مقالات وآراء
في أربعينية الأستاذ الراحل يونان حبيب طعان دمان// نبيل يونس دمان
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 18 تموز/يوليو 2024 17:27
- كتب بواسطة: نبيل يونس دمان
- الزيارات: 887
نبيل يونس دمان
في أربعينية الأستاذ الراحل يونان حبيب طعان دمان
نبيل يونس دمان
ابدأ يا ابن عمي، وبماذا ابدأ ؟! وقد أعياني الأسى وأثقلني الحزن على غيابك غير المتوقع ورحيلك المفاجئ، حينما بدأت صحتك تتدهور منذ وصولك العراق في شهر نيسان الجمال والربيع، لم تطل سوى أيام وشهدنا تلاشيك السريع، إلى أن انتهت قصتك وحصتك من هذه الحياة، التي حظيت بكرمها وحضنها الدافئ ، عندما ابت روحك ان تغادر ارض الغربة في اميركا الى بارئها، فجئت برجليك حتى يختلط جسدك بتربة بلدتك القوش، التي أحببتها وكنت صادقا في محبتها، فيراك أهلها الثابتين في مراتعها كل سنة وانت تزورهم، تشجعهم، تساعد فقراءهم، وانت تسير بينهم بابتسامتك وهدوءك وشخصيتك الأنيقة المتزنة، تمضي وقتك بين الناس في شوارع البلدة، ساحاتها، وأسواقها، وكنت مشاركا في موسم الربيع وعيد الربان هرمزد العتيد، اضافة الى كل ذلك كنت تتسلق الجبال حتى تصل اقصاها الى منطقة "بسقين" والتي تعود ملكيتها لعائلتنا بالاشتراك مع ثلاثة عوائل أخرى من أبناء البلدة القديمة.
أهكذا كان عهدي بك يا ابن عمي؟ وكم يصعب علي القيام بالزيارات السنوية وانت غائب لكنك حاضر بعقلك وأفكارك وذوقك، لن أنسى إقامتنا معا في بيتكم المقابل لضريح آلنبي ناحوم الألقوشي، وكيف كنا نرى مجاميع الزائرين من شتى الأماكن ومختلف الأجناس، يطوفون حوله ويدخلون أروقته معجبين بأمانة القوش وحفاظهم على اثر بارز وقديم يعود إلى ما قبل ميلاد المسيح ، كانت لنا افكار ومشاريع لم ترى النور ، وكنت ايضاً تصلح ما تشعر انه خطر على البناء، أتذكر وضعك مسنداً قوياً للبوابة الجنوبية، اضافة الى تنظيف الأنقاض ومحاولات ناجحة في نشر الخضار والورود البرية الجميلة حوله، كنت بمثابة السادن المتطوع الذي جعل تلك الخرائب المحيطة بالمبنى المقدس تعكس جمالاً وبهاءً في فصل الربيع واهب الحياة.
أنا شاهد يا ابن عمي إخلاص أولادك وزوجتك وإخوانك في بذل كل ما استطاعوا من جهد وهم يسابقون الزمن في الوصول إليك تباعاً، وانت ترقد سرير الموت في مشافي دهوك، وتحملوا وعانوا الكثير الذي يصعب تصوره، وتعاون الكثير من اقربائك واصدقائك ما أمكنهم وتابعوا حالتك، وللأسف لم تفق من رقادك، وآثرت المضي إلى حيث من سبقوك من أحبتك في الحياة الآخرة مع القديسين والأبرار ومع يسوع المسيح له كل المجد.
القوش في ١٨ حزيران ٢٠٢٤