مقالات وآراء
خلطة العطّار: السماء عراقية والسيادة أمريكية والانتهاكات صهيونية// محمد حمد
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 30 تشرين1/أكتوير 2024 22:03
- كتب بواسطة: محمد حمد
- الزيارات: 591
محمد حمد
خلطة العطّار: السماء عراقية والسيادة أمريكية والانتهاكات صهيونية
محمد حمد
من غرائب النظام العراقي أن حكومة بغداد اكتشفت، عن طريق طرف ثالث، أن الطائرات الاسرائيلية انتهكت أجواء العراق في هجومها "المحدود" ضد الجارة إيران. ولولا وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين الإيرانيين أنفسهم لما علم العراق اصلا بمرور طائرات معادية في أجواء البلاد. والمضحك المبكي أن حكام بغداد يتحدثون ليل نهار، وبكثير من التحدّي والثقة العالية بالنفس، عن سيادة ارض وسماء العراق. وهم لا يملكون من هذه السيادة ذرة واحدة لا في السماء ولا في الأرض. والسيادة "المنتهكة" من قبل اسرائيل هي شأن يخصّ امريكا فقط، ولأسباب واضحة لا تحتاج إلى توضيح اكثر.
أن سماء العراق مفتوحة للجميع ولكن بعد الحصول على الضوء ألاخضر من قبل السفارة الأمريكية في بغداد. ففي العراق "ما طار طير وارتفع" ناهيك عن الطائرات الحربية، إلا بإذن من واشنطن. واذا كانت اسرائيل انتهكت فعلا الأجواء العراقية فهذا ليس أمرا جديدا عليها. فسبق لها وأن انتهكت أجواء أكثر من بلد عربي. ودائما تحت غطاء وضوء اخضر امريكي.
والأغرب في هذا الامر أن رئيس حكومة العراق محمد شياع السوداني كلّف وزير خارجيته فؤاد حسين (وهو من العشرة المبشّرين بالجنة الأمريكية) بفتح الموضوع مع واشنطن وحثّها على احترام سيادة العراق. فضلا عن ذلك أن حكومة بغداد رفعت رسالة (اعتقد شديدة اللهجة!) إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي بهذا الخصوص، وكالعادة مليئة بالشجب والادانة والاستنكار. ولا شيء آخر!
ويتصوّر حكام بغداد أن انتهاك اجواء العراق، بالنسبة لمجلس الأمن الدولي اهم بكثير من المجازر والجرائم التي ترتكبها اسرائيل يوميا في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان. فإذا عجز "محلس الأمن" عجزا تاما عن وقف جرائم وانتهاكات الكيان الصهيوني، حتى ولو ليوم واحد ولدواعي انسانية. فهل يستطيع أن يفعل شيئا غير الكلمات المبهة حول انتهاك "متواضع جدا" قامت به اسرائيل التي تسرح وتمرح في سماء وارض العرب.
وبمناسبة الهجوم أو الضربة الاسرائيلية "المحدودة" التي تلقاها النظام الإيراني، من قال لكم إن الطائرات التي هاجمت إيران انطلقت من اسرائيل وليس من قاعدة "عين الأسد" في العراق؟ خصوصا وأن جميع الطائرات المقاتلة في اسرائيل هي أمريكية الصنع والمصدر. علما بأنه لا يوجد فرق بين واشنطن وتل أبيب في المسائل العسكرية على وجه الخصوص. وان مستوى التعاون والتنسيق بينهما يجري على قدم واكثر من ساق !