اخر الاخبار:
"صيادو العبيد" في قبضة شرطة أربيل - السبت, 15 شباط/فبراير 2025 19:05
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

مفارقة "الابن أكبر من أبيه"!// د. ادم عربي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ادم عربي

 

عرض صفحة الكاتب 

مفارقة "الابن أكبر من أبيه"!

د. ادم عربي

 

الزَّمَنُ هُوَ مَفْهُومٌ مَأْلُوفٌ وَبَدِيهِيٌّ بِنِسْبَةٍ لَنَا، وَلَكِنْ إِذَا اسْتَمْرَرْنَا فِي فَهْمِهِ كَمَا اعْتَادَتْ أَذْهَانُنَا مُنْذُ القِدَمِ، أَوْ كَمَا فَهِمَهُ نْيُوتُن، فَلَنْ نَشْعُرَ بِتَهَافُتِ المَنْطِقِ. اكْتِشَافَاتُ آينْشْتَايْن حَوْلَ الزَّمَنِ جَعَلَتْنَا نُدْرِكُ أَنَّ هَذَا المَفْهُومَ سَيَظَلُّ غَامِضًا مَا دُمْنَا نُرَجِّحُ المَنْطِقَ عَلَى الخَيَالِ فِي تَفْكِيرِنَا. لَا يُوجَدُ لُغْزٌ أَكْثَرُ حَيْرَةً مِنْ لُغْزِ الزَّمَنِ.

 

كَمْ عُمْرُكَ الآنَ؟ وَكَمْ عُمْرِي؟ إِذَا كَانَ عُمْرُكَ الآنَ عِشْرِينَ عَامًا وَعُمْرِي ثَلَاثِينَ عَامًا، فَكَمْ سَيُصْبِحُ عُمْرُكَ عِنْدَمَا يُصْبِحُ عُمْرِي سِتِّينَ عَامًا؟ سَيُصْبِحُ عُمْرُكَ خَمْسِينَ عَامًا، لِأَنَّ الفَرْقَ بَيْنَ أَعْمَارِنَا ثَابِتٌ وَلَا يَتَغَيَّرُ أَبَدًا، وَهُوَ عَشْرُ سَنَوَاتٍ. سَأَظَلُّ أَكْبَرَ مِنْكَ بِعَشْرِ سَنَوَاتٍ مَهْمَا مَرَّ الزَّمَنُ. أَلَيْسَ هَذَا بَدِيهِيًّا؟.

 

فِي بَدِيهِيَّةٍ مُشَابِهَةٍ، الوَلَدُ دَائِمًا أَصْغَرُ مِنْ أَبِيهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَظَلَّ كَذَلِكَ. هَذَا مَا يَقُولُهُ الجَمِيعُ، بِمَا فِيهِمْ نْيُوتُن، وَهَذَا مَا يُقِرُّهُ المَنْطِقُ. وَلَكِنْ آينْشْتَايْن لَدَيْهِ رَأْيٌ آخَرُ، رَأْيٌ يَبْدُو صَحِيحًا وَلَكِنَّهُ يُنَافِي المَنْطِقَ الَّذِي اعْتَدْنَا عَلَيْهِ وَيَجْعَلُهُ يَتَهَاوَى.

 

اكْتَشَفَ آينْشْتَايْن أَنَّ الزَّمَنَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ عُمْرَكَ أَكْبَرَ مِنْ عُمْرِي، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الابْنَ أَكْبَرَ مِنْ أَبِيهِ! كَيْفَ؟ سَأَشْرَحُ بِبَسَاطَةٍ.

نَضَعُ الأَبَ فِي مَرْكَبَةٍ فَضَائِيَّةٍ تَنْطَلِقُ فِي رِحْلَةٍ تَسْتَغْرِقُ عَشْرَ سَاعَاتٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِحَسَبِ سَاعَةِ المَرْكَبَةِ أَوْ سَاعَةِ الأَبِ. حَتَّى الآنَ، لَمْ نُجِبْ عَنِ السُّؤَالِ كَيْفَ؟ لِلْإِجَابَةِ، نَقُولُ إِنَّ المَرْكَبَةَ يَجِبُ أَنْ تَزِيدَ سُرْعَتَهَا بِاسْتِمْرَارٍ أَيْ تَتَسَارَعُ وَتُغَيِّرُ مِنْ سُرْعَتِهَا كُلَّ ثَانِيَةٍ حَتَّى تُقَارِبَ وَلَا تُسَاوِي سُرْعَةَ الضَّوْءِ، الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ كِيلُومِتْرٍ فِي الثَّانِيَةِ.

 

عِنْدَمَا تَصِلُ المَرْكَبَةُ إِلَى مَحَطَّتِهَا النِّهَائِيَّةِ فِي الفَضَاءِ وَتَعُودُ إِلَى الأَرْضِ، وَتَكُونُ قَدِ اسْتَغْرَقَتِ الرِّحْلَةُ ذَهَابًا وَإِيَابًا عَشْرَ سَاعَاتٍ سَيَزِيدُ عُمْرُ الأَبِ عَشْرَ سَاعَاتٍ فَقَطْ وَهِيَ زِيَادَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، بَيْنَمَا سَيَزِيدُ عُمْرُ ابْنِهِ الَّذِي عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِينَ عَامًا عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ. وَهَكَذَا يُصْبِحُ الأَبُ أَصْغَرَ مِنِ ابْنِهِ!

هَذَا القَوْلُ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيزِيَائِيَّةٌ مَدْعُومَةٌ بِتَجَارِبَ، وَلَيْسَ وَهْمًا. التَّسَارُعُ هُوَ السَّبَبُ فِي تَبَاطُؤِ الزَّمَنِ عِنْدَ الأَبِ المُسَافِرِ، وَيُمْكِنُ تَحْقِيقُ هَذَا التَّبَاطُؤِ أَيْضًا مِنْ خِلَالِ الجَاذِبِيَّةِ. إِذَا عَاشَ الأَبُ عَلَى كَوْكَبٍ جَاذِبِيَّتُهُ أَكْبَرُ بِكَثِيرٍ مِنْ جَاذِبِيَّةِ الأَرْضِ، سَيَتَبَاطَأُ الزَّمَنُ عِنْدَهُ أَيْضًا.

اكْتِشَافَاتُ آينْشْتَايْن حَوْلَ الزَّمَنِ حَلَّتْ لَنَا، وَلَوْ نَظَرِيًّا حَتَّى الآنَ، مُشْكِلَةَ غَزْوِ أَقَاصِي الفَضَاءِ.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.