اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

نحن والإيديولوجيا// عبدالله عطية شناوة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبدالله عطية شناوة

 

عرض صفحة الكاتب 

نحن والإيديولوجيا

عبدالله عطية شناوة

 

الحياة العضوية على سطح كوكبنا، بجميع أشكالها، هي نتيجة لتفاعلات فيزيائية وكيميائية بين عناصرها المختلفة، وعلاقات انسجام وتنافر بين تلك العناصر. علاقات أساسها الحركة وليس السكون، فالمادة ـ عضوية وغير عضوية ـ في حركتها هي المطلق الوحيد، وهي أساس الوجود، والسكون نسبي. فالسكون التام نفي للحياة.

 

والحياة الإجتماعية، أي علاقات البشر فيما بينهم، وبينهم وبين الطبيعة، محكومة بذات العلاقة، علاقة وحدة وصراع الأضداد، القائمة على الترابط الكلي والإستقلال النسبي.

 

وفي مجال الوعي الإجتماعي هناك أسلوبان للدراسة والتحليل: أسلوب النظر الى الظواهر والأحداث كلا على حدة، دون ربطها بغيرها من الظواهر والأحداث، وتأثيرها وتأثرها ببعضها. ودون إعارة أهتمام لتطورها في مجرى عمليات الحركة والتفاعل. وأسلوب آخر يربط الظواهر والأحداث والنشاط الإجتماعي سياسيا، فكريا وعلميا ببعضها، ويسعى الى التعرف الى، والكشف، عن طبيعة العلاقة بين مختلف عناصرها، والقوانين التي تحكمها والعوامل المؤثرة في أطرافها، والمحددة لأفعالها وردود أفعالها.

 

وهذا الأسلوب الأخير في دراسة العلاقات الاجتماعية وتحليلها والبحث عن قوانين موضوعية محتملة قد تستند اليها، هو ما يسمى بالإيديولوجيا. وهناك طبعا  إديولوجيات مختلفة ومتعارضة، كل منها تحتوى على عناصر صحة، وعناصر أخرى تفتقر الى الصحة، ربما تكون ناجمة عن خطأ في المعايير التي أعتمدها واضعوا الإيديولوجيا، أو انهم قد أقحموها عن قصد لتحقيق مصالح معينة لشريحة أو فئة أوطبقة اجتماعية.

     

ثمة، على سبيل المثال، إيديولوجيات تعتبر كل أشكال الوجود والعلاقات التي تربط عناصره، بما فيها العلاقات المرتبط بالمصلحة، التي يخلقها البشر في تعاملهم مع بعضهم ومع الطبيعة، تعتبرها ضربا من إرادة علوية مطلقة، لا يمكن تغييرها، وهناك في المقابل إيديولوجيات تربط تلك العلاقات بالمصلحة، وبوعي الفرد والجماعة للمصلحة، وترى أن تغير الوعي يقود الى تغير العلاقات، وتبرهن على ذلك بالتبدل المستمر في مواقع وتراتبية ودور الجماعات والأفراد، وتغير أشكال العلاقات بينهم، في مجرى عمليات صراع يأخذ في الغالب طابعا سلميا، لكنه يتحول في بعض المنعطفات التأريخية الى صراع.

ولا تتوهم الأيديولوجيات التي تنحو هذا المنحى أنها كلية الصحة، وتتبنى مبدأ نسبية الحقيقة. غير أن بعض من تبنوها أضفوا عليها كمالا مفترضا وحولوها الى ما يشبه الدين، وكلفهم ذلك خسارة إمكانية اطويرها والإستفادة منها، وفشل تجاربهم التي اسست على فهمهم لها.

 

وهنا يمثل أمامنا من جديد السؤال الذي سبق وأن طرحناه: هل يتعين علينا بسبب القصور المحتمل في الإيديولوجيا أن نتخلى عنها، ونعلن موتها، ونعود الى الطريقة الطفولية في الدراسة والتحليل في مجال العلاقات الاجتماعية التي أشرنا اليها آنفا، طريقة دراسة كل ظاهرة وحدث على حده، وقطع علاقته بغيره من الظواهر والأحداث؟ أم يتعين علينا الاستمرار في أعتماد الإيديولوجيا، مع التحرر من وهم إعتبارها كلية الصواب؟

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.