اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

عرس جنيات الغابة// وسن صفار

 

عرس جنيات الغابة

وسن صفار

 

اسم الكتاب: عرس جنيات الغابة

اسم المؤلف: وسن صفار

التنضيد والتنفيذ: مريما كادو

تصميم الغلاف: يوسف زرا

الطبعة الاولى   2016

 

 

تقدمة

ان مدخل قصة (عرس جنيات الغابة) يبدا من افق لغير واقع الحياة التي نعيشها جميعا حاليا وهو– نزاعات – تجاذبات – اقصاء الغير وغيرها من السلبيات المتحكمة والمترسبة في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والعقائدية .

فالكاتبة فعلا بدأت بإحضار نماذج من بدء الحياة الفطرية وهي اليرقات التي تنشا وتنمو ولا تتحول او ترتقي الى غير جنسها وتموت دون ان تترك اثراً لبصماتها من بعدها بدون وعي وادراك للمعرفة الشاملة .

     ولكن الكاتبة لم تتمكن ان تفرض حتى على اليرقات ( الكائنات البسيطة) حياة مثالية فطرية بدون مفارقات او هفوات او معاناة التجمع, كمقتضى زمانهم ومكانهم ونوعية جيناتهم بل ان الكاتبة تمكنت من البدء باستخدام لغة (ادب الاطفال) البراءة المطلوبة بأسلوب هي نفسها لم تتمكن لحظة واحدة من التوقف عن التواصل في تحقيق سرد الاحداث كما يجب احيانا كيرقات. واخرى تنتقل الى خلق مفارقات لمرحلة حياتية مقبلة لجنس جديد. وهو فعلا ابتكارها كيفية تحول اربع من اليرقات الى جنس اخر وهم (البشر) دون سبق ادراك لذلك ودون مقصدهم ايضا. كلما في الامر تحضيرهم الشراب من انواع النباتات, هو فعل التفاعل المباشر بين الحياة نباتية وحيوانية. ايجابيا كان او سلبيا والانسان النموذج الارقى في الحياة وهنا ان الكاتبة قد لم يكن قصدها تحول اليرقات المذكورة الى جنس اخر (اي تحول مفاجئ) فهنا لا بد ان نتذكر ( نظرية داروين – النشوء للحياة – ثم التحول – وثم الرقي ) وهنا ظهور الجنس الجديد من اليرقات الى بشر (هي مرحلة تحول) وليس الرقي لان الجنس الجديد فعلا شكلا وقالبا تغيير – ولكن يفتقر الى ممارسة حياته الجديدة وكسب الخبرة المتراكمة منها .ليكون امام دافع جديد من المعوقات والمفارقات, وكفوءاً في تجاوزها ولكن لم تكتف الكاتبة في هذه المرحلة من جعل عدداً من اليرقات – جنس – بشر (انثى) فلا بد مواصلة عملية التحول لإكمال المعادلة لخلق بشر (ذكر) لتكافئ كفي ميزان الحياة. ثم تبدا عملية الرقي هنا الى كائن واع مدرك لمسيرة الحياة وما سيترتب عليه من بناء حضارة غير ما كان عليه قبل ترقيته الى هذا المستوى .

عدا ان الكاتبة قد هيئت مسبقا (الكنز) والذي هو حسب تحسسها (مادي) (الذهب الخالص) في خزانة حديدية خلف مدفئة. وهنا هذا الكنز هو جهد الانسان الجمعي وليس الفردي – لقيام نظام اجتماعي تسود فيه (العدالة الاقتصادية) وليس استغلال الانسان حيث ان الكنز وان اكتشفته احدى اليرقات. ولكن لم تقل انه ملك لها او هي فقط من حقها ان تتمتع بأكبر حصة منه. وهذا فعل الآحاد من النخب عبر التاريخ. (الافذاذ ) فهذا الادراك من الكاتبة فعلا في مكنونها التربوي والاخلاقي – لا فرق بين انسان واخروبما يملكه من المادة بل من العلم والمعرفة الموظفة في خدمة الجميع .

وتنتقل الكاتبة متلهفة غير صبورة الى مرحلة الفكرة الجماعية لمشروع يعمل فيه الجميع ويعيشون منه بالتساوي. وهو (السوبرماركت) . فعلا ادراك من الكاتبة لتجاوز الفقر والعوز والبطالة السائدة في واقع المجتمع الحالي– وهو ارتقاء فكر الكاتبة الى مستوى علماء الاقتصاد والسياسة البشرية الى مثل هذه الافكار النبيلة اما سرعة ظهور الحب العذري لكلا الجنسين وبشكل زوجي ذكر + انثى, فان ذلك هو بدء توظيف الغريزة الجنسية بين زوجين وفق (مشروع ) كشرع للحياة وليس وفق مشروع واجتهاد مجموعة متباينة من رجال الدين او مرجعية من البشر بتعدد الزوجات ولبعضهم بزوجة واحدة وفق طقوس ومراسيم من اختراعهم وليست من سنن وقوانين الحياة الطبيعية الاجتماعية. ولان الغريزة الجنسية هي العامل المشترك لدى جميع الاحياء لتجدد الجنس فقط ولان تنظيم العلاقة الغريزية بين اثنين لا بد من ظهور مجتمع متقدم خالي من التجاذب الديني الاجتماعي والبدء ببناء حضارة انسانية تسودها المحبة والاخلاص بلا تمييز في العلاقات العامة والتسابق للتضحية من اجل الغير .

وان اجهار كل اثنين حبهما لبعضهما من سنن الحياة الطبيعية وحق يقره العقل والمنطق دون اكراه وارغام من احد ولإضفاء شرعية الحياة لحبهما أيضا

لذا أتجه الحبيبان الى دار العدالة للأحوال الشخصية لتثبيت قسمهما أمام قاض الدار المختص لأي إنسان, لأن للحب قدسية ولا بد ان لا يموت الحب. لان القدسية ايضا تموت من بعده لا محال ولأنهما مكملا الحياة لأي جنس كان.

 هنيئا لك يا استاذة وسن لهذه القصة الرائعة والتي في اعتقادي تصلح ان تمثل كمسرحية في ارقى مسرح تعبر عن أدوارها الزمانية والمكانية للحياة كيرقات وثم التحول والرقي (الانسان) . او لفلم سينمائي – شخصياته بالتتابع كما ورد في القصة – انها فعلا من الادب العالمي كما اعتقد –هنيئا ... وهنيئاً ... فهنيئاً لكِ .

يوسف زرا   15/3/2016

 

عرس جنيات الغابة

تبدا الحكاية عندما جلس عشرة من طلاب وطالبات المرحلة الاخيرة في جامعة كامبرج يتحدثون في امكانية الاحتفال في ليلة التخرج في مكان مميز.. ووجب عليهم التوصل الى ذلك  الامر في اسرع وقت ممكن وذلك لان غدا هو يوم الاحتفال الرسمي للتخرج... كان العشرة يشغلون المقاعد المتمركزة حول طاولة مستديرة وهم على التوالي توم, نانسي, كيلي, كلوديا, جون, بربرا, هاري, سوزان, وديفد واخيرا للي. ولان الكل ارادوا ان يحتفلوا بشكل مختلف عن الاخرين قرر توم والذي كان محل ثقة واحترام الجميع قرر ان يضم الحفل جميع الموجودين ولكن على شرط ان يكون الاحتفال مميزا جدا واضاف هيا اعطوني الاقتراحات الواحد تلو الاخر ولنبدأ.. ياهاري وعلي الفور اجاب هاري." في نادي ليلي"توم هل توافقون؟ فارتفعت ثلاث ايادي من مجموع عشرة اي ان الفكرة مرفوظة  وأضافت للي لن يكون شيئا مميزا اذا احتفلنا في النادي ...

أما سوزان فقد فكرت في احدى الشواطئ الرملية الجميلة000ولكن مرة اخرى لم ترق الفكرة لاحد منهم وجاء دور ديڤد الذي كان اكثر دهاءً وقال "ادعوكم الى رحلة في يخت والدي ولنتجه به الى اي جزيرة قريبة000 بدت الفكر جميلة ومميزة بعض الشي ولكن سرعان ما تراجع عدد الراغبين للقيام بالرحلة الى النصف وجاء دور للي التي كانت لا تملك ادنى فكرة لتطرحها علي الباقين فقالت: دعوني افكر... أ... أ... وقاطعها توم قائلاً...  اسرعي للي مابكِ... ؟ حسنا ما رأيكم" بغابه الأشباح" !  وما لبثت ان قالت للي هذا حتى صرخ الجالسون جميعهم "واو.. يالها من فكرة " وصفق الجميع معلنين الموافقة على الاحتفال والمكوث بها حتى الصباح. الكل وافق للذهاب الى "غابة الاشباح" رغم انهم لم يزوروها من قبل قط . ورغم ان غابة الاشباح معروفة بكونها مكان مرعب جدا ولا احد يقترب منها ولم يسبق لاحد ان دخل فيها يوماً... واغلب الضن ان الاصدقاء قرروا الاحتفال فيها لهذا السبب...  وهاقد حانت الساعة للدخول الى المكان الذي لم تطئه قدم شخص من قبل... بعد حفلة  التخرج العادية في جامعة كامبرج... همَّ الاصدقاء لدخول الحافلة المزينة واتجهوا نحو الغابة... دخل توم وهاري بلامبالاة اما البقية فاختلفت مشاعرهم من خائف الى متردد الى حذر عدا للي التي رفضت في بادي الأمر الانضمام لهم ولكن بعد نقاش طويل تمكن الاصدقاء من اقناعها واخيراً للي معهم ولكنها مازالت مرتعبة... فقالت سوزان: للي كيف هذا! وانت التي اقترحت علينا الامر... !

وما ان توغل الجميع في الغابة حتى رددت للي لحنا يروق الكل وانظموا اليها متناسين القلق والخوف... وبعد ان خيموا في بقعة جميلة في وسط الغابة قال جون لا يبدو لي بان الغابة مسكونة... لاارى احدا هنا او هناك نحن وحدنا فيها يا أصحاب... فاشعلوا النار في الوسط وجلسوا حوله يتسامرون تارة ويغنون تارة ويأكلون تارة اخرى واستمر الحال على ما هو عليه.  لم يكن للأصدقاء بان احدا يتلصص عليهم...  ومن شق صغير في اعلى شجرة عملاقة خرجت اربع يراعات مضيئة... ولكن احداهن سمعتُ ماقالتهُ فاقتربت مني وقالت انظر نحن فتيات صغيرات مضيئات أيقظتنا اصوات هؤلاء الحمقى... وبالفعل كانت اليراعة محقة (اقصد الجنية) فهن جنيات صغيرات جميلات جدا لهن جناحان شفافان يتلألأن عندما يرفان ولهذا السبب سميت باليراعات المضيئة وبالرغم من شدة غضبهن على الاصدقاء قادهن على التفكير في ايذاء الطلاب المتخرجين عن طريق خدعة سحرية بمساعدة عصيهن السحرية الصغيرات الا انهن في اللحظة الاخيرة تراجعن عن الفكرة وذلك لانهن لم ترين بشرا منذ قرون... وكذلك ما اثار انتباههن هي السعادة التي غمرت الاصدقاء وهم جالسون حول النار المشتعلة ولهذا لم تطلقن السحر عليهم فتسمرت طوال الليل يراقبن الاصدقاء دون حراك حتى احست تيرا (جنية) (بأشعة الشمس) الدافئة ونبهت شقيقاتها كوتي وسيدوم واوغاريت فدخلن الى بيتهن المتمثل بفسحة داخل الشجرة الكبيرة يدخلن اليها من خلال شق صغير فيها اما الخريجين الجدد فقد انتهت حفلتهم وباشروا في حزم الامتعة واطفاء النار ومغادرة المكان... وبينما كان توم يعانق فتاته نانسي وهما يسيران خلف المجموعة همس في اذنها قائلا... يجب ان نكرر الرحلة ولكن هذه المرة بمفردنا...  فضحكت نانسي معلنة عن موافقتها... وهكذا مضى الجميع تاركين المكان والسعادة تغمرهم غير دارين بمن كان يراقبهم بانتباه كبير... وها هم في الداخل جالسين حول قطعة خشب غير منتظمة وُضع عليها قليل من الطعام وكؤوس زهرية تحوي شراب العسل النقي...

وبدأت اوغاريت الكلام قائلة ما رايكم؟  وقبيل ان تكمل ردت سيدوم غاضبة بماذا؟ بتخاذلنا البارحة وعدم اطلاقنا السحر عليهم ام ماراينا بهم؟ فردت تترا اني اشم رائحة الغيرة هنا؟ اوغاريت ماذا؟  كوتي: تيرا محقة يااختي محقة... اولم تندهش لما شاهدناه والا لماذا تسمرنا حتى الصياح نراقبهم؟ هل رأيت تلك الثياب الجميلة التي كانت الفتيات ترتديها؟ واضافت كوتي وتلك القامة الرائعة التي يملكونها...أما طريقة عيشهم السعيدة فلا اجد كلاما اصف بها...  اه بالسعادة

اما تيرا التي امعنت في الاصغاء لما دار بين الطلاب من كلام قالت: وفوق هذا كله انهم متعلمون... والثلاثة صرخوا بصوت واحد ما معنى متعلمون...؟  تيرا: أ... أ... أ... أعتقد انهم يعرفون أشياءلا نعرفها... سيدوم: وكيف هذا؟

 تيرا: اضنهم اتقنوا كل ما في تلك الورقة المسماة بـ... بالشهادة الجامعية... كوتي: دعونا نحصل عليها ونفحص كل ما تحويها... واستغرب الجميع من كلامها فردت كوتي مابكم الم نحفظ كل التعاويذ في كتاب السحر قبل خمسة الاف سنة ! سيدوم: حسنا أنا موافقة.

تيرا والباقين: كذلك نحن.

       أوغاريت: ولكن لحظة واحدة فقط ، ماالجدوة من احظار الورقة من أجل مافيها من معلومات أو تعاويذ أم إننا نرغب في ان نكون سعداء مثلهم؟ أعتقد باننا نرغب ان نكون مثلهم بكل شيء وليس بالورقة الجامعية فقط ردت تيرا بالموافقة وأومأ الكل براسهم موافقين تيرا الراي.

اوغاريت اذن هيا فلنعقد اجتماعاً سريا من اجل تحقيق هذا الهدف...

 فارتفع الاربعة فوق طاولتهم المتواضعة واقتربت رؤوسهم من بعضها البعض حتى تلامست ورددوا تعويذة غريبة وبدئن بالدوران وهم على هذه الحالة لفترة وبعد برهة انتهى كل شيء فجلست الجنيات في مقاعدهن مرهقات جدا... وقالت اوغاريت هاقد قررنا كل شيء واتفقنا عليه, ما رأيكم ياشقيقاتي؟ وبالكاد ردت الجنيات...  حسنا يا اوغاريت

ولكن على ماذا اتفقوا ! لا اعلم وكذلك لا اعلم ما الذي قرروه...

ماهذا لا احتمل الوضع فغضبتُ جدا وناديت بغضب على اوغاريت فخرجت من شق الشجرة...  ماهذا يااوغاريت؟ ليس عدلا ان تقرروا شيئا وتتفقوا عليه تحت ستار تعويذة غريبة كهذه فردت بعدم مبالات ومادخلك انت؟ كيف ما دخلي! وكيف أكمل القصة الم تفكري بالأمر؟...

اوغاريت حسناً سأخبرك... ولكن دعني أرتاح قليلاً... حسنا لاباس ما دمت سوف تخبرينني بكل شيء... هل سمعتِ... بكل شيء! وانتظرت ساعات طويلة وانا جالس على مكتبي انتظر خروج اوغاريت لتعطيني بعض المعلومات ولو قليلاً منها, لأستمر في الكتابة, ولكن دون فائدة وبعد ان يأستُ وانا انتظر خروجها طرقت بقلمي على الشجرة حيث الجنيات محدثاً ضوضاء كبيرة في الداخل... فخرجت اوغاريت وكأنها كانت تعلم باني قد مللت الانتظار فقالت حسنا ماذا تريد...؟أف ماهذا المأزق! فسمعتها ولكن تظاهرت باني لم اسمع فقلتُ ماذا!  ماذا  قلتِ ؟ لا شيء...لا تكترث لهذا, اسمع ما يهمك بالأمر... سوف نفترق عن بعضنا البعض لخمس سنوات متواليه وستبحث كل واحدة منا عل ىشيء لتنجزه...فأحدانا ستكون مسؤولة عن شكلنا كبشر والثانية عن مأوانا والثالثة عن عاداتنا المستقبلية كبشر والرابعة ستزودنا بالمعرفة. هذا كل شيء, واستدارت اوغاريت لتدخل منزعجة فقلت لهل ولكن لم تحددي ما الذي ستفعله كل واحده منكن؟ فنفذ صبر اوغاريت.. وبهستيرية التفتت الي وهي تصرخ... ابحث عن هذا بنفسك يجب ان تفعل شيء ما بنفسك... فقلبت الورقة لتختفي اوغاريت والغابة معا. وفي الصباح اليوم التالي خرجت الشقيقات الاربع من تلك الشجرة مبتعدين عن الغابة فصرخت اوغاريت قائلة يجب ان نلتقي بعد خمس سنوات. ثم افترقن باتجاهات مختلفة...  اتجهت كوتي الى بلاد الهند حيث التعاويذ السحرية الكثيرة والكتب النادرة القيمة... وراحت تبحث في كل البلاد عن مسكن شيخ السحر الاكبر السيد "طهطل حميد مهاتي" ...  وبحثت في كل مكان ولكن دون جدوى حتى انها فقدت الامل بعد اربعة وثلاثون يوماً من التجوال من بيت ساحر الى اخر ولكن لا احد منهم يعرف مكان السيد طهطل فأصابها التعب في عصر اليوم الخامس والثلاثين وجلست لتنال قسطا من الراحة في شق صغير بين عتبة الباب والحائط الرئيسي لبيت قديم وهو الوحيد في ذلك الفناء الواسع وليس حوله الا سور قديم توسطه حديقة تشابكت اغصان اشجارها لتحجب اشعة الشمس عن نوافذ ذلك البيت فاصبح مظلم... وبدا البيت مهجورا للوهلة الاولى ولكن ماان مرت بضع دقائق حتى طرق شخصان غريبا الشكل الباب وفتح الباب غلام طويل القامة داكن اللون نحيل الجسم فساله احد الطارقين هل هذا بيت السيد طهطل مهاتي؟ فأجاب الغلام نعم هو بعينه فدخل الرجلان واغلق الباب على الفور...

اما سيدوم التي كانت وجهتها الى داخل المدينة... كنتُ اعتقد بانها تبحث عن شقة مناسبة او بيت جميل ليكون مكان لسكناهم بعد خمس سنوات الا اني كنت مخطئا في هذا...

       فقد اهملت سيدوم كل تلك الابراج العالية الجميلة وكل تلك البنايات الشاهقة وراحت تبحث عن قصر مهجور بعيدا عن الناس او بيت مهمل متروك مشيد فوق تلة في زاوية ما...وتفضل ان يكون بعيدا عن الاخرين... فاستمر بحثها عدة شهور وذات يوم جلست سيدوم على مصباح انارة الطريق تقرا الملاحظات التي دونتها وكانت نتيجة البحث كما يلي... هناك شقة في احدى البنايات في شرق المدينة كان يملكها رجل عجوز فارق الحياة قبل اعوام ولم يظهر له وريث لحد الان... ولكن الشقة صغيرة نسبيا, غرفتان وصاله! أه لا... انها لا تناسبنا قالت سيدوم...  ولدينا هنا خمس بيوت متفرقة في حي متوسط... ثلاثة منها ظهر لهم وريث مؤخرا والرابع قديم جدا يكاد يسقط اما البيت الخامس وهو الانسب يقع في بداية حي ضخم, جيد نسبياً... فوضعت سيدوم دائرة حول عنوان هذا البيت على دفتر ملاحظاتها اي انها اختارته ليكون مسكنهم ان لم تجد افضل منه... وبعد برهة غلب النعاس عليها وغفت... فخشيت الانتظار مرة اخرى فطرقت على عامود النور بقلمي فأحدث هذا اهتزازاً سريعاً فاستيقظت سيدوم مفزعة وكادت تسقط لولا تشبتها بقوة بنتوء كان في نهاية المصباح... اه قد غلب علي النعاس... ما الذي لدي هنا؟ اوه نعم بقي ثلاثة قصور مهجورة... ام... هذا لا ينفع فقد توفي صاحبه قبل شهرين واعتقد بانه سوف يظهر له وريث عما قريب... اما هذا فانه في وسط المدينة ... يكاد يسقط واغلب الظن سوف تستولي عليه الدولة في غضون اسابيع لتشيد مكانه برجا جديدا... اوه هذا يناسبنا انه خارج المدينة بحديقة كبيرة محاطة بسياج ضخم ليس قديما جداً، اه انه يحتاج الى عمل كبير... انه افضل من البيت الاول ... يناسبنا سوف اعمل على إصلاح هذا القصر ... سأسميه "قصر الامنيات" ...

       أما تيرا التي قضت وقتاً طولاً في البحث عن نقطة البداية فلم تجدها. وها هي تنتقل من مكان الى اخر تتوقف في مكتبة تختفي في الكتاب, وتتفحص غيره, يروق لها احدهم وتهمل غيرهُ ... وبينما هي في طريقها تحلق كالفراشة الى محل كتبٍ جديد لفت نظرها لشي رأته في احدى الدور عبر نافذته الكبيرة المطلة على الشارع ... فعادت والتصقت به لترى فتاة تحمل ورقة ملفوفة تشبه كثيرا الاوراق التي كانت عند الاصدقاء فوضعتها جانبا وحملت صورة جميلة لها وحاولت تعليقها على الجدار وهي تشع بهجة بينمها كانت شقيقتها الصغيرة بنت الخمس سنوات تراقبها وهي فرحة ... فقالت تيرا هذا ما كنت ابحث عنهُ ... فدخلت تيرا من خلال ثقب الباب وحطت على رأس الفتاة الصغيرة مختبئة بين خصلات شعرها الكثيف ورددت تعويذا غريبة وضربت بعصاها السحرية راس الطفلة الصغيرة المدعوة ليزا ... اعتقد بأنها سوف تجبرها لتقول ما كان يدور براس تيرا ... اما شقيقتها الكبرى التي انتهت من تعليق صورتها همت بالنزول وللتو سألت ليزا قائلة : سوزان كيف استطيع الحصول على هذهِ الورقة ؟

       سوزان : تقصدين الشهادة الجامعية ... بالجد والمثابرة

       ليزا : أرجوكِ اشرحي لي كيف؟ أرجوكِ

       سوزان: حسناً ... حسناً عليك ان تدخلي المدرسة وتنهي الابتدائية والثانوية ومن ثم الجامعة وبعدها ستحصلين على هذهِ الشهادة ...

       ليزا : وما هي المدرسة ؟ وما فائدتها ؟

       سوزان : ما بك اليوم ؟! هل أصابكِ مسٌ !

       ليزا : أخبريني ارجوكِ سوزان ... لا أستطيع الصبر يجب أن أعرف ... أرجوكِ . واغرورقت عينا ليزا بالدموع بتأثير من عصا تيرا .

       فانحنت سوزان لتضم شقيقتها الصغيرة الى صدرها وقالت :

حسناً أسفة يا عزيزتي لا تبكي. تعالي سوف أشرح لكِ كل شيء بالتفصيل ودخلتا الغرفة واقفلت الباب خلفها وبعد ساعتان تقرباً خرجت سوزان من الغرفة وهي متعبة جدا تدمدم قائلة: اخيراً قد انتهت من اسئلتها السخيفة ... يالها من فتاة غريبة .. أف ... وغادرت سوزان الى غرفتها ... ولم يمر وقت طويل حتى عم الهدوء في البيت فهمّت تيرا بالخروج من الغرفة ثم من البيت ككل وهي مفعمة بالحيوية والسعادة . وكيف لا ... لقد عرفت كيف تبدأ مشوارها الطويل نحو الشهادة الجامعية ...

       أما أوغاريت التي كانت مهمتها الانصهار في المجتمع البشري لمعرفة كل ما يدور في الحياة اليومية من مفردات حياتية صغيرة كانت ام كبيرة , سعيدة او حزينة, كذلك كان عليها معرفة كل التفاصيل عن ردود فعقل الانسان تجاه كل ما يدور حوله وكيفية التعامل معه ... ولذلك كان عليها العيش والتعايش مع طبقات متباينة من البشر وفي اماكن مختلفة, كانت تمكث فترة في بيت هذا واخره في بيت ذاك وعليها الانتقال من المنازل الى الدوائر وثم الشوارع والاسواق الى ما لا نهاية لها من تعاملات الفرد اليومية .. وبعد عدة اشهر دخلت اوغاريت منزلاً بسيطاً لعائلة من الطبقة المتوسطة نسبياً واعتقد بأنها كانت قد زارت منازل من الطبقة الثرية جداً ايضاً. ورغم أن الليلة مظلمة جدا وباردة نسبياً إلاّ إني وقفتُ قرب النافذة اراقب اوغاريت التي كانت تكتشف المكان بكل دقة ... فطرقت على النافذة برقة قائلاً "مرحباً أوغاريت " فالتفتت الي منزعجة ماذا تريد ألاّ يوجد بالقصة غيري لتلحق بي؟ فأجبتها : لكنكِ اخر من زرت يا أوغاريت !

       فأحمر وجه أوغاريت خجلاً ... حسناً ماذا تريد مني الان ؟

"لا شيء فقط القي التحية " ... 

       ومضت الايام وعملت كل واحدة منهن بجد وهمة لتنهي ما بدأت به في وقت محدد فأوغاريت تنقلت من مكان الى أخر ... ففي المتاجر كانت تراقب ذاك من بعيد وهذه من قريب تصغي لتسمع الكلام الذي يقال وتحفظ طريقة التعامل ثم تنتقل الى المترو وتختبئ في مكان ما في المترو ليتسنى لها مراقبة الجميع. اما في الشارع فتتبع هذا وتهبط على رأس غيرهُ ... فتارة تجلس على كتف أحدهم وغالباً ما كانت ترافق حاملها الى حيث يذهب الى متجر ما او الى خانة ما وهكذا الى مكان عمله او الى البيت ... فاليوم رافقت فتاة صغيرة الى المدرسة ومكثت معها ثم عادت بها الى البيت وقضت اليوم كله معها الا انها خلدت الى النوم بسب ترنيمة حنونة رددتها والدتها لها ... وبعدها رافقت احدهم الى المستشفى حيث يرقد أحد اقربائه في جناح العناية المركزة بسبب حادث سيارة ... وبعدها رافقت موكبا يستقل سيارة فخمة متجهة الى المقبرة. حاملة جنازة رب العائلة وتأثرت أوغاريت للمشهد كثيرا حيث اعتكفت ثلاثة أيام في بيت الاسرة المنكوبة ... وها هي اليوم تتجول في الشوارع المزدحمة ترغب في ازالة الحزن الذي سيطر عليها. وفي تلك الاثناء شاهدت فتاة في العشرين من عمرها متجهة الى سيارتها الحمراء وهي تشع فرح وبهجة ومن دون ادنى تفكير حطت على مساكة شعرها الوردية واختفت في خصلاته... والفتاة تردد بفرح ما كانت تسمع من اغاني المذياع ... وها هي توقف سيارتها عند فندق جميل ... أوه إنها حفلة زفاف ... وتجولت أوغاريت بين الجموع وهي سعيدة, اخيراً انتهى كل شيء وخلدت أوغاريت الى النوم في احدى غرف الفندق ولم يدم ذلك طويلا حيث دخل العروسان الى الغرفة لتخرج أوغاريت مسرعة من عقب الباب ...

       وفي تلك الاثناء كانت تيرا قد انهت كل المناهج المقررة في المراحل الابتدائية والثانوية وكانت قد بدأت بمناهج الجامعة ... وقد قررت ان تدرس لكليتين مختلفتين صباحاً ومساءً ليتسنى للأربعة اختيار ما يناسبهن ... كانت تيرا ترهق نفسها كثيراً جدا حيث لم يكن لديها الوقت الكافي حتى لتناول الطعام لأنها كانت تقرا كل الكتب المتعلقة بالمرحلة ذاتها وايضا كل الكتب المتعلقة بالمنهج حيث لم تكتف بالمنهج المقرر وذلك لأنها ترغب بان لا يفوتها شيء وايضاً لأنها لم تكن تعرف المنهج بالتحديد ... وأخيرا انتهت المهمة وما زال لديها الكثير من الوقت فقررت ان تستغل الشهر المتبقي من المدة المقررة في التجوال في اروقة المدينة والتعرف على تعامل المتعلمين مع بعضهم البعض ... ورحلت الى الهند لتفقد العزيزة كوتي والتي قد أطلعت على معظم كتب الساحر طهطل مهاتي ومن خلال ذلك أتقنت الكثير الكثير من الخدع السحرية ... فخلطت هذا بذاك وحصلت على تعويذة سحرية عجيبة تتمكن من خلالها تحويل الأشياء الصغيرة الى كبيرة كذلك بإضافة المواد بأخرى وبنسب دقيقة محسوبة ومدروسة مع قراءة تعاويذ محددة قد يمكنها من اخفاء الاجنحة التي تمتلكها الجنيات الاربعة ... ورغم دراسة الموضوع لأشهر طويلة سبقتها قراءة كل كتب السحر الخاصة بالمهاتي إلا انها لم تكن متأكدة من النتائج الحتمية المرضية بنسبة 100 % وذلك لأنها لم تجرِ تجربة فعلية تؤكد نجاح ما توصلت اليه وأخيراً عن مهمتها وقررت الرحيل الى الغابة لأن المدة المقررة قد نفِذت ...

       أما سيدوم التي انهمكت منذ اللحظة الاولى بترميم المنزل ابتداء من الخارج وانتهاء بالداخل وهذا ما جعل سكان المنزل الاصليين يعقدون اجتماعا طارئاً في العليا حيث جلست اربع يراعات صغيرات وهم على التوالي برونو, زاكي, پاولو واريك إنهم جن القصر المهجور ...

       زاكي : اسمعوا لقد شاع مؤخرا بان حفيدات السيد ديڤد وليم هارفي صاحب القصر ينوين العيش في هذا القصر بعد ترميمه ...

       برونو : وماذا سنفعل نحن؟!

       زاكي : نغادر المكان ...

والكل بصوت واحد : ماذا ... ؟ ياللأسف؟ لقد مكثنا هنا وقتاً طويلاً ...

       زاكي : أعلم وقد كان افضل مكان عثرنا عليه في كل حياتِنا ...

       أريك هل سنتركه لهم ؟ انه بيتنا ...

ودار الجدال فيما بينهم حول امكانية بقائهم في القصر ولكن في النهاية اقتنع الجميع بوجوب المغادرة في اقرب وقت ...وغادر الاربعة ذلك المنزل والحزن يملاهم... غادروا المكان مع أول شعاع ضوء يشق الظلام بهدوء يشوبه السأم... ودخلت سيدوم ذلك القصر المهجور للمرة الاولى بعد وقت قصير لتبدا عملها في ترميمه... ولأن سيدوم كانت ضئيلة الحجم انهكها العمل في ترميم القصر المهجور... ورغم السحرية الخارقة إلا انها لم تجد وقتا لراحة طيلة خمس سنوات الماضية الا ساعات قليلة تقضيها فيه تناول الطعام وغالبا ما يتغلب عليها التعب فترتمي في المكان الذي تقف في مرغمة خائرة القوة حتى العجز... ولم تترك سيدوم مكان الا ووضعت لمساتها الجميلة المحددة فيه ولم يغيب عن ذهنها حديقة القصر الكبيرة ذات البنايات المتنوعة الكثيرة المتشابكة... ولأن القصر كان في مكان بعيد عن البلدة ولأنه محاط بسياج عظيم كبير ولم يدرك أحد ما كان يحدث في داخله والذي كان يمر صدفة قريبا منه دون ان يعير اهتماماً لهُ... واقصى ما كان يقال ههه... بدأوا بترميم القصر... ترى من سيسكن هنا؟! وهكذا مرت خمس سنوات من العمل الشاق المتواصل, وها هي سيدوم جالسة على اريكة حمراء في احدى غرف القصر تنفض عنها غبار تعب السنين الخمس الماضية وتفكر وتقول بصوت عال ... ها قد انتهى كل شيء لم يبق لي الا أعود الى الغابة... يا ترى هل انهت الشقيقات عملهن مثلي!؟ أم... وهل سينال هذا المنزل اعجابهن...؟ أوه ... غذاً سوف التقي بهن في الغابة وياللغد السعيد... وها هو موعد اللقاء الجنيات الاربع في الغابة قد اقترب والتفتت سيدوم الى ايرا عند مدخل الغابة حيث كانت الاخيرة تنال قسطا من الراحة على قمة شجرة الصنوبر وتوجهت أوغاريت الى المنزل القديم ... وفي اللحظة التي وصلت تيرا وسيدوم منزلها القديم التقتا بكوتي حيث رحبن الجنيات بعضهن ببعض بسرور وفرح كبير ودام ذلك فترة ليست بالقصيرة وأخيراً هدأت الجنيات قليلا وطارت الى خارج منزلهن القديم وتشابكن بالأيدي وكونوا دائرة تطير في الهواء تدور ضمن حلقة جميلة ورؤوسهن الى الداخل... وأخيراً افترقت الاربعة وارتمت كل واحدة في مكان ما وبدأ عليهن الارهاق والتعب .. واخذن قسطا من الراحة مستلقيات على الارض حيث سقْطنَ ... وبعد وقت قصير نادت أوغاريت قائلة:

       حان وقت يا كوتي لتعدي الدواء ..

       كوتي : ولكن قد لا ينجح

أوغاريت : نحن نود المغامرة فأما الحياة كما نريد او الرحيل الى عالم الاموات ... والتفتت الى تيرا وسيدوم وقالت اليس كذلك يا اخواتي ردت سيدوم: هذا اكيد اما تيرا التي ارعبتها فكرة الموت فأكتفت بالإيماء وهزت راسها فقط ...

       كوتي: حسناً , غادرت الى المنزل الصغير عبر ذلك الشق في الشجرة وبدأت بخلط المواد كانت قد جاءت بها من الهند ورددت بعض الكلمات الغير مفهومة واخيرا خرجت وهي تحمل اربع قارورات صغيرة مليئة بمادة سائلة ذات كثافة دهن السمسم. بلون بني مائل للصفرة ... فتجمعت اليراعات حولها واختلفت مشاعرهن بالفرح والقلق معا. بعد كل هذا الجهد والوقت المبذول لم يبق للشقيقات الا معرفة الشكل الذي سيؤول اليه اجسامهن الصغيرة .. إذاً لا بد من اكمال المهمة مهما كانت النتائج...

       كوتي: فلتختار كل واحدة منكن القارورة التي تعجبها ... وتم ذلك وتناولت كل واحدة قارورة في يدها ... ولكن لم تتناول اي واحدة منهن الدواء لأنهن لسن متأكدات من النتائج ولم يدم ذلك طويلا حيث شق ذلك الصمت الرهيب صوت تيرا قائلة :

       هيا لنتناول الدواء وليحدث ما يحدث ... وإن فارقنا الحياة او حصل شيء لنا نكون على الاقل حاولنا تغيير حياتنا المملة طيلة هذهِ القرون ... وفي الحال تناولت تيرا المادة الغريبة وقبل ان تنهي ذلك فعلت أوغاريت وتبعتها سيدوم واخيرا كوتي ... وجلسن على الارض ولم يبدو عليهن اي شيء ومضى وقت ليس بقصير ... ولم يطرأ شيء وبدا الغضب يظهر على أوغاريت قائلة : لم يحدث شيء ... وهذا يعني انكِ فشلت يا كوتي .

       وتذمر الجميع لضياع خمس سنوات من العمل الشاق دون جدوى وفي تلك الاثناء توعكت صحة تيرا وبدأت بالصراخ وهي تتلوى على الارض وتجمعت الأخريات حولها ...

       أوغاريت: لا بد انه الدواء ... وقاطعتها كوتي هل بدا مفعوله الان؟ هل هذا الذي تريدين قوله ؟

       أوغاريت: بل انها اصيبت بالتسمم ... أه وقبل ان تكمل حديثها توعكت صحتها هي الاخرى وايضا كوتي وسيدوم وارتميتا أرضاً يتلوان الماً .. وغبن عن الوعي لفترة طويلا نسبياً...الى ان استيقظت كوتي وهي تحاول حجب اشعة الشمس عن وجهها وعيناها , وظنت للوهلة الاولى بأنها قد فارقت الحياة ولكن ... هناك من يتحرك حولها أوه! انها أوغاريت وتيرا وايضا هناك سيدوم ولكن لقد كبروا جميعا حتى انها تراهم مختلفين لكن لماذا ثقلت حركتي قالت هذا وهي تنظر امامها وهي مستلقية لترى قدمين ضخمتين فضنت انها تستلقي قرب انسان اخر فسحبت جسدها بسرعة لتهرب ولكن اقتربت القدمين منها اكثر فاكثر لتكتشف بأنها قدميها .. وراحت تتلمس جسدها لتتأكد من انها نجحت في اعداد وصفتها السحرية ... فانتصبت متجهة فرحة تتراقص في ذلك المكان ميقظة شقيقاتها وقد غمرتها بهجة عظيمة. لقد نجحنا تيرا تلمسي جسدكِ تيرا يالك من ممشوقة القوام , أوغاريت استيقظي واعلمي بأنك لا تملكين اجنحة ... لقد اختفت الى الابد واخيراً اتجهت نحو سيدوم ... إستيقظي سيدوم لم تذهب جهودك في ترميم المنزل هباء سوف نكون كما تريدين ... وبكثير من الفرح والسرور تجمعت الشقيقات مكونة حلقة ضيقة ويتراقص ويدرن حول بعضهن البعض ويشكرن كوتي على ما توصلت اليه ويهنئن انفسهن لما حصلن عليه من قوام ممشوق جميل جدا ... وبعد هذا الاحتفال البهيج قالت اوغاريت من الان فصاعدا سوف نبدأ حياتنا كبشر مع قليل من الميزات الاخرى... قالت تيرا وهي مبتسمة مع بعض الخدع السحرية... وكوتي اضافت, والعمر الطويل وعلقت سيدوم وفترة الشباب التي لا تزول. اما اوغاريت قالت اذن هيا بنا نطير الى البيت الجديد. فضحك الثلاثة من كلامها وقالت سيدوم: هل نسيت بأننا الان بشر لا نملك اجنحة!

كوتي: اختفت الى الابد.

سيدوم: ولكن كيف نذهب هكذا؟

كوتي: لقد حسبت الحساب ايضا... اتبعوني. وسرنَ بضعة امتار ليجدن اربع رزم كل رزمة بداخلها لوازم الحياة المقبلة من كسوة مكونة من عدة بدلات وكمية من النقود تسد الحاجة لبضعة ايام وايضا حقيبة تحتوي ما سوف تحتاجين اليه في الايام المقبلة... فاندفعن الى ما وجدن بسرعة كبيرة استعد الجميع بالذهاب الى البيت الجديد الى الحياة الجديدة مودعين الغابة الى الابد .

       واخيرا وصلت الشقيقات الاربعة الى القصر... فقرأت أوغاريت اللافتة المكتوبة على الباب... " قصر الامنيات" ودخلت الشقيقات الى القصر والدهشة بادية عليهن اما سيدوم التي كانت تسير بخطأ حثيثة خلفهن وهي سعيدة من جهة وفخورة من جهة اخرى فدهشة شقيقاتها تدل على ان عملها كان رائعا جدا. وبعد جولة طويلة وبطيئة في كل مرافق القصر, جلست الشقيقات حول طاولة مستديرة في ركن المطبخ وقالت تيرا :

       اذن نحن حفيدات ابن عم السيد ديڤد وليم هارفي أليس كذلك سيدوم ؟

       نعم نحن كذلك ولنا ما يثبت هذا واتجهت نحو الدرج نحو المدفئة الملتصقة بإحدى جدران الصالة الرئيسية واخرجت رزمة من الاوراق الرسمية طبعا التي تثبت بأنهن قد أنهين دراستهن من جامعات مختلفة وحصلت على شهادات عالية بتقديرات ممتازة... فضحكت كوتي وقالت :

تيرا: نحن فعلنا كل هذا... ردت تيرا كم تعبت في اختبار الجامعة الاخير ها ها... وهكذا انضمت سيدوم وأوغاريت للمزاح وما أن دقت الساعة معلنة الواحدة ظهرا حتى انتبه الجميع لذلك قالت سيدوم وهي تتلمس بطنها والباقين كذلك... انا اشعر بالجوع... وانا كذلك... واما تيرا وكوتي فردتا سويا ونحن كذلك واسرعت تيرا الى الخارج ولحقتها الاخريات قائلات "ماذا هناك" وحاولت تيرا الطيران... سيدوم ماذا تفعلين؟ أرغب في بعض الفاكهة. فلم تستطيع تيرا الطيران فردت قائلة: اللعنة؟ وضحك الجميع وعدن الى القصر وأوغاريت تغمغم كان ذلك في ما مضى وانقضى... اتبعوني الى الثلاجة قد تكون سيدوم وضعت شيئا فيها...

وها نحن نشارف على منتصف الليل والجنيات الاربع ما زالت تقضين الوقت بالرقص تارة ويشاهدن التلفاز تارة اخرى وفجأة دقت الساعة معلنة منتصف الليل ليهدئ الجميع وتبدا اوغاريت بإعطاء الاوامر...

أوغاريت :

هيا يا فتيات الى غرفكن... فغداً سوف يكون يوماً شاقاً...

       كوتي: لماذا

       تيرا: اضنها تلمح الى شيء اخر غير التلفاز...

       سيدوم: اعمال منزلية او انا اخمن...أ...

       اوغاريت: لا هذا ولا ذاك... بل علينا ايجاد عمل لكل واحدة منا حسب الشهادة التي تحملها... أم انكن ترغبن بالعيش كمتسولات بقية حياتكن ؟

       تيرا: سمعتن حسب دراستكن... ها ها ...

كوتي وهي توجه الكلام الى تيرا: كم عانيت ايام الفحص الاخير في الجامعة ! أوه

وضحك الجميع وسرعان ما اسكتهم صوت اوغاريت التي نفذ صبرها على ما يبدو: هيا كفى مزاحاً... هيا الى غرفكن. واتجهن الى الطابق العلوي في طريقهم الى غرفهن وفي تلك الاثناء غمغمت سيدوم بصوت منخفض واضح " ولكن لماذا لا يخلد الرقيب الى النوم؟ وضحك الثلاثة واسرعن في الدخول خوفا من اوغاريت. وحيث خلد الاربعة في النوم كل واحدة في سريرها ذو اللون الذي تفضله والذي يطابق لون الغرفة بما فيها من حاجات تلائم مع ميول ورغبة كل واحدة منهن... ولأنها اللية الاولى التي خلدت الشقيقات الى النوم براحة كبيرة وسعادة غامرة في اسرة مريحة كما كان بادياً عليهن. حيث ارتسمت بسمة جميلة على وجههن طول الليل... وعلى العكس منهم كان سكان القصر الاصليين... يبحثون على مأوى ولو في بيت مهجور او في مبنى عام ولكن دون جدوى فالأمطار قد ملئت كل الشقوق بالماء ومما زاد الطين بله تلك الرياح الهوجاء التي هبت فجأة في ظلمة الليل لتبطئ حركة الاشقاء الاربعة أكثر فأكثر...

زاكي: لا تتفرقوا... حاولوا ان تمسكوا بشيء ما... فالرياح قوية لا بد ان نجد مأوى...   

أريك: كيف نجد مأوى ونحن لا نستطيع ان نسير خطوة ان نحلق لبرهة...؟

برونو: لكن ما العمل اخبروني ؟

أجابه پاولو البدين: أفعل كما يقول...

برونو: ما الذي قاله؟ وماذا افعل...؟ وهو غاضب

پاولو: لا اعلم فقط راقبهُ...

زاكي: كفا عن هذا وتابعا السير نحو تلك السلالم...

كان هناك شق كبير نسبيا تحت سلالم المبنى الحكومي يؤدي الى فراغ واسع تحتها حيث كانت مصنوعة من الخشب وهي مجوفة بمساحة سلمين لا أكثر ولكن بالنسبة لليراعات هذه المسافة كبيرة بل كبيرة جداً... واخيراً وصل الاربعة الى هدفهن...

برونو: أف وهو ينفض عنه قطرات المطر وكذلك يفعل الاخرون... أوف من مكان قذر انظر زاكي إنه مبتل ايضاً... وكان يشر الى المكان الذي لجئوا اليه.

زاكي: سوف يقينا المطر والرياح هذه الليلة.

أريك: وماذا عن الليالي الاخرى!

زاكي: ماذا تعني؟

أريك: لو اصغيت الي لما حل بنا هذا. انظر ها نحن ننتقل من مكان الى مكان         اخر بحثاً عن منزل مهجور يأوينا ولم نجده لحد الان... خمس سنوات نبحث دون جدوى لواننا بقينا في المنزل القديم...

برونو: ولكن قد شغله الورثة ؟!

پاولو: انت محق قد شغله الورثة!

أريك: كنا سنبقى في العليا حيث لا يحتاجها احد, ولم تطئها قدم انسان منذ ان كان السيد ديڤد على قيد الحياة...

زاكي: بدأ عليه الحزن والندم... ولكن ماذا لو... قاطعه أريك: لا تقل بانهم سوف يشغلون العليا!

زاكي: وماذا نفعل الان...؟ لقد فشلت كل محاولاتنا في ايجاد منزل يناسبنا... ماذا عسانا نفعل الان...! 

پاولو: إنه محق ماذا عسانا نفعل الان...؟

بونو: ماذا لو... لو... لا لا شيء...

زاكي وأريك: ماذا اخبرنا...

برونو: لو اننا نعود الى القصر ونشغل العليا... ها, لا تسخروا مني... ارجوكم...

زاكي: ما رأيكم بهذا؟

پاولو: ما رايكم بهذا اخبروني...؟

زاكي: لا تكرر كل ما نقوله يا احمق...

وقرر الجميع العودة الى القصر القديم على شرط ان لا يختلطوا بالساكنين فيه نهائياً لكي لا يكتشف امرهم ويقضى عليهم... وأضاف زاكي: على شرط ان نغادر المكان قبل حدوث اي مشكلة...

پاولو: ماذا تعني بالمشكلة؟

زاكي: اي اذا علم بوجودنا اي الساكنين بالقصر... احضركم من الاقتراب منهم... هل انتم موافقون...؟ الكل رد بالإيجاب...

وفي الصباح اليوم التالي... مع اول بصيص الضوء من اشعة الشمس الدافئة انطلق الاربعة الى منزلهم القديم حيث حلق الاربعة عاليا بالسماء وكان الضباب يحجب كل شيء والجو بارد نسبياً...

پاولوا: انتظروني لا استطيع المتابعة ( وهو يترنح... وينخفض مستواه عن البقية شيئا فشيئا...

وعاد زاكي اليه: ما الامر ياپاولوا

پاولوا: اكاد افقد وعيي... وفقد پاولوا وعيه وسقط بين ذراعي زاكي... زاكي: استيقظ پاولوا يا الهي ماذا دهاك؟ وناد زاكي على برونو واريك هيا ساعدوني... لا استطيع المقاومة يكاد يسقط... برونو: انجدنيّ

وحضر الاثنان على الفور وكان زاكي الذي اطبق ذراعيه على پاولوا يبذل ما بوسعه كي لا يسقط الاثنان وفي حال تعاون الثلاثة على رفع پاولوا ولكن الاخير كان ثقيل الوزن...

اريك: ياله من بدين لا استطيع التحمل دعونا نهبط, وهكذا فعلوا... وحاول زاكي ايقاظ پاولوا... پاولوا وهو ما يزال نصف واعي: ماذا هناك... لماذا تصرخ يا زاكي؟

اريك: ما بك يا پاولوا قلقنا عليك؟ مما تعاني؟

پاولوا: انا... انا...

برونو: انه جائع... اليس كذلك ياپاولوا؟

پاولوا: نعم... وضحك الجميع وبعدها ذهب كل واحد منهم باتجاه لإحضار بعض الطعام...

وبعد برهة عاد الاربعة ليحلقوا في السماء باتجاه المنزل القديم حيث الطمئنة والدفيء ...

واخيرا وصل زاكي والاخرين الى المنزل القديم... واندهش الاربعة لروية المنزل القديم الذي تركوه وقد تحول الى تحفة فنية رائعة... حيث برعت سيدوم في تحويل البيت القديم المهترئ القاتم اللون الى قصر يندهش المارة عند النظر اليه بما فيه من مزج الالوان الزاهية البديعة وبذلك التناسق البديع الذي وان دل على شيء فانه يدل على قدرة ومعرفة سيدوم فن الالوان... وهكذا دخل الاربعة الى العليا الخاصة بهم من خلال شق بسيط كان موجودا منذ القدم...

برونو: ياللعجب... ماذا حدث للبيت... يبدو مختلفا كليا... ما اجمله

پاولوا: انت محق ما اجمله... اوه

زاكي: واخيرا عدنا لمنزلنا المريح... ولكن كونوا على حذر... هناك من يجب ان لا يعلم بوجودنا والاّ...!

اريك: ها قد وصلنا الى منزلنا الحبيب... قلت لكم لا يمكن تركه الى الابد... اهلا بكم جميعاً في المنزل من الجديد...

زاكي اسمع لن اغادر المنزل حتى لو علم بوجودنا اهل المنزل... وفي الطابق الارضي كانت الشقيقات يتبادلن الحديث حول يومهن الاول في العمل... كانت الشقيقات الاربعة سعيدات بيومهن المهني الاول وكل واحدة منهن تخبر الاخريات بما دار من كلام واحداث... ومضت ساعات المساء الطويلة والكل مشغول بسرد القصص... وها قد جاء موعد العشاء وهمت الشقيقات بتحضير وجبة العشاء وما ان وضع العشاء على المائدة حتى نغذ كل ما كان عليها ولم يبق الا الشيء القليل من الخبز حيث وضع على رف سفلي في احدى زوايا المطبخ المفتوحة ورتبت المكان بوقت قصير واتجهت الاخوات الى غرفهن مفعمات بالحيوية والسعادة... ولكن في تلك الساعات المتأخرة من الليل كان هناك من يتضور جوعاً هناك في العليا حيث انتظر الاخوة لفترة ليست بقصير ليهدئ كل شيء في الاسفل وليخرج الاخوة للبحث عن الطعام... واول من ظهر في الطابق السفلي كان پاولوا الذي كاد صبره ينفذ... واسرع الى المطبخ وتبعه الاخرون ومن دون عناء وجد الاربعة طبق الخبز المتبقي من وجبة العشاء...  وانقض الاخوة على الطبق ملتهمين الخبز بشراهة ورغم صغر جسم اليراعات الا انها تحتاج نصف وزنها من الغذاء كل وجبة ولثلاث او اربع وجبات يوميا... ولكن بالنسبة للشقيقات المتحولات فان شهيتهن مفتوحة ولكن يتناولن ما يزيد عن وجبة معتادة للبشر بقليل..

زاكي: اسمعوا يا رفاق يجب ان نؤمن وجبة الافطار ليوم غد... كل واحد منا مسؤول عن نفسهِ...

پاولوا: وجبة الافطار فقط!... كنا في السابق نؤمن الطعام لأسابيع واحيانا اخرى لأشهر...

أريك: كان ذاك عندما كنا بحاجة الى ذلك... ولكن الان هناك من يأتي بالطعام من هنا وهناك وليس علينا سوى ان نتناوله في موعده المحدد او بعده بقليل ونحمل ما نحتاجه الى غرفتنا...

برونو: ياللعجب! بالأمس كنا تعساء واليوم اصبحنا سعداء... يا للسماء!

زاكي: لا تشغلنا باندهاشك هذا فما نحن مندهشون له بل مفكرين فيما بعد هذا... هيا يا اخوان لنعود الى العليا... كونوا حذرين... ولان قطعة الخبز كانت كبيرة نسبيا على پاولوا ولهذا كان يسير ببطيء شديد في نهاية الصف...

واستمر الحال على ما هو عليه عدة ايام... وجاء اليوم العاشر والذي نفذت فيه تقريبا نقود الفتيات... ولان الشقيقات لا يملكن شيء سوى ما وفرته سيدوم بالكاد سيكفي ليومين اخرين...

ولأنهم في منتصف الشهر, فلا يحق لهم المطالبة بالراتب الشهري... ففكر الجميع في حل لهذه المشكلة واخيرا وجدت تيرا الحل: اسمعوا لقد وجت الحل... والكل انتظر التكملة لهذه الجملة بكل شوق,

سيدوم: هيا تكلمي تيرا...

تيرا: الا تذكرين كنوز اليراعات الجنوبيات والتي تُرِكتْ لنا...

كوتي: اي يراعات... ولماذا ترك لنا... كانت كوتي لا تعرف بقصة اليراعات الجنوبيات وما حل بهن حيث كانت بعيدة عن الغابة في مهمة اوكلتها اليها أوغاريت في قارة استراليا...

أوغاريت: اليراعات الجنوبيات الثريات... الا تذكرين "ماغي وغايسوسونا وفلونا" اللواتي لم تسمعن نصائحي وذهبن للسكن قرب البشر وعندما علم البشر بوجودهن احتضرن وفارقن الحياة بعد بضع ساعات ولان ماغي هربت ووصلت الى الغابة لتخبرنا بما حدث ولتمنحنا كنزهن الثمين...

ارتعبت كوتي لسماع القصة... وقالت: لقد تذكرت فقد اخبرتني تيرا بهذا منذ زمن بعيد حين سالتها عن عدم زيارتهن لنا وهن كن لا يطقن شهر دون زيارتنا ولكن أوغاريت ولكن...

ما بك كوتي انك ترتجفين؟ قالت تيرا

كوتي نحن نعيش الان مع البشر ويمكن ان يقضى علينا في اي لحظة فنحن يراعات الخير في العالم ولم يبقى سوانا على الارض وضحكت اوغاريت بصوت مسموع وبشكل ساخر... يالك من حمقاء... نحن الان لسنا يراعات بل بشر مثلهم بالنسبة لهم ومن منا سوف تخبر البشر بأننا يراعات لسنا منهم ام ستخبرين احدهم بانك يراعة ...

كوتي: اوه لقد كنت مرتعبة اوه... وضحك الجميع منها وشاركتهم هي الاخرى بالضحك

أوغاريت: اكملي يا تيرا... ماذا عن كنز اليراعات الجنوبيات... اه... اضنك تودين القول بان تستغل تلك الاموال... اه اه انها فكرة جيدة غداً سوف نذهب للغابة...

وقاطعتهم سيدوم: مهلا... مهلا لم يعد لينا كنز... لقد نفذ كله

كوتي: كيف هذا... ولماذا؟

سيدوم: هل كنتم تضنون ان هذا القصر كان على ما هو عليه الان ! لقد انفقت الكثير الكثير من الاموال حتى اصبح القصر القديم رائعا الى هذه الدرجة... والذي بقى من تلك الاموال ابتعت بعض الملابس والاشياء الضرورية , وقسمت القليل الباقي ليكون مصروفا لنا بعض الوقت...

كوتي: اه وماذا نفعل الان؟

اوغاريت: ننتظر حتى ينفذ كل ما لدينا ثم نتصرف بغرض واحد او اثنين لسنا بحاجة اليه في القصر...

تيرا: مع اني لا احبذ ان اتخلى عن اي غرض في البيت الا اني اعتقد بان لا خيار لدينا...

وانتهى كل شيء وخلدت اليراعات الى النوم... وبعد برهة اتجه پاولو وأشقائه الى المطبخ... واستمر الحال على ما هو عليه لعدة ايام اخرى... حيث يتمتع الاشقاء الاربعة بالمنزل من الصبح حتى موعد عودة الشقيقات الاربعة الى المنزل وبعدها ينتظرون حتى منتصف الليل ويمرحوا بالقصر كما يحلو لهم... كانت الامور تجري بشكل مريح للطرفين رغم عدم معرفة الشقيقات بوجود نزلاء معهم في نفس المنزل... ولكن كان هناك من يضايقه امر معين... ويجعله غاضباً طوال الوقت انه پاولو الذي كان يتضور جوعا وهو ينتظر خلود الشقيقات الى النوم حتى يتسنى له تناول وجبة العشاء ولذلك كان يفكر كل الوقت بحل لهذه المشكلة فلم يعد يطيق ذلك واخيرا وجد الحل... بينما كان زاكي وبرونو واريك منشغلين بفلم عاطفي جميل يعرض في التلفاز راح پاولو يبحث عن مكان مناسب في المطبخ ليختبئ به ولان الكل منهمك في امر ما اقترب موعد مجئ الشقيقات ولم يشعر به احد... وها هي اوغاريت تفتح الباب... سمع اريك صوت المفاتيح فادرك بالحال بقدومهن ونبه الباقين ليهموا للعليا ولكن لم يجدوا پاولو... "ولكن لا وقت لدينا" قال زاكي. هيا الى العليا وفي الوقت الذي فتح الباب كان برونو هو الاخر يختفي في غرفة الجلوس الظاهرة تماما للاعيان وصعد الثلاثة بسرعة مرعوبين الى العليا تاركين پاولو المسكين دون تنبيه كذلك انشغالهم بالبحث عن پاولو جعلهم ينسون اطفاء جهاز التلفاز...

اوغاريت تدخل الى البيت وصوت التلفاز واضح... فالتفتت الى تيرا: لماذا لم تطفئي التلفاز يا تيرا؟

تيرا: ولكن أطفأته قبل ان اخرج...!

كوتي: انكِ دائما تقولين هذا..

سيدوم: ياله من فلم جميل... هيا دعونا نكمل الفلم...

اوغاريت: انا ذاهبة الى المطبخ... سوف اعد لي قهوة... هل ترغبون

الكل: نعم نرجو ذلك... اضافت سيدوم. وبعض البسكويت معها ان امكن يا عزيزتي, انه في الرف العلوي...

اوغاريت: حسنا كما تريدون

وسمع پاولو الضجيج من الشقيقات... ادرك بانهم في المنزل وعليه الاختباء

فاسرع بالدخول خلف رف الارضية بالشق الموجود بين الحائط والرف.

وهمت اوغاريت بتحضير القهوة والبسكويت... بينما كانت تخرج البسكويت من العلبة وقعت قطعة صغيرة على الارض...

فلم يتحمل پاولو مشاهدة قطعة البسكويت هذه, فاسرع دون تفكير والتقطها ثم عاد الى مكانه ليأكلها... وعندما انتهت اوغاريت من ملئ الصحن بقيت بعض البسكويتات في العلبة فوضعتها على الطاولة... كانت قطعة البسكويت ذات طعم لذيذ جدا مما جعل پاولو يفكر بألف حل وحل ليصل الى علبة البسكويت تلك. لكن اوغاريت دعت الشقيقات الى المطبخ وجلسن على الطاولة يشربن القهوة ويتناولن البسكويت پاولو يراقب الصحن الذي كان ينفذ منه البسكويت قطعة بعد قطعة وهو يتحسر على قطعة صغيرة اخرى ولا يجد... ولان الفتيات تابعن الفلم من تلفاز الصغير حرمن پاولو من ان ينال ما يريد... وحان موعد العشاء وتيرا تقلب القنوات وانجذبن الى كل ما كان يعرض فتناسين الوقت حتى شعرن بالجوع مرة اخرى ونظرت سيدوم الى الساعة: اه انها العاشرة! ساعد العشاء... ماذا تريدون للعشاء يا عزيزاتي؟

اجابت تيرا: شطائر الجبنة وكوتي: ساندويتش على ذوقك واوغاريت: اكتفي بطبق الفاكهة اما انا فطبق الرز المحمص هو الافضل... وبعد العشاء تحدث الشقيقات عن اشياء حدثت لهن في العمل واكتفت تيرا بالإصغاء ولان كوتي كانت الاقرب اليها همست لها قائلة: تيرا ما بك هل حدث شيء ام انك... ولم تكمل كوتي فقط اكتفت بابتسامة عريضة وضحكت تيرا قائلة... ساخبرك لاحقا... اوغاريت: انا متعبة سأخلد للنوم...

       سيدوم: وانا كذلك لدي الكثير لأقوم به غدا.

بينما پاولو يعد الخطط للوصول الى البسكويت كان زاكي واريك وبورنو يتحرقون شوقا لمعرفة ما حل بصديقهم پاولو.

       زاكي: اه يا پاولو المسكين لا اريد ان يكون بين ايديهم... قد يضنوه لعبة او اعجوبة...

       اريك: ياليتني اراه قبل ان يموت... اتمنى ذلك من كل قلبي

       برونو: هذا صحيح... انه لعبة في ايديهم اذن انه يحتضر... ولكن ماذا لو انه اختبئ او انهم لم يروه لحد الان...

       اريك: زاكي قد يكون محقا... دعنا لا نسبق الاحداث فلننتظر حتى يخاد الجميع الى النوم...

       زاكي: قد يكون مثل البشر صحيحا..

       برونو: اي مثلّ

       زاكي واريك معا: خذو الحكمة من افواه المجانين وضحك الاثنان فغضب برونو وجلس عند النافذة وحيدا...

كان املپاولو قويا بالحصول على قطع البسكويت في وقت قصير بعد ان غادرت اوغاريت وسيدوم وقال في نفسه سوف ترتب تيرا الاغراض وتساعدها كوتي وبعد ان ينتهيان سوف يذهبان الى النوم وانا اتفرغ للبسكويت... ولكن انتهيتا من ترتيب الأغراض وما زالت الشقيقتان في المطبخ...

       كوتي: تعالي تيرا... ما بك هذه الايام لا اراك على غير عادتكِ... قليلة الكلام يائسة وسعادتك ممزوجة بحزن صامت عميق...

       تيرا: اه... كوتي لو انك تعرفين...!

       كوتي: واقعة في الغرام!

       تيرا: هيا كوتي كفي عن هذا كفي... دعيني وحدي...

       كوتي: تعلمين تيرا لا يمكنك... لا يمكنك هذا والاّ ستهلكين عزيزتي... لا اريد ان افقدك ام انك تريدين القضاء على جنسنا كليا على الارض!

       تيرا: لا تخشي هذا... فانا اعلم باننا الوحيدات على الارض وبهلاكنا تكون الارض قد خلت من كل جنيات الخير وبذلك سوف يتلاشى الخير رويدا رويدا حتى يزول... اتصدقين هذا كوتي... اكاد لا اصدق هذا يا تيرا...

       كوتي: بل تصدقين وتومنين ان اللـه قد باركنا وانزل منا الالوف والمئات لننشر الخير والسعادة في بقعة ننزل بها وتخضر الارض الجرداء اذا وطأة قدمنا عليها... انك تعرفين كل هذا ولكن التجربة التي تمرين بها الان تبعدك عن هذا كله رغبة منك في تذوق سعادة البشر بتجربة حب حقيقية والتي تحتاج الى الكثير الكثير من الصدق والذي سيهلكنا جميعا حين تعترفين له بانك يراعة ولست من البشر...

       تيرا: لن افعل... صدقيني لن افعل

       كوتي: لا يمكنك هذا لان اليراعات صادقات جدا مع احبائهن... وهذا ما جعلنا نقطع على انفسنا عهدا بان لا نعاشر البشر...؟

       تيرا ولكن... هل سنحرم من الحب لعدم وجود يراعات من جنسنا... لقد هلكوا جميعاً...

       كوتي: وهل هذا سبب كافٍ لنهلك نحن ايضا؟ قد يكون من نجا منهم هنا او هناك ونحن لا نعلم فليكن لديك امل..

كانت كوتي متاكدة بانهن الوحيدات على الارض ولكن كانت تهون الامر على تيرا الرومانسية الحنونة البريئة الممتلئة حيوية...

       تيرا وان كان. وهذا مستحيل فكيف لنا معرفة ذلك ونحن بهذا الشكل... هذا هراء...

       كوتي: تيرا عزيزتي بانك لن تستمري بهذا عديني قبل فوات الاوان...

       تيرا: حسنا اطمئني لن استمر... فقط اتركيني لوحدي لبعض الوق اعدك سوف اتغلب على الامر...

وغادرت كوتي لتخلد الى النوم مودعة تيرا... التي جلست على الطاولة حزينة... وهرعت بالبكاء بصوت خافت بعد ان انحنت على الطاولة جاعلة من ساعديها وسادة لتتكئ عليها... وبعد وقت قصير هدء صوت تنين تيرا وذلك لان التعب قد غلب عليها فغطت في نوم...

ولان پاولو كان جائعا لا يفكر بشيء سوى بالطريقة المثلى للوصول الى كيس البسكويت وايضا بالساعة التي سوف تغادر بها تيرا ليبدا بالعمل... سمع پاولو كل الكلام الذي دار بين تيرا وكوتي... وعلم بانهن يراعات وكاد يصدق الامر لولا حجم الفتاتين المماثل لحجم البشر كذلك نظر الى جناحية الصغيرين الشفافين المنبتان على ظهره... فوبخ نفسه قائلا يالي من احمق كيف فطرت بهذا... انه الجوع... انه الجوع فعندما تكون معدتي فارغة لا افكر بشكل جيد...

وبعد طول الانتظار... حلق پاولو الى الطاولة ووصل الى هدفه من دون ادنى تفكير ودخل في علبة البسكويت وراح يقرمش قطعة بعد قطعة وعندما امتلأت معدته قرر الخروج من العلبة ومعه ما يكفي لوجبة اخرى وفي اثناء ذلك استيقظت تيرا جراء الضوضاء الذي احدثها پاولو وهو يهم بالخروج من العلبة غير مبالي بتيرا... فنظرت اليه تيرا وهي نصف نائمة فتسمر پاولو من شدة الخوف عندما نظر امامه الى وجه تيرا...

       تيرا: اه ياكوتي... كم كان حديثك مؤثرا ليتراءى لي جن الغابة في هذه الساعة من الليل... وخرجت تيرا لتخلد الى النوم تاركة ورائها پاولو مرعوبا ينتظر ساعة موته بعد احتظار ينبغي ان يدوم ساعتين او ربما اقل...

وفي الحال اعطى زاكي الضوء الاخضر للباقين للنزول من العليا حيث كان يترقب من على السلالم دخول تيرا الى غرفتها وفي الحال اسرع الثلاثة الى المطبخ يبحثون عن پاولو ولكن دون جدوى... وصرخ زاكي بهدوء پاولو پاولو اين انت... هل انت بخير... فرد صوت مرتعب قلق وخافت من الشق حيث يوجد پاولو قائلا... زاكي... زاكي اتجدني انا هنا... وعندما سمع الثلاثة الصوت اسرعوا مرعوبين اليه

       اريك: ما بك. پاولو هل انت جائع؟ هل اصابك مكروه ؟!

       برونو: ما بك پاولو...؟ لماذا تختبئ هنا...؟ هل شاهدت احد؟

       زاكي: اهدا يا عزيزي ولنخرجه من هنا هيا ساعدوني

وعندما اخرجوه كان پاولو يرتعش خائفا...

زاكي: ماذا هناك پاولو...؟

پاولو: الوداع... سوف ارحل... لقد شاهدتني تيرا... انني راحل... الوداع. الوداع...

والكل بصوت واحد: ماذا هل عرف احد بوجودنا؟

       زاكي: هل شاهدوك عن قرب...!؟

       پاولو: نعم كانت قريبة جدا مني ولكنها لم تمسك بي... لقد تجاهلتني...

       اريك: انك تحلم يا پاولو... كيف يتجاهلك بني البشر بعد ان يجدوك... انك تهذي... هيا لا تخف... لا يوجد ما يخيف

       برونو: انه محق... قد تكون تخيلت الامر والا كيف يتجاهلونك بعد ان عثروا عليك... الم تسمع عن كل اصدقائنا الجن الذين فقدو حياتهم من اجل غلطة صغيرة... كأن يكونوا شوهدوا بالصدفة من قبل طفل او كلب او ماشابه فتخرج فرق من البشر مكونة من خمسة او ستة للبحث عنهم وهكذا قضي على الجميع جنسنا ولم يبقى على الارض سوانا... فكيف تضن بان يجدك احدهم ولا يابه بوجودك...!

       پاولو: ولكن انا متأكد من هذا... انظروا الي اني ارتعش وهذا دليل على اني احتضر ولم يبقى الا ساعات قليلة لأفراق الحياة...

       اريك: اضنك ترتعش خوفاً والا لكنت فقدت وعيك ثم بدأت بالارتعاش

       زاكي: انه محق... هذا ما يجب ان يحدث...!

       پاولو: الوداع يا اصدقائي... اضنكم لم تصدقوني ولكن بعد قليل سوف افارق الحياة... الوداع ولان الثلاثة لم يصدقوا پاولو. انهمك كل واحد منهم بتناول الطعام وبعد الانتهاء ارادوا مغادرة المكان ولكن پاولو لا يقوى على الحراك وبجهد كبير استطاع اريك وزاكي حملهُ بينما كان برونو يحمل وجبة العشاء المكونة من قطعة كبيرة نسبياً من البسكويت لپاولو...

وانقضت ساعات الاحتضار المفترض ان تكون لساعتين وهكذا لم يحدث شيء...

       زاكي: پاولو! هي تسمعني...؟

       پاولو: نعم زاكي... اني بخير... لم افارق الحياة وقفز پاولو فرحاً... ها انا لا اشكو من شيء ولم يحدث شيء لي...

       اريك: كنت تحلم پاولو... لم يكن ذلك حقيقياً...

       برونو: لابد ان شيء ما اخافك كثيراٍ!

وتلاشت سعادة پاولو عندما سمع هذا الكلام وقال بغضب شديد: لم يكن حلما ولا خوفا كان حقيقة.

       زاكي: لا باس ياپاولو اني اصدقك... ولكن هذا امر غريب... لا بد من وجود سر في الامر.

       اريك: نعم اعرفه... لقد وقع پاولو من ارتفاع كبير سبب له هذا... فضحك الثلاثة.

       برونو: قد يكون محقا اريك... قد يكون!

       پاولو: حمقى مجرد حمقى لا تصدقوني الان ولكن سوف اكتشف السر مهما كلفني الامر...

وراح زاكي والاخرين لتهدئته ولكن طلب منهم ان يتركوه لوحده... وخلد الثلاثة الى النوم تاركين پاولو يتأمل القمر... يفكر بما جرى وما سبب بقاءه على قيد الحياة لحد الان رغم مشاهدة تيرا له ولماذا لم تعر له اي اهتمام وتعاملت معه وكانه شيء مألوف لديها... لماذا يا ترى ظل پاولو يفكر لساعات الى ان تذكر كلام كوتي وتيرا والذي من خلاله كشفتا عن شخصيتيهما الحقيقية... وقال في نفسه انهن يراعات انهن جنيات الغابة مثلنا... واراد اخبار الباقين لكنه تردد في ذلك في بادئ الامر ولكن ما ان بزغ اول شعاع من الشمس حتى ايقظ الجميع قائلاً: انهضوا يا اصدقاء... لقد عرفت السر... انهضوا...

       اريك: ما بك يا پاولو توقظنا في هذه الساعة؟

       برونو: ماذا دهاك... هل شاهدت احد اخر ! مستهزأ

       زاكي: ماذا هناك پاولو ؟

       پاولو: لقد عرفت سبب بقائي على قيد الحياة بعد ان عرفت تيرا بوجودي.

       برونو: لا زال يصر على هذا...

       زاكي: انتظر برونو دعنا نسمع... اكمل پاولو...

       پاولو: انهن جنيات الغابة... اعني انهم من جنسنا صدقوني...

       زاكي: ماذا دهاك پاولو... جنيات مثلنا.. ها ها... صدقتك البارحة يالي من احمق... ها ها...

       اريك: وهو يسخر منه..." صدقهُ زاكي... صدقهُ انهن فقط اكبر منا حجماً وماذا في ذلك... يشبهون البشر في تصرفاتهن وماذا في ذلك وضحك ها ها "

       برونو: ولا تنسى قد تخلوا عن اجنحتهن لبرهة فقط او قد تكون اجنحتهن ثقيلة فوضعوها بجانب السرير وماذا في ذلك...

پاولو الذي صرخ غاضباً... انهن جن الغابة لقد سمعت ما دار من حديث بينهن انا متأكد. كنت مثلكم لم اصدق في بادئ الامر ولكن بعد التفكير العميق اكتشفت ذلك...

       زاكي: بعد كل هذا التفكير وما زلت تصر على انهن يراعات... ما بك پاولو عد الى وعيك ما بك.

       پاولو: سوف اثبت لكم هذا... اليوم سوف ترون..

وفي تلك الاثناء كانت الشقيقات يحدثن ضجة كبيرة كما اعتدن... حيث هناك الكثير من الامور التي يتحدثن عنها وهن يعدن الافطار كل واحدة كما تحب ولكن تيرا كانت دائما تكتفي بقدح من القهوة بالحليب وشطيرة الجبن وتتجه نحو غرفة الجلوس لتشاهد برامجها المفضلة قبل الخروج الى العمل...

       پاولو: سوف اذهب للتحدث معها... وسوف ترون بأني محق...

       زاكي: پاولو... انتظر!!

ولكن پاولو كان قد حلق ووصل غرفة الجلوس فلحق به زاكي والاخرين وعندما علموا بانهم لن يتمكنوا من اللحاق به بهذه الطريقة حلق الثلاثة خلفه ليجدوه متجها نحو تيرا دون تردد... فتسمر الثلاثة على السلمة الاخيرة المؤدية الى غرفة الجلوس واختبأوا خلف اخر مسند( المحجل ) مترقبين الوضع بخوف شديد...

       اريك: ها فد فقدنا احد اصدقائنا...

       زاكي: ترى ماذا سيحل به!

       برونو: قاده جنونه الى نهايته...

ولكن كان يقابل كل هذا الحزن والخوف... شجاعة لم يكن لها مثيل بعالم اليراعات حيث لم يسبق ان توجهت يراعة لتسال بني البشر بشيء كهذا من قبل بكل هذا العزم والقوة...

بينما كانت تيرا منهمكة بين وجبة افطارها والتلفاز حلق پاولو ليحط على الطاولة امامها وليناديها قائلا... تيرا... تيرا... انا هنا على الطاولة وعندما لاحظت تيرا اليراعة الصغيرة اندهشت كثيرا تنبس ببنت شفة فقط اكتفت بفتح فمها وعينها...

       پاولو: تيرا هل لي بسؤال...؟

       تيرا: ها

       پاولو: هل انتِ يراعة... ارجوك اخبريني ولا تخافي فانا يراعة ايضاً... صدقيني...

تيرا اوقعت كوب القهوة على الارض وصرخت اوغاريت. كوتي. سيدوم... يراعة... يراعة تعالوا لقد وجدت يراعة...وفي الحال تراكضت الشقيقات الى تيرا ونظرن الى پاولو بدهشة كبيرة وغاية في الفرح وتقول الواحدة للأخرى... هناك يراعة... يراعة من جنسنا... يا الهي حمداً للـه هناك غيرنا... كوتي انظروا اليه انه يراعة ذكر... اخبرني ارجوك هل أنت وحدك... ام معك اصدقاء!؟

       پاولو: الا تعرفن بان اليراعات تعيش " وقاطعته اوغاريت محاولة اكمال الجملة بقولها " اربع... اربع لأنها تدل على الجهات الاربع " فضحك الجميع ونادى پاولو على اصدقائه فرحا حيث كانت هذه الجملة الرمز السري بين جنس اليراعات فقط فحضر زاكي وبرونو وكذلك اريك وتعارف الجميع على بعضهم البعض وكما اعتادت اليراعات في اول لقاء بينهم يبدا في سرد قصة حياتهم السابقة بأكملها وهكذا استمر زاكي واصدقائه بالكلام والرد على كل التساؤلات وقتا طويلا حتى قاربت الساعة الثالثة ظهرا اي ان الشقيقات لم تذهبن الى العمل ذلك اليوم...

ودقت الساعة معلنة الثالثة... فقالت اوغاريت هيا بنا الى المطبخ لنعد الطعام... الستم جائعين كانت الفتيات جائعات ولكن زاكي والأخرين كانوا قد اعتادوا على الامر... وبعد وجبة الغذاء الدسمة التي نالت رضى الجميع وبالأخص پاولو الذي غير مجرى الحديث عن الطعام الى السؤال كيف الت اليه اجسامهن الصغيرة الى هذا الحجم...

فتولت اوغاريت الاجابة على السؤال وواصلت الحديث عن حياتهن السابقة والسبب الذي دعاهن لتغيير شكلهن ومر الوقت بسرعة وشارفت الساعة على الواحدة بعد منتصف الليل واليراعات جميعهم منهمكين بالكلام وحولهم فوضة عارمة صادرة عن اغلفة وعلب الاطعمة المختلفة فكما علمنا سابقا بأن اليراعات تتناول الطعام بكميات كبيرة في الحالات الاعتيادية فكيف اذا كانوا يبذلون الكثير الكثير من الجهد في سرد القصص واللعب والمرح الى غير ذلك من الاعمال... وفجأة قالت اوغاريت هيا جميعا الى النوم وغدا سوف نبحث الامر...

       زاكي: بماذا بالتحديد؟

       تيرا: ماذا تعنين اوغاريت؟

       اوغاريت: عن كل شيء... عن كل شيء يا زاكي سوف يحدث تغيير جذري في حياتنا جميعاً    

       اريك: من الان لن اغادر المنزل مرة اخرى مهما كلفني الامر.

       اوغاريت: ليس هذا ما اعنيه, اطمئن يا اريك. وفي صباح اليوم التالي استيقظ الجميع على صوت اوغاريت التي كانت تنادي ليحضر الجميع الى مائدة الافطار. وليتباحثو في امر الاشقاء الجدد... بعد ذلك...

       اوغاريت: فكرت ملياً ليلة البارحة في ما يجب ان نفعله وتوصلت الى حل امثل...

       تيرا: ما هو اوغاريت...

       اوغاريت: يجب ان يتحول الاشقاء الاربعة مثلنا نحن ويجب ان نعد جميعا بأن لا نفشي السر لاحد الى الابد...

       كوتي: هذا رائع...

       سيدوم: اقارب جدد للسيد ديڤد... لقد جاءوا من الشمال! ياللروعة...

       زاكي: موافقون... ولكن على شرط ان نبقى في القصر...

       اريك: هل هذا ممكن...؟

       تيرا: ممكن في العليا طبعاً...

       زاكي والاشقاء: اين!... في العليا!... ونظر الاربعة الى بعضهم البعض بدهشة.

       اوغاريت: لا تخافوا انها تمزح بالتأكيد...

وضحك الجميع بصوت عالي...

       اريك: ومتى سوف نقوم بعملية التحول!

       زاكي: الان طبعاً...

       پاولو: هكذا بهذه السرعة... قبل ان نتناول شيئاً من هذا الطعام وكان يشير الى طاولة الافطار.   تيرا: لا يمكن هذا... يجب ان نعد لهذا... أ... أوغاريت اخبريهم

أوغاريت: نعم انها محقة يلزمنا بعض الوقت فهناك ما يجب ان نحضره...

       زاكي: لا نحتاج لشيء... هيا فلنبدأ...

       كوتي: بل علي تحضير الشراب ونحتاج ايضا... وقبل ان تكمل.. اجاب برونو الذي ظل صامتا طوال الوقت مفكرا بالأمر وايضا بعض المال...

       اريك: هذا سهل نحن نملك كنزا ضخما ولا مشكلة لدينا بما يتعلق بالمال... على اية حال نحن لا نحتاجه يمكنكم الحصول عليه...

       اوغاريت: لا نرغب في الحصول على المال مقابل هذه الخدمة فكما تعرفون اليراعات لا تأخذ المال اجرا على عمل او شيء تقدمه ليراعات اخريات...

       زاكي: لقد اصبحنا عائلة واحدة لذا من العدل ان يكون الكنز ملك للجميع...

       برونو: على اي حال ان الكنز هو عبارة عن تركة السيد ديڤد وليم هارفي قريبنا جميعاً. اذن نحن الثمانية سوف نرثه بالتساوي.

       تيرا: واو... كنا بحاجة للنقود بشكل كبير... ونظرت الشقيقات اليها بغضب فهن لا يرغبن بان يعرف زاكي وأصدقائه بانهن في ورطة مالية...

       برونو: لا باس يا فتيات... لا فرق بيننا الان نحن نعيش في نفس البيت لا داعي للتظاهر فنحن نعلم بانكن تعانون من مشاكل مادية... هيا زاكي لنريهم الكنز...

وسار الجميع نحو المدفئة حيث الدفيء والحرارة المتولدة من النار المشتعلة وقال اريك: ها قد وصلنا...

واندهشت الفتيات لكلام اريك... يا فتيات اخمدن النار... فعلت كوتي وقالت: ثم ماذا...

اترين المقبض الذهبي على جانبي فتحة المدفئة قال زاكي... اسحبيها

       كوتي: تيرا ساعديني وسحبتا المقبض بقوة ولم تستطيعا في الوهلة الاولى ولكن بعد ذلك نجحتا وانسحبت المدفأة بأكملها الى الخارج على شكل رف متحرك واندهشت اوغاريت لهذا كثيرا فظهر خلفها باب فولاذي كانه باب خزنة... ودخلت اوغاريت تتفحص الباب...

       زاكي: اديري المفتاح الرقمي الى 41785 ثم اسحبي المقبض... وهكذا فعلت واذا بالباب يفتح لتندهش الفتيات بضخامة الكنز... الموضوع فوق الرفوف...

سيدوم وهي تتلمس قطع الذهب النقدية وبعض الجواهر الثمينة لم ار بحياتي كنزاً كبيراً كهذا... انظري اوغاريت انه من الذهب الخالص...

وتقدمت اوغاريت محاولة بذل جهد كبير لإخفاء دهشتها والتقطت قطعتان ذهبيتان وقالت احتاج لهذه زاكي... وغدا عند الفجر نقوم بالعملية...

       زاكي: موافقون

       اوغاريت: هيا يا فتيات لدينا الكثير لنقوم به حتى فجر الغد... ارجعن المدفأة الى مكانها... فأمرها متروك لبعد حين... وكان كلام اوغاريت امر لا بد من تنفيذه دون نقاش فهمت الفتيات بالعمل ولم يمض وقت قصير حتى خرجن من القصر لكن هذه المرة ليس الى العمل بل الى اماكن مختلفة فاوغاريت الى محل الازياء الرجالية... اما تيرا فاتجهت الى حيث يمكنها ضم زاكي واصحابه الى عائلة السيد ديڤد صاحب القصر ولم يبق سوى سيدوم التي رافقت كوتي لتساعدها في جمع بعض الاعشاب العجيبة لتحضير الوصفة السحرية... وعند السابعة مساء عادت الشقيقات الى المنزل متعبات جائعات... وقبل ان تتفوه احداهن بكلمة اتجهن الى المطبخ وبشراهة تناولن ما وقع تحت ايدهن...

وهنا قالت اوغاريت: هيا جميعا الى الغرفة الكبيرة المختصة للضيوف... وتبعها الجميع فأخرجت من الاكياس الضخمة التي كانت تحملها ملابس انيقة جدا فوضعتها على السرير وقالت هذه لزاكي وهذه لـ (اريك) وهذه لبرونو والاخير لپاولو... اما تيرا فأخرجت من حقيبتها اوراقا تثبت بأن زاكي والاخرين هم اقارب السيد ديڤد ولهم الحق في السكن في ارثهم كالأخرين... وكذلك اخرجت اربع بطاقات شخصية فوضعت كل بطاقة على الامتعة الخاصة بالشخص فأضافت اوغاريت: كيف أنجزتِ كل هذا في وقت قصير !؟

       تيرا: استخدمت بعض الحيل السحرية... ولا تنسي ليست هذه المرة الاولى التي اقوم بهذا العمل...

       كوتي: وانا انجزت المهمة وارجو ان لا اكون قد نسيت شيئا ... والا... ! وكان القلق يبدو عليها...

       سيدوم: لا تنظروا الي ساعدتها فحسب ولا علاقة لي بالنتائج...

       زاكي: حسنا علينا الخلود للنوم فغدا امامنا الكثير لنقوم به...

ولان القلق كان يسيطر عليهم جميعا فقد مرت ساعات طويلة يتقلبون على فراشهم حتى تغلب النعاس عليهم فغرقوا في نوم عميق.

ومع بزوغ اول شعاع من الشمس استيقظ الجميع دون ثرثرة واتجهوا الى غرفة الطعام وتناولوا وجبة الافطار بأسرع ما يمكن... ولان اريك كان متلهفا للمغامرة فقال: ها قد حانت الساعة... اين الشراب كوتي؟

       كوتي: انه في الغرفة كل له قنينة... ولكن كونوا حذرين!

       زاكي: حسنا... سوف نبدأ بالعملية... وتوجه الاشقاء الاربعة الى الغرفة.

       اوغاريت: يجب ان يستيقظ الجميع في غضون (4-5) ساعات ونحن سوف ننتظركم هنا في الصالة حتى بعد هذا القوت بساعتين وان لم يفتح باب الغرفة... فسأفعل...

       پاولو: هذا يعني يمكن ان يقضى علينا... اليس كذلك!

       كوتي: هذا محتمل

       تيرا: نرجو لكم التوفيق... فالأمر يستحق المغامرة اليس كذلك!

برونو: نغامر بحياتنا كلها... يستحق الامر ذلك؟... هراء من قال ذلك...؟ قال هذا وهو في طريقه الى الغرفة واخيرا دخل الاشقاء الغرفة وعم الهدوء... وانقضت اربع ساعات... وفي الصالة كانت الفتيات هادئات... مترددات حتى في النظر الواحدة للأخرى اما في الغرفة فقد استيقظ برونو وهو يقول... ابعد قدمك عن وجهي... وكذلك اريك الذي ابعد ذراع زاكي عن رقبته واخيرا استيقظ الجميع متعبين ويقولون ما هذا... ما الذي حدث... أين نحن... حاول پاولو الطيران ولكن لم يستطع فنظر الى ظهره... لقد اختفت اجنحتي... لقد نجحنا... زاكي لقد تغيير حجمنا انظر الى مقبض الباب كم هو صغير... هيا فلنخرج ونخبر الفتيات بذلك...

       زاكي: مرحى... احسنت كوتي... احسنت

       اريك: يا رفاق وهو يرتدي ملابسه... الم تنسوا شيئا... وهو يبتسم...

       زاكي: اه انك محق...

وبعد برهة خرج اريك وتبعه زاكي ثم پاولو واخيرا برونو

       تيرا: ياللروعة انظري كوتي!

       اوغاريت: مرحى كوتي... لقد نجحت مرة اخرى.

       سيدوم: حمدا للـه كنت خائفة... حمدا للـه

اما كوتي فلم تتفوه بكلمة. بل ركضت الى الاخوة فرحة وملات القصر ضحكا وصراخا قائلة... تهانينا... تهانينا كنت خائفة جدا عليكم .. وحالاً كون الاخوة حلقة دائرية حولها يشكرونها واختلطت الكلمات مع بعضها فلم افهم ما كانوا يقولون وخصوصا عندما تبعتهم اوغاريت وتيرا وسيدوم... فقط استطيع ان اقول بان المنظر كان رائعا جدا جدا...

كانت كوتي في الوسط وحولها اليراعات من الاخوة والاخوات يهنئون بعضهم البعض واختلط ضحكهم ببكائهم... فكأن كوتي قمرهم وهم هالتها واخيرا هدا الجميع ودخلوا الى الصالة حيث جلسوا يتحاورون وكل واحد يتحدث في شيء مختلف عن الثاني فالأول تحدث عن المستقبل والثاني عن شكله الحالي والثالث يثني على جهود الشقيقات والاخير پاولو الذي قال: اما حان الوقت لإعداد الطعام؟

فضحك الجميع... ولكن لأول مرة يؤيده الجميع وهم يتجهون الى المطبخ ومباشرة الى الثلاجة التي ملاتها اوغاريت بكل اصناف الطعام الشهية فتناولوا العشاء ثم سهروا وتحدثوا في مواضيع مختلفة حتى ساعة متأخرة واخيرا اتجهوا الى غرفهم للنوم وبعد ان اجروا القرعة ليختار كل واحد منهم الغرفة التي سوف تكون خاصة به مستقبلا. وكان هذا اقتراح تيرا الشقيقة...

       وفي اليوم التالي سارت الامور بشكل طبيعي نسبياً حيث خرجت الفتيات الى اعمالهن تاركين زاكي والاخرين في البيت... وبينما كان اريك جالسا في غرفة المعيشة يفكر في امر ما كان الاخرين يغطون في نوم عميق... ولم يلبث حتى قرر اريك ان يوقض زاكي والاخرون ليخبرهم عن فكرة جديدة خطرت في ذهنه... كان اريك يفكر على ما يبدو في امر النقود تلك, وماذا سوف يفعلون بها!

ولان الاخوة ذو خبرة عالية في امور الحياة الخاصة بالبشر لكثرة تجوالهم بين البشر والعيش بينهم. كان لكل واحد منهم فكرة افضل من الاخرى واخيرا استقر الاربعة على فكرة زاكي التي نصت على فتح اسواق ضخمة في قلب المدينة...

واكمل زاكي على شرط ان لا يترك پاولو حرا في المكان... فضحك الجميع لهذا...

وسرعان ما هم الاربعة بالبحث عن مكان مناسب واستمر تنفيذ العمل ككل من بحث وترميم المكان تسعة اسابيع والامر كله كان سرا على الشقيقات حيث كن يغادرن قبل الاشقاء الاربعة ويعدن بعدهن ضنا منهن ان زاكي والاخرين منطوين على انفسهم يخشون اجتياز عتبة الباب...

وفي غضون تسعة اسابيع كان الجميع يتسامرون كل ليلة ويتحدثون عن برامح التلفاز تارة وعن انفسهم تارة اخرى والكل يصغي رويدا رويدا انحصر الحديث بين اثنين فقط حيث كان زاكي يتحدث في اللحظات الاخيرة مع اوغاريت فقط, أما اريك كان يرتاح اكثر مع سيدوم واختار پاولو تيرا التي كانت دائما مستعدة لتحضير شطيرة الجبنة الشهية له. الا ان كوتي التي اصبحت افضل صديقة لبرونو... واخيرا انتهى العمل في السوبر ماركت ولم يبق الا يوم الافتتاح واراد اريك ان تكون المفاجأة مزدوجة لسيدوم التي احبها كثيرا... فاقترب من سيدوم وامسك بيدها وقال بصوت عال امام الجميع انا اطلب يد سيدوم للزواج. هل انتِ موافقة؟ سيدوم التي ادهشتها المفاجأة كثيرا فاحمر وجهها حجلاً فأخفضت رأسها... وخيم السكون عليها.

اريك: هيا اجيبي هل انت موافقة؟

سيدوم: نعم

اريك: اذا بعد ثلاثة ايام سنقيم حفلا كبيرا بالمناسبة وندعوا اكبر عدد ممكن من الساكنين حولنا...

زاكي: ما رأيكم ان ننظم اليهم؟ موجهاً الكلام للجميع والكل اعجبتهم الفكرة وخصوصا كان زاكي واصحابه يعلمون بان موعد افتتاح السوبر ماركت سيكون بعد ثلاثة ايام ولذلك سوف تكون هدية زواج جميلة للشقيقات الاربعة...

وها قد حان موعد الافتتاح وكذلك موعد الزفاف وعندما انتهى الجميع من التحضير للذهاب الى العمل انعطف موكب السايرات الى اليمين متجهين الى مكان السوبر ماركت وهنا سألت اوغاريت: زاكي ما هذا التجمع الضخم الى جمال الزينة الموضوعة على طول هذا الشارع... لا بد ان هناك افتتاح لشيء ما هنا... اما كوتي الموجودة في السيارة الثالثة قالت لبرونو: انه ليس الطريق المؤدي الى المعبد الى اين تقودنا برونو...؟

برونو: الى هنا... وتوقفت السيارات الاربعة امام السوبر ماركت والذي تجمع حشد غفير امامه ترجل زاكي والاخرين من السيارات بدأت الموسيقى تنساب بهدوء والناس تصفق واخرين يمسكون بطرفي الشريط الاحمر... والفتيات مندهشات لهذا كله مكتفات بالصمت السعيد... وسار العرسان كل زوج يقص الشريط يمسك اخرون شريط اخر ويقصه الزوج الثاني... واخيرا دخل الجميع السوبر ماركت بفرح وصخب كبير وبعد برهة وقف زاكي على منصة مرتفعة نسبياً في احدى زوايا المكان وقال: هيا بنا جميعا الى دار العدالة للأحوال الشخصية ومن هناك سوف نتجه الى القصر لنقيم حفلاً رائعاً يدوم حتى الصباح الباكر.       

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.