اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الصراع مازال قائمًا.. إلا إذا..// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عادل نعمان

 

عرض صفحة الكاتب 

الصراع مازال قائمًا.. إلا إذا..

عادل نعمان

كاتب واعلامي مصري

 

الصراع بين المذاهب والفرق الإسلامية مستعرًا ومشتعلًا مادام الخلاف فى الرأى قائمًا.. وبين الفرق والمذاهب الإسلامية مجتمعة أو متفرقة من جهة، وبين الليبراليين والعلمانيين من جهة أخرى، مادام التباين والفواصل بين العقل والنقل ناصعة مكشوفة.. المهم أن هذه الفرق حريصة على أن يكون لها عدو وجهاد وقتال إن لم يكن مع الغير فبينها البعض.. أو دعنا نقُل إن طرفى الصراع فى حالتنا هذه بين كهنة الدين وأدعياء الوصاية وحماة الأساطير، وبين مؤيدى العقل وأنصار العلم والمدافعين عن تحرير العقيدة من المضللين.. إلا أنه للأسف يتمترس أصحاب رايات الحرب والجهاد خلف العامة والمضللين والمقهورين المظلومين، يترصدون ويترقبون وينشدون السلامة والوئام فى ضلال.. الأدهى أن هؤلاء المظلومين أنفسهم يهتفون بأعلى صوت على هلاك من يتسلق الأسوار لتحريرهم، ويدعون بخراب بيوت من يسعى إلى إطلاق سراحهم، ويبتهلون أن يبارك الله للسجان بطول العمر، وأن يمد فى أجَله، وأن يقصف الله أعمار المحبوسين إنه سميع الدعاء.

 

وللحقيقة، فإن الصراع غير عادل أو منصف بين الطرفين، وحرية التناول والشرح غير متكافئة، ومساحة الحوار وفرصة الاستماع مقيدة ومضغوطة.. والسياسيون منحازون ويميلون كل الميل إلى الإسلامويين خوفًا وطمعًا، بارعون فى تجريد الفصيل الليبرالى من حقوقه كاملة فى الدفاع عن آرائه وأفكاره وحججه وبراهينه، ويفتحون للإسلامويين كل الأبواب، ويحيطونهم بهالة من القداسة والمهابة تحميهم من سهام النقد وترفع عنهم عناء الرد والمراجعة، وتسامحهم فى القبول وترأف بهم فى الدرجات، ناجحون بامتياز حتى لو تنحنحوا واعتدلوا فى جلستهم فقط.. فإذا قلنا إن التيار العلمانى الليبرالى يفرض على نفسه قيودا وحجابا ذاتيا مخافة الصدام مع المجتمع المتدين بطبعة والمضلل بطباع غيره، فإن الصراع يكون فى الأغلب لصالح التيار الإسلامى وهو جدٌّ خطير.

 

وأتعجب كيف أن المسؤولين قد فات عليهم أن رقعة تيار الإسلام السياسى وأعداده ومساحاته تتزايد نتيجة إقبال أعداد اليائسين والمستاءين والغاضبين والمهمشين من أصحاب الرأى الحر والمعارضين إذا غابت الحرية وأغلقت أبوابها فى وجوههم، فلا يجد هؤلاء مسعى أو ملجأً أو ملاذًا سوى هؤلاء سبيلًا وطريقًا، فيه الحماية والدعم والسند والنجاة، بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضنت عليهم بالأمان والحرية.. وهذا أمر منطقى؛ الهروب من الواقع إلى مناطق الوهم والخداع والأحلام والغيبيات، واستبدال الاستبداد الدينى بالسياسى، وإفك رجال الدين بوعود السياسيين، وأساطير رجال الدين عن خداع الساسة والسياسيين.. وهو مهرب لو تعلمون عظيم، ومأزق حين تجد الدولة نفسها فى مواجهة وجها لوجه مع تيار جارف دون منافس يرى أن كل ماعداه كافر، وأن الدولة الدينية هى الحل، وأن المسألة العقدية تسبق كل قيم الجوار والتراحم والأخوة والمواطنة والديمقراطية، وأن الفرصة سانحة لتغليب الغلبة على الرضا.

 

الغريب أن الكل غافل عن هذا، وعامة الناس تلتصق بهم من كل اتجاه، تكسب ودهم ومعروفهم، وأيضا مؤسسات الدولة الدينية الرسمية والأهلية تسنده من الجانب الآخر.. وقنوات فضائية ومواقع ومساحات وشبابيك ومآذن ومناسبات وزعامات مفتوحة دون ضوابط أو محددات ليل نهار تسب فى اتجاه وتمدح فى آخر، جميعها تتشابك وتتساند فيقف شامخا رغم ضعف حججه وأسانيده، مزهوا بكبرياء وصلف وسط جموع هادرة لا تعرف إلى أين المصير.. والتيار الليبرالى محاصر من كل جانب، عارٍ دون سقف أو غطاء، فيبدو ضعيفا هزيلا رغم قوته وصلابة منطقه وبنيانه.

 

تيار منتصر دون جهد، متفوق دون علم، «يطلع الأول» بذراعيه كما «طِلعها» أجداده من قبل بقوة السلاح والتخريب، يحصد الجوائز دون تفوق أو درجات.. وتيار آخر لا حول له ولا قوة، قوىّ الحجة والمنطق، إلا أن الهتاف فى المدرجات يحاصره ويشتت أفكاره، وترصّده وتوعّده يربك خطواته، والتحريض عليه يفرق شمله وأمره، وهو أصدق التيارات القائمة، ونصير الدولة المدنية وحائطها الذى تميل وتسند عليه، وهو أيضا مساحة مهمة فى المعادلة المطروحة حتى نحافظ على بقاء تيار الإسلام السياسى فى حجمه وقالبه بعيدا عن الغلبة التى يسعى إليها.. هذا الصراع يظل قائمًا، وهذه المساحة تتزايد لصالح هذا التيار يومًا بعد يوم، مادامت مساحة الحرية مقيدة ومحددة، ومدنية الدولة «الصِّرف» حبر على ورق.

 

(الدولة المدنية هى الحل)

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.