اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

Beez5

حكاية ونَص: الأزمنةُ العراقيةُ!// محمود حمد

محمود حمد

 

عرض صفحة الكاتب 

حكاية ونَص: الأزمنةُ العراقيةُ!

محمود حمد

 

ذات مكان في العراق…تَرَاءى لي أني قابع في صندوق لا مرئي اسمه (الزمن)... أثار فيَّ ما يشغلني عند كل شهيق وزفير... أدرك أن لكل أمرئ زمنهُ، ولكل شعبٍ زمنهُ، ولكل مكانٍ زمنهُ، بل ولكل زمانٍ زمنهُ!

 

تختلف الأزمنة في نشوئها، وتتنوع في محتواها، وتتبدل في خط سيرها، وتتنازع في مكانتها!

لكني كثيرا ما أسأل نفسي:

هل نحن نمضي في الأزمنة؟!

أم أن الأزمنة تمضي فينا؟!

هل نحن نمحو أثر الأزمنة فينا؟!

أم الأزمنة تمحوا أثرنا فيها؟!

هل الأزمنة تتغير بفعلنا؟!

أم نحن الذين نتغير بفعلها؟

هل زمننا الشخصي استعارة من الزمن المطلق؟!

أم أنه شرط لوجود الزمن المطلق؟!

هل الزمن موجود بفعل وعينا؟!

أم أنه موجود قبلنا وبعدنا؟!

هل نشوء الصيرورة بنت الزمن؟!

مثلما سَكرة الموت أختها؟!

هل نحن من ماضي الزمن؟!

أم من حاضره؟ أم من قادم أوقاته؟!

هل يغيرنا الزمن؟!

أم أننا نلوثه تارة، وأخرى نجلي عنه الغبار؟!

هل بإمكان الزمن أن يغير كينونتنا؟!

أم أنه لا يُحسن سوى تغيير الطلاء؟!

هل الزمن من صنع الإنسان؟!

أم الإنسان من صنع الزمن؟

هل هناك جغرافيا تَحِدُّ الزمنَ؟

أو تاريخ يؤشر ميلادَه وفناءَه؟!

هل ما ننبذه من زمننا عالق فينا؟!

أم أننا لا نكون (نحن) بانفراط عقد أزمنتنا عنا؟!

هل الفكر السابق لزمننا جزء من زمننا؟!

وهل نَمَطِ حياتنا المستعار من الماضي جزء من زمننا؟!

هل هناك زمنان متلازمان...واحد للرخاء يستمتع به المُترفون، وآخر للبؤس يصطلي به التعساء؟!

استيقظ حائراً...أتساءل:

ما(الزمن) العراقي؟

فاجد نفسي أكتب:

الأزمنةُ العراقيةُ!

تَنَتفخُ الأزمنةُ المَيتةُ في أجسادِ الدقائقِ التي نَحياها ...

تَتفَسخُ فيها ...

يَطرقُ علينا المُغَيَبونَ نوافِذَنا ...في آخر العمر...

بَحثاً عن شُربَةِ ماءٍ ...

نَبحثُ عن كفٍ نُرويهم فيها ...

أيدينا مغلولةً!

****

نَطوي لحظات الصُبْحِ العالقِ في أذيالِ الليلِ الأبديِّ الموحش ...

يولدُ يوماً مَشقوقِ الهامَةِ يَهذي ...

أسرِجُ روحي لِقطافٍ قَبلَ صِياحِ الديكِ ...

يَتَعَثَرُ حافرُها بثيابِ فتاةٍ هَتَكَتها الخُطبُ الموبوءةُ بالماضي الفاسق!

****     

يَقولُ "كريمٌ" قبل رحيله:

ما بالكَ لا تُلقي أسلابَ الزمنِ الغابِرِ في بِئرِ النِسيانِ ...

تُزيحُ غبارَ الفَشَلِ المتصدي فَوقَ جُفونِ الفَجرِ ...

وتَمضي!

أسألُهُ:

هَلْ فينا مَنْ لا يَحلِمُ بالصُبحِ نَزيلاً في روحهِ؟

هَلْ فينا مَنْ لَمْ يَغرُسَ قَمحاً في صدرِ الجُلمودِ الراسخِ؟!

لكن الشَفَقَ الـ كُنّا نَنسِجُهُ مُنذُ عقودٍ ...

صارَ لِثاماً للجُثَثِ المَلغومةِ ...

سِتراً لجنودِ العهر المُحتلينَ!

جلباباً لبغاة الدجل"المُنتَجبين"!

****

في منعطفات الزمن القاحل...    

تولَدُ الساعاتُ العراقيةُ ضَريرةً فينا...

وهي البصيرةُ بِكُلِّ صنوفِ الألبانِ! (1)..

تُفقِئُها المواعِظُ الدَمويةُ ...فَتاوى حَرثِ الدقائق بالضغائنِ ...

كي تمحو الرُقُم الطينية…وشروق عيون الأطفال!

تَغسلُ الأيام ثِيابَها من أدرانِ الماضي العَبَثيِّ ...بقيح التجهيل...

يَتَفَشى فيها الجَرَبُ الناضِحُ من أشداق “الفقهاء السفهاء"!

تَنهشُها أنيابُ السُلطةِ المُختَلَةِ!

****

تُنْشرُ الساعاتُ العراقيةُ والسَمَكُ المُتَعفِنِ على حبالِ الغَسيلِ في أقبيةِ الإذعان ...

يُخْتَصرُ العُمر بكواتم الصوت المشهورة باسم الله...

في أوج خرابنا:

نَفقِدُ البُناةَ في يباب الوطن... وفي دروب الغربة...

يَتَبَعثَرُ التلاميذُ والشَظايا في ساعات الدرس الأولى ...

يَتَكاثرُ القبّارونَ والوعاظ والذُبابَ الأزرقَ... على جفون الاوقات القتيلة ...

تُدفن الساعاتُ العراقيةُ بالأمطار الأسفلتية في زمن الفوضى الهدّامة!

تنفثُ عقاربها الموتَ في قلب الثواني الوليدة...تحرقها...

فتصير رماداً تسفيه الريح فناءً بسموات الأيام السبعة.

 

(1)  مثل عراقي يضرب في وصف الشخص الفطين (مفَتِّح باللبن!)

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.