اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الخيانات المفترسة ...// حسن حاتم المذكور

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الخيانات المفترسة ...

حسن حاتم المذكور

 

ـــ نريده وطناً نموت من اجله ــ لا ان نموت على ايديهم .

الخيانة حالة سقوط (مسخ) اجتماعي , تبدأ مع خيانة الذات (الأنسلاخ عنها) اسبابها اجتماعية وقد تكون قاهرة احياناً, تدفع بالخائن حتى قعر الحقارة المطلقة , حالة لا يهم الخائن فيها ان يكون سافلاً حقيراً من خارجها , كما لا يعير اهتماماً للرأي العام , انه لا يحترم نفسه اصلاً , عندما يكون رئيس حكومة او مسؤولاً كبيراً او قائد لحركة قومية او طائفية او رئيس حزب , فيصبح مظهر خياناته مموهاً (مهذباً) كما هي عمالته وفساده وارتباطاته الأرهابية ومنظومة رذائله .

 

صدام حسين مثلاً: ارتكبت خياناته مجازر وحشية , جند فيها حزبه وحاول ان يجعل من المجتمع شريكاً, تعامل مع ضحاياه ارقاماً بعد ان سقط الى قعر حقارته المطلقة , القيادات الكردية نموذجاً , عبثية الأقتتال بين الأخوة عام (1996) اشرك الحزب الديمقراطي الكردستاني فيها قوات النظام البعثي , مجزرة راح ضحيتها الألاف من الأبرياء , تلاشت ذكراها بعيداً في مجاهل التاريخ , لم تتحسس القيادات وجع الضحايا والأرامل والأيتام وانكسارات المعوقين والمغيبين والمهاجرين , واخفت الكارثة داخل عتمة سيرك البهلوانيات القومية .

 

الخيانة الأخيرة (المؤامرة) , التي كان يوم 10 / 06 / 2014 ساعة صفرها في احتلال ثلث جغرافية الوطن, رافقتها مجزرة (سبايكر) وفجائع الأبادات والسبي والأغتصاب التي تعرض لها الأيزيديين والمسيحيين ومكونات عراقية اخرى , تلك التي اشتركت فيها اغلب اطراف العملية السياسية , مرت بالنسبة للفاعلين , من دون ان تترك وخزة ضمير , انهم ومن قعر الحقارة المطلقة , تعاملوا مع الضحايا حدث طاريء مسبوق , يمكن حصره داخل قوسي النهج الثأري للسفالات والحقارات السابقة واللاحقة .

 

الخيانات السياسية , تسبقها دائماً ميول للتبعية والعمالة , يعتبرها البعض حالة ذكاء اوشطارة , يتباها رموزها بشبكة ارتباطاتهم وعدد الجهات التي يعملون لها او معها , فأصبحت لديهم خيانة الذات والجماعة ثم الشعب والوطن , وسيلة لها من الغايات ما يبررها , من دون الشعور بسقوطهم في قعر الحقارة المطلقة .

 

ينتهي الخائن لا شعورياً الى حالة انهيارات , يعاني اوجاعاً نفسية معنوية وضيق خبيث يجتاح مفاصل حياته , انه في حالة هروب دائم الى الأمام , قلق منهك مستسلم لمخدرات العادة , والأكثر احراج (مأزق) في الخيانات , تلك التي يسقط فيها المثقف (المستثقف) , فيُمسخ امياً امام مكرمة من خائن سياسي اكبر , انه عندما يقرر خيانة مبادئه ومواقفه وقناعاته , عليه اولاً ان يخلع شرفه الوطني كما هو السياسي , انه يتعرى من قيمه (اشياءه) الداخلية , تماماً كما اصبحت فنادق اربيل , مبغاً عاماً لخونة الثقافة الوطنية .

 

في العهد الملكي , كانت الخيانات محصورة بعدد محدود من المسؤولين , وهم يرفضون تهمتها خجلاً , بعد سقوط النظام الملكي , واحتلال النفوذ الأمريكي مواقع الأستعمار البريطاني , خاصة ما يتعلق في العراق بعد انقلابهم الأسود في 08 / شباط 1963 , اتخذت ظاهرة العمالة والخيانات طابعها الجمعي , حزب البعث والقيادات الكردية وشرائح طائفية مختلفة مثالاً , مع ذلك وفي اسوأ مراحل التسلط البعثي (عمالة وخيانة) , لم تتجاوز الخيانات ابعد من تنفيذ المصالح والأطماع الأمريكية مقابل السلطة , ولم يرفع في حينها مشروع التقسيم راسه اويعبر عن نفسه علناً , بعد الأحتلال عام 2003 , اصبح مشروع الخيانة الكبرى لتقسيم العراق واقتسامه ثروات وجغرافية ومجتمع صارخاً منفلتاً مفترساً دولياً واقليمياً وادوات خيانية محلية واسعة .

 

بعد ان كانت الخيانات سلوك مستهجن , تتحرك في حدود ضيقة, سرية في اغلب الأحيان , اصبحت الآن ظاهرة عراقية مخيفة , ثقافة اكتسبت حالات فرز واستقطاب وخصوصية طائفية قومية عشائرية , ساحتها العراقية مسرحاً حراً لأدوار الخونة , المجتمع فيها تم افتراسه كما هي الدولة , العراق اُكمل تحاصصه اجزاء وفضلات , القسم الشمالي منه مفترساً كردياً ,والشمالي الغربي مفترساً سنياً (داعشياً) , الوسط والجنوب مفترساً شيعياً , حيث ابتدأ الأمر (التقسيم) مشروعاً ناضجاً من داخل السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء , مهندسه الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر , وكان مجلس الحكم الموقت , مركزاً للتطوع , يتقدم اليه من يجد في نفسه الأستعداد الأجتماعي والأخلاقي والنفسي لأرتكاب تلك الخيانة الكبرى , ليستمر العراق في قبضة المشروع الأمريكي للأنهاك معلقاً بين التقسيم (التحاصص) الفعلي وثرثرة الشراكة الوطنية .

 

عندما انسحبت القوات الأمريكية من العراق , تركت مصيره محكوماً في زنزانة نظام التحاصص والتوافقات , ومسلسل حكومات الطوائف والأعراق , ودستور للفتن المؤجلة , وديمقراطية لا يرتديها الا من يُفصل نفسه معوقاً على مقاسها , ومع ذلك , استمر الرأي العام العراقي عائق جدي امام مشروع التقسيم , الذي كان مقدراً له ان يضع العراق في مزاد آخر مرحلة من صفقات وجوده .

 

يوم 10 / 06 / 2014 , كانت ضربة شبه قاضية , وجهت الى الرأي العام العراقي , افقدته توازنه واربكت وعيه , يرى الواقع مقلوباً والرؤيا مشوهة  والخيانات متداخلة , ثلاثة ارباع العملية السياسية تخون , احزاب قومية وطائفية كانت يوماً معارضة , تتصدر العملية السياسية تخون , طوائف وقوميات ومكونات وعشائر تخون , اربيل المكون الكردي , تصبح مركزياً لأدارة عمليات الخيانة , دواعش المكون السني تحتل نفسها ودواعش البيشمركة تسترجع متنازعاتها , يندمج اشقاء الخيانة في جورة حميمية , ونوايا مشتركة لأكمال تقسيم المتبقي من جغرافية العراق حتى مراضع الثروات الوطنية في الجنوب العراقي , هكذا كان منطق الأفتراس الخياني .

 

الدستور احيل على التقاعد , فسخ عقد الزواج الموقت مع الديمقراطية , العملية الأنتخابية والأستحقاق الأنتخابي , رفعت مفرداتها من قاموس المقبولية والأجماع الوطني , اصبح الواقع العراقي موحشاً والأفتراس الخياني واقعاً , في لحظات المسخرة , تشكلت حكومة الصفقة من عناصر الرصيد الأمريكي لقانون تحرير العراق لعام 1998 ومنحة الـ (97) مليون دولار , ظهرت على مسرح العملية السياسية وجوه الخذلان وطراطير المادة (4) ارهاب واخطبوط الخيانات التاريخية للتحالف الكردي لصاحبة الرئيس المعتق .

 

في الوقت الذي حققت فيه قوى التقسيم القفزة الأهم على طريق التجزأة , استيقظ الرأي العام العراقي على نداء الوطن , قلب الطاولة على رؤوس اطراف الخيانة , كان متطوعو الحشد الشعبي, غطاء عراقي ونواة  لجيش وطني يتشكل, اوقف التمدد الدواعشي وحُجم نفوذه وفُوتت الفرصة على مشروع التقسيم , اصبحت فواصل المواجهات بين الوطن واعداءه , مرسومة بدم الشهداء تحاول, انه العراق عندما يقول كلمته , قطعان العمالة والخيانة تحاول الإلتفاف على تلك الظاهرة الوطنية وطرح بديلهم (حرس وطني!!!) لفتنة التقسيم, يحشدون دواعشهم من داخل العملية السياسية وخارجها لأسقاط الوطن والأستحواذ على فضلات التقسيم , انها اطراف خلعت المتبقي من اسمال شرفها الوطني , تفترس العراق بفسادها وخياناتها .

 

17 / 10 / 2014

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.