مقالات وآراء
نشوة العثور على كتاب مصادر "ممنوع"// مصطفى معروفي
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 25 تشرين1/أكتوير 2024 20:11
- كتب بواسطة: مصطفى معروفي
- الزيارات: 578
مصطفى معروفي
نشوة العثور على كتاب مصادر "ممنوع"
مصطفى معروفي
ربما الموضوع الذي أتحدث عنه يعرفه مجموعة من الأشخاص كانوا كتابا وأدباء أم كانوا هواة قراءة واطلاع على الكتب، وهو العثور على كتاب مفقود بعد بحث مضن عنه.
عندما كنت أتابع دراستي بالمرحلة الثانوية (المرحلة الإعدادية الآن) كان أستاذ اللغة العربية شغوفا بقراءة مجموعة من الكتّاب من بينهم كاتبان أحدهما أشهر من نار على علم وهو المفكر المصري الراحل مصطفى محمود رحمه الله ، والآخر كاتب مغربي هو مصطفى النهيري ، ومن بين كتب هذا الأخير كان يحضر معه إلى الفصل كتاب: "أزمة الفكر العربي" ـ صدر سنة 1972 ـ وكان هذا الأستاذ يختارني لقراءة بعض فصوله على الطلبة، وبعد القراءة كان يحفزنا ويدفعنا إلى مناقشة الأفكار والطروحات التي وردت فيه والتي استمعنا إليها، هذا الكتاب الذي صودر من طرف السلطة بعد صدوره بوقت قصير نظرا للأفكار الجريئة التي تضمنها والتي تخص المجتمع العربي والثقافة والكاتب الخ الخ... صار همي الأكبر في ما بعد هو إيجاد نسخة منه، فلم أيأس من البحث عنه لمدة ليست بالهينة في طولها، لدرجة أنني التقيت بصاحبه مرة وسألته إن كان ما زال يتوفر على نسخ من الكتاب فأخبرني أنه لم يعد يتوفر ولو على نسخة واحدة منه، لا هذا الكتاب ولا الكتاب الذي تلاه في الصدور وهو "محنة العقل المبدع" والذي حتى هو صودر بدوره، لكن هذا الكتاب وجدت نسخة منه عند صبي صغير يبيعه مع كتب مدرسية مستعملة وهو بدون الدفة الأولى للغلاف فابتعته منه.
ويحدث أنني كنت مرة في طريقي إلى الشاطئ فعجت على سوق لبيع لأشياء المستعملة تقام على قارعة الطريق فلم ألبث أن وقعت عيني على الكتاب، أزمة الفكر العربي بعينه للكاتب بعينه، ففي الحال كان الكتاب في يدي وفي الحال ناولت بائعه ثمنه، ومن شدة فرحتي بالعثور عليه وضعته في الجيب الداخلي الأعلى لمعطفي - الكتاب من القطع المتوسط - وصار لا يفارقني وقد قرأته وأعدت قراءته أكثر من ثلاث مرات.
مما كان قد زاد من تَوْقِي للكتاب، إضافة إلى ذكرياتي معه في الفصل الدراسي، هو القراءة " النقدية" التي قام بها المرحوم الدكتور سالم يفوت بأحد أعداد مجلة "أقلام" الذي ما زلت أحتفظ به لحد الآن كان عنوانها هو "أزمة الفكر" في أزمة الفكر العربي"، و " قراءة" أخرى قام بها شخص يدعى الفلالي على ما أظن بمجلة " دعوة الحق" المغربية عنونها بـ" مهزلة التفكير الإلحادي في كتاب أزمة الفكر العربي"، وللعلم فقد رد النهيري عليهما في كتابه"محنة العقل المبدع".
أكتب هذا وأجزم أن ثمة من يشاطرني هذا الإحساس بالسعادة الذي يغمر كل من لديه هم ولو بسيط بالقراءة و لديه هاجس قوي للمعرفة، فإذا كانت قراءة الكتاب تحمل معها من بين ما تحمله المتعة فالبحث عنه سواء كان كتابا متاحا أو غير متاح هو أيضا يحمل المتعة معه، ويشعِرُ الباحث بأنه مازال إنسانا يسعى من أجل الرقي بإنسانيته إلى المراتب العليا ليحظى بالتكريم الذي خص الله به سبحانه وتعالى بني آدم.
العثور على كتاب مفقود، يا لها من نشوة عارمة!!!