مقالات وآراء
التزام وزارة النفط بتعويض تجاوز حصة الإنتاج ضمن مجموعة "أوبك+"// احمد موسى جياد
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 05 آب/أغسطس 2024 19:35
- كتب بواسطة: احمد موسى جياد
- الزيارات: 638
احمد موسى جياد
التزام وزارة النفط بتعويض تجاوز حصة الإنتاج ضمن مجموعة "أوبك+"
احمد موسى جياد
استشارية التنمية والأبحاث/ النرويج
أصدرت سكرتارية منظمة الأوبك تصريحها برقم 9/2024 بتاريخ 24 تموز 2024 يتعلق باستلامها خطط تعويض تجاوز الإنتاج “Overproduction” (فوق الحصة المتفق عليها ضمن اتفاق أوبك+) من كل من العراق وكازاخستان وروسيا. وعل قدر تعلق الامر بالعراق فان حجم تجاوز الإنتاج خلال الأشهر الستة الاولى من هذا العام بلغ 1184 ألف برميل يوميا. قدم العراق لسكرتارية منظمة الأوبك تعهد وخطة لتعويض تجاوز الإنتاج هذا ابتداء من شهر تموز 2024 ولغاية نهاية شهر أيلول 2025، بتخفيضات شهرية في انتاج النفط تتراوح بين 70 ألف برميل يوميا و90 ألف برميل يوميا.
لقد اثار هذا الامر ويثير كثيرا من التساؤلات التي أحاول تلخيصها ومعالجتها في هذه المداخلة، وارى ان على وزارة النفط الرد عليها بكل وضوح وشفافية كاملة وموضوعية، ولطفا دون تشنج او قسوة او اتهام.
أولا: ذكرت وزارة النفط في أكثر من تصريح وبمناسبات مختلفة ان العراق وافق على "تخفيض طوعي" في انتاج النفط تماشيا مع متطلبات مجموعة "أوبك+"، فكيف تحقق هذا الحجم الضخم من فائض الإنتاج خلال الأشهر الستة الاولى من هذا العام؟
تزامن اعداد خطة تعويض تجاوز الإنتاج وتصريح الوزارة بتخفيض الصادرات الى 3.3 مليون برميل يوميا وحجب شركة سومو بيانات اسعار وعوائد الصادرات النفطية مع تغيير مدير عام سومو، عمار العنبكي، في بداية أيار الماضي، بعد سنة فقط من استلام منصبه، وتعيين خضير عباس بدلا عنه؛ فهل لهذ التغيير في إدارة سومو علاقة بحجب البيانات الخاصة بأسعار وعوائد صادرات النفط وفي معالجة "تعويض تجاوز الإنتاج"!!؟؟
من الجدير بالذكر في هذا المجال ان العراق كان، في المعدل، من ضمن الأعضاء "غير الممتثلين" لحصص الإنتاج المقررة ضمن مجموعة "أوبك+" منذ اعتماده خلال اجتماع هذه المجموعة في تشرين ثاني عام 2016.
ثانيا: توقفت وزارة النفط عن نشر بيانات وتفاصيل انتاج النفط على موقعها الالكتروني بعد ثلاثة أشهر من تعيين جبار لعيبي وزيرا للنفط. ورغم كل الاعتراضات والنداءات التي وجهت للوزارة من قبل المعنيين العراقيين، وانا من ضمنهم، على ضرورة استمرار التزام الوزارة بمعايير الشفافية ونشر البيانات التي كانت سائدة منذ منتصف عام 2008 وذلك بنشر تلك البيانات على موقعها الالكتروني، إلا ان الوزارة استمرت وبشكل ممنهج بتقليص الشفافية في القطاع النفطي. وكان اخر نشر لبيانات انتاج النفط الخام في موقع الوزارة يعود الى شهر أيلول 2021.
بالمقابل، فان الوزارة ملزمة بتوفير بيانات انتاج النفط لبعض الجهات الدولية من ضمنها منضمة أوبك/مجموعة أوبك+ ومنصة جودي JODI والى مجموعة "المصادر الثانوية" التي تعتمدها مجموعة أوبك+ لتدقيق انتاج الدول الأعضاء ومدى امتثالهم للحصص المقررة.
توقفت جودي عن نشر بيانات انتاج النفط في العراق منذ شهر نيسان 2024، لأنه لم يتم تقديم تلك البيانات لغاية تاريخ اعداد هذه المداخلة!! من الضروري التنبيه في هذا المجال ان تدقيقي للبيانات المنشورة عن شهري آذار وشباط السابقين تشير الى ان انتاج النفط اقل من مجموع تجهيزات النفط الخام لتوليد الطاقة الكهربائية وللمصافي وللتصدير بواقع 44000 برميل يوميا في شهر شباط و70000 برميل يوميا في شهر آذار، في حين كان رصيد الخزين Closing Stocks صفرا. هذا تباين واضح ومتزايد لم تفسره وزارة النفط، وربما يكون السبب الذي دفع الوزارة الى إيقاف تزويد منصة جودي بالبيانات كافة منذ شهر نيسان 2024 ولغاية تاريخه.
لكن الوزارة قدمت بيانات الى مجموعة "المصادر الثانوية" تشير فيها ان انتاج النفط في العراق خلال شهر حزيران الماضي بلغ 3.834 مليون برميل يوميا (حسب ما ذكره تقرير نفط العراق يوم 24 تموز 2024). وحسب تقديري، كانت الوزارة مضطرة لتقديم بيانات انتاج شهر حزيران لدعم خطط الوزارة في تعويض تجاوز الإنتاج المذكورة أعلاه.
ثالثا: معضلة فهم الوزارة الخاطئ لقرارات أوبك/أوبك+
اضافة الى انعدام الشفافية يبدو ان هناك مشكلة مزمنة في وزارة النفط تتلخص بعدم التمييز بين "انتاج النفط" و"تصدير النفط" في تعاملها مع التزامات العراق بحصص الإنتاج ضمن مجموعة أوبك+. وقد تمثل عدم الفهم هذا في بيان الوزارة بتاريخ 18 آذار 2024 حيث ورد فيه ما يلي: " بادرت وزارة النفط الى تخفيض صادرات النفط الى معدل "3300 ألف برميل" يوميا للأشهر القادمة لامتصاص الزيادة المسجلة على العراق لشهري كانون الثاني وشباط الماضيين."1
وقد سبق لي2 ولأكثر من مرة ان اوضحت للوزارة الى ان قرارات منظمة الاوبك ومجموعة أوبك+ معنية بتحديد حصص او مستويات انتاج النفط الخام فقط للدول الأعضاء وليس مستويات التصدير ولا حتى مستويات انتاج الغاز الطبيعي السائل (NGL)، وذلك ردا على وزير النفط في حينه جبار لعيبي الذي حضر، لأول مرة، اجتماع أوبك/مجموعة أوبك+ في 30 تشرين ثاني 2016 وعاد وهو يعتقد، خطأً طبعا، ان القرار يتعلق بحصص "تصدير النفط"!!!! منذ ذلك التاريخ والعراق يعاني من "خطيئة جبار لعيبي" في قبول حصة منخفضة لإنتاج النفط في العراق لا تتناسب مع إمكانياته النفطية ولا مع التزاماته في تطوير الطاقة الإنتاجية حسب عقود جولات التراخيص ولا مع احتياجاته المالية للأغراض التنموية... وكانت سببا في تكرار عدم امتثال العراق لحصص الإنتاج ضمن مجموعة أوبك+ واضطراره، مؤخراً، لتقديم خطة لتعويض تجاوز الإنتاج النفطي.
يضاف الى ذلك ان بيانات سومو عن صادرات النفط العراقي منذ شهر كانون الثاني ولغاية نهاية شهر حزيران لهذا العام كانت اعلى من 3.3 مليون برميل يوميا، أي اعلى من المستوى الذي ذكرته الوزارة!!
لم يكن بيان الوزارة محددا، حيث ذكر ان التخفيض في مستويات التصدير "للأشهر القادمة" دون تحديد عدد تلك الأشهر ومن هي!
ومن الجدير بالذكر ان مستوى التخفيض في الصادرات النفطية الذي بينته الوزارة اقل بواقع 200 ألف برميل يوميا عن المستوى المعتمد في الموازنة العامة للدولة لعام 2024. لم تشر الوزارة الى كيفية معالجة هذا العجز في مستويات تصدير النفط!
رابعا: تجاوز الإنتاج رغم التعهد بتخفيض الإنتاج الطوعي
كما ذكر أعلاه فان حجم تجاوز الإنتاج في العراق قدر بمعدل 1.184 مليون برميل يوميا خلال الأشهر الستة الاولى لهذا العام. هذا أكثر من تجاوز الإنتاج في كازاخستان وروسيا مجتمعين وبواقع 84 ألف برميل يوميا!!
ان حجم تجاوز الإنتاج في العراق المذكور أعلاه يعني ان مجموع تجاوز الانتاج للفترة المذكورة بلغ 215,488,000 برميل.
تبنت مجموعة أوبك+ ما أطلق على تسميته التخفيض الطوعي (Voluntary Cut) اضافة الى مستويات الانتاج المتفق عليها ضمن المجموعة. التخفيض الطوعي الاول أعلن في شهر نيسان 2023 وتم تمديد سريانه عدة مرات وهو ساري المفعول الان ولغاية نهاية عام 2025. التخفيض الطوعي للعراق هو 211000 برميل يوميا. التخفيض الطوعي الثاني أعلن في تشرين ثاني 2023 وهو ساري المفعول الان ويطبق بالكامل لغاية نهاية شهر أيلول عام 2024، ثم يتم تخفيضه تدريجيا، بكميات متساوية، خلال الفترة من شهر تشرين اول 2024 لغاية نهاية أيلول 2025. يبلغ التخفيض الطوعي الثاني للعراق 220000 برميل يوميا.
السؤال المنطقي هو كيف يمكن لوزارة النفط ان تتعهد بتخفيض طوعي قدره 431000 برميل يوميا خلال النصف الأول من هذا العام، وفي نفس الوقت يتجاوز الإنتاج على حصة العراق المحددة ضمن مجموعة أوبك+ بمقدار 1.184 مليون برميل يوميا!!؟؟
خامسا: خطة تعويض تجاوز الإنتاج
قدمت وزارة النفط الى سكرتارية الاوبك خطة تتعهد بموجبها تعويض تجاوز الإنتاج المذكور أعلاه بمعدلات شهرية متباينة خلال الفترة المحصورة بين بداية تموز 2024 ونهاية أيلول 2025. لأغراض المقارنة، وخاصة ما يتعلق بالموازنة العامة لعام 2024 فقد ارتئيت إعادة تبويب جدولة بيانات خطة تعويض تجاوز الإنتاج لكل من 2024 و2025 على حده. وكما يتضح من الجدول التالي فانه سيتم تعويض تجاوز الإنتاج بما مجموعه 470000 برميل يوميا خلال الفترة من بداية تموز ولغاية نهاية عام 2024، في حين سيتم تعويض بقية تجاوز الإنتاج والبالغ 714000 برميل يوميا ابتداءً من اول كانون ثاني ولغاية نهاية أيلول 2025. يوضح الجدول التالي معدلات تعويض تجاوز الإنتاج الشهرية لفترة الخطة.
جدول (1)
خطة وزارة النفط لتعويض تجاوز الانتاج
ألف برميل يوميا |
2025 |
ألف برميل يوميا |
2024 |
|
90 |
كانون ثاني |
70 |
تموز |
|
90 |
شباط |
70 |
آب |
|
80 |
آذار |
70 |
أيلول |
|
80 |
نيسان |
80 |
تشرين اول |
|
80 |
مايس |
90 |
تشرين ثاني |
|
70 |
حزيران |
90 |
كانون اول |
|
70 |
تموز |
|||
70 |
آب |
|||
84 |
أيلول |
|
لكن خطة الوزارة لتعويض تجاوز الإنتاج بواقع 1.184 مليون برميل يوميا اقل بواقع 577 ألف برميل يوميا عن مجموع حجم التجاوزات الشهرية لنفس الفترة حسب بيانات "تقرير سوق النفط الشهري MOMR"3 لمنظمة أوبك، فكيف يعالج هذا الفرق وان تم الإقرار به فمتى وكيف يتم التعويض عنه!؟ على وزارة النفط بيان الموقف في هذا التباين الكبير.
سادسا: تبعات تعويض تجاوز الإنتاج
ان التأثير المباشر الاول لتعويض تجاوز الإنتاج هو تخفيض حصة العراق لإنتاج النفط الخام ضمن مجموعة أوبك+ بما يعادل كمية التعويض. وعليه، إضافة الى المعدلات الشهرية لتعويض تجاوز الإنتاج المذكورة أعلاه علينا تحديد كمية التخفيضات الطوعية (التخفيض الطوعي الاول في نيسان 2023 والتخفيض الطوعي 2الثاني تشرين ثاني 2023) في ضوء سريان تطبيقهما، ثم طرح هذه التخفيضات الثلاثة من حصة العراق لإنتاج النفط الخام البالغة 4.431 مليون برميل يوميا كما حدد في شهر حزيران 2023 وسارية المفعول لغاية نهاية عام 2025، كما تم احتسابها والتوصل الى تقدير خلاصتها في الجدول التالي.
جدول رقم (2)
تقدير حصة العراق الإنتاجية المتاحة للفترة من تموز 2024 الى أيلول 2025
(مليون برميل يوميا)
الحصة المتاحة |
|
3.930 |
تموز 2024 |
3.930 |
آب 2024 |
3.930 |
أيلول 2024 |
3.938 |
ت اول 2024 |
3.947 |
ت ثاني 2024 |
3.965 |
ك اول 2024 |
3.983 |
ك ثاني 2025 |
4.002 |
شباط 2025 |
4.030 |
آذار 2025 |
4.048 |
نيسان 2025 |
4.067 |
مايس 2025 |
4.095 |
حزيران 2025 |
4.113 |
تموز 2025 |
4.132 |
آب 2025 |
4.136 |
أيلول 2025 |
4.220 |
ت اول 2025 |
4.220 |
ت ثاني 2025 |
4.220 |
ك اول 2025 |
التقديرات أعلاه معرضة للتغيير وخاصة إذا ما قررت أوبك+ تغيير حصص انتاج الدول الأعضاء، تماشيا مع متطلبات سوق النفط الدولية والتي تقوم المجموعة بمراجعته بشكل دوري منتظم.
خلال الفصل الثالث (تموز- ايلول) من هذا العام تقدر "الحصة المتاحة"، أي ما يسمح للعراق بإنتاجه، بواقع 3.930 مليون برميل يوميا، ثم تبدأ بالتزايد تدريجيا. ولاعتبارات عملية، سوف أركز على النصف الثاني من هذا العام لتعلق الموضوع بالموازنة العامة لهذا العام.
كما ذكر أعلاه، بينت وزارة النفط، في مراسلتها مع "المصادر الثانوية" ان انتاج النفط في شهر حزيران هو 3.834 مليون برميل يوميا. لم تنشر الوزارة على موقعها الالكتروني نص او مكونات او توضيح لتلك المراسلة وتفاصيل انتاج شهر حزيران.
من الجدير بالذكر توقف وزارة النفط اعتبارا من أيلول 2015 عن نشر تفاصيل انتاج النفط الخام (من قبل شركة نفط الشمال وشركة نفط الوسط وشركة نفط الجنوب/البصرة حاليا) وتخصيصات النفط الخام (لتوليد الطاقة الكهربائية وتجهيز المصافي)، وان البيانات الوحيدة التي تنشرها الوزارة في الوقت الحالي هو كمية صادرات النفط الخام فقط.
كما وكانت الوزارة تزود، بشكل غير مباشر، منصة جودى ببيانات تفصيلية عن انتاج واستخدامات النفط الخام. توقفت منصة جودي عن نشر تلك التفاصيل اعتبارا من بداية شهر نيسان 2024 لعدم استلامها البيانات من العراق.
في ضوء امتناع الوزارة عن نشر البيانات المطلوبة قمت بتقدير انتاج العراق في شهر حزيران بالطريقة التالية:
1-اعتماد بيانات شركة سومو لصادرات النفط الخام وقدرها 3.396 مليون برميل يوميا
2-اعتماد بيانات منصة جودي (معدل الربع الأول 2024) للاستخدام المباشر Direct use (توليد الطاقة الكهربائية بشكل اساسي) وقدره 178000 برميل يوميا.
3-اعتماد بيانات منصة جودي (معدل الربع الأول 2024) لتجهيزات المصافي Refinery intake بواقع 467000 برميل يوميا.
هذا يعني ان انتاج العراق في شهر حزيران بلغ 3.981 مليون برميل يوميا، وهو أكثر من تقديرات وزارة النفط بواقع 147000 برميل يوميا. فماذا يعني هذا، وكيف يمكن ان يكون؟
بما ان تقديراتي اعتمدت حجم الصادرات النفطية التي أعلنتها الوزارة ذاتها، فان الفرق بين تقديراتي وبيان وزارة النفط يمكن ان يعود حصرا الى كميات النفط الخام المجهز الى محطات توليد الطاقة الكهربائية والى المصافي. وباستخدام طريقة النسبة والتناسب فانه لا يمكن ان يكون انتاج النفط في شهر حزيران الذي أعلنته الوزارة صحيحا إلا إذا كانت كميات النفط الخام المجهز الى توليد الطاقة الكهربائية بواقع 133000 برميل يوميا وكميات النفط الخام المجهز الى المصافي بواقع 305000 برميل يوميا او اية زيادة لطرف تكون على حساب الطرف الثاني.4
كلا الرقمين منخفضان للغاية ويتناقضان مع منطق الأمور الذي تشير اليه الاحصائيات منذ منتصف عام 2008 ولغاية نهاية آذار 2024، وخاصة كميات النفط الخام المجهز للمصافي. وعليه أرى ان تقوم وزارة النفط بتقديم تفصيل انتاج النفط الخام لشهر حزيران، ولغاية نهاية النصف الاول من هذا العام، موزعة على المكونات الثلاثة: التصدير، تجهيزات المصافي، تجهيزات توليد الطاقة الكهربائية.
ماذا بشأن انتاج النفط في إقليم كردستان؟
من المعروف ان حصة العراق ضمن مجموعة أوبك+ تتضمن انتاج النفط في اقليم كردستان، وهذه معضلة أخرى تُعَقد تحديد حصة العراق ومدى التزامه بها. وكما هو معروف ايضا، انه على الرغم من توقف تصدير نفط الإقليم من خلال تركيا منذ شهر آذار 2023 نتيجة لقرار محكمة التحكيم لغرفة التجارة الدولية في باريس، تقوم الشركات النفطية العاملة في الإقليم وبموافقة حكومة الإقليم ببيع الإنتاج في أسواق الإقليم، ثم، كما تشير المعلومات، الى تهريب جزء من ذلك النفط الى تركيا وإيران.
في ضوء المعلومات أعلاه فان "الحصة المتاحة" للعراق في شهر حزيران تبلغ 4 مليون برميل يوميا. وبما ان انتاج العراق (عدا إقليم كردستان) في نفس الشهر بلغت 3.834 مليون برميل يوميا، حسب بيان وزارة النفط، فان انتاج نفط الإقليم يجب ان يكون بالحد الاعلى 166000 برميل يوميا، كي يبقى العراق ملتزما بحصته لإنتاج النفط. لكن معلومات "تقرير نفط العراق- 24 تموز 2024" تشير ان انتاج الإقليم في شهر حزيران كان 311000 برميل يوميا (وكان 3300000 برميل يوميا في شهر ايار)، مما يعني تجاوز العراق لحصته بواقع 145000 برميل يوميا.
أرى ان على وزارة النفط معالجة هذا الامر مع مجموعة أوبك+ ومع "المصادر الثانوية"، لإن استمرار هذا الوضع انما يعني استمرار تجاوز العراق على حصته الإنتاجية ويترتب على ذلك "تعويض التجاوز" مجددا وهكذا دواليك ويستمر تحمل الاقتصاد العراقي تكاليف التجاوز وتبعاته المالية بسبب سلوك حكومة الاقليم!!!.
تقدير الكلفة المالية لتعويض تجاوز الإنتاج
سبق ان بينت في دراسة سابقة5 ان عوائد الصادرات النفطية المتحققة خلال الأشهر الخمسة الاولى كانت اقل مما بنيت عليه جداول الموازنة العامة لهذا العام بسبب ان كل من كميات النفط المصدر وأسعار التصدير كانت اقل مما قدرته الموازنة. ولأجل تعويض ذلك العجز في عوائد التصدير وتحقيق التوازن Oil Revenue Breakeven ان يكون معدل سعر تصدير النفط العراقي خلال اشهر حزيران ولغاية نهاية العام اكثر من 90 دولار للبرميل ومعدل تصدير لا يقل عن 3.5 مليون برميل يوميا. فهل هذا ممكن!؟ لا اظن.
الجانب المباشر الاخر لخطة الوزارة في تعويض تجاوز الإنتاج يتمثل في تقدير الكلفة المالية لهذا التعويض والذي يتمثل بحجم عوائد الصادرات النفطية المترتبة عن ذلك. سيتم اقتصار التقدير على النصف الثاني من هذا العام نظرا لتأثير ذلك على الموازنة العامة 2024، وبالمنهجية التالية: 1- يتحدد الصافي الشهري لتأثير "تعويض تجاوز الإنتاج" بعد استقطاع المعدل الشهري حسب "التخفيض الطوعي الثاني". 2- الاسترشاد بتوزيع الصادرات النفطية بين نفط البصرة المتوسط ونفط البصرة الثقيل (حسب اخر بيانات شركة سومو التي تعود الى النصف الأول من عام 2023)، وافتراض سريانه خلال النصف الثاني من عام 2024. 3- استخدام "المعدل الموزون" في شهر تموز لأسعار نفط البصرة المتوسط ونفط البصرة الثقيل، وافتراض ثباته خلال النصف الثاني من عام 2024. 6 يعرض الجدول التالي العوائد التي سيخسرها العراق بسبب تعويض تجاوز الإنتاج، والتي يبلغ مجموعها 1018 مليون دولار.
جدول (3)
كلفة تعويض تجاوز الإنتاج خلال النصف الثاني من عام 2024 (مليون دولار)
173.6 |
تموز |
173.6 |
آب |
168.0 |
أيلول |
152.9 |
تشرين اول |
172.0 |
تشرين ثاني |
177.7 |
كانون اول |
من الجدير القول انه كلما زاد المعدل الموزون لسعر النفط الخام المصدر من المنافذ الجنوبية عن 80.01 دولار للبرميل كلما زادت كلفة تعويض تجاوز الإنتاج وكلما كان السعر اقل من 80 دولار للبرميل كلما ازداد حجم العجز المالي في عوائد الصادرات النفطية للموازنة العامة لعام 2024.
فقدان المرونة بتقليص الجهد الوطني في تطوير الحقول النفطية
سبق لي ان حذرت من ان إحالة الحقول النفطية المنتجة الى الشركات الأجنبية يعني تقليص عدد الحقول التي تدار بالجهد الوطني وبالتالي تقليص مرونة العراق في الامتثال لمتطلبات حصص الإنتاج ضمن مجموعة أوبك+، وهذا بتصوري خطأ استراتيجي مكلف للعراق، وخاصة عندما تكون الإحالة بشروط مجحفة مع شركات اجنبية (مثل الاتفاقية مع توتال انرجيز) او شركات ناشئة بلا خبرة (مثل شركة غاز الحلفاية)، وتعني تحول الإنتاج في العديد من الحقول النفطية من الجهد الوطني المباشر (أي الشركات النفطية العامة التابعة الى والمرتبطة بوزارة النفط) الى شركات الاستثمار الأجنبية والمحلية).
تشير المعلومات ان تعامل العراق مع تخفيضات حصته الإنتاجية منذ البداية وكذلك التخفيضين الطوعيين الاول والثاني قادت الى تخفيض الإنتاج في حقول الجهد الوطني، وسيتم التعامل مع خطة تعويض تجاوز الإنتاج مما تبقى من انتاج حقول الجهد الوطني المحدودة العدد جدا. وفي هذه الحالة تجد وزارة النفط امام خيارات صعبة ومكلفة: اما تقليص تطوير ما تبقى من حقول الجهد الوطني وما يرتبط بها من مشاريع استثمار الغاز المصاحب والمصافي او تخفيض الإنتاج من الحقول التي تطورها الشركات الأجنبية ودفع الكلفة التعاقدية لاي تخفيض في الإنتاج وفق شرط "استلم او ادفع Take or pay".
أرى من الضروري ان تتبع الوزارة استراتيجية واضحة متكاملة متناسقة بدلا من نهج أسلوب " وقع وقع" واعتبار توقيع العقود إنجازا!!!
تساؤلات وملاحظات ختامية
ان إصرار وزارة النفط على نهج انعدام الشفافية وذلك بحجب المعلومات والبيانات المتعلقة بأسعار وعوائد الصادرات النفطية وتفاصيل انتاج النفط واستخداماته محليا وللتصدير لا مبرر له على الاطلاق ويتعارض مع التزامات الوزارة للمؤسسات والمنظمات الدولية ويتناقض مع ما ورد في منهاج الحكومة الحالية الذي نالت بموجبه دعم مجلس النواب على تشكيل الحكومة. علما ان ما تخفيه وزارة النفط يمكن الحصول عليه من مصادر داخلية وخارجية عديدة. وفي ضوء إصرار الوزارة على اخفاء البيانات والعقود المتعلقة بالقطاع النفطي عن الشعب العراقي خلافا لما ورد في منهاج الحكومة وما يتطلبه الدستور، أرى ضرورة تحرك مجلس النواب (او أي من اعضائه) بإقامة دعوى امام المحكمة الاتحادية الفدرالية لتجبر الوزارة الالتزام التام بمعايير الشفافية ونشر البيانات الكاملة والدقيقة "ايمانا بحق الشعب الاطلاع على ... " كما تكرره بيانات الوزارة كل شهر ولكن دون تنفيذه.!!!
في ضوء المعطيات المتوفرة، والمذكورة اعلاه، المتعلقة بأسعار النفط العراقي ومستويات الإنتاج المتاحة او الممكنة فانه من الصعوبة على الاقتصاد العراقي تحمل تبعات "خطيئة جبار لعيبي"، حيث ستواجه وزارة النفط والحكومة الحالية خيارات صعبة في توزيع النفط المنتج بين احتياجات توليد الطاقة الكهربائية ومتطلبات قطاع التصفية والتصدير لمواجهة متطلبات الموازنة العامة والتي يبدو انها ستواجه عجزا كبيرا في عوائد الصادرات النفطية لهذا العام.
لا بد للحكومة الاتحادية ان تعالج وبشكل جدي معضلة نفط الإقليم في ضوء القرارات القانونية الاتحادية والدولية على قدر تعلق الامر بتحديد حصة العراق ضمن مجموعة أوبك+.
كلفت سكرتارية الاوبك ثلاث شركات استشارية مستقلة متخصصة وهي (IHS, Wood Mackenzie, and Rystad Energy) بمهمة تحديد الطاقات الإنتاجية لجميع أعضاء الاوبك وغير الأوبك المشاركين في اعلان التعاون (أي أوبك+) والتي ستشكل مصدرا لتحديد مستويات الإنتاج في 2025. أتمنى ان تكون وزارة النفط قد استفادت وتستفيد من هذه الفرصة الجديدة والمهمة لرفع الغبن بتصحيح حصة العراق بما يتوافق مع الطاقة الإنتاجية من حقول جولات التراخيص الأربعة الاولى وحقل الاحدب وحقل ارطاوي وحقول الجهد الوطني وحقول إقليم كردستان. هذه فرصة في غاية الأهمية وعلى وزارة النفط ان لا تكون قد ارتكبت او ترتكب خطيئة جديدة بحقوق العراق.
النرويج
4 آب 2025
الهوامش
https://www.oil.gov.iq/?article=1995 1
2 Latest statement by the Minister of Oil causes concerns, Posted on 15 March 2017 on IBN website
http://www.iraq-businessnews.com/2017/03/15/latest-statement-by
Oil Export, OPEC Cut Effects and Budget Implications, Posted on 27 Feb 2017 on IBN website
http://www.iraq-businessnews.com/2017/02/27/oil-export-opec-
cut-effects-and-budget-implications
OPEC Cut Impact on Iraq: A Bleak Prospect, Posted on 11 January 2017 on IBN website:
http://www.iraq-businessnews.com/2017/01/11/opec-cut-impact
Budget Law 2017 and OPEC Production Cut Impact, Posted on 15 December 2016 IBN
http://www.iraq-businessnews.com/2016/12/15/budget-law-
2017-and-opec-production-cut-impact
3 التقارير الشهرية من كانون ثاني الى حزيران من عام 2024 OPEC Monthly Oil Market Report
4 ذكر مصدر في منصة اركوس النفطية بتاريخ 22 تموز 2024 ان بيانات وزارة النفط ان العراق يحرق في المعدل 120 ألف برميل يوميا لتوليد الطاقة الكهربائية خلال النصف الاول من هذا العام
ان كان هذا هو الواقع فانه يعني ان تجهيز النفط الخام لجميع المصافي كان بواقع 318 برميل يوميا.
5 تباين كبير ومؤثر في تقدير أسعار وعوائد صادرات النفط
https://www.mushtarek.org/groups/6135da07aac957001377773e
/posts/post/668bf66a3d4de11264daf854
http://www.tellskuf.com/index.php/mq/115266-fy096.html
https://www.sahat-altahreer.com/author/62
6 حسب بيانات 17 يوما في منصة OilPrice.com.