كـتـاب ألموقع
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟ (2)// محمد الحنفي
- المجموعة: محمد الحنفي
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 24 أيلول/سبتمبر 2023 20:10
- كتب بواسطة: محمد الحنفي
- الزيارات: 1182
محمد الحنفي
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟ (2)
محمد الحنفي
مفهوم التطلع:
إن أي متطلع، مهما كان، وكيفما كان، لا بد أن يكون محكوما بمرض التطلع، الذي يوقع صاحبه في الكثير من الآفات، التي تضر المجتمع، ولا تنفعه، مهما كان، وكيفما كان هذا المجتمع، إلا أنها، تخدم مصالح المتطلع، الذي يحقق هدفه، في نمو ثرواته، إما بممارسة النهب، وإما بالارتشاء، وإما بتلقي امتيازات الريع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وإما بالتهريب، من، وإلى المغرب.
فماذا نعني بالتطلع؟
وما هي طبيعة التطلع؟
وما هي الأهداف، التي تتحقق عن طريق ممارسة التطلع؟
ومن يتصف بالتطلع؟
وما هي الغاية من التطلع؟
إن التطلع، مصدر تطلع، يتطلع، إذا عمل على الوقوف على أصابع قدميه، حتى يرتفع رأسه أكثر، من أجل رؤية أقصى ما يمكن رؤيته، من بعيد، نظرا لتعذر رؤيته بشكل عادي. هذا على المستوى اللغوي. أما على المستوى المصطلحي، فإن مفهوم التطلع، يفيد معنى ركوب الشخص، كل المراكب، التي يترتب عنها: نمو ثروة المتطلع، في أفق صيرورته بورجوازيا كبيرا، أو إقطاعيا كبيرا، ولا يهم، إن كانت المراكب، التي يركبها، مشروعة، أو غير مشروعة؛ لأن الغاية من ركوب أي مركب، كيفما كان، هو تحقيق التطلع، المتمثل في مراكمة الثروات، التي قد تكون هائلة، لا حدود لها، نظرا للدخل اليومي، من النهب، والارتشاء، ومن امتيازات الريع المخزني، ومن الاتجار في الممنوعات، ومن التهريب، من، وإلى المغرب، وغير ذلك، مما يجعل كمية الثروات هائلة، فلا أذن سمعت، ولا عين رأت.
وهذه الكمية من الثروات، التي غالبا ما تكون غير مشروعة المصادر، التي تساهم في تكونها، الأمر الذي يترتب عنه: نشأة التطلع، الذي يقف وراء سيادة النهب، في الإدارة، وفي الجماعات الترابية، إلى درجة أن قيمة النهب، وقيمة الثروات، التي يتم الحصول عليها من النهب، والارتشاء، والامتيازات الريعية، والاتجار في الممنوعات، والتهريب، وغير ذلك، سعيا إلى الوصول إلى قمة الثراء، الذي لا يفيد إلا صاحبه، وخاصة الثروات، التي يتم تبييضها في العقارات اللا محدودة، التي تصير مملوكة للأثرياء، من هذا النوع، الذي لا يعرف للاستثمار طريقا، خوفا من الانكشاف، أمام أعين جميع أفراد الشعب، الذين يتيحون الفرص، من أجل تبين، ووضوح مصدر الثراء، الذي أصبح يتمتع به المتطلع، الذي صار صاحب ممتلكات، لا حدود لها، ولا يستفيد منها المواطن البسيط، أي شيء، مهما كان بسيطا؛ بل إن هذا المواطن، قد يصير في خدمة تلك الممتلكات.
والأهداف التي تتحقق من وراء الإثراء السريع، وغير ذلك، تتمثل في:
1 ـ تحقيق الثراء السريع، الذي يرفع المتطلع إلى مستوى ما لدى الأثرياء الكبار، الذين نهبوا المغرب، ومارسوا الارتشاء، بدون حساب، على حساب مواطني الشعب المغربي، ومارسوا تلقي الامتيازات الريعية، التي تدر عليهم المزيد من الثراء، الذي يتزايد باستمرار، الأمر الذي يترتب عنه: تحولهم إلى أن تصير لهم مكانة خاصة، لدى مانحي تلك الامتيازات الريعية، التي لا حدود لها. وبالإضافة إلى ذلك، هناك الاتجار في الممنوعات، الذي يدر أموالا طائلة على تجار الممنوعات، بالإضافة إلى ممارسة التهريب، من، وإلى المغرب، الذي يعني ممارسة الاتجار، بمئات الملايين، إذا لم تصل إلى عشرات الملايير، ليصل المتطلع إلى تحقيق الثراء الفريد، الذي لا يوظفه في الصناعات المشغلة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقدر ما يحول ثرواته الهائلة، في اقتناء المزيد من العقارات، التي تقف وراء تنمية ثرواته، بدون حدود، والتي يستغل بها من هم في حاجة إلى السكن، فيكترون منه، لحاجتهم، الملحة، إلى ذلك.
2 ـ اقتناء المزيد من العقارات القروية، التي تتحول إلى ضيعات، منتجة للخضراوات، والفواكه، وغير ذلك، مما يحتاجه السوق اليومي، الذي يخص تلك المنتجات. وهو ما جعل هؤلاء يزدادون ثراء، بالإضافة إلى شراء العقارات الحضرية، وكيفما كانت قيمتها، والتي يكتريها منه، وبقيم مرتفعة، لحاجتهم إليها، فيزداد بذلك ثراء، لتصير مصادر الثروة شاملة للنهب، والارتشاء، والاتجار في الممنوعات، وامتيازات الريع، والضيعات الكبيرة، التي يمتلكها في المدار القروي، بالإضافة إلى مدخوله من ممتلكاته العقارية، في المدار الحضري.
3 ـ فتح العديد من الحسابات، في الأبناك الداخلية، والخارجية، وخاصة في الدول الأوروبية، التي لا تطالها السلطات المغربية، ولا تستطيع الوصول إليها، من أجل أن يضع فيها المتطلعون، ما ينهبون، وما يجمعون من الارتشاء، ومن امتيازات الريع المخزني، ومن التجارة في المنوعات، ومن التهريب، وغير ذلك، مما يجعل العمل على فتح الحسابات في الأبناك الداخلية، والخارجية، من أجل وضع الثروات، التي تصير في ملك المتطلع، لتصير تلك الثروات، في خدمة الرأسمال العالمي، من جهة، وفي خدمة المتطلعين، من جهة أخرى، الذين يمتلكون القدرة على تغيير الجلد، في كل لحظة، إذا كان تغيير الجلد، في خدمة تحقيق التطلعات الطبقية.
4 ـ العمل على استثمار الثروات المنهوبة، أو بعضها على الأقل، في المشاريع الإنتاجية المتوسطة أولا، ثم في مشاريع إنتاجية كبرى، حتى يقال بأن ما بذمته، آت من إنجاز المشاريع المذكورة، والمتطورة باستمرار، من أجل التغطية على النهب، وعلى الارتشاء، وعلى الامتيازات الريعية، وعلى الاتجار في الممنوعات، وعلى التهريب، من، وإلى المغرب، ذلك، أن المتطلع، يستطيع أن يقوم بأي شيء، يجلب له الثروات الهائلة، بدون حساب، من أن يكون ثروة ذات مصادر مختلفة: مصدر النهب، ومصدر الارتشاء، ومصدر الامتيازات الريعية، ومصدر الاتجار في الممنوعات ومصدر التهريب، وغير ذلك، من المصادر المربحة.
وهذه الأهداف، التي نقف عليها، هي أهداف، لا تكون واضحة، في ممارسة المتطلعين، الذين يسعون إلى تكوين ثروات هائلة، وتكلفة المعيشة، التي يتحملها، تفوق بكثير دخله العادي، لولا ممارسة النهب، ولولا ممارسة الارتشاء، ولولا تلقيه لامتيازات الريع المخزني، ولولا قيامه بالاتجار في الممنوعات. ولذلك، كان الحرص على فتح حسابات متعددة، في الأبناك الداخلية، والخارجية، من مساحات فعل المتطلعين، الذين أصبحوا من البورجوازيين الكبار، أو من الإقطاعيين الكبار.
والمتصفون بالتطلع الطبقي، هم البورجوازيون الصغار، والبورجوازيات الصغيرات، الذين، واللواتي، يسعون، ويسعين، إلى أن يصبحوا بورجوازيين كبارا، وإلى أن يصبحن بورجوازيا كبيرات، أو إقطاعيين كبارا، أو إقطاعيات كبيرات، لا حدود للثروات التي يتصرفون فيها، أو يتصرفن فيها، ليكونوا، بذلك، قد حققوا تطلعاتهم الطبقية، التي هم من أجلها بورجوازيون صغار، والتي هن من أجلها بورجوازيات صغيرات، أو يحملون في أذهانهم، وفي أذهانهن، عقلية، وفكر، وممارسة البورجوازية الصغرى، مع أنهم، وأنهن، عمال، أو أجراء، أو عاملات، أو أجيرات، أو كادحون، أو كادحات؛ لأن التطلع، ليس خاصا بالبورجوازية الصغرى، بل يشمل كذلك العمال، والعاملات، وباقي الأجراء، وباقي الأجيرات، وسائر الكادحين، وسائر الكادحات، إذا كانوا يحملون عقلية وفكر وممارسة البورجوازية الصغرى، أو إذا كن يحملن فكر وممارسة البورجوازيات الصغيرات، ولأن التطلع، كذلك، ليس خاصا بالرجال، بل يشمل كذلك النساء البورجوازيات الصغيرات، أو يحملن عقلية وفكر وممارسة البورجوازيات الصغيرات.
وطبيعة المتطلع، هي صفة التطلع؛ لأن البورجوازي الصغير، أو البورجوازية الصغيرة، لا يمكن أن يكونا إلا متطلعا أو متطلعة. والمتطلع، والمتطلعة، مريضان بالتطلع، الذي يدفعهما إلى الحصول على الثروات الهائلة، التي تعمل على تحقيق تلك التطلعات، التي ترفع مستواه المادي، حتى وإن كانت المصادر، التي تقف وراء حصوله على الثروات، غير مشروعة، كالنهب، والارتشاء، والريع، والاتجار في الممنوعات، والتهريب، التي أعتبرها شخصيا، هي مصادر تكوين البورجوازية المغربية، الذي يجلب البلاء الأوفى، على المغرب، وعلى المغاربة، وعلى المغربيات.
والغاية من التطلع، صيرورة التحول المستمر، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. ذلك، أن البورجوازية الصغرى، تسمى بورجوازية صغرى، لا لأنها تسعى باستمرار إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية، عن طريق ركوب جميع المراكب المشروعة، وغير المشروعة، من أجل الوصول إلى تحقيق التطلعات الطبقية؛ لأن الفهم عند البورجوازي الصغير، أو البورجوازية الصغيرة، هو تكديس الثروات. أما مصادر تلك الثروات:
هل هي مشروعة؟
هل هي غير مشروعة؟
فلا يهم؛ لأن ما يريده البورجوازي الصغير، أو البورجوازية الصغيرة، هو أن يكون محكوما، أو تكون محكومة بصيغة التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق الوصول إلى تحقيق الغاية الأساسية، المتمثلة في التصنيف إلى جانب الطبقات الأكثر ثراء، في المجتمع، سواء كانوا بورجوازيين، أو إقطاعيين، أو تحالف بورجوازي إقطاعي متخلف، على جميع المستويات، إلا على مستوى الثراء، الذي يجمع بين البورجوازية، والإقطاع.
وهكذا، نكون قد قمنا بمعالجة مفهوم التطلع، من جميع الجوانب، على مستوى طبيعة التطلع، التي لا تخرج عن كونها: تحريضا مستمرا للمتطلع، من أجل أن يعمل على مراكمة الثروات، والزيادة السريعة، على مستوى الثراء، من أجل أن يصنف إلى جانب الأثرياء الكبار، ووقفنا، بعد ذلك، على تحديد الأهداف، التي اكتفينا بالوقوف على أربعة منها، التي تتمثل في تحقيق الثراء السريع، الذي ليس عملية سهلة، إن لم يكن كبيرا، واقتناء المزيد من العقارات، باعتبار العقارات، هي الوسيلة الممكنة، لتبييض الأموال، غير المشروعة، الآتية من النهب، أو من الارتشاء، أو من الريع المخزني، أو من الاتجار في الممنوعات، أو التهريب، إلى غير ذلك، من مصادر الثراء، وفتح العديد من الحسابات في الأبناك، في الداخل، وفي الخارج، وخاصة في أوروبا، والعمل على استثمار الثروات المنهوبة، في مشاريع إنتاجية، وخدماتية، حتى يصير معروفا، كذلك، في مجالي الإنتاج، والخدمات، مع تعريجنا على المتصفين، والمتصفات بالتطلع، الذي يجعل المتصف به، أو المتصفة به، يبحث، وتبحث باستمرار، عن المصادر التي تمده، وتمدها بالثروات، مع وقوفنا على طبيعة المتطلع، والمتطلعة، الذي، والتي، يلهث، وتلهث باستمرار، وراء الثروات التي يكدسها، وتكدسها، في حسابات خاصة، وحاولنا مقاربة الجواب، على السؤال المتعلق بالغاية من التطلع، سعيا إلى جعل المفهوم واضحا، في أذهان المتلقين، والمتلقيات.
المتواجون الان
480 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع