مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1199)- المصور الشهير آمري سليم/ 1
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 27 تموز/يوليو 2024 20:10
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 1069
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1199)
المصور الشهير آمري سليم/ 1
في كل اعمالي الفنية والثقافية التي كنتُ وما ازال انشرها في مجالات الانترنيت او في طبع الكتب الورقية، كانت تعتمد على ثلاثة مصادر شخصية اتزود بها لدعم منشوراتي الثقافية الالكترونية او الاصدارات الورقية، واكسب السبق في نشرها ثم تأخذ مداها في الانتشار من خلال تداولها من زملائي الآخرين في مجالاتهم الثقافية الالكترونية او طبع اعمالهم الورقية..! وهذه المصادر من شخصيات معروفة في المجتمع العراقي، وهم المصور الفوتغرافي الشهير السيد آمري سليم وخبير المقام العراقي الاول في القرن العشرين الحاج هاشم الرجب وعبد المعين الموصلّي صاحب مقهى ام كلثوم ببغداد(رحمهم الله جميعاً). فقد كانت علاقتي بهم وطيدة جداً.
ما نحن فيه، فالمصور الفوتغرافي المرحوم آمري سليم لوسيان واحد من أشهر من أرّخ لتاريخ بلدنا في مراحله الحديثة والمعاصرة سياسياً واجتماعياً وفنياً ورياضياً ....الخ، فهو مؤرِّخ شاهد عيان على حياة ملوك ورؤساء وحكومات شعبنا العراقي الابيْ بكامرته وصوره الفوتغرافية خلال القرن العشرين التي بقيت وستبقى الى ما شاء الله، دلائل ومصادر خالدة لحقائق الحياة البغدادية والعراقية التي وثّق المرحوم آمري سليم الكثير جداً من جوانبها الحياتية. ولا اتذكر بدقة كيف تعرّفتُ على هذه الشخصية المميزة في نتاجها الفني والفوتغرافي واخلاقه وطيبته التي ليس لها حدود من الرفعة والرقي..! ولكنني اتذكر انني تعرّفتُ على المرحوم آمري سليم في حقبة ثمانينيات القرن العشرين. فكنت ازوره بين الحين والآخر وألقى منه ترحيباً كبيراً بطيبته المعهودة واخلاقه الرفيعة. وفي مرّة من مرّات زياراتي له في مكتبه باستوديو التصوير، رغب ان يلتقط لي بعض الصور، وقد سررتُ بطلبه والتقط لي مجموعة من الصور الجميلة، ومنها صورة جمعتني بشخصه الكريم إلتقطها لنا أحد المتواجدين في الاستوديو، وبقيت هذه الصور محل اعتزازي وتقديري في منظورها الارشيفي والتوثيقي لعلاقتي بهذا الرمز الفني الفوتغرافي آمر سليم. وفي مرّة اخرى زرته في مكتبه بالاستوديو وكان دائما يتحدث عن شؤون التصوير وحياته التي قضاها في هذا العالم الفني الجميل، وفي احيان اخرى كان يشكو فيها من بعض الكتّاب والمؤلفين على عدم وفائهم وقلَّة ذكره او شكره على تعاونه معهم..! حيث كان السيد آمري يزودهم بالصور النادرة دعما لهم ومنحهم الصور النادرة لوضعها في منشوراتهم وكتبهم دون ان يشكروا او يذكروا ذلك في لقاءاتهم او كتبهم المؤلفة..!
على كل حال، عن حياته تحدث المرحوم آمري سليم في لقاء صحفي مع الاستاذ علي ناصر الكناني قال فيه.
((أنا من مواليد عام 1930، مارست التصوير الفوتوغرافي منذ عام .1946 تعلمت التصوير من والدي(رحمه الله) عندما كنت ما أزال تلميذاً في إحدى المدارس الابتدائية في مدينة الموصل وهي(مدرسة الطاهرة) ولم يكن عمري آنذاك قد تجاوز الثانية عشرة حيث كان والدي يعمل مصوراً شمسياً قرب مديرية شرطة الموصل في الأربعينيات، وخلال تلك الفترة تمكنتُ من شراء(كاميرا بوكس بمبلغ 750 فلساً ما زلتُ أحتفظ بها حتى الآن، وكنت أقوم بتصوير الطلبة خلال السفرات المدرسية التي كانت تنظم آنذاك من قبل المدرسة ومن ثم أقوم بطبع الصور لدى مصور يهودي يدعى عبد الرحمن) الذي غالباً ما كان يطلب مني معاونته في طبع الصور، وخلال تلك الفترة كنتُ أرافق الفنان الفوتوغرافي الرائد المرحوم مراد الداغستاني في جولاته التي كان يقوم بها لتصوير الحرفيين والأسواق، مما دفعني الى تقليد أسلوبه في التصوير واختيار الموضوعات، على الرغم من أنه كان حريصاً جداً ومزاجياً خاصة في تصوير الأشخاص، ولكن يبقى أساس تعلمي لهذا الفن من والدي)).
تزويدي بصور الفنانين
من ناحية اخرى، كان المرحوم آمري سليم يطلعني ايضاً على الكثير من مقتنياته الصورية عبر مراحل متعددة من القرن العشرين وعلى الاخص فيما أرّخه من صور الفنانين الموسيقيين والمغنيات والمغنين العراقيين مدونا على معظمها التاريخ الصوري والمكان والحدث الفني. وقد اهداني مجموعة رائعة من بعض الصور الفنية من حفلات فنانينا ومطربينا وموسقيينا من اماكن مختلفة من الاندية الترفيهية والاستوديوهات وغيرها. وقمتُ انا بدوري في وضعها في كتبي الصادرة مُزيِّناً فيها ومثبتا تاريخ احداث ما اطرحه في كتبي بهذه الصور المهمة في تاريخنا المعاصر، ونشرتها كذلك عبر الانترنيت، فتداولتها المواقع الكثيرة العامة والخاصة بعد نشري لها. وذكري الدائم في كل كتبي الصادرة في صفحة(شكر وثناء) وحتى اليوم، بان معظم مصادر الصور الكثيرة التي اضعها في كتبي تعود الى المصادر الثلاثة المهمة التي ذكرتها. وفاءً لهم وحقاً من حقوقهم التوثيقية مع شكرهم الدائم. وهم الذين اهدوني الكثير من الصور النادرة فعلاً لفنانينا عبر زمن القرن العشرين.
يكمل المرحوم آمري سليم حديثه في حواره الصحفي مع الاستاذ الكناني قائلاً.
((ما زلت أحتفظ بالأرشيف الصوري الخاص بعملي للعديد من الشخصيات والمعالم التراثية والحضارية البغدادية التي تزيد على المليون صورة..! فمن المرحلة الملكية ما زلتُ أحتفظ بصور الملك فيصل الثاني ونوري السعيد والملكة عالية والوصي عبد الإله وتحسين قدري وفاضل الجمالي وجميع الوزراء آنذاك. ولا أنسى أن الملكة عالية كانت تناديني عندما أحضر الى القصر لتصوير العائلة المالكة بكلمة(دعبول) لقصر قامتي وكانت(رحمها الله) توصي الموجودين في القصر بالاهتمام بي وتقديم المساعدة الكاملة لي)).
أما عن الأحداث التي وثقها في 14/تموز/1958 وبعدها، يواصل الحاج امري سليم حديثه قائلاً:
((لقد وثّقتُ بعدستي اغلب الأحداث التي رافقت الثورة ومحكمة المهداوي والمؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم(رحمه الله) مما دفعني تقديراً واحتراماً لمسيرة هذا الرجل الوطني الغيور لجمعها في كتاب أسميتهُ(العراق) ضمّ صوراً للزعيم خلال جولاته الميدانية بين الناس وحضوره المناسبات والاحتفالات واستقباله للوفود الرسمية التي زارت العراق في ذلك الوقت، كذلك صورتُ المرحوم عبد السلام عارف وأخاه المرحوم عبد الرحمن عارف. أما آخر الصور التي صورتها فكانت بعد أحداث 9/نيسان/2003 التي رافقتُ تلك الأيام ولولا حالتي المرضية الآن لما انقطعتُ أبداً عن مواصلة التصوير، ولكني نقلتُ خبرتي لمن سيواصل المسيرة بعدي وهو ابني(رافي) الذي يعدّ من المصورين الشباب ولديه لمسات فنية جيدة في التصوير)).
ويقول السيد آمري ايضاً.
((أود أن أشير هنا الى أن الصورة هي عبارة عن(توقف الحياة للحظة) وأنا أتمنى ألا يذهب أرشيفي الفوتوغرافي طي النسيان ويلفهُ الضياع والإهمال كما حدث مع مصورين آخرين من الرواد والذين كان لهم الفضل الكبير في توثيق جوانب كثيرة من تاريخ بغداد والعراق وتراثه الثقافي والاجتماعي والإنساني وهذا يعود بالتأكيد الى الجهات المعنية بهذا الأمر قبل فوات الأوان..! واخيراً هل يمكن أن تتحقق آخر الأمنيات بطبع هذه الصور في كتاب يحتضنها ويوثق مسيرة المرحوم آمري سليم الفوتوغرافية قبل أن يطويها النسيان..؟)).
والى الجزء الثاني من هذه الحلقة ان شاء الله.
صورة واحدة / في اليمين حسين الاعظمي والمصور الشهير آمري سليم رحمه الله.