.

وواهم كيري، في الوقت نفسه إن كان قد أقنع الشعب الفلسطيني، بأن اجراءاته هي تمهيد للعودة إلى المفاوضات نفسها، التي لم تنتج خلال حوالي عشرين عاماً سوى الخراب والكوارث، وأن هذه المفاوضات، إن هي استؤنفت حقاً، بالشروط الهابطة التي أعلنها الرئيس عباس، من شأنها أن تقود إلى حل متوازن ومقبول وطنياً. إن الهدف الحقيقي لزيارة كيري كانت في الحقيقة محاولة مفضوحة لإخماد الهبة الشعبية، وإخراجها من المعادلة السياسية، والعودة بالقضية الفلسطينية إلى المعادلات السابقة، المختلة بشكل فاقع لصالح الجانب الإسرائيلي.

وإذا كان كيري يرغب حقاً في مفاوضات جديدة، فإنه يريدها مفاوضات بعيداً عن ضغط الشارع الفلسطيني وتأثيراته. يريدها مفاوضات، يكون فيها المفاوض الفلسطيني أعزل من كل سلاح.

*      *      *

القيادة الفلسطينية الرسمية، هي الأخرى، لم تلتقط «اللحظة التاريخية» التي وفرتها لها الهبة الشعبية، لصياغة معادلات سياسية جديدة. لم تقرأ جيداً القوة الفعالة للهبة التي أرغمت وزير خارجية أكبر دولة في العالم، على الهرولة إلى المنطقة، لإعادة فتح الملف الفلسطيني والصراع مع إسرائيل. القيادة الفلسطينية الرسمية، رمت جانباً القوة التي وفرتها لها الهبة الشعبية، وواصلت تعاملها مع «الوسيط» الأميركي وكأن الأمور مازالت على ماعليه، وكأن ما يجري في الشارع، ليس سوى «العنف» الذي «جرنا إليه نتنياهو». ويبدو أن الهم الكبير للقيادة الرسمية الفلسطينية، لم يقتصر فقط على انقاذ الأقصى من التهويد، بل كان همها أيضاً أن تشارك، هي الأخرى، في إخماد الهبة الشعبية. لذلك طلب الرئيس عباس من أعضاء اللجنة المركزية لفتح، «التحرك» لوقف تحركات الشبان في الشارع، بذريعة أن الهبة «حققت أهدافها»، حين نجحت في استحضار كيري إلى المنطقة، وتوسطه لوضع «حل» لقضية الأقصى. لذلك، أيضاً، طلب الرئيس عباس من النواب الفلسطينيين العرب في الكنيست الإسرائيلية التوقف عن زيارة الأقصى، وعن «تحريض» الشبان الفلسطينيين، لأن الوجهة السياسية لديه هي الآن «تهدئة الموقف».

مثل هذه السياسة تكشف، دون أية مواربة، أن الهبة الشعبية، وخلفياتها، وأهدافها، في وادِ، وأن القيادة الرسمية الفلسطينية في وادِ آخر. وأن مثل هذه السياسة تكشف مرة أخرى، كم تخاف القيادة الرسمية الفلسطينية أن تجرها الهبة الشعبية إلى حيث لا تريد هذه القيادة، أي خارج معادلة المفاوضات بالشروط والأسس الهابطة، ونحو انتفاضة شاملة، تتحول في الميدان، إلى عصيان وطني، يطيح بالاحتلال والاستيطان. لقد نجحت البيروقراطية الفلسطينية في م.ت.ف في الانقلاب على الانتفاضة الأولى في اتفاق أوسلو. ونجت بيروقراطية السلطة الفلسطينية في إخماد الانتفاضة الثانية لصالح سياسة الخيار الوحيد,. المفاوضات تحت الرعاية الأميركية. وها هي القيادة الرسمية، تحاول بأسرع ما يمكن لإخماد الهبة الشعبية لتحضير المسرح أمام الوسيط الأميركي المنفرد.

الكرة الآن في ملعب الهبة الشعبية.

الكرة الآن في ملعب القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية. والشارع هو الميدان.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.