كـتـاب ألموقع

• مجانية الدم العراقي ...

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مقالات اخرى للكاتب

    مجانية الدم العراقي ...

14/02/2011

 

في العراق الجديد ’ كل الأشياء ارتفعت اسعارها ’ فقط الدم العراقي تراجعت قيمته مثلما تراجعت ادميـة الأنسان فيه ’ حتى اصبحت مجانية ’ ليس في السوق المحلي فحسب ’ بـل وكذلك في البزارات الدولية والأقليمية ’ فعلى طاولة التحاصص والفرهدة الشاملة ’ يكون الدم العراقي اوراق اللعبة ’ وعدد الضحايا في كل تفجير نوعي جوكرها ’ يستعمله هذا الطرف ضد الآخر وبالعكس ’ المكاسب والأرباح تقاس بحجم الحصة التي تحصل عليها اطراف اللعبة ’ وبما ان اللعبـة مشتركة في حكومة شراكة ’ فيبقى المواطن العراقي وحده الخاسر ’ وان الحرص على اسرار اللعبة وقوانينها والحفاط على استمرارية وتيرتها’ لغزاً لايمكن للضحايا حله بسهولة ’ وبطرق متقنة وشطارة عالية مكتسبة من تجارب السابقون ’ جعلت الوعي العراقي مرتبكاً مشوشاً والمواطن مشلول الذاكرة ممزق الأرادة ’ فكل مجزرة تلغي بشاعة سابقتها ’ ثم يعاد خلط الأوراق وتشويه الحقائق عبر بهلوانيات وخزعبلات رسمية .

المواطن العراقي لايعرف تعقيدات اللعبة ولايدرك ابعد من شكوكـه ’ سوى انه قتيل او سوف يقتل ’ ولم يجد تفسيراً للقاعـدة المتهمة دائماً ’ هويتها مصادرها ’ وان كانت واحدة او مجموعات ’ مستوردة ام محليـة ’ اسلامية ام قومية ’ طائقة ام عرقية ’ ام انها جميع ادوات حكومـة المصالحات والمشاركات لقطع اصبـع الشارع العراقي اذا ما فكر في ان يرفعـه بوجه الجريمة والمجرمين ... والفساد والفاسدين ... والتزوير والمزورين ... وجميع اسباب اذلاله وقهره وموتـه اليومي المنظم .

المثير للسخرية والأستهجان’ تلك الأستعراضات التي تنطلق من شاشات الفضائيات العراقية وفبركة الأستنكارات والمكرمات التي تبسقها قيادات المرحلـة البائسة ويجترهـا الناطقون الرسميون ويشترك في تمثيلها المتهمون والمعترفون ’ ومع بداية كل تفجير ’ يسدل الستار على المجزرة التي سبقته ثم يتم التوافق والأتفاق والمساومة على اطلاق سراح الممثلين او تهريبهم وتكون مجانية الدم العراقي صفقة الشركاء .

اذا ما استشهد شاب فلسطيني برصاصة جندي اسرائيلي وجرح آخر ’ يهتز الضمير العالمي والأقليمي والعراقي ايضا ً’ وهذا واجب نشترك فيه معهم ’ واذا ما غرق او احترق عدد من السواح والأهالي في اعصار وفيضانات وتصادم قطارات او سقوط طائرات ’ تهتز شوارب الأعلام الدولي والأقليمي والعراقي ايضاً ’ وهذا واجب انساني ’ وعندما سقط في انتفاضتي تونس ومصر الباسلتين عدد من الشهداء ’ كان الرأي العام العالمي والأقليمي والعراقي بشكل خاص ’ قد ادى واجبـه داعماً ’ مع ان عدد شهداء الأنتفاضتين التونسيـة والمصريـة لايزيد على عدد شهداء ما تحصده عمليتين تفجيريتين نوعيتين من اهل العراق في دقائق وان عدد الذين تمت تصفيتهم من العلماء والمثقفين والأعلاميين والصحفيين قد تجاوز الأف ناهيك عن اكثر من ( 300 ) الفاً من شهداء الأنتفاضة الشعبانية مضافاً لكل ذلك ضحايا الأنفال وحلبجـة وعراقيي الأهوار والمجزرة المروعـة للكورد الفيليين وملايين الأيتام والأرامل والمعوقين والمهجرين والمهاجرين ’ لكن وفي جميع الحالات يبقى الشهيد العراقي في نظر الأشقاء واولاد العم والخال والجار والصديق رقماً مثيراً للملل وشماتة تنشدها الفضائيات العالمية والأقليمية والعراقية ايضاً .

الكثير من العراقيين ومنهم المثقفون بشكل خاص يتوحدون ويستنفرون بنخوة عالية تضامناً مع الآخر وهذا جميل جداً’ لكن اذا ما تعلق الأمر بقضاياهم الوطنية ومستقبل شعبهم ومحنته نراهم يتفرقوون وينشطرون ويتمترسون ويتصرفون بسلبية مضرة دون ان يسألوا الآخر وخاصة الأشقاء في تونس ومصر’ هل يردوا الموقف بالموقف والجميل بالجميل ويستنكروا ويدينوا القادم من المجازر ليضمدوا جراح الأهانات في كرامة العراقيين .

دسيسـة صناديق الأقتراع لأنتخابات 07 / 03 / 2010 ’ والتي استطاعت فيها قوى الردة العبور على ظهر احزاب الأسلام السياسي التي يبدو ان خوفها من المشروع الوطني العراقي دفعها لمساومة جلادي الأمس على حساب ضحاياها وضحايا العراقيين كأهون الشرين في تفكيرها وعرفها التقليدي’ فمهدت لها ولمجرمي البعث بشكل خاص احتلال المراكز القيادية الخطيرة داخل حكومـة الشراكة المصنعة دولياً واقليمياً ’ وستمهد ايضاً لمرور كل تفاصيل الدسيسة ’ وبسلوك ارعن وغفلة غبية ستجعل من العراق صيداً سهلاً في مصيدة المؤامرة الدولية الأقليمية المحلية حيث جمهورية الموت البعثي .

العراقيون بشكل عام وقوى المشروع الوطني العراقي بشكل خاص’ عليهم الدقة والحذر في التعامل مع الواقع وتجنب خلط أوراق المطاليب المشروعة الملحة لبنات وابناء العراق في الدفاع عن مصالحهم ومستقبل وطنهم وحقهم في الحرية والكرامة والرفاهية التي توفرها لهم ثروات بلادهم مع اوراق المشروع الطائفي العرقي وقـراد الزمر البعثية التي تستهلك الآن عافية العراق وتدفع به منهكاً مستسلماً نحو ساعة صفر اعلان جمهوريتهم الدموية الثالثة ’ خاصة وان جناحهم السياسي يتصدر الآن رأس السلطة والثروات ’ واصبح بأمكانه حماية ودعم جناحه العسكري والتمهيد لـه لأرتكاب جرائمه واكمال مشروعه الدموي بكامل حريته ومجمل طاقاتـه .

هنا ايضاً يجب الحذر والرفض التام لمحاولات بعض الجهات الحكومية ’ لتمييع المطاليب المشروعة للجماهير المسحوقة او الألتفاف عليها بذرائع الأخطار الخارجية والخلفيات السياسية المشبوهـة بغيـة تخدير الملايين وحرفهـا عن قضاياهـا واشغالهـا بأفتعال بعض النشاطات والفعاليات والهيجانات ومنظومة مواعض تفتقر الى الحقيقة وصدق النوايا’ سوى تغييب وعيها وتجهيلها وتدمير بصيرتها وحجب رؤيتها لبشاعات وانحرافات لاتقل خطراً على مصير العراق ومستقبل شعبه .

على قوى المشروع الوطني العراقي من داخل العملية السياسية وخارجها والحركـة الجماهيرية المتمثلة بمنظمات المجتمع المدني المستقلة ’ ان توحد صفوفها وتحسن استعمال ادواتها السياسية والأجتماعية والثقافية والأعلامية والتنظيمية ’ وتدفع بالحركة الجماهيرية الى تصعيد مطاليبها المشروعة الملحة’ وبحكمة ووعي تعمل على فرز اوراقها الوطنية عن اوراق الردة البغيضة .

الدم العراقي عزيز وغالي ’ ويجب ان يكون هناك من يدافع عنه ويحميه ويوقف سفكه ’ فالجميع امام مسؤولية تاريخية تدعوهم للتجرد عن الأنانية وضيق الأفق وعبثية التغريد خارج الصف الوطني وحماقة التمترس بعيداً عن الخيمـة العراقية .

 

14 / 02 / 2011