مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1233)- خان مرجان
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 12 تشرين1/أكتوير 2024 19:43
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 820
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1233)
خان مرجان
في خطوة رائعة من قبل المؤرخ الاستاذ زكريا الانصاري في زيارته المصورة للمبنى التاريخي(خان مرجان)(هامش1). هذا الخان المهمل تماما منذ احتلال بلدنا العزيز عام 2003 حتى اليوم. زيارة مهمة جدا في هذا التوقيت، عسى ان تكون هذه الزيارة تذكِّـر وتوقظ أو تنبه وزارة الثقافة والسياحة في بلدنا لاهمية اعادة صيانة واعمار هذا الموقع التاريخي التراثي وافتتاحه من جديد في وقتنا الراهن.
في عام 1975 تم افتتاح هذا الخان بعد صيانته واعداده لاستغلاله سياحيا في اقامة الحفلات الغناسيقية التراثية اليومية فيه تحت اشراف الدولة ممثلة بالمؤسسة العامة للسياحة زمنذاك. بحيث امست ليالي الخان قِـبلة لارقى العوائل العراقية، وقِـبلة للسيّاح العرب والاجانب والوفود القادمة الى بغداد. بل حتى الكثير من مسؤولي الدولة للسهر فيه وقضاء اوقاتاً جميلة مع عوائلهم والاستمتاع بسماع الاغاني والموسيقى العراقية. وكانت هذه السهرات اليومية تبدأ قبل التاسعة مساءً حتى انتصاف الليل حيث تنتهي الاماسي الغنائية ويغادر رواد الخان وتغلق ابوابه.
استمر هذا الرقي في ادارة الخان من قبل المؤسسة العامة للسياحة ونظام وقت عمله الدقيق الذي ينتهي عند الساعة الثانية عشر ليلاً لسنوات عديدة. الى ان عمّت الفوضى فيه وتخريب الذوق ونظام العمل عندما عملت مؤسسة السياحة على تأجير الخان لبعض المتعهدين وانسحابها من ادارته المباشرة وتركه لتجّار الفن الرديء، الذين لايهمهم غير الربح والمردود المادي على حساب تخريب القيم الاخلاقية والذوقية، حيث جعلوا اماسي الخان مكانا لحفلات الرقص والغناء والموسيقى البائسة والمجون، وعدم الاهتمام بوقت العمل بحيث امست ليالي الخان تستمر الى ساعة متاخرة في كل يوم..! وباختصار، جعلوا من الخان(ديسكو).
نعود الى بدايات افتتاح الخان عام 1975. حيث كانت اماسي غنائية تراثية، وعلى رأسها اختيار المطرب الكبير يوسف عمر الذي كان اول مطرب مقامي يغني في الخان بصورة مستمرة وثابتة في كل خميس من كل اسبوع، وبمرور الوقت منح الفنان يوسف عمر يوما آخر في الاسبوع وكان يوم الاثنين مع يوم الخميس، واستمر الامر هكذا.
خلال انتصاف عقد سبعينيات القرن الماضي، بدأ اسمي كمطرب للمقام العراقي يظهر وينتشر بقوة، وحفلاتي تكثر هنا وهناك في الاندية الاجتماعية والبيوت البغدادية المعروفة. وفي اواخر هذا العقد السبعيني تم اختياري للغناء في خان مرجان، واختيار يوم الاحد من كل اسبوع، وبقي الفنان يوسف عمر في يوميْ الاثنين والخميس ترافقه فرقة الجالغي البغدادي المكونة من الاساتذة شعوبي ابراهيم ومحمد زكي وعدنان عبد الوهاب الاخونجي وجمال زكي. في حين كانت فرقة الفنان الكبير فاروق العبيدي ابي زياد عازف الكمان الشهير ترافقني في حفلات الخان واستمر الامر هكذا حتى اصابة الفنان يوسف عمر بجلطة دماغية عام 1984 ونقله الى المستشفى، جلطة تسببت في توقف فناننا الكبير يوسف عمر عن الغناء حتى وفاته منتصف عام 1986. واتذكر جيدا، ان اصابة يوسف عمر كانت في يوم اثنين او ثلاثاء، اتصل بي الاستاذ فاروق العبيدي ليخبرني ان اكون هذا الخميس القادم منهاجا لغنائي في الخان بديلاً ليوسف عمر، وبقي الخميس لي ولم اترك يوم الاحد الا في بعض الاسابيع. حسب ظروف حفلات الخان.
الى هنا لابد من القول، ان اكثر من مطرب مقامي غنى في اماسي خان مرجان بين الحين والآخر خلال سنوات عديدة مضت، الا ان الغناء بصورة ثابتة في يوم معين من أيام الاسبوع لم يكن غير الفنان يوسف عمر اولاً. ثم انا بعد ذلك واستمر الامر بشكل منهجي ثابت هكذا لمدة طويلة حتى بدأت مشاركة آخرين من مغني المقام العراقي في الخان حسب ظروف طلبات الخان.
اكرر اشادتي بخطوة اخي المؤرخ التراثي الاستاذ زكريا الانصاري بتصوير فديو مصور لزيارته للخان مؤخرا ليزيل الغبار عن هذا الخان وعدم بقائه في طي النسيان لاعادة الحياة اليه باذن منه تعالى.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
1 – هامش1: خان مرجان- يقع خان مرجان في محيط شارع الرشيد المتاخم والموازي لنهر دجلة من جانب الرصافة في بغداد قرب المدرسة المرجانية، ويطل على شارع السموأل من جهة والبزازين من جهة ثانية، ويعتبر من أشهر خانات بغداد، وقد شيد بين عامي 758هـ/ 1356م - 760هـ/1358م، أنشئ خان مرجان في عهد السلطان الجلائري الثاني (أويس بن الشيخ حسن) الملقب بمعز الدين، تولى السلطة بعد أبيه عام 1356ميلادية. مخطط الخان مستطيل، يبلغ طوله 30.25 متراً وعرضه 11,40 متراً ويبلغ ارتفاعه 14 متراً. ويتوسط المخطط بهو واسع تحيط به 22 غرفة تفتح أبوابها عليه يعلوها في الطابق العلوي 23 غرفة بزيادة غرفة واحدة فوق المدخل، وتفتح الغرف على شرفة من جهاته الأربع على ارتفاع 6 أمتار، وهكذا حدد مسقط الخان المستطيل ضرورة تسقيفه بالطابوق، على عكس الأشكال المربعة التي كانت تغطى بالقباب عادةً.(من موقع العربي الجديد)
صورة 1 / الفنان الراحل يوسف عمر.
صورة 2 / خان مرجان.