مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1217)- استذكار جاسم الجيال (الكيال)
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 07 أيلول/سبتمبر 2024 21:52
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 837
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1217)
استذكار جاسم الجيال (الكيال)
في عامي 2002 و 2003 كنت مديراً لبيت المقام العراقي في بغداد المركز العام وباقي الفروع في بعض المحافظات الاخرى. كالموصل وديالى وكركوك والناصرية والبصرة . وفي شهر شباط من عام 2003 والعراق يعيش ظروفا عصيبة ومتسارعة وسط الاعلام الامريكي والبريطاني والاسرائيلي المتزايد والمكثف جدا لضرب العراق مرة اخرى، بعد ضربته اللئيمة الاولى مطلع عام 1991 بل تصريحاتهم المعلنة والصريحة هذه المرة اكثر من سابقاتها باحتلال العراق واسقاط نظام حكمه..! وفي هذه الفترة ايضا كنا في بيت المقام العراقي ما نزال نقيم الحفلات الاسبوعية في يوم الثلاثاء من كل اسبوع بقاعة الرباط الواقعة في شارع المغرب ببغداد..! وبالرغم من كل ظروف هذه الفترة القلقة. كنا في بيت المقام العراقي نهيئ لاقامة منقبة نبوية شريفة تقام في قاعة الرباط ضمن نشاطنا الاسبوعي المستمر في يوم الثلاثاء، استقبالا ليوم محرم الحرام وبدء العام الهجري الجديد 1424. وذلك في يوم 4 آذار 2003 م الموافق اليوم الاول من محرم 1424 هـ.
اسمحوا لي اعزائي الافاضل للذهاب الى ما دوَّنته مفكرتي اليومية خلال هذه الايام، وهي اصدق الكلام. ففي مساء يوم 22 شباط 2003 / الموافق 21 ذو الحجة 1423. اخبرني اخي وصديقي العزيز الاستاذ باسل مجيد الخزرجي الكاظمي بنبأ احزنني كثيرا..! واحزن الوسط المقامي ايضا، بل واحزن الجميع..! بوفاة خبير المقامات العراقية المرحوم جاسم الجيال العبيدي الكاظمي عن عمر ناهز السادسة والسبعين عاما، وهو من اصدقاء ومحبي استاذنا الكبير محمد القبانجي. وما كان مني الا ان اتصل باخي وصديقي العزيز الكاتب الصحفي الاستاذ قحطان جاسم جواد مخبراً ايّاه هذا الخبر المؤلم لنشره في احدى الصحف اليومية، وقد تم ذلك فعلاً في نشر الخبر في اليوم التالي.
اقيم مجلس الفاتحة(هامش1 على روحه الطاهرة في اليوم التالي من وفاته قرب بيته في مدينة الكاظمية شارع المحيط. وقد حضرتها في ايامها الثلاثة ومعي شقيقي العزيز الاستاذ محمد واثق العبيدي.
وفي هذه الايام كنتُ قد قرّرتُ في بيت المقام العراقي، ان نقيم منقبة نبوية بمناسبة يوم محرم الحرام وبدء العام الهجري الجديد 1424، بدلاً من واحدة من اماسي بيت المقام العراقي التي يقيمها في قاعة الرباط يوم الثلاثاء من كل اسبوع. وقد اتصلتُ على هذا الاساس ببعض الصحف العراقية التي نشرت هذا الخبر ومنها صحيفتيْ القادسية والعراق. ولكنني انتهزتُ هذه المناسبة باستذكار وتأبين للمرحوم جاسم الجيال العبيدي خلال هذه المنقبة النبوية، فاتصلتُ بأخي باسل مجيد وابلغته بنيّة بيت المقام العراقي لهذا التأبين، ورجوته ان يدعو ما يستطيع من اهل المرحوم جاسم الجيـّال والاصدقاء من شخصيات مدينة الكاظمية، فاقمنا المنقبة والتأبين يوم الثلاثاء 4 / آذار 2003 الموافق 1 / محرم 1424. ألقيتُ خلالها كلمة بيت المقام العراقي، وكذلك ألقى اخي باسل مجيد الخزرجي الكاظمي كلمة الاستاذ الدكتور حسين علي محفوظ عن اهالي مدينة الكاظمية(هامش1). موجها الشكر لي ولبيت المقام العراقي على هذه المبادرة في اقامة المنقبة النبوية في العام الجديد والتأبين.
هذا ويذكر ان الكثير من منتسبي بيت المقام العراقي قد شارك في اقامة المنقبة النبوية الشريفة، التي ادارها محمود السماك في دور الملّا. وفي نهاية المنقبة والتأبين، ألتقطت الكثير من الصور الفوتغرافية بعدسة المصور الاخ والصديق العزيز الاستاذ حربي عبد الامير الطويرجاوي. ومعظم الصور وصلتني من اخي باسل مجيد، الا انني الان احتاج لوقت للبحث عنها بين مجاميع الصور التي تحتويها مكتبتي الفوتغرافية، وانا متأكد من وجودها، ومن هنا اناشد اخي باسل ان يضع بعض هذه الصور هنا للتوثيق والارشفة مع الشكر والتقدير ان كانت تحت اليد او ما تزال لديه هذه الصور.
هذا ويذكر بأنني تعرّفتُ على المرحوم جاسم الجيال العبيدي عام 1973 في اول ظهوري على مسرح المتحف البغدادي، حيث شجعني كثيرا واثنى على ادائي وحفظي للمقامات العراقية. ثم مرّت مرحلة المتحف البغدادي ولم تشاء الصدف ان ألتقي به لعشرين سنة تقريبا..! ولكنني لم انساه وبقي في ذاكرتي متذكراً ثناءه لي وتشجيعه وانا في بدايتي الفنية في المتحف البغدادي فضلاً عليّ منه..! وفي احدى اماسي استذكار مطربنا الكبير محمد القبانجي، وكانت في المتحف البغدادي ايضا، وانا ألقي كلمة بالمناسبة، لمحتُ المرحوم جاسم الجيال جالسا بين الجمهور الحاضر، فما كان مني الا ان ذهبتُ اليه مباشرة بعد اكمال كلمتي التي القيتها، اقبله واحييه. ومن هذا اللقاء استمر تواصلنا حتى وفاته. وفي سنواته الاخيرة كان يحضر الى الملتقى الثقافي الاسبوعي الذي كنت اقيمه في بيتي بمدينة الاعظمية، وفي كثير من الاحيان كنت آتي به من بيته، واعود به الى بيته بعد انفضاض جلسة الملتقى الاسبوعي.
المرحوم جاسم الجيال العبيدي، رجلاً وقوراً محترماً مهذباً رفيع الاخلاق والقيم، يمتلك صوتاً مقامياً جميلاً جداً رغم اني لم استمع اليه كثيراً، خبير كبير في شؤون غناء المقام العراقي، وبالتالي فهو صاحب نكتة رائعة كثيراً، جليس ناجح جداً في المجتمعات التي يرتادها، لا يُملُّ ابداً والكل يشعر بلذة مجالسته، رحمك الله ايها الرجل الاصيل في قيمه واخلاقه ومحبته لاصدقائه ومحبيه، واسكنك فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
- مجلس الفاتحة: يسمى في بعض الدول العربية بـ مجلس العزاء.
- أ.د. حسين علي محفوظ: توفي في السنوات الماضية رحمه الله.