مقالات وآراء
التفاؤل المعطوب بفوز دونالد ترامب// مصطفى محمد غريب
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 10 تشرين2/نوفمبر 2024 12:03
- كتب بواسطة: مصطفى محمد غريب
- الزيارات: 563
مصطفى محمد غريب
التفاؤل المعطوب بفوز دونالد ترامب
مصطفى محمد غريب
لأول وهلة قد يسود تفاؤل لدى البعض ان فوز ترامب بالانتخابات الرئاسة الامريكية على منافسته من الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، له تداعيات في تطوير السياسة الامريكية نحو المساهمة في حل المعضلات او بعضها التي تواجهها البشرية وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية والحرب التي تشنها إسرائيل وغيرهما، ولكن هذا التفاؤل سرعان ما أصيب بالصدمة عندما أعلن ترامب في كلمته في فلوريدا: "لقد كتبنا التاريخ هذه الليلة. انظروا إلى ما حدث، أليس هذا جنونيا؟". هو صدق في قوله حول الجنون فالرأسمالية الامريكية وعلى امتداد قرون ظلت مصالحها الثابتة ليس فوق حقوق الشعوب انما حتى حقوق ومصالح الشعب الأمريكي فلا فرق بين السيد ترامب وغيره من الرؤساء السابقين وينطبق عليهم المثل "لا فرق بين خوجة علي وبين ملا علي" فعلى امتداد حقب طويلة من الانتخابات الامريكية وجدنا الديمقراطية الامريكية التي يفاخر بها رؤساء الجمهورية وقيادة البلاد تتجلى في حزبين لا ثالث لهما واكثرية الشعب الأمريكي مخدوعين بديمقراطيتهم المزعومة، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي وكلا الحزبين وجهان لعملة واحدة.
وبفوز هذا "العنجهي" وهو الرقم 47 في تسلسل رؤساء أمريكا، نقول لكل من لديه ذرة من الاعتقاد ان سياسة الإدارة الامريكية بقياد ترامب ستختلف عن سياسة الإدارات السابقة فسوف يقع في مطب اللخبطة وسيفقد التحليل الصحيح، قد تخدع ظاهرياً سياسة المصالح الخاصة البعض، إلا أن الجوهر الثابت سيبقى المتحكم والمسير لأي خطوة تخدم المصالح الثابتة للرأسمالية الامريكية، الجميع يتذكر مجيء أوباما للبيت الأبيض والتفاؤل الذي بني على امل تغيير البيت الأبيض الى اللون الأسود وتغيير السياسة الامريكية بقيادة رجل اسم والده "حسين" جاء من الاضطهاد التاريخي والعنصرية السيئة ضد الزنوج إلا أن أوباما لم يغير بل ازدادت اثناء فترة رئاسته عشرات المشاكل على الصعيد العالمي منها القضية الفلسطينية وايران وتطورات تصنيع السلاح والتدخل في شؤون الداخلية لدول الجوار وغيرها او على الصعيد الداخلي الأمريكي ورحل اوباما وخطابته الرنانة كما رحل اسلافه والمشاكل تفاقمت والأوضاع الاقتصادية الداخلية بقت دون تغيرات ملموسة، كلنا يتذكر المجيء الاول لترامب بعد فوزه في الانتخابات وكيف بدأ بالسياسة الامريكية الثابتة تجاه إسرائيل مهما حصل، فقد نقل السفارة الامريكية الى القدس وبهذا فاق الاولين واعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان وعلى أساس كبح ايران وتدخلاتها وبفوز ترامب للمرة الثانية برئاسة الولايات المتحدة الامريكية ازدارت افراح نتن ياهو مقدماً تهانيه بالفوز وبانتخابات 2024 بالقول "اعظم عودة في التاريخ" هذا الفرح هو الامل الإسرائيلي بحصول مضاعف للدعم للمخطط العسكري وتجهيز الجيش الإسرائيلي بأحدث الأسلحة من طائرات والعربات المدرعة والدبابات الحديثة والصواريخ وغيرهم ، ثم الدعم المالي المستمر فليس من المعقول ان يتحمل الاقتصادي الإسرائيلي هذه الحرب وعلى جبهات عديدة في الشرق الأوسط، وللمقارنة الجغرافية فإن مساحة إسرائيل 22،145 الف كم مربع بينما مساحة محافظة النجف 28،824 الف كم مربع وهناك محافظات عراقية اكبر بمرات منها، وهذا يدل على ما تقدمه الولايات الامريكية والعديد من دول حلف الناتو من دعم كبير وواسع لكي تستمر إسرائيل في عدوانها المسلح الظالم (غزة ولبنان الآن خير مثال) وهيمنتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967 والجولان السورية وغيرهما! وما تقدمه الولايات المتحدة وحلف الناتو من دعم للرئيس الاوكراني زيلينسكي بالسلاح والمال لاستمرار الحرب الروسية الأوكرانية وما يلحق الشعبين من قتلى ومصابين ودمار وتهجير وهجرة الملايين من البشر.
اذن، نحن تعودنا على الطبل الإعلامي الداخلي الامريكي والتابع والمتبوع الخارجي المنتشر والمسبح بحمد الرأسمالية الامريكية قبل واثناء الانتخابات الامريكية ، كثير من الوعود وكثير من الحشو الفارغ والكثير من الحديث عن السلام والديمقراطية والعدالة والكثير من الدفاع عن حقوق الانسان والكثير الكثير لكن الإدارات الامريكية تكيل بمكيالين وهي اساساً تقدم الدعم للحكومات التي تضطهد شعوبها وتقدم لهم السلاح كما هي تحتل دولاً عديدة عسكرياً واقتصادياً ولهذا لا فرق بين الرؤساء السابقين وبين ترامب إلا في الشكليات التي لا تغني ولا تسمن وفي هذا المضمار فقد صدقت جريدة طريق الشعب عندما ذكرت" إن عودة ترامب إلى السلطة تعني أربع سنوات أخرى من الهجمات الخطيرة على حقوق العمال والحريات المدنية في الداخل، ناهيك عن المزيد من الصراعات وامتدادها إلى بلدان أخرى" أما المسرحية وكأنها معدة بين الثالوث المقدس أمريكا وإسرائيل وايران (يكون في بالكم راح اقصف بالصواريخ وسوف يكون الرد من الجانب الاخر بسيطة راح ارد عليكم" ويبقى الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني وشعوب المنطقة هي من تدفع ثمن الضحايا والخراب والدمار والتجاوز على الحقوق والجوع والبطالة والامراض والتخلف والتدخل في شؤونها الداخلية وتنصيب وتأييد المطيعين لها للكشر بفوز السيد دونالد ترامب.