اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الوحدة الوطنية: بين المعنى والمضمون// حسن حاتم المذكور

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الوحدة الوطنية: بين المعنى والمضمون

حسن حاتم المذكور

 

عندما جعلوا من الوحدة الوطنية خرافة والحديث عنها تخريف , لم يبق لنا سوى الأستذكار الخجول لبقايا وطن في الذاكرة , منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921 ورغم طائفية وعنصرية بعض الأنظمة , استمر المجتمع العراقي متماسكاً , ثورة 14 / تموز / 1958 اشتركت فيها جميع القوى التي كانت تمثل المكونات العراقية ـــ جبهة الأتحاد الوطني ـــ الضباط الأحرار كانوا تشكيلاً قومياً وطنياً مثًل جميع الأتجهات العراقية في حينه , ورغم شوفينية وطائفية النظام البعثي كان المجتمع موحداً تقريباً في مواجهتة , وحتى الخمسة والثلاثين عاماً الأخيرة من حكم ــ صدام حسين ــ وما برمج له في تدمير البنية المجتمعية من داخلها , استمر للوطنية العراقية حضوراً ـــ الأنتفاضة الشعبانية 1991 مثال ـــ .

 

بعد الأحتلال عام 2003 , اندفع المشروع الأمريكي في العراق والمنطقة الى الأمام , وكانت  الوطنية العراقية هدفه المباشر , وبقسوة تم افراغها من مضمونها عبر تقسيم المجتمع العراقي الى ثلاث , شيعي , سني وكردي وتهميش المكونات الأخرى .

 

تلك المجتمعات الثلاث المصنعة اقليمياً ودولياً, تقاسمت العراق جغرافية وسلطة وثروات , تفصل بينها حواجز من الكراهية والأحقاد والشك , مسحت من روزنامة التاريخ العراقي كل ما له علاقة بالتقاليد الحميدة لروابط الأخوة والتسامح والتعايش السلمي , المشروع الأمريكي المبرمج عسكرياً واستخباراتياً واقتصادياً واعلامياً , وعبر مجلس الحكم الموقت وحكومات طائفية عرقية تعاني فقر الوطنية , استطاع ان يمسخ المجتمع العراقي الوطني الى مجتمع طائفي عرقي , يقاتل نفسه ليخسرها على طاولة الأنهاك ثم التقسيم , المجتمع الطائفي لا يمكن ان ينتج حكومة غير طائفية , ولا غرابة , في كل دورة انتخابية تتكرر علينا ذات الوجوه المتخلفة الفاسدة , اغلبها متواطيء مع الأرهاب .

 

بعد ان اصبحت لعبة الكراهية والأحقاد وشهوة الفتن بيئة مجتمعية وثقافة يومية تمارسها رموز الأطراف الثلاثة (الشيعة السنة الكرد) , تحول المعنى للوطنية العراقية الى خرافة والتخريف حولها تغريداً خارج المضمون العام للتقسيم .

 

العراق ـــ الوطن الواحد ـــ انقسم عملياً الى ثلاث .

 

1 ـــ دولة ــ حكومة ـــ المكون الشيعي .

 

2 ـــ دولة ـــ حكومة ـــ المكون السني .

 

3 ـــ دولة ـــ حكومة ـــ المكون الكردي .

 

الأحزاب والتحالفات التي تكون منها كل ضلع من المثلث , صممت متشاركة متوافقة تتنفس برئـة مشروع التحاصص والتقسيم , الدستور ومعه ديمقراطية الأمتيازات , فصلا على مقاس التوزيع الطائفي القومي للسلطات والثروات , واصبح تقليداً لا يمكن القفز عليه بسهولة , ان يكون رئيس الحكومة (شيعي) ورئيس مجلس النواب (سني) ورئيس الجمهورية (كردي) , وهكذا بالنسبة للوزارات, سيادية نفعية ومؤسسات للفرهود والتهريب الشامل , ورغم الأنسجام التام لأطراف لعبة الكراهية حول الكعكة العراقية , غير انها تمارس ادوارها بمهنية فائقة في اشعال حرائق الفتن بين المكونات العراقية التي كانت يوماً متآخية .

 

المضمون الأمريكي الأقليمي للوحدة الوطنية العراقية , ثلاثة جغرافيات لثلاثة دول وحكومات وثقافات , لكل منها حصة من الدستور واخرى من الديمقراطية , جميعها ممثلة بالمركز الأمريكي من داخل المنطقة الخضراء , ثلاثة رئاسات وسياديات وتوافقات تحاصصية لشيعستان وسنستان وبرزانستان , تفصل بينهما حدود المتنازع عليها للفتن المؤجلة , اننا هنا لا نتحدث عن عراق المعنى بعد ان فقد المعنى , انما نعني المضمون بعد ان فقد مضمونه .

 

1 ـــ جغرافية شيعستان : حصة المراجع والأحزاب الشيعية من العراق المقسم , تتحاصصه ثلاثة احزاب شيعية رئيسية , المجلس الأعلى , التيار الصدري , حزب الدعوة , وهناك كتل فرعية اخرى , جميعها تربطها مصالح نفعية اكثر منها عقائدية مع المراجع العليا والعظام , عقد تاريخي لا يمكن القفز عليه , يتلخص في افراغ مجتمع الجنوب والوسط من مضمونه الوطني وتمزيق الهوية الحضارية حد الأحتقار والألغاء التام , وهذا يتطلب اجتثاث جذور الأنتماء والولاء للوطن ــ بالعراقي الفصيح ــ ان يخلعوا عراقيتهم كهوية مشتركة مع الذات والآخر , مهمشين على قارعة تعقيدات التاريخ المنقول للمذهب , الأمر هنا يتطلب دراسات واختصاصات مبرمجة بقدرات روحية وعاطفية عالية وحرفية في مسخ الوعي الوطني , ملخص الأمر, ان يستمر هذا المجتمع الرائع , رزمة ارقام واصفار جاهزة للقسمة على اعداد المراجع والأحزاب الشيعية , عملية اخصاء غبية لأكثر من ( 20 ) مليوناً من عراقيي الجنوب والوسط , هنا ايضاً لا يمكن تجاهل صعوبة الأمر على المدى البعيد , فالمضمون الوطني عريقاً في معناه , راسخاً تاريخياً وحضارياً في الشخصية العراقية لمواطني الجنوب والوسط , الأمل معقوداً على التحولات النوعية والمتغيرات الكمية العاصفة التي وحدها تستطيع قلب طاولة التغيير والتحديث والتقدم على رأس برنامج التجهيل والأفقار والهدم الصحي , وفي جميع الحالات , ليس بالأمكان الأمساك بعنق الرأي العام للجنوب والوسط الى ما لا نهاية , فقط ان يبدأ المتبقي من الخيرين جادين من نقطة الوعي .

 

2 ـــ جغرافية سنستان (داعشستان) : مع انهم مجتمع لا يجتمع حول التأثير المباشر للمراجع الدينية , كما هم عليه الشيعة , انهم تحت تأثير آخر اشد وطأة , سطحية وازدواجية الخلط بين القومية والطائفية في آن , محكومين بقناعات فقدت ازمنتها ومنطقها , حالمون وهماً بعودة العراق الى مرحلة تجاوزها الواقع لاتملك حرفاً في قاموس المتغيرات, الوطن بالنسبة لهم, اقل شأناً من السلطة, والحصول عليها لا يمنعهم من مقايضة اجزاءه , اقلية فقدت تاريخياً وعملياً مقومات ادارة الدولة بمفردها , لهذا اصبح مجتمعهم ارضية رخوة لنفاذ اختراقات انظمة الجوار السنية وكذلك الدولية , افضل ما يملكون من طباع ومواهب البداوة , الحراك المخادع وشهوة المغامرات المسلحة وعتمة التخطيط للأنقلابات (وفضائل !!) الغدر والوقيعة , انهم وعلى المدى المنظور , لا يصلحون طرفاً يؤتمن له في الوحدة الوطنية , مضمون سيء محشو بالمفاجئآت غير السارة , سليلي التقوقع العشائري الضيق , يمكن ان يستعملوا الوطن , لكنهم لا يؤمنون به , الوحدة الوطنية في ثقافتهعم المنغلقة, لا تتجاوز فرصة القفز على ظهر الآخر ثم كسره .

 

3 ـــ جغرافية برزانستان (الكردية) : عند الحديث عن تلك الجغرافية (الدولة) , يجب حذفها من قاموس الوحدة الوطنية العراقية اولاً, قياداتها , اضافة لتطرفها الشوفيني , مصابة بداء الأحقاد والكراهية لكل ما هو عراقي , انتقلت عدواها الى مجتمعها فسرطنت فيه جينات الأخوة والتعايش المشترك , انها بمجملها ثغرات خطير لأختراق السيادة الوطنية وتدمير الدولة واعادة تمزيق الهوية المشتركة للمجتمع , اربيلها ملتقى لنشاط استخباراتي مخيف , قاعدة عسكرية سياسية للأنظمة التي لا تريد خيراً للعراق, يطمح جنرالها مسعود , للأستحواذ على ما يستطيعه من جغرافية وثروات العراق , يبتزون الدولة بالدعوة للأنفصال , وهم لا يؤمنون به ولا يرغبون , حيث لا يأتي في صالح النشاط الأستخباراتي الخارجي على جغرافية الأقليم , الأنحسار في دويلة صغيرة تضيق داخلها مساحة النشاط الأستخباراتي , تعد خسارة مقارنة بالحدود المفتوحة على العراق ثم التمدد الى محيطه عبر الشراكة النافذة في حكومة المركز , فالمنطقة الخضراء تعتبر مجال حيوي لنشاط الأستخبارات الدولية والأقليمية , عبر استعمال المراكز الحكومية النافذة التي يحصل عليها المكون الكردي في حكومة المركز , انها في الواقع , مؤسسات تديرها انظمة الجوار والعالم , وبشكل خاص امريكا وتركيا واسرائيل , وهذا افضل بكثير من ثقب مراقبة عديم الرؤيا في اربيل , فالدولة العراقية من الناحية العملية , بلا اسرار ولا سيادة ولا حصانة ولا هيبة , مختركة مفككة حد العظم .

 

العراق على حافة اكثر من هاوية مبرمجة , ومثلما تقاسمته ديدان الطوائف والمذاهب والأعراق , ستتقاسمنا لعنة التواطي , ان اردنا ان نترك اثراً طيباً وذكرى تحترمها الأجيال , علينا ان نبدأ عراقيون , الوطن مرجعنا ومقدسنا , كنا فيه وجئنا منه قبل ان نكون شيئاً آخر .

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ــــــــ 03 / 10 / 2014

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.