مقالات وآراء
استشهاد البطريرك مار شمعون بنيامين.. على يد المجرم سمكو الشكاكي- الجزء 29// يعكوب ابونا
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 12 تشرين2/نوفمبر 2024 21:10
- كتب بواسطة: يعكوب ابونا
- الزيارات: 583
يعكوب ابونا
استشهاد البطريرك مار شمعون بنيامين..
على يد المجرم سمكو الشكاكي- الجزء 29
يعكوب ابونا
يحدثنا المطران ايليا ابونا في ص 154 من كتابه تاريخ بطاركة البيت الابوي، الذي عاش الاحداث شخصيا، لذلك نعتمد شهادته بما يخص هذا المواضيع، ففي فصل يسميه "خراب الامة وتشتتها بين مدن اذربيجان ومقتل مار شمعون بنيامين الشهيد المظفر" ..
يقول في 14 تموز 1914 نشب حرب طاحنة بين ممالك الارض، وهزت العالم، وامتدت المعركة وسوح الحرب من مشرق الارض حتى مغربها، ومن شمالها حتى جنوبها، وتحالفت انكلترا وفرنسا وروسيا وايطاليا وامريكا ورومانيا وسربيا، في جبهة واحدة، وتحالفت بالمقابل المانيا وسويسرا وتركيا وبلغاريا، واشتعلت الحرب الضروس بين الجبهتين، واستخدمت الطائرات الحربية، وعلى الارض استخدمت المدافع الجبارة سعة "72" اي ان قطر فوهة المدفع كانت 72 ملم، كما اشتبكت السفن الحربية الكبيرة، وتحت الماء في البحار كانوا يحاربون بواسطة الغواصات.
تغير وجه العالم بسبب هذه الحروب، ودمرت مدن لا تعد ولا تحصى، وازيلت الاف القرى من الوجود ومسحت اسماءها، وهدمت قصور وصروح كبيرة ، ودكت حصون وقلاع وغدت تلالا من رماد بفعل نيران المدافع الجبارة ، وكم من كنائس واديرة عامرة غدت خرابا وارضا يبابا.
دامت الحرب اربع سنوات دون توقف ليلا ونهارا ولم يشبع اتون الحرب من ابتلاع البشر، رجال ونساء واطفال وبنات وعذارء وشيوخ وملوك وامراء،.
كل هذه الاهوال وهذه الاحداث المريعة الفضيعة التي ابتليت بها الارض عانت منها امتنا الاشورية بشكل مضاعف،"
انتهى الاقتباس
اذ قدمت امتنا من الضحايا والشهداء في هذه الحرب ما يقدر بين 250,000 إلى 500,000 شخص، ويضاف حوالي مليوني أرمني ويوناني قتلوا في مذابح مماثلة معروفة بمذابح الأرمن ومذابح اليونانيين.
اطلقت على هذه المجازر بتسميات محلية أهمها مجازر السيفو" ܣܝܦܐ، وهي لفظة سريانية غربية تعني "السيف" في إشارة إلى طريقة اغتيال معظم الضحايا. بدأت هذه المجازر سنة 1915 في منطقة طورعابدين فاطلق عليها ب-" شاتودسيفو"، ܫܢܬܐ ܕܣܝܦܐ أي "عام السيف". وسميت بالأدبيات السريانية ب-"ܩܛܠܐ ܕܥܡܐ ܣܘܪܝܐ"، " قَطلا دعَمّا سُرايا" واختصارا-"ܩܛܠܥܡܐ " قطَلعَمّا" لتعني "التطهير العرقي" للاقليات المسيحية بكل انتمأتها المذهبية والطائفية .
أدت محاولات تتريك الشعوب القاطنة ضمن الدولة العثمانية إلى ردود فعل معارضة وانتشار الفكر القومي المعارض لهذه السياسة كالعربي والأرمني والآشوري، مما أدى إلى أستعمال العثمانيين للعنف في محاولة لدمج تلك الشعوب في بوتق التتريك، بدأت أولى عمليات الإبادة على نطاق واسع سنة 1895 أثناء ما سمي بالمجازر الحميدية عندما اتهم الأرمن بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني، فتم قتل وبصورة بشعة مئات الآلاف من الأرمن والآشوريين خاصة في مدن أضنة وآمد،
وتلتها بعد فشل الترك في حملة القوقاز الأولى في شتاء 1914، وخشية انضمام الارمن إلى الروس، فقامت بارتكاب المجازر بحق الارمن والآشوريين/ السريان/ الكلدان، كان غالبية ابناء شعبنا تواجدهم في مراكز الموصل وحلب وآمد، إلا ان معظمهم عاش في منطقة تمتد من أورميا شرقا إلى ماردين غربا. كانت يتعايش في المنطقة الى جانب ابناء شعبنا الاكراد والارمن ...
كان مار شمعون بنيامين، من بداية الحرب العالمية الأولى قد توصل إلى اتفاق مع السلطات التركية ، وتلقى وعودا منها ، بفتح مدارس وتطوير مناطق الآشوريين في حكاري في حالة موافقته على الوقوف حيادا في أي حرب مستقبلية ضد روسيا. وفعلا لم ينضم الآشوريون إلى الروس، ولا الى الثوار الأرمن خلال بدء العمليات العسكرية خريف 1914، بل ان البطريرك مار شمعون أرسل رسائل إلى رعاياه طلب فيها منهم الولاء لحكامهم المحليين العثمانين وعدم مجابهة الميليشيات التابعة لها.
ولكن بفشل الهجوم الأول للعثمانيين في جبهة القوقاز باتجاه باطومي، قرر هؤلاء تغيير الواقع الديمغرافي في المرتفعات الأرمنية وذلك بإبادة وترحيل سكانها الأرمن. فعمليات التصفية لم تضم الأرمن فحسب ففي 12 تشرين الثاني 1914 أعرب السلطان محمد الخامس الجهاد على "أعداء الإسلام"، وصادق شيخ الإسلام العثماني على هذه الدعوة بإعلان فتوة الجهاد في 14 تشرين الثاني. ففي يوم رأس السنة 1915 تمكنوا من اختراق الدفاعات الروسية في إيران دون مقاومة، فسيطروا على تبريز وأورميا، الا ان الروس في ربيع نفس السنة تقدموا باتجاه "وان"، وحاولوا استمالة مارشمعون بنيامين مجددًا. وامام الوعود الروسية من انضمامه للحلفاء، قرر البطريرك في ضوء المجازر العثمانية ضد شعبه وخصوصًا قيامهم بإعدام إخوه هرمز، بالموصل، فإعلان روسيا الحرب على الدولة العثمانية في 10 أيار 1915. ولكن انسحبوا بعد فترة ، فكانت لقوات كردية غير نظامية لهجماتها على آشوريي حكاري مدمرين معظم قراهم، فاضطر هؤلاء للجوء لقمم الجبال ومن ثم الفرار نحو أورميا بقيادة البطريرك وكان ذلك بأواخر سنة 1915 ، أثناء تواجدهم في أورميا فاقمت المجاعة والأمراض أوضاع الآشوريين في أورميا فنشطت بينهم مؤسسات رعاية أمريكية.
ويضيف المطران ايليا ابونا "في سنة 1916 اقبلت قبائل كردية وانضمت الى القوات التركية، وهم مزودون بكل اصناف اسلحة الابادة البشرية، وتقدموا والتفوا حول ابناء هذه الامة وحاصروها من كل جانب، وسدت كل المنافذ والطرق، فتعذر الخروج او الدخول من خلالها. وما كان من قداسة البطريرك حين رأى ان قدر الامة قد اقترب وغدا على مرمى البصر،.
خرج مع مجموعة صغيرة من ابنائه والتحقوا بعشيرة "ديزين" .
يذكر ماتفييف ومار يوحنا تاريخ الاثوريين، ج 1 ص 30 . بان" دزين" من الممالك المستقلة. فقد كانت مملكة ديزين في القسم الشرقي من "حكاري" في وادي نهر ديز" وكان مار شمعون يديرها شكليا، اما في الواقع فقد كانت تدار من قبل الملك هرمز فقد لعب اثوريو ديز دورا مهما في مساعدة الاكراد من سلالة العباسيين في القضاء على سلطة الايرانيين في القرن الخامس عشر." .انتهى الاقتباس
ومن هناك راح يكتب مارشمعون الى مقاتلي الامة كي يلموا شملهم ويحاربوا العدو بقوة الجبابرة دون خوف او جزع. واما الاكراد راحوا يفتحون النار على قواتنا من جميع الجهات بكثافة، وضاقت بنا الدنيا واخذ عتاد المقاتيلن ينفد، فالحوا على قداسة البطريرك واجبروه على مغادرة المكان والذهاب الى خوسراوا عبر تلك الجبال العصية . حيث معسكر القوات الروسية لعلهم يساندون اخوتهم المسيحيين بالمقاتلين اوبالسلاح، اذ ان الكثير من شبابنا لم يعد يحمل السلاح للقتال ضد العدو، الا ان الروس لم ينجدونا بالرجال المقاتلين، وانما اقتصرت مساعدتهم على بعض البنادق القديمة ، وعاد البطريرك ومرافقوه بعجل لمحاربة الاعداء ولكن دون جدوى ، لان قوة العدو كانت تزداد قوة ،
" هنا يذكر يوسف مالك في ص 64 من كتابه الخيانة البريطانية للاشوريين " ان المساعدة الروسية رغم ضالتها، فانها تدعو الى الاعجاب حين ترى هؤلاء الاشوريين، الذين خاضوا خمسة عشر معركة رئيسية على الارض التركية، ضد جيوش نظامية وغير نظامية، تفوقهم عددا وعدة بما لا يمكن مقارنتها، بخسارة طفيفة جدا في الارواح، تشهد مرة اخرى، استحقاقهم عن جدارة اسم اجدادهم " الاشوريين " العظماء ".. انتهى الاقتباس
وفي تلك الاثناء تمرض الشقيق الصغير للبطريرك في دير مار عبد يشوع في طال، واشتد عليه المرض، وبعد ايام توفي. فبكاه الجميع بمرارة لشبابه ولخصاله الحميدة، ودفنوه داخل دير مار عبديشوع باسى وحزن كبيرين ،..
" طال قرية اثورية على احد روافد الجهة اليسرى للزاب الاعلى في منطقة حكاري، ومن الروافد الاخرى للزاب تلك التي تقع عليها ديز ووالطو ورمتا. " ماتفييف ومار يوحنا. تاريخ الاثوريين ص 28 -29 " ...
ويذكر المطران ايليا ابونا، وقد اشار الله الى قداسة البطريرك ان يامر شعبه بالهرب من أمام وجه العدو لئلا يفنى كله بأيدي الاعداء الظالمين فقد غدا موقفهم صعبا جدا ، لذلك ففي الغد المبكر ومع شروق الشمس .
كلم البطريرك وجوه قومه كي يطلبوا من المقاتلين ان يركزوا قتالهم على الجبهه الشرقية، وان يهاجموا اعدائهم كالاسود لعل الله الممجد اسمه يفتح لهم باب الرحمة والنجاة، وحالما تلقى المقاتلون الامر نهضوا كالجبابرة وباغتوا معسكر الاعداء، وكالنسور التي تهوى فوق اعشاشها هكذا هاجموا صفوف قوات العدو، وقتلوا منهم جموعاً كثيرة بالحراب، ومنح الله النصر للشباب الآثوريين، فارتعد العدو لجرأتهم وشجاعتهم وولى هاربا، وتشتت شمله هنا وهناك وهكذا تمكن الآثوريون من فتح ثغرة واسعة في صفوف العدو من الجبهة الشرقية للقتال، وراحت جموع الشعب المسيحي تعبر من خلال الثغرة المفتوحة، حتى نجى الشعب وعبر صوب تخوم اذربيجان الفارسية ، وكانت الامة النازحة تقترب تدريجيا في مسيرتها من الحدود الايرانية، وكان الشباب يقاتلون بضراوة فتمكنوا من العبور ودخول الحدود الفارسية، وبذلك نجوا بأنفسهم، فانتشروا متوزعين هناك بين المدن مثل اورميا" و "سلامس " و "خوي "..
. خوي واقعة على نهر أموداريا الأسفل في تركستان الروسية، " ورى البيروني بان العرب غزاها سنة 712 م، وكان فيها نصارى من الملكيين. " المنجد في الأدب والعلوم 181 - 183 "...
ويضيف المطران ايليا، ولقد بادر قناصلة وممثلو الدول المتحالفة الى تعيين من يتولى امر هذا الشعب من رؤساء وكتبة من بين الآثوريين انفسهم، ومنحوا الناس مساعدات مالية ليتمكنوا من تسيير أمورهم المعاشية. وعمدت المملكة الروسية وحلفاؤها الى توزيع الملابس للرجال والنساء والأطفال، واسكنوهم في قرى المسلمين، فاستقروا وطابت نفوس هؤلاء الأثوريين المساكين بعد ان نجوا من القتل والسبي والنهب والسلب وغير ذلك من الاضطهادات والأهوال وبعد ان استقرت الأمة فى امان وسلام التقى مار شمعون بنيامين بنائب الملك رئيس القوات الروسية، ففرح بلقائه وأجله واحترمه كثيرا، واشار اليه بان يقصد "تفليس" وهناك قوبل باجلال واحترام، ولاقى تعظيما يليق بمقام الملوك، وحل ضيفا على نفقة المملكة في حد القصور الملكية الموجودة في مدينة " تفليس " .
وبعد ان استراح البطريرك من عناء الطريق، اخذ لمقابلة عم الملك، وحين دخل قصره تلقاه بأحضانه وقبلة ثلاثا واستفسر منه عن شعبه وعن كنيسته، فأخبره البطريرك بكل المصاعب والمصائب والاضطهادات التي عانت منها الأمة على ايدي اعداء المسيحية. وتقبلت كل من زوجة عم الملك واخته بركة البطريرك، وقدمتا له هدايا وعطايا كثيرة. واهدى له عم الملك صورة شخصية له رسمت بشكل جميل، وكتب في اسفلها بخط يده " ذكرى محبتنا الخالصة لقداسة ابينا البار مار شمعون بطريرك الكنيسة القديمة الآثورية . .
وذكر ك.ل. ماتفييف ومار يوحنا، تاريخ الآثوريين ج 1 ص59 "
" في هذا اللقاء نوقشت العلاقات الروسية الآثورية، وتعهدت القيادة الروسية للعمل على ايجاد دولة للآثوريين، وذلك مقابل خدماتهم لها. كما تعهد الروس بعدم سحب قواتهم من اذربيجان الايرانية، وتشكيل جيش أثوري يتعاون مع الجيش الروسي. وكان من أعضاء الوفد المرافق لمار شمعون بنيامين المطران ايليا ابونا صاحب المؤلف هذا..؟
وجلالة الملك نيقولا ملك روسيا بعد سماعة بوصول البطريرك لدى عمه في "تفليس" ابرق الى قداسة البطريرك يقول: سمعت بأن تراب مملكتنا قد تبرك بآثار قدميك المقدستين، بارك بيتنا وقواتنا بارك روسيا كلها" ومن ثم ودع قداسة البطريرك بمثل ما استقبل به من اجلال وتعظيم بل وأفضل .
واما في كتاب اغا بطرس يذكر ص 89 طبعة الثانية " بان في ختام زيارته لتفليس قفل راجعا الى "سلامس" واستقبل بحفاوة بالغة من قبل قائد القوات الروسية وتمخضت زيارة ما شمعون الى تفليس عن حدثين مهمين "
1-التقارب الاخوي بين الاشورييم والروس .
2- توحيد الصفوف الاشورية تحت قيادة البطريرك " مارشمعون بنيامين " ..
وفي 11من شباط 1916 قام البطريرك مارشمعون بزيارة الى مدينة اورميا، وقد خرج لاستقباله حشد كبير من الناس الذين قدموا من قرى نهر الباراندوز، ومن قري اورميا وغيرها، رافقه في تلك الزيارة " 500 " فارس من الاشوريين وطافوا به في المدينة وسط اهازيج ودوي الاطلاقات النارية ، وفي 19 شباط 1916 وكان اليوم جمعة نظم المجلس القومي الاشوري في اورميا اجتماعا كبيرا على شرف البطريرك، وحضره كبار قادة الروس ورؤساء العشائر الاشورية وكانت هنالك جماهير محتشدة تتغنى باسم البطريرك والقيصر الروسي " نيقولاي " الذي تلت رسالته في ذلك الاجتماع موجهة الى احد المسؤولين الروس في اورميا ومضمونها:
ارجو من معاليكم ان تبلغوا البطريرك "ماربنيامين" عمق احساسي بصلواته واومن بان الله ، سيمكننا من انقاذ المسيحيين من ظلم وجور الترك ، واني لممتن جدا من قداسته على حسن ظنه بنا وقبوله العمل معنا ". انتهى الاقتباس
ويضيف مار ايليا وعندما ارادت القوات التركية الدخول الى ايران ومن ثم الانحدار من هناك الى بابل بغداد" لمواجهة قوات الحلفاء والانكليز هناك، فارتأى الحلفاء ان يسلحوا الشبان الآثوريين للقيام ضد الاتراك وصدهم ومنعهم من الدخول الى ايران فجندوهم وقسموهم الى افواج منظمة تحت امرة قواد منهم، فكان هناك قادة الالف وقادة المئة وقادة الخمسين الى آخره، وزودوهم بكل انواع اسلحة القتال، ودربوهم للحرب ضد العدو كقوات طوارئ ، .
"في اكتوبر 1917 قامت الثورة الاشتراكية في روسيا، وعقد الروس هدنة مع المانيا وحلفائها وسحبت جيوشها من ايران" . واقيل الملك عن عرشه، والقت القوات الروسية اسلحتها وجميع تجهيزاتها، وغادرت القوات الروسية اذربيجان بعد ان قامت باعمال التخريب والنهب والسلب، وظل الآثوريون الذين هجروا مواطنهم في اذربيجان لوحدهم دون سند ، يحيط بهم الفرس والاكراد والاتراك الموجودون في بلاد فارس،
يذكر ماتفييف "بار متى" في ص 103 من كتابه وفي اثناء ذلك اتخذت الحكومة الايرانية خطوة ثانية ضد الاشوريين حيث طلبت في شباط عام 1918 ومن خلال محافظ اورمي جلال الملك تسليم كل مايمتلكون من السلاح ومغادرة الاراضي الايرانية ". انتهى الاقتباس
ويذكر المطران ايليا وهذا ما اتاح الفرصة لهؤلاء الاشرار جميعا للانتقام من المسيحيين المساكين. فحين رأى كارهو الحق ان قوات الحلفاء "الروس" قد غادروا عائدين الى بلادهم اجتمعوا لدى رؤسائهم وحاكوا مؤامرة قذرة ضد المسيحيين، وتحالفوا مع بعضهم واقسموا غليظ الايمان بأن يظلوا متحدين حتى الموت. وراحوا يمارسون الظلم والاضطهاد ضد المسيحيين هنا وهناك وبشكل تدريجي في أول الأمر ومن ثم اشتد ظلمهم واضطهاداتهم ومضايقاتهم وبدأ السلب والنهب والاعتداء السافر على الآثوريين ابناء الجبال الذين لم يعتادوا على تحمل مثل هذه الاعتداءات ضدهم، مما اضطرهم ودفعهم للمقاومة والدفاع عن انفسهم وعن كل ما يخصهم بكل قوتهم. وكانت نتائج كل ذلك خراب " اورميا وسلامس " وغيرها
ولم يكن للأكراد والايرانيين قوة لمواجهة الآثوريين، ولذلك اجتمعوا لدى "سمكو" رئيس عشيرة "شكاك" الكردية "
المصدر
فصول من تاريخ العراق القريب لمس بيل ترجمة جعفر خياط 183 "هو اسماعيل آغا الملقب سمكو رئيس قبيلة الشكاك النازلة بين وان واورميا."
فرسموا خطة شريرة دنيئة غادرة لاغتيال مار شمعون البطريرك، مستغلين العلاقة الجيدة والصداقة القديمة التي كانت بين البطريرك والاكراد قبل هجرة الآثوريين وتركهم لمواطنهم في عهد المملكة التركية. واستغل سمكو الشرير بعضا من رجالنا، وطلب منهم بالحاح بأن يخبروا البطريرك بأن يتنازل ويقبله كواحد من عبيده، وان يكون مع جميع ابناء عشيرتة تابعين له، وان يتحالف ويتحد معه ضد القوات الايرانية والتركية.
وطلب عقد اجتماع بينه وبين البطريرك في مكان بعيد ليتدارسوا الأمر لمنفعة كلتا الأمتين واكد على ان يكون اللقاء سريا وبعيدا معزولا، لا في بيت البطريرك ولا في حصنه هو، لتحاشي تجمع أناس كثيرين، فينتشر القال والقيل مما يسبب اضطراب وسجساً بين الناس وتفشل الخطة، وتم اختيار مدينة "كوناشهر" الواقعة بين خوراوا التي فيها البيت البطريركي الآثوري وحصن سمكو، وهي الى "خوسراوا" اقرب،
يذكر ما تفييف في ص 103 من كتابه المشار اليه اعلاه ، " لقد كان البطريرك الاشوري وكذلك زعيم الارمن خانبارتسينيان ضد التقرب والتحالف مع سمكو بتاتا ولكنهما تحت ضغط الانكليز اصبحا مجبرين على التخلي عن ذلك، كان الاشوريين في ظروف الحصار من قبل السكان المعادين لهم ومهددين بهجوم القوات التركية، عمل البطريرك والقادة الاشوريين ما بوسعهم من اجل اقناع الطبقات الحاكمة في ايران بالنوايا الحسنة للاشوريين بما في ذلك انه ليس لهم تطلعات لتاسيس الدولة الاشورية على الاراضي الايرانية وفي 28 شباط 1918 تطور الوضع الى انتفاضة لمسلمين ضد الاشوريين فحملوا الرايات واللافتات والشعارات الداعية لابادة الاشوريين، وهكذا بدات بين الاشوريين والمسلمين المحليين في اورمي المعارك التي استخدمت فيها البنادق والرشاشات والقنابل،
وكان في اورمي مجموعة اشورية بقيادة الامير كوزمين، وفي تعداد هذه المجموعة كان اغا بطرس وملك خوشابا وبعض الضباط الروس، وبايعاز من البطريرك وزعت الاسلحة وتم دحر المهاجمين ولاحقوهم الاشوريون خطوة خطوة حتى اخترقوا الاحياء الاسلامية في اورمي، وامر البطريرك واغا بطرس وقادة الروس بايقاف التدمير والقرصنة حالا،
وتم اعادة النظام الى المدينة، وارسل البطريرك كتابا الى سالماس واماكن اخرى من المحافظة يامر فيها بايقاف المذابح واحلال السلام مع المسلمين، كما نظم في اورمي كونفراس التقى فيه البطريرك مع الزعماء المسلمين كما نظم لقاء اخر في سالماس"..
ويضيف ما تفييف "وعندما علم محافظ تبريز مهدي الشمس بهزيمة المسلمين بعث مباشرة برسالة ال سمكو حيث جاء فيها انه اذا قتل البطريرك مار شمعون سيحظى برضى الحكومة الفارسية،
ونظرا لتوخي أستحقاق الرضى والحصول على الذهب مقابل راس البطريرك بدا سمكو المراسلة مؤكدا على اللقاء معه لبحث بعض المسائل المتعلقة، لقد بدا الطلب طبيعيا جدا، اذ انه من الوهلة التي تم اللقاء مع الكابتن غريسي الانكليزي اصبح سمكو حليفا للاشوريين، رغم ان في الحقيقة ان احد السكان الارمن في كوهنه شهر ارسل ابنه الى البطريرك محملا اياه يخبره فيها عن نوايا سمكو في قتل بنيامين مارشمعون، لم يسترع هذا التحذير انتباه احد منهم وفي 16 اذار 1918 توجه البطريرك برفقة حرس من وحدة الخيالة للقاء مع سمكو، " انتهى الاقتباس
ويضيف المطران ايليا بان البطريرك لان نقاء سريرة مارشمعون وصفاء نيته ارتاح لفكرة،" تسوية خلافاتهم" وحدد لسمكو موعدا قائلا له: أقدم الى "كوناشهر" وسوف اوافيك بدوري هناك لندرس القضية معا ..
وفي يوم المحدد كان السبت الاول من الصوم الكبير سنة 1918 ،" صادف يوم 3 اذار سنة 1918 المذكورة "وكان سمكو قد هيئ مقاتليه بخطته الشريرة كما اخبر الاكراد من اهل مدينة "كوناشهر كي يكونوا هم ايضا مهيئين ومستعدين لابداء المساعدة اللازمة اثناء نشوب القتال ضد المسيحيين وجلب سمكو معه خمسمائة فارس من المقاتلين الأشداء، فتمركزوا داخل فناء البيت وعلى سطحه وفوق سطوح البيوت المجاورة ..
وكان سيدنا البطريرك بدوره قد جلب معه مائة وخمسين فارسا من الرجال أبطال. ولكن ما جدوى ذلك ؟ لان بعكس سمكو البطريرك اوصى رجاله ان يتحلوا بالطيبة وان يكونوا هادئين مسالمين، وان يتصفوا بوداعة الحملان الأليفة حتى خروجهم من المدينة، وان لا يأتوا أي عمل غير لائق، وان لا يسببوا أي ضرر لأي انسان ،.
وإذ اقترب البطريرك من البيت الذي نزل فيه سمكو، تقدم هذا الرجل الخبيث نحو عربة البطريرك وفتح بابها وتناول يمين البطريرك وقبلها ووضعها على راسه، واعان البطريرك على النزول من العربة. ثم تقدم رجاله للسلام على البطريرك. وسار سمكو الى جانب البطريرك ويده على صدره معبرا عن احترامه وخضوعه له، ودخلا المنزل مع بعض الوجوه مثل كبير المقاتلين داويذ شقيق البطريرك وآخرون. وطعموا وشربوا سوية، وتحدثوا وتبادلوا الاراء. واظهر سمكو حبه وتواضعه للبطريرك، وأنه لا يستحق ان يكون عبدا بين يديه المقدستين، وادعى بأنه سيبقى الحليف والصديق الصدوق للمسيحيين هو ومن معة من ابناء عشيرته كلهم ." انتهى الاقتباس
ويذكر - ق . ب .ماتفييف بارمتي ، ص 105 وما بعدها
وبعد المباحثات خرج من مكان الاجتماع كل من البطريرك واخيه داويد والضباط روس ومعهم جميعا سيمكو، وعندما جلس البطريرك في مركبته اختفى سمكو ثم خرج من البيت وبيده بندقية وبتصوبيه اياها نحو البطريرك اطلق النار في طهره وارداه قتيلا ثم اطلق اخ سمكو من مسدسه مكملا بذلك قتل البطريرك، لقد كانت طلقة سيمكو اشارة للاكراد المختبئين في تحصيناتهم من بين الاحياء وسطوح البيوت، بقى كل من دافيد اخ البطريك وقائد السرية دانييل والعقيد كوندارتييف وبعض الجنود، وقد روى العقيد كونراتييف فيما بعد تفاصيل مقتل البطريرك ،" انتهى الاقتباس
واما كتاب اغا بطرس في ص 128 اعلاه يذكر:
قبل مجئ الكابتن البريطاني " كريسي " الى اورميا كان قد التقى اسماعيل اغا " سمكو " الاغا الكردي الشكاكي ، وبعد هذا التقى ب مارشمعون ونصحه بمواجهة سمكو وتسوية كل الخلافات بينهما خدمة لمصلحة الطرفين، لم تكن الفكرة موضع ارتياح البطريرك لانه لم يثق به، ولكن كريسي بمكره اقنع البطريرك ، باهمية هذه الخطوة، في تلك الظروف، وفي التاريخ المحدد للزيارة وهو 3 اذار 1918 ، توجه مارشمعون الى كونا شهر، يرافقه اخوه القائد داويذ، والجنرال اروسي " بلكونيك كونراتوف" واربعة من الضباط الروس، ساروا جميعا بحراسة "150" فارسا اشوريا مسلحا استقبلهم سمكو استقبالا لائقا مظهرا لهم ترحابا حارا، ولدى وصول المركب الى قصره، تقدم برجائه للبطريرك لنزع سلاح الاشوريين ووضعه في اركان قريبة منهم بدلا من يكون على مناكبهم او في ايديهم مدعيا بان مظهر الفرسان المسلحين يثير الهلع والفزع في قلوب مواطنيه واهله، لم يتاخر البطريرك من تلبية طلب سمكو حيث امر بتجميع سلاح المقاتلين وركنه على الحيطان القريبة من مربص الفرسان، ...
الجميع كان بانتظار البطريرك واخيه "داويذ" اللذان دخلا مع سمكو الى القصر، جرى حديث الساعة مع سمكو واتباعه وكان الحوار عقيما لم يتمخض عن اية فائدة ولم يرض عنه البطريرك، وبعد احتساء القهوة، استاذن مار ينيامين واخوه بالخروج، رافقهما سمكو مودعا حتى باب القصر، ولدى تقرب البطريرك من العربة، اطلق عليه النار من الخلف وسقط في الحال مضرما بدمائه، وبدا الرصاص ينصب صبيبة على الفرسان الاشوريين من السطوح ومن وراء الابواب والشبابيك، انجلى ذلك الوقف عن مذبحة مروعة ذهب ضحيتها البطريرك، و" 47 " فارسا من فرسانه، بالاضافة الى اربعة من الضباط الروس، واما "داويذ" اخو البطريرك، فهرب وهو مصاب فاختبأ في بيت احد الارمن في تلك المدينة،.
مثل القتلة بجثمان البطريرك، حيث اجلسوه على كرسي وهو صريع ثم بتروا اصبعه وخلعوا الخاتم منها، ونقل الخبر ضابط روسي " بلكونيك كراندراتوف "الذي تخلص من المذبحة باعتلائه صهوة جواد قريب منه، وهرب به هربا باتجاه مدينة " خوسراوا " اخبرت سرما اخت البطريرك مار بنيامين " اغا بطرس وملك خوشابا وبقية الرؤساء برسالة عاجلة، تطلعهم على النازلة الكبيرة التي حلت بهم " انتهى الاقتباس
ويضيف المطران ايليا ابونا بانه قبل مغيب الشمس شاع الخبر بين الآثوريين في منطقة سلامس، وعلموا ان البطريك قد نال اكليل الشهادة، وكانت لحظات مريرة وماساوية، كانت فاجعة سقطت على رؤوس ابناء الأمة كلها. وارتفع البكاء والنواح المرير،.
وتسلح الشباب الآثوريون وتهيئوا للقتال، ثم راحوا يزحفون على تلك المدينة اللعينة الغادرة وطوقوها، ونشب بين الطرفين قتال شديد، وكان الاكراد قد حفروا خنادق امام مدينتهم، وتمركزوا فيها، وارتقى البعض الآخر منهم على السطوح والابراج والحصون التي امتلأت بهم، وحاولوا صد الآثوريين بنيرانهم لمنعهم من الدخول الى المدينة، الا ان ابناء نمرود الجبابرة هاجموا سواتر الاكراد وخنادقهم كالنسور الكواسر، واقتحموا تحصيناتهم وقتلوا كل من وقع في ايديهم الا ان سمكو الكلب المسعور ، ولى هاربا مع رجاله عبر الجبال الى حصنه...
ودخل الآثوريون المدينة عند مغيب الشمس بعد ان سقط قسم منها في ايديهم، فاحرقوه بكل ما فيه. ولدى حلول الظلام جاءوا بالمصابيح وراحوا يبحثون بين القتلى عن جثة حبيبهم البطريرك الشهيد المظفر، فعثروا عليه بين جثث ابنائه محبي الحق والعدالة الذين شاركوه ، موته، واختلطت دماؤهم بدمه الطاهر قدس، وانحنوا على جسده وراحوا يقبلونه ويلتقطون بثيابهم تبركا، ثم حملوه بوقار وخشوع واتوا به ووضعوه في تابوت جديد، ونقلوه الى كنيسة مار كيوركيس في خوسراوا مع اجساد جميع الشهداء الذين قتلوا معه، وكانوا قرابة سبعين رجلا دفنوا في اجلال ووقار وظلت اجواق الاكليروس تصلي على جسد البطريرك حتى فجر اليوم التالي وكانوا يحيطون به وهم يرتلوا التراتيل الشجية، وظل جثمانه في الكنيسة حتى يوم الاثنين من مدخل الصوم الكبير، وتقاطرت الجماهير من اطراف منطقة خوسراوا على مدينة "كوناشهر" الملعونة واستولوا عليها واحرقوها كلها ،انتقموا من أولئك الاشرار الغادرين الذين اقترفوا جريمتهم الشنيعة تلك بلا سبب ولا مبرر ..
وفي يوم الاثنين من الصوم حضر مار بطرس عزيز رفو العوع ، اسقف خوسراوا على اخوتنا الكلدان مع اكليروسه، كما حضر اكليروس الكنيسة القديمة وابناء الامة كلها، قدموا زرافات ووحدانا الى الكنيسة المذكورة، وشرعوا بالصلاة على روح البطريرك بحسب طقس الكنيسة القديمة بالتراتيل والانغام الشجية والترانيم العذبة والمراثي الممزوجة بالبكاء المرير، وعم الأسى والحزن الجميع. وحمل لجثمان حتى كنيسة الارمن القديمة وهناك دفن في الجانب الغربي من الهيكل لجديد في قبر جديد. ولدى انزال تابوته في القبر اطلقت القوات الآثورية الرصاص لدفعات ثلاث كما هو التقليد المتبع في توديع الملوك العظام الى مثواهم الاخير .. رحمه الله ، ونوره الدائم يشرق عليه .. هناك ..
مصادر عديدة تتطرق الى هذه الجريمة الغادرة النكراء ، وهناك اختلافا في من استشهد في هذه الحادثة، كما تذكر المصادر أن ستة اشخاص من الآثوريين والروس نجوا من الموت من هذه المصادر ب. ارسانيس تاريخ الآثوريين ك . ل . ماتفييف ومار يوحنا، تاريخ كورش يعقوب ،شليمون تاريخ الاثوريين يوسف مالك ،خوشابا حقيقة الاحداث الآثورية المعاصرة. الاب جوزيف نعيم، هل يجب ان تموت هذه الامة. ايشو مالك خليل، الاثوريون قي التاريخ. مس بيل، فصول من تاريخ العراق القريب، عوديشو ملكو، سفر اشيئا وغيرها "..
في الحلقة القادمة نتحدث عن سوما خانم اخت البطريرك مار شمعون بنيامين.. بعون الله
يعكوب ابونا ................ 12 /11 /2024