اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (922)- تكاد نصف قرن من التجربة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (922)

 

تكاد نصف قرن من التجربة

السبت، آذار، 26/3/2022.

      قبل ايام قليلة، مرت الذكرى التاسعة والاربعين لصعودي على المسرح اول مرة وكان ذلك على خشبة مسرح مقهى المتحف البغدادي، حيث كان يوم الجمعة الموافق 23 من آذار عام 1973 يوما تقرر فيه مصير حياتي، وما زلتُ وسأبقى ألهج بالذكر الطيب لمطرب المقام العراقي المرحوم حمزة السعداوي الذي صعدت على المسرح لأغني احد المقامات العراقية بواسطته..! والحكاية تبدو معروفة حيث تحدثتُ عن هذا اليوم اكثر من مرة وفي اكثر من مكان ثقافي. وسأبقى أيضاً أعتز كثيرا بذكرى هذا اليوم، بل انني اعتبرته يوم ميلادي..! تاركا الاحتفال بذكرى يوم ميلادي الاجتماعي الذي كان في التاسع من ايلول عام 1952. فقد ابتسمت لي الحياة بعد صعودي على مسرح المتحف البغدادي اول مرة، وتتابعت احداث حياتي بصورة متماسكة ومتزنة في تصاعد مستمر بين حلوها ومرها..! هكذا اكون اليوم قد قضيت 49 عاما من التجربة الفنية التي ملئتها بالنتاجات الفنية والعمل الفني الدؤوب بين الغناء الكثير جدا بلدي العراق وفي دول العالم والدراسة الموسيقية والتدريس والادارة وغير ذلك.

 

      في النصف الاول من عقد سبعينات القرن العشرين، كنتُ فيه امارس رياضة المصارعة الحرة والرومانية وعضو المنتخب الوطني العراقي للمصارعة، فقد كانت رياضة المصارعة في هذا التاريخ تشغلني، وغالبية علاقاتي الاجتماعية من اخوتي وزملائي المصارعين، سواء القدامى المدربين منهم، او زملاء جيلي وما بعدهم كانت من هذا الوسط الرياضي. ورغم كل ذلك كان يشغلني من الناحية الذاتية غناء وموسيقى المقام العراقي، تراث الآباء والاجداد. ولم اكن في حينها قد تعرفت شخصيا على اي فنان، وهكذا كنت بعيدا تماما عن الوسط الفني ولا اعرف كيف اصل اليه، سوى طموحي اكمال الدراسة كي ادخل طالبا في معهد الفنون الجميلة. آملاً بواسطته الوصول الى دار الاذاعة والتلفزيون وتقديم نفسي مطربا للمقام العراقي..! وعليه لم يكن يخطر في بالي وجود مقهى في بناية المتحف البغدادي تقام فيها اماسي في مساء الجمعة من كل اسبوع. ولكن القدر هو الذي قادني الى هذه المقهى التي فتحت امامي ابواب الظهور الفني على مصراعيها لاول مرة..! وذلك بواسطة احد الاقرباء ولو من بعيد، وجاري نسكن في نفس الحي من مدينة الاعظمية، فاروق قاسم الاعظمي، الذي اصبح هو الآخر بعدئذ مطربا للمقام العراقي بإسم –فاروق الاعظمي-الذي ألح عليّ كثيرا للذهاب الى المتحف البغدادي لوجود مقهىً تؤدى فيها المقامات العراقية عصر الجمعة من كل اسبوع، يديرها مطرب المقام العراقي المعروف حمزة السعداوي. فذهبنا يوم الثلاثاء 20/3/1973. فلم نحظى بوجود متعهد المقهى المطرب المقامي حمزة السعداوي، فذهبنا مرة اخرى في يوم الخميس 22/3/1973. والتقيتُ بالمطرب حمزة السعداوي وتعرفتُ عليه لاول مرة، وربما اكون في هذا اليوم اتعرف على اول فنان في حياتي، او من اوائل الفنانين الذين تعرفتُ عليهم تباعا. وانتهى هذا اللقاء بأن اسمعته بعض المقامات العراقية، فابدى اعجابه الكثير بأدائي، فطلب مني الحضور عصر الغد الجمعة 23/3/1973. لاغني مقام المخالف. وهكذا كنتُ في هذا اليوم قد قررتُ مصير حياتي، وصعدتُ على مسرح المتحف البغدادي رغم انني كنتُ خام في خام تماما..! فأنا لم اتعرف على اي فنان حتى هذا الحين، ولم اجرب الغناء مع فرقة موسيقية من قبل، ولم تجرى لي اي بروفة لاغني هذا المساء، كل الامور دون اي تحضير..! وهكذا يكون صعودي على المسرح هذا اليوم لاول مرة مغامرة، بل مجازفة محفوفة بالمخاطر..! لان الفشل في هذه التجربة الاولى، قد ينهي كل أحلامي وطموحاتي وانا مازلت في المهد..! على كل حال، يبدو انني كنت قد تجاوزت التجربة بنجاح والحمد لله. بحيث غنيت في الاسبوع القادم الجمعة 30/3/1973 مقام الحكيمي. ثم تلاه في الاسبوع الذي تلاه مقام الجهاركاه ......الخ.

 

      لايسعني اليوم وانا استذكر يوم الجمعة 23/3/1973. إلا أن احمد الله حمداً كثيراً، على مضيْ هذه التجربة بصورة مرضية ومقنعة في انجازاتها الفنية داخل بلدي العراق الحبيب وخارجه. عشتُ كل هذه التجربة منافسا زملائي بشرف، ولم اكن محاربا ومنافسا للظهور والحصول على الفرص الفنية بأي وسيلة كانت..! فانا لست فنانا محترفا، وانما فنان حِرَفي ومهني يمكنني تسويق فني الى اكبر عدد ممكن من الجماهير دون ان اتعرض لموقف زملائي في فنهم ونتاجاتهم. فانا ارفض بقوة الوصول الى الغاية باي وسيلة كانت، فهذه ليست اخلاقي التي تربيت عليها، انا مجتهد لنفسي، تاركا بالمثل الاجتهاد لغيري في هندسة تاريخهم. واستطيع القول ومزيدا على هذا الكلام، انني ساعدت في حياتي الفنية الكثير من زملائي على التطور وتنبيههم على وجود بعض الفرص الفنية لضرورة الحصول عليها..!

 

     على كل حال، مازلتُ اتذكر ايام المتحف البغدادي بلذة جميلة جدا، فهي الذكرى التي شهدتْ ظهوري لاول مرة في عالم غناء المقام العراقي، ومن هذه التجربة الاولى لي، انطلقتُ الى الآفاق الاخرى باحثا عن فرص اخرى ومستقبل يتطور تدريجيا في هذه التجربة الغنائية المقامية. وفعلا توالت المنعطفات الواحدة تلو الاخرى التي ساعدتني على بناء شخصيتي الغنائية لاصبح معروفا للجماهير في زمن قياسي..! وهكذا استمر الامر حتى يوم الناس هذا. لتبقى ذكرى مقهى المتحف البغدادي واحدة من اجمل الذكريات العصية على النسيان،. رحم الله من غادرنا الى مثواه الاخير، وحفظ من بقي على قيد الحياة، داعيا العلي القدير ان يمنحهم الصحة والسلامة والامان انه مجيب سميع الدعاء، هذا ويذكر بأني بدأتُ بالاحتفال بهذا اليوم لاول مرة بعد مرور ربع قرن على تجربة المتحف البغدادي، وكان ذلك عام 1998 وعلى الصعيد الاعلامي. وبقيتُ سنويا احتفل بهذا اليوم الثالث والعشرين من آذار حتى توقفتُ عن ذلك بعد الاحتلال البغيض لبلدنا العزيز 2003، داعين الله عزّوجل ان يحفظ بلدنا وينصر شعبنا المظلوم. والحمد لله وحده على هذا الحال وعلى كل حال.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

صورة 1 / يمينا المرحوم فاروق قاسم الاعظمي وحسين اسماعيل الاعظمي في 2 تموز 2003.

 

 

صورة 2 / حسين الاعظمي اول صعوده على المسرح يوم 23/3/1973. يمينا طارق القيسي وصلاح السراج ود.عبد الله المشهداني ومحمد العاشق ونجم عبود وحمزة السعداوي والاعظمي ثم عازف القانون عبد الاحد ابو سامي والآخرين.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.