اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

العراق: إعادة البناء وطن// د. صالح الطائي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. صالح الطائي

 

عرض صفحة الكاتب 

العراق: إعادة البناء وطن

الدكتور صالح الطائي

 

في عراق ما بعد التغيير لا توجد جهة حكومية تتولى مهمة تنظيف شوارع المدن، وكل الذي تقدر عليه الحكومة بالرغم من امكانياتها الهائلة تخصيص عجلة لنقل النفايات، وحتى هذه المهمة لا تؤدى بانتظام مرة بحجة نقص الآليات وأخرى بسبب عطل الآلية المخصصة للمنطقة حسب ادعائهم، ولذا يتولى بعض الأشخاص وهم قلة نادرة مهمة تنظيف أبواب بيوتهم والشارع الذي يطل عليه بيتهم.

 

أنا واقعا من هذه القلة، ولذا أتولى تنفيذ هذه المهمة الصعبة؛ التي أقوم بها مرة بنفسي، ومرة أخرى باستئجار عامل ليقوم بها، ولذا قمت البارحة عصرا بكنس وتنظيف وغسل الشارع المحاذي لبيتي، وجعلته في منتهى النظافة والجمال، وحينما خرجت اليوم صباحا، وجدت على جانبيه وفي وسطه قمامة كأنها تعود لأسبوع مضى، فتذكرت الانتخابات وقلت لنفسي: لا تنتظر من مجتمع لا يحسن حتى وضع القمامة في مكانها المناسب أن يضع أكفاء مخلصين وطنيين في المكان المناسب، وهذا يعني أن ما فقداه كثير جداً، وأننا نحتاج كمجتمع وكأفراد إلى إعادة بناء.

 

وإعادة البناء (Reconstruction): مصطلح يختلف معناه وفق السياقات التي يُستخدم فيها، سواء كانت إعادة بناء المباني والبنى التحتية، أم الواقع الصحي، أم الاقتصادي أم السياسي أم الاجتماعي، فهو من حيث التعريف الأولي: أسلوب علاجي يؤدى وفق فلسفة خاصة ويُستخدم عادة في مجال الحفاظ المعماري للمباني، ولكنه ينطبق على كل حالة تحتاج إلى إعادة بناء، بما في ذلك إعادة بناء حياة شخص واحد آيل إلى الانهيار.

 

إعادة البناء هو في الواقع مفهوم شامل للصمود والقدرة على التكيف بعد الأزمات، يعمل على تحفيز النمو العقلي والنفسي والاقتصادي والسياسي من أجل استعادة الثقة والثقافة والبيئة المحلية التي تعرضت للانهيار نتيجة ظروف داخلية أو خارجية صعبة أو طارئة.

 

ويعني هذا أن على الجهة التي تتولى عملية إعادة البناء أن تبدأ أولا ببناء أُسس الإنصاف الشامل، وتحصيل الحقوق بشكل أشمل للجميع دون استثناء، ودون تمييز عرقي أو ديني أو مذهبي أو سياسي، ومعالجة التفاوتات الهيكلية التي أحدثتها تلك الأزمات التي تعرض لها المجتمع، والعمل على زرع الثقة ولو بشكل محدود بين المكونات، والسعي لتخفيف التوتر مهما كان نوعه وسببه، ومنع المهاترات الكلامية.

 

السؤال الأصعب: في الحالة العراقية المعاصرة، حيث لا ثقة بين الأفراد، ولا بين الجماعات، ولا بين القوميات، ولا بين الأديان، ولا بين المذاهب. والأكثر تأثيرا وأهمية من ذلك كله؛ لا ثقة مطلقاً بين الشعب والحكومة ومؤسسات الحكم والإدارة فيها.!

 

في هذه الحالة الفريدة والغريبة والمعقدة التي تنذر بخطر جسيم ماحق إذا لم يتم التصدي لها ومعالجتها بالسرعة الفائقة، وإذا لم تتكاتف قوى الخير والوطنية الحقة لبناء السدود في طريق سيرورتها، ممكن لها أن تودي بالبلاد إلى الهاوية، فلا تقوم للعراق قائمة إلى يوم الدين.!

 

السؤال: في هذه الحالة الفريدة والغريبة والمعقدة من يتمتع بقدرات إعادة البناء على نحو أفضل؟ ومن العنصر النظيف النزيه الثقة المؤهل ليقوم بعملية إعادة البناء؟

هل هي: الحكومة/ المؤسسات الدينية/ المؤسسات التعليمية/ النظام العشائري، مؤسسات المجتمع المدني/ الأفراد كل من موقعه؟ أم هناك جهة خفية وحدها التي يمكنها القيام بهذه المهمة الصعبة؟

وهي أصعب مهمة في صفحة تاريخ وطن، هو الذي تولى تعليم العالم معنى البناء والحفاظ عليه وإعادة بنائه إذا لزم الأمر.!

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.