اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• معلمو المدرسة العمومية / معلمو المدرسة الخصوصية: أي واقع؟ وأية آفاق؟.2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 محمد الحنفي

معلمو المدرسة العمومية / معلمو المدرسة الخصوصية:

أي واقع؟ وأية آفاق؟.2

                                      محمد الحنفي

أستاذ باحث

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

وهذا التناقض الصارخ يتجسد، من خلال الوقوف على واقع المدرسة العمومية، المتناقض تناقضا صارخا مع واقع المدرسة الخصوصية.

فواقع المدرسة العمومية يتميز بالاكتظاظ، وسيادة المحسوبية، والزبونية، في العلاقة مع التلاميذ، ومع الآباء، ومع الوسط، ومع نساء، ورجال التعليم، وفيما بينهم، وباستغلال النفوذ، وبعدم الحرص على الأداء الجيد للعملية التربوية / التعليمية / التعلمية، وبالمردودية المتدنية، وبعدم الضبط، وعدم الانضباط، وباعتبارها مجرد مؤسسة سجنية مؤقتة، لا تتعرض فيها شخصية التلميذ لأي شكل من أشكال التفاعل مع الأستاذ، ومع البرنامج، ومع التلاميذ، ومع الإدارة التي يفترض فيها أن تكون تربوية..الخ، مما يجعل هذا الواقع غير متفاعل مع المحيط، وغير مستجيب لحاجياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وغير مؤثر فيه تأثيرا إيجابيا، وغير متأثر به، وغير مرتبط بالتنمية القائمة فيه، فكأن واقع المدرسة في واد، والمحيط الذي توجد فيه في واد آخر. والغريب في الأمر أن الإدارة الإقليمية، والجهوية، والوطنية، تعرف ذلك، ولا تفعل شيئا، وأن جهاز المراقبة التربوية يعرف، كذلك، أن نساء، ورجال التعليم، لا يبذلون المجهود المطلوب لإخراج واقع المدرسة العمومية من مظاهر التخلف التي تعاني منها، ولا تفعل شيئا، فكأن المؤامرة على المدرسة العمومية قائمة بقرار مركزي، وكأن المعنيين بالعملية التربوية / التعليمية / التعلمية في شموليتها، مساهمون في تنفيذ تلك المؤامرة. وهو ما يعني: صيرورة المدرسة العمومية مصدرا لتعليم مترد، لا ينتج إلا جيوش العاطلين، والمعطلين، من مختلف المستويات التعليمية، غير مؤهلين للقيام بأي عمل في مجالات الإنتاج، أو في مجالات الإنتاج المختلفة، بسبب غياب الإرادة السياسية، وبسبب انشغال نساء، ورجال لتعليم، بالعمل على تحقيق تطلعاتهم الطبقية: الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى يتصنفوا إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، الذي لا يهمه إلا نهب ثروات الشعب المغربي بوسيلة، أو بأخرى، وسعيا إلى تحقيق السيطرة المطلقة على مختلف الثروات.

 

أما واقع المدرسة الخصوصية، فإنه يتميز بكون المدرسة الخصوصية هي مدرسة لا يدخلها إلا أبناء الطبقات الإقطاعية، والبورجوازية الكبرى، والمتوسطة، مما يجعل المتعلمين فيها قلة بالمقارنة مع المتعلمين في المدرسة العمومية، تحرص على شحن التلاميذ بالمعلومات الكثيفة، بالإضافة إلى تربية المهارات لديهم، انطلاقا من نفس برنامج المدرسة العمومية، بالإضافة إلى فقرات برنامجية لها علاقة بحاجيات المجتمع، في مجالات خاصة، لها علاقة بالتنمية في القطاع الخاص، حتى تصير قادرة على الاستجابة لحاجيات السوق الاقتصادية، والخدماتية. وحتى تصير تلك الاستجابة بمثابة إشهار للمدرسة الخصوصية، مما يجعل الإقبال عليها مضاعفا، والاستثمار فيها واردا، مع العلم أن نساء، وجال التعليم في واقع المدرسة الخصوصية، يمكن تصنيفهم أحد صنفين:

 

صنف غير مؤهل، وغير مكون للقيام بالعملية التربوية / التعليمية / التعلمية، يوظف بأجور زهيدة، لا تستجيب لمتطلبات الحياة، تملي عليه إدارة المدرسة ما يعمل، وفي حدود معينة، فيصير عمله آليا، لا علاقة له بالعملية التربوية / التعليمية / التعلمية. وهذا العمل الآلي، الذي يقود إلى عملية الشحن اللا محدودة، وفي مختلف مواد الدراسة، هو الميزة الأساسية، والرئيسية، للتعليم في المدرسة الخصوصية. وهذه الميزة هي التي تجعل الطبقات الإقطاعية، والبورجوازية الكبرى، والمتوسطة، تحرص على إلحاق أبنائها بالمدرسة الخصوصية، نظرا للدور الآلي الذي يقوم به هذا الصنف من نساء، ورجال التعليم الخصوصي.

 

وصنف مؤهل يعمل في التعليم العمومي، ذي المردودية المتدنية، ويبيع خدماته للمدرسة الخصوصية، ذات المردودية المرتفعة. فهذا الصنف يتحول في المدرسة الخصوصية إلى وسيلة لشحن تلاميذ التعليم الخصوصي، حتى يبرهن عن الكفاءة النادرة في الأداء، ومن أجل رفع مستوى تلاميذ التعليم الخصوصي، وسعيا إلى أن تكون المردودية جيدة. وهذا الصنف يعاني من الازدواجية في الشخصية. فهو في التعليم العمومي غيره في التعليم الخصوصي، وهو لا يهتم بجودة الأداء في المدرسة العمومية، بقدر ما يهتم بها في المدرسة الخصوصية، مما يجعله يساهم في إعادة إنتاج نفس التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية القائمة بامتياز، بطبقاتها الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، وبطبقاتها التي يمارس عليها الاستغلال.

 

وهذان الصنفان المتواجدان في المدرسة الخصوصية، يكملان بعضهما البعض، ويصيران معا وسيلة ناجعة لاستحضار أهمية المدرسة الخصوصية، التي تصير مطلوبة حتى من الطبقات الاجتماعية، المتدنية الدخل، ولاستحضار عدم أهمية المدرسة العمومية، التي تصير غير مرغوب فيها، مما يجعلها تقف وراء الهدر المدرسي بامتياز.

 

وهذا التناقض في الواقع لا يمكن أن يترتب عنه إلا تناقض في آفاق المدرسة العمومية، وآفاق المدرسة الخصوصية.

 

فآفاق المدرسة العمومية هي آفاق صارت مطلقة، نظرا لعدم ربط التعليم فيها بعملية التنمية القائمة في المحيط الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يجعلها تغرد خارج السرب، كما يقولون، ومما يجعل إنتاجها لا يتجاوز الدفع بالأجيال الصاعدة إلى هوة البطالة، والتخلف، في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بسبب طبيعة البرامج الدراسية القائمة على أساس الاختيارات اللا ديمقراطية واللا شعبية، وبسبب تحول نساء، ورجال التعليم إلى مجرد وسيلة لإفراغ المدرسة العمومية من محتواها الوطني، والتنموي، والإنساني، والمعرفي، والعلمي، الأمر الذي يجعل منها مدرسة عالة على الشعب المغربي، وعلى الميزانية العامة، التي لم تعد قادرة على الاستمرار في تمويل المدرسة العمومية، ومدها بما هي في حاجة إليه، من أجل توفير الشروط الضرورية لإنجاز العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، المنتجة للمسئوليات المستقبلية في مختلف المجالات، وعلى جميع الأصعدة.

 

وبما أن الاختيارات القائمة التي تحكم المدرسة العمومية، هي اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية، وبما أن البرامج الدراسية لا تستجيب لمتطلبات التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وبما أن نساء، ورجال التعليم    في المدرسة العمومية، صار يغيب عندهم الإحساس الوطني، والمعرفي، والعلمي، والإنساني، وبما أن الإدارة التي يفترض فيها أن تكون تربوية، لا تهتم إلا بالجانب التقني فقط، وبما أن مستوى التلاميذ يسير في اتجاه التدني المستمر، وبما أن المردودية تتدهور باستمرار، فإن أفق المدرسة العمومية سائر في اتجاه التخلي عن المدرسة العمومية، في أفق تحويلها إلى مدرسة خصوصية، أو إغلاقها بصفة نهائية، نظرا لدورها السلبي، ولعدم قدرتها على الاستجابة لحاجيات المحيط، وباعتراف المسئولين عنها، وللممارسة السلبية التي يقوم بها نساء، ورجال التعليم في المدرسة العمومية.

 

أما آفاق المدرسة الخصوصية، وعلى عكس آفاق المدرسة العمومية، فإننا نجد أن التوجه العام في الأنظمة الرأسمالية التابعة، التي يعتبر المغرب من بينها، هو العمل على التخلص من الخدمات العمومية. وهو ما يعنى أن المستقبل كله للقطاع الخاص. والمدرسة الخصوصية ستصير رائدة هذا القطاع، الذي يتاجر في الخدمات العمومية، ونظرا للامتيازات التي تمتعت بها المدرسة الخصوصية، والتي تتمتع بها، والتي سوف تتمتع بها، فإن المدرسة الخصوصية سوف تصير رائدة في مجال بيع الخدمات التعليمية، نظرا للاعتبارات الآتية:

 

الاعتبار الأول: إفلاس المدرسة العمومية التي صارت عاجزة عن القيام بالدور الموكول إليها، والذي صار يوكل للمدرسة الخصوصية.

 

الاعتبار الثاني: الامتيازات اللا محدودة التي تقدمها الدولة المخزنية الرأسمالية التابعة للمدرسة الخصوصية.

 

الاعتبار الثالث: كون المدرسة الخصوصية صارت وسيلة لإعادة إنتاج البورجوازية التابعة.

 

الاعتبار الرابع: قيام المدرسة الخصوصية بجعل التعليم الجيد محتكرا على أبناء الإقطاع، والبورجوازية الكبرى، والمتوسطة.

 

الاعتبار الخامس: كون أجور نساء ورجال التعليم الخصوصي يعملون بأجور متدنية.

 

الاعتبار السادس: استغلال حاجة نساء ورجال التعليم العمومي إلى تحقيق تطلعاتهم الطبقية لشراء خدماتهم لصالح المدرسة الخصوصية.

 

ونظرا لضخامة الامتيازات التي صارت مقدمة للمدرسة الخصوصية، ولبورجوازيتها، فإن باب المنافسة صار مفتوحا أمام الاستثمارات الكبرى، في هذا المجال، وأمام شراء المؤسسات العمومية التي تصير مخوصصة، ومن أجل أن تصير الخدمات التعليمية بالمقابل جملة، وتفصيلا، حتى يصير التعليم طبقيا، ويصير أبناء الكادحين محرومين منه.

 

وبذلك نصل إلى أن أفق المدرسة العمومية أفق مظلم قد يصير إلى الإفلاس على جميع المستويات، لتمهيد الطريق أمام الأفق المفتوح على احتكار المدرسة الخصوصية لتقديم الخدمات التعليمية لمن يستطيع الدفع، مما يجعل التعليم حكرا على أبناء الطبقات العليا، والمتوسطة، من المجتمع.

 

وانطلاقا من هذه الخلاصات التي وصلنا إليها، بعد مناقشتنا لواقع، وأفق المدرسة العمومية، وواقع وأفق المدرسة الخصوصية، نعود إلى القول بأن ازدواجية عمل معلمي المدرسة العمومية، وبيعهم للدروس الخصوصية في البيوت، سيؤدي بهم إلى التسريع في عملية التبرجز، التي ترتفع بهم إلى مستوى البورجوازية الكبرى، والمتوسطة، وستحولهم إلى مجرد مستغلين للكادحين، من أجل تنمية ثرواتهم التي قد لا تكون محدودة، وأن معلمي التعليم الخصوصي، الذين يقدمون خدمات جيدة، ذات مردودية مرتفعة، وبأجور زهيدة، سيستمرون في وضعية الذين يمارس عليهم الاستغلال المادي، والمعنوي، أي أنهم سيبقون في وضعية العاجزين عن تجاوز الأماكن التي يقفون فيها.

 

وبناء على هذه المفارقة، نجد أن المعلم في المدرسة العمومية الذي ينتظر منه أن يساهم في تقدم المدرسة العمومية صار عاملا من عوامل إفراغ المدرسة العمومية، في الوقت الذي يصير له دخل يساوي 20 مرة، دخل المعلم في المدرسة الخصوصية، الذي يستميت من أجل أن يقدم خدمات جيدة، وبمردودية مرتفعة، ليصير بذلك المعلم في التعليم العمومي مستغلا (بكسر الغين)، والمعلم في التعليم الخصوصي مستغلا (بفتح الغين). ومعلوم أن التناقض قائم بين من يمارس الاستغلال، وبين من يمارس عليه الاستغلال.

 

فهل تتراجع الدولة المغربية عن الخدمات التي تقدمها إلى المدرسة الخصوصية؟

 

هل تتحمل مسئوليتها في إعادة الاعتبار إلى المدرسة العمومية؟

 

هل تضع حدا لازدواجية عمل معلمي المدرسة العمومية؟

 

هل تضع حدا لتجاوزتهم في بيع الدروس الخصوصية؟

 

هل تلزم أرباب المدارس الخصوصية بصرف أجور معلمي المدرسة الخصوصية، إلى مستوى أجور المعلمين في المدرسة العمومية؟

 

هل تمنع المدرسة الخصوصية من تشغيل العاملين في المدرسة العمومية؟

 

هل تلزم المدرسة الخصوصية بتشغيل المعطلين من حملة الشواهد العليا، والمتوسطة، وبالأجور المناسبة؟

 

هل تشدد الرقابة على حركة المعلمين الذين يقضون ساعات النهار، وطرفا من الليل يتجولون في البيوت لبيع الدروس الخصوصية، التي تحدث خللا كبيرا في العملية التربوية برمتها؟

 

ونحن عندما نطرح مثل هذه الأسئلة، وغيرها، إنما نريد أن نكشف عما يجري في الواقع، حتى يصير مكشوفا، ومن أجل أن نبين أن المسئولين لا يقومون بدورهم، كما يجب، لمحاصرة مختلف الأمراض، وإلا لما كان هناك شيء اسمه المدرسة الخصوصية، ولما احتاج التلاميذ إلى شيء اسمه الدروس الخصوصية، ولكان هناك أداء جيد، ومردودية مرتفعة لصالح أبناء الشعب المغربي.

 

ابن جرير في :7/9/2008

 

محمد الحنفي

أستاذ باحث

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.