مقالات وآراء
الانتخابات ومستلزمات المشاركة الواسعة فيها// محمد عبد الرحمن
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 30 أيلول/سبتمبر 2024 19:33
- كتب بواسطة: محمد عبد الرحمن
- الزيارات: 527
محمد عبد الرحمن
الانتخابات ومستلزمات المشاركة الواسعة فيها
محمد عبد الرحمن
تحظى موضوعة الانتخابات بالاهتمام لكونها ركنا مهما من اركان الديمقراطية، وليس كل أركانها كما يحلو للبعض القول او الايحاء.
وفي بلادنا حيث يؤشر الدستور التداول السلمي للسلطة، وكي تعطى هذه العملية ابعادها الحقيقية، لا بد من توفير مستلزمات مشاركة فاعلة وواسعة في الانتخابات، سواء لمجلس النواب أو لمجالس المحافظات ولكل اشكال الانتخابات بما فيها التي تجري في النقابات والاتحادات المهنية .
ومن الطبيعي في ظروف بلدنا ان نسمع من يقول بان الأنظمة الديمقراطية لم تتشكل دفعة واحدة، وانما مرت بعمليات تراكمية، وحتى الان ما زالت تبحث عن وسائل لتحسين العملية الانتخابية، بما يضمن ان تكون معبرة وذات صدقية وتعكس إرادة الناخبين. خصوصىا ونحن نشهد عموما تراجعا في نسب المشاركين في الانتخابات على الصعيد العالمي وفي المنطقة، وكذلك في بلادنا .
ومن الصعوبة بمكان الحديث عن انتخابات ذات صدقية ومعبرة، مع نسب متدنية للمشاركة والتي لم تزد عندنا في الانتخابات الأخيرة عن ٢٠ في المائة ، في احسن التقديرات. وهذا الواقع يطرح مجموعة من القضايا المترابطة الواجب تناولها. واستدراكا نقول ان منها ما هو موضوع للنضال والعمل على تحقيقه، على طريق تحسين العملية الانتخابية .
وهنا يطرح سؤال أساسي يتعلق بالمشاركة وكيفية رفع نسبها، ومن المسؤول عن ذلك ؟ نتطوع بالاجابة وحسب راينا، بان المسؤول هو الكل: الدولة ومؤسساتها وسلطاتها الثلاث، ومفوضية الانتخابات، والأحزاب والكتل السياسية، والمواطنون.
ونرى ان من المستلزمات الواجب توفرها لتأمين صدقية الانتخابات وتطمين الناخب:
* حيادية المؤسسات التنفيذية للدولة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع . وفي هذا السياق تبدو فكرة استقالة الموظفين الكبار في الدولة حين يترشحون لخوض الانتخابات، تستحق النقاش والجدل بشانها.
* حيادية المؤسسات القضائية والتشريعية والدينية.
* التنفيذ الصارم للقوانين ذات العلاقة، ومنها قانون الأحزاب السياسية وتطبيقه على الجميع، بما في ذلك منع الأحزاب السياسية المشكلة لتكون واجهات لمنظمات عسكرية او شبه عسكرية من الترشح والمشاركة في الانتخابات. وهذا إن نُفذ فعلا فسيكون إشارة واضحة على السير بالاتجاه الصحيح.
* ابعاد المحاصصة عن تشكيلة مجلس المفوضين، وعن اختيار المسؤولين في المفوضية سواء في المركز ام المحافظات، وإعادة بنائها على أساس الكفاءة والنزاهة والمهنية، وان يسند ذلك الى مجلس الخدمة العامة.
* التحكم الجدي بالمبالغ التي تخصص للحملات الانتخابية، ومكافحة استخدام المال السياسي.
* اتخاذ إجراءات حازمة من طرف المفوضية عند حصول تجاوزات على التعليمات والتوجهات، وبضمنها الحرمان من المشاركة في الانتخابات.
* إعادة النظر في البطاقة الانتخابية والبصمة، والاستعاضة عنها بالبطاقة الوطنية الموحدة، وان يعرف كلُ مواطن مؤهل للانتخابات حسب العمر، مركزه الانتخابي في قوائم تعلن مسبقا وعبر الاتصال الالكتروني. مع السعي لتوفير مستلزمات الرد على استفسارات المواطنين في كل محافظة.
* آن الأوان لاستقرار قانون الانتخابات، واذا اريد اجراء تغيير فيه فيتوجب ان يكون مما يشجع على افضل مشاركة واوسعها، وان تجسد الانتخابات إرادة المواطنين بشكل سليم. وان لا يكون أداة بيد المتنفذين حسب اهوائهم وامزجتهم، فيكيّفونه لضمان تأبيد سلطتهم. ولنا في التغييرات التي ادخلها الأردن على قانونه الانتخابي، وفي دول أخرى امثلة على كيفية تطوير القانون الانتخابي صعودا، بما يجعله مناسبا لرفع مشاركة المواطنين والقوى والأحزاب السياسية .
ان هذه القضايا وغيرها تتطلب عملا دؤوبا ومتواصلا وضغطا جماهيريا على مختلف الصعد، كي تكون في متناول اليد ويمكن تحويلها من تحديات كبرى الى فرص واقعية امام القوى المدنية والديمقراطية، حاملة مشروع التغيير .ركة الواسعة في الانتخابات هي ما يجب التشديد عليه، لجعلها احدى روافع الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت، وتغيير موازين القوى عبر إزاحة اطراف الفساد والفشل والرشى من مواقع القرار.