اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

Beez5

اين النقابات والجمعيات المهنية مما يحدث في العراق؟!// محمود حمد

محمود حمد

 

عرض صفحة الكاتب 

اين النقابات والجمعيات المهنية مما يحدث في العراق؟!

محمود حمد

 

منذ نشوء الوعي المهني عند الانسان المنتج المبدع في التاريخ، كان الشعور بالانتماء للجماعة مصدر قوة للفرد... وكانت الجماعة تقوى بروح المبادرة التجديدية عند الفرد... وتجلى هذا الشعور بنشوء تكوينات مجتمعية عفوية فرضتها متطلبات الحصول على مصادر العيش بأمان وكرامة.

 

وسبقت تلك التجمعات كل اشكال التنظيم الاجتماعي بما فيها (نشوء الدولة) و(تشكيل الأحزاب)، وحتى قبل ان تظهر وتتطور (النقابات) بمسمياتها المعاصرة، التي تبلورت كإحدى النتائج الاجتماعية للثورة الصناعية الأولى، للتعبير عن المصالح والاحتياجات المشتركة للجماعات المهنية، بشعاراتها ومحدداتها التنظيمية وأهدافها المهنية!

 

ونشأت الحركة النقابية والجمعيات المهنية في العراق بوقت مبكر في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي للتعبير عن مصالح القوى الاجتماعية المتصدية لبناء البلد...وكانت رائدة الجماهير في جميع الانتفاضات والاضرابات والحركات الشعبية الداعية للتحرر الوطني والتقدم الاجتماعي، في مختلف مراحل تطور النضال الوطني.

 

وسعت الأنظمة المستبدة على امتداد تاريخ الصراع بين المنتجين المبدعين مع أصحاب سلطة المال والسلاح من (اجل الخبز والكرامة) الى قمع، أو احتواء، أو تشويه، أو تفريغ ...تلك النقابات والجمعيات المهنية من مقومات ومبررات وجودها المهنية الموضوعية المعبرة عن مصالح اعضائها...لتكون أداة بيد السلطة المستبدة لبسط نفوذها على الملايين من أعضاء تلك النقابات والجمعيات!

 

وافرز هذا الصراع عبر سنوات من القمع والاغواء (فئات من المهنيين الانتهازيين... كخدم للاستبداد ومنتفعين منه او متخاذلين ومتخادمين له) وفرضتهم تلك السلطات الاستبدادية على رأس تلك النقابات او الجمعيات ...لتضليل الناس والتاريخ بان الملايين من أعضاء تلك النقابات او الجمعيات موالين للسلطة المستبدة ومعبرين عن الولاء لها!

 

وبقدر تعمق الوعي بالحقوق المهنية لدى أعضاء تلك النقابات والجمعيات، يتعاظم دورها في التغيير الاقتصادي والاجتماعي الجذري نحو الدولة المدنية الديمقراطية العاقلة، كون أعضائها هم القوة الاجتماعية التنموية الواسعة المنظمة المتمدنة التي ترتبط مصالحها المهنية بتحقيق المصالح الوطنية.

 

وبغياب دور (النقابات والجمعيات المهنية) ظهرت أنماط مختلفة من (التيارات والحركات والميليشيات الطائفية والاثنية والعشائرية) الاقصائية المتخلفة المتطرفة، التي فرضت نفسها (وصية!) على الملايين من المهنيين المغلوب على امرهم، وملأت الفراغ الاجتماعي الذي تركته النقابات والجمعيات (عندما تخلت عن دورها!)، وافرزت تلك التيارات المنغلقة ورسخت نهج (اللا دولة) الذي اقصى (الدولة) عن أداء دورها الطبيعي... ولإدامة تسلطها على مصالح ومصائر وعقول الناس، استقوت عصابات واحزاب (اللا دولة) على ملايين الناس:

بممارسة نهج الاقصاء الطائفي والعقائدي والعرقي الانتقامي...

والاستحواذ على مصادر الثروة والسلاح والسلطة...

وسرقة ثروات الشعب وممتلكاته وتقاسمها كغنائم (شرعية!) فيما بينها...

وتضليل العقول بالمواعظ التكفيرية...

ونشر مشاعر الكراهية الموروثة للآخر...

وتفريخ وشرعنة أساليب (الاستبداد المقدس!) بحق الملايين...

وانتهاك حقوق المرأة اجتماعياً واقتصادياً وتشريعياً...

وإشاعة الجهل والامية بين مختلف الأجيال...

 

ولا شك ان اعداد غفيرة ممن تخلت عنهم النقابات والجمعيات المهنية انزلقوا وسينزلقون الى حشود الباحثين عن الخلاص عبر (الأوهام!)، التي يوعدهم بها اللصوص باسم الدين، او الطائفة، او العرق، او العشيرة!

 

وفي هذه المرحلة المصيرية من تاريخ شعبنا ووطننا...

لابد من القاء الذرائع جانباً، ومكاشفة ملايين العمال والفلاحين والشباب والنساء والطلبة والمهنيين على اختلاف تخصصاتهم...عن دورهم التاريخي في إعادة تنظيم انفسهم وتطهير نقاباتهم وجمعياتهم من ذيول (اللا دولة) ومن المتخاذلين ومن النفعيين!

 

وفي الماضي القريب...

عندما دخلت جيوش الغزو وازاحت (قشرة النظام الاستبدادي!) وفككت دولته، بما فيها (قشرة النقابات والجمعيات!) ... كانت هناك فرصة تاريخية لملايين المهنيين المدنيين المتنورين لإعادة هيكلة النقابات والجمعيات وفق رؤية مهنية وطنية بعيدة عن (لا دولة المحاصصة) المقيتة التي جاءت بها امريكا ورعتها ايران!

لكن (النقابات والجمعيات) لم تبادر الى ملء الفراغ الذي تركته السلطة المزاحة!

وعندما انتفضت الجماهير بوجه دولة الفساد منذ عام 2011 وما قبلها وتأججت عام 2019 ...

 

كان لابد ان تكون النقابات والجمعيات المهنية في طليعة تلك الانتفاضة التي سفكت فيها دماء مئات الشهداء من الشباب وعشرات الالاف من الجرحى... تلك الانتفاضة التي مازال جمر مواقدها يتأجج تحت رماد الإحباط...

لكن (النقابات والجمعيات) لم تشارك بشكل فعال في تلك الانتفاضة!

وعلى مدى اكثر من خمسة عشر عاماً يخرج العاطلون عن العمل من الخريجين وغيرهم للمطابة بحقهم الطبيعي في العمل والعيش الكريم، وهم محسوبون على النقابات والجمعيات ذات الصلة باختصاصاتهم ومهاراتهم...

لكن (النقابات والجمعيات) لم تبادر لدعمهم وتشاركهم احتجاجاتهم ومطالبهم!

ولم يمر يوم الا ونسمع عن انتهاك لحق المرأة في الحياة وهي التي تشكل اكثر من نصف سكان البلاد...

دون ان تكتظ الشوارع بالمحتجين (من الرجال والنساء) نصرة لأمهاتهم واخواتهم وزوجاتهم وبناتهم...

 

واليوم...

وصل التفسخ بـ(لا دولة المحاصصة الفاسدة) الى مرحلة التناقض والتناحر الموضوعي والحتمي بين مكوناتها، وأصبحت حتمية حل ازمة وجودها كامنة في (تغييرها جذرياً!)!

ولم يعد (التغيير الجذري) مطلباً شعبيا او دوليا فحسب، بل صار يأتي على السنة كبار فاسديها ولصوصها، تحت مسميات (الاصلاحات الهيكلية!) و(التعديلات الدستورية!)، لان دولة (اللا دولة) لم تعد قادرة على انتشال نفسها من المحرقة التي اقامتها بنفسها للشعب، وهي اليوم تقف على حافاتها!

 

ومن حق وواجب الحريصين على حياة الشعب ومصير الوطن دعوة النقابات والجمعيات المهنية الى نفض غبار الاستكانة والتخلي عن نهج التفرج على جوع الملايين، وانهيار الوطن، وتعفن الدولة...في دوامة الصراع المفتعل بين (حرامية الدولار) و(ناطور الدولار) ...لإشغال واخضاع الشعب بالتجويع...ولتأجيل تفكك نظام المحاصصة اللصوصية!

 

ومن اجل ذلك لابد من عقد مؤتمر وطني (طارئ) للنقابات والجمعيات المهنية لانتزاع دورها الوطني في حل (مشكلة تفسخ النظام) المستعصية، التي لا حل لها الا بـ(التغيير الشعبي الدستوري الجذري وفق مبادئ دولة الوطن الكامل السيادة والمواطن الحر المُرَفَّه)!

 

وحذاري من زج النقابات والجمعيات المهنية في مشاريع (إعادة انعاش) النظام الطائفي العنصري الفاسد تحت مسميات:

(إصلاح النظام) بنفس ادواته وشخوصه وتشريعاته الفاسدة...

واطلاق الحوار الوطني "بين الفاسدين واللصوص انفسهم!"...

وبدعوى المحافظة على (السلم المجتمعي!) المبني على اغتصاب الخاسرين للسلطة من 80% من الناخبين الذين قاطعوهم...

وبذريعة ضمان حقوق المكونات " التي يستحوذ عليها لصوص اللا دولة!"!

لان دولة (اللا دولة) لا تحسن سوى نهب مليارات الدولارات من أموال الشعب وتهريبها للخارج، وخلق وافتعال الازمات وادامتها، وتفريخ الفشل المتناسل!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.